الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة المدنيّة .. الخيار الأصح

ياسين الياسين

2015 / 3 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


بعد كم التجارب المريرة التي عاشها العراق بين أتون تكالب الأحزاب الأسلامية وأخرى متأسلمة على السلطة والتزاحم فيما بينها والتنافس الشديد حد الموت لأجل الأمساك بمقاعد السلطة والحكم ، والأخذ بمناصي القوة والقرار لم يتبقى أمام المواطن العراقي خياراً آخر غير خيار اللجوء إلى الدولة المدنية وقلب المعادلة رأساً على عقب بعد أن خاب أمله ورجائه نتيجة إفتضاح أمر كل تلكم الأحزاب والأتجاهات والتيارات المتصارعة داخل المشهد السياسي العراقي ليس لأنها لم تكن إسلامية وحسب بل ولم تقرب الأسلام بشيء ، وإنما إستعارت الأسم منه فقط لتتسلق به درجات السلّم السلطوي ، والأخذ بزمام الأمور والسيطرة على مقدرات الأمة بحجة المظلومية والأنتصاف للشهداء ولضحايا النظام العفلقي الصدامي البائد ، وهكذا دلواً وجد المواطن نفسه مذهولاً أمام هول المناورة الكبيرة التي لعبتها تلك الأحزاب ومازالت تلعبها وهي تتلاعب بمشاعره بأسم المرجعية الدينية الرشيدة التي تتسارع تلك الأحزاب إلى إرسال إشارات عن طريق وسطاء ومقرّبون لتلك المرجعيات الدينية كلما إقترب موعداً لأنتخابات جديدة لتبث تلك الوسائط ماعندها بين دهاليز المرجعيات بأن المذهب في خطر داهم ، وإن الحكم قاب قوسين أوأدنى من أزلام البعث الصدامي ، وأنهم عائدون إن لم يصدر من المرجعية شيئاً من رأي أوتصريح جديد يعيد ثقة الناس مرة أخرى بالأحزاب الموجودة ، وهكذا تدور العجلة مرة أخرى في دواليب الأحزاب المنتفعة وتمرر إلعوبة أخرى على بسطاء الناس وسذّج العقول منهم .
وقد شهد المواطن وبأم عينيه كيف أن مرشحي تلك الأحزاب وحتى رؤساء كتلهم كانوا لبيبون جداً قبيل الأنتخابات مع المواطنين ، فهذا يمسح على جبين عامل ، وآخر يقبّل يد مسكين عاجز ، وثالثاً يمسك بالمعول من أحد العمال ليرفع قمامة من على الأرض ، وهم يدبّون على الأرض يومياً ويحبون بين بسطاء الناس والعامة كأنهم رسل محبة وسلام بعثهم الله تعالى للأنسانية لينقذونها من ظلام ، وأما آخرون فقد مارسوا وسائلاً من الأبتذال في إستجداء الأصوات كانوا بها غير مسبوقين في مجتمعات أخرى من دول العالم من تلك التي تحث الخطى في ركاب الديمقراطية ومسيرة الحرية ، ومن أكبر المآسي التي عشناها وتعايشها الناس وصارت مثار تندر في أحاديث العامة والخاصّة هي عمليات البيع والشراء في أغرب بورصة في العالم ، فلأوّل مرة في التأريخ يشهد البشر نوعاً من تعامل لاسابقة له مطلقاً ، وهو أن تعرض إحدى الكتل على أحد الأعضاء من كتلة أخرى مبلغاً من المال بسخاء كبير لقاء إنتقاله لحساب كتلتهم ليزداد به عدد مقاعدها لتستحق بنصابه من خلال إكتمال مقاعدها منصباً آخر ، ويبدأ هذا العضو برفع سقف مطالبه ، فيطلب مثلاً إضافة إلى مضاعفة المبلغ عدداً كبيراً من الدرجات الوظيفية فيُعطاها ، فيعود فيطلب مناصباً أخرى معدودة رفيعة بعض الشيء لخاصته فيُعطاها أيضاً ، والمفارقة الكبيرة تكمن في الوجه الآخر لكلمة (يُعطاها أو يمنحونه إيّاها) وهذه تستبطن بذاتها جوهر المسألة أو المشكلة التي كان ومايزال ضحيتها أبناء الشعب المسحوق والمحروم ، وواقع الحال ينطق في أن ماذا سيكون مكسب الحزب أو الكتلة حين يوافق لهذا أوذاك بأعطائه كل مايطلب من الدرجات الوظيفية التي قد تصل إلى بضع مئات وأخرى رفيعة تصل عدد أصابع اليد أوأكثر بقليل فضلاً عن المبالغ الهائلة التي ستدفع له نقداً ، والسؤال هنا يطرح نفسه ، وهو ماذا أعد الحزب أو الكتلة في جعبته لهذا المنصب الذي يريدونه من جراء شراء مقعد جديد ليستحقون المنصب إيّاه ، وكم سيدر عليهم من الأموال والموارد ليستميت الحزب أوالكتلة من أجله ، وأين أصبح المواطن بين أتون صراع بشري نهم ومن نوع جديد وأين مصلحته في خضم توزيع الدرجات الوظيفية إعتباطاً وبكيفية تخضع لأرادة حزب واحد أوكتلة واحدة ، وهذه الدرجات في حقيقتها هي حصّة المواطنين من الشباب الخرّيجين والعاطلين عن العمل الذين ينتظرون فرصة تعيينهم على أحر من الجمر ، فتتقاسمها تينك الأحزاب والكتل المتصارعة فيما بينها على المناصب والمتصالحة فيما بينها على النهب والسرقة وشفط المال العام ، وقد وصل الأمر بالحال أن يكون مزرياً بواقع مرير لدرجة أن برلمان الدولة كان متفرداً بفساده عن برلمانات العالم ، ففي الوقت الذي وصل به البلد إلى حافة الضياع ومتاهة الهاوية جراء الفساد المالي والأداري الذي إستشرى جراء سياسات تلكم الأحزاب في كل مفاصل الدولة كان حينها البرلمانيون يناقشون مشروعاً مقدماً لهم من الحكومة في كيفية تنفيذ إجراءات تقشّف وترشيد وتخفيض الرواتب والأجور لكل قطاعات الشعب من موظفي الدولة محدودي الدخل بينما كانوا هم أي البرلمانيون في ذات الوقت قد منحوا أنفسهم لكل عضو منهم خمسون ألف دولار أميركي لتحسين مستوى النائب المعاشي مع أنّهم يأخذون في ذات الوقت مرتبات تعادل مرتّب مائة موظف في الدولة لكل نائب بما فيها أجور حراسات لثلاثين شخصاً وبدل سكن وقرطاسية ورعاية صحية أي بمعنى أنهم يقبضون مرتبات خيالية تفوق مرتب أي رئيس دولة في العالم فضلاً عن إمتيازات أخرى كجواز السفر الديبلوماسي وغيرها ، ومن ثم فهناك الطامة الكبرى وهي أتت على ألسنتهم هم من خلال الخلاف والأختلاف فيظهر إلى العلن مايتم فيما بينهم في بورصة أخرى للمناصب الوزارية فكل كتلة تعرض المناصب من حصتها بسعر معيّن ، فيصل منصب الوزير في إحداها إلى خمسة ملايين دولار أوأكثر أوأقل بحسب أهمية الوزارة ، وهناك مناصب أخرى رفيعة تعدل درجة الوزير مثل رئيس هيئة مستقلة ، فهذه بحسب تصريح أحد المسؤولين لأحدى الفضائيات قد تصل إلى خمسة ملايين دولار أوأكثر وهكذا دلواً هناك السفراء والمدراء العامون ومن هم في عداد الدرجات الخاصة حتى وصلت تلك الدرجات الخاصة سقفاً لم يبلغه أي برلمان في العالم في عدد موظفيه ، وأما أصحاب الدرجات الخاصة من موظفي البرلمان العراقي فقط لوحدهم بلغ عددهم (490) درجة خاصة أي مدير عام ، وهكذا بقي المواطن المسكين فاغراً فاه مشدوهاً مصدوماً على طول الخط لايعرف لنفسه مصيراً ولا لأفراد عائلته مستقبلاً حيث أن التعيينات أصبحت حكراً للأحزاب ضمن نظام محاصصاتي مقيت ، وبالتأكيد أنها ومادامت تلك الدرجات بنظام الحزب والمحاصصة فأنها ولاشك تؤول إن لم تكن آلت بالطبع إلى غير مستحقيها من باب الكفاءة والقدرة والمكنة أو حتى من باب الشهادات العلمية والتأهيلية من باب الأستحقاق ، فترى ربما ضابطاً برتبة رفيعة جداً لاتتناسب سنوات الترقية والوصول إليها مع سني عمره ، وهذه واحدة من المشاكل حتى بلغ عدد الرتب الكبيرة جداً والعالية عدداً لم تصله حتى الجيوش الأميركية ، وهناك موظفون في مراكز مهمة حساسة ورفيعة وهم لايفكّون رموز الكتابة والحرف ، وكان ذكيّاً كل من طلب إحالة نفسه إلى التقاعد لكي يستر حاله ولاينكشف أمره ، وهذا هو حال الأحزاب المتحاصصة والمتكالبة على السلطة تحت مسمى وغطاء الديمقراطية التي ذُبحت أصلاً تحت مسمى الأحزاب الأسلامية ..
وهنا فقط لم يبقى أمام العراقي خيار إلاّ واحداً ولاغير .. وهو خيار الدولة المدنية ففيها وحدها يعيش العراقي بكرامة ، ويشهد من خلالها مقتل الفساد وإنتحار المفسدين ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المحافظون في إيران ذاهبون إلى انتخابات الرئاسة بمرشح واحد


.. توتر الأجواء بين بايدن وترامب قبل المناظرة الرئاسية | #أميرك




.. هل العالم يقترب من المواجهة النووية؟


.. انتخابات فرنسا.. استطلاعات رأي تمنح أقصى اليمين حظوظا أكبر ف




.. فيديو أخير.. وفاة مؤثرة تونسية خلال تواجدها في صقلية الإيطال