الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفيفة في تاريخ البحرين ثقيلة على مستقبلها..

عادل مرزوق الجمري

2005 / 9 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


"الساسة" خياراتهم وخطاباتهم:
خفيفة في تاريخ البحرين، ثقيلة في مستقبلها..
حين نقوم بمراجعة بسيطة للخطاب السياسي البحريني خلال السنوات الأربع الماضية، وحين نحاول في هذه المراجعة تحديد الأطر الحاوية لهذا الخطاب بشقيه الحكومي والمعارض فإننا نجد العديد من المفارقات الهامة. بعض هذه المفارقات يعود لتاريخ الحركة السياسية في البحرين خصوصا منذ الثمانينات، والبعض الآخر هو مرتهن بالحالة السياسية اليوم، وأعني بمفردة "اليوم" ما يحمله الواقع السياسي من متغيرات سياسية وإجتماعية وثقافية وإقتصادية.
هذه القراءات تزداد أهميتها خلال هذه الفترة الدقيقة من تفكك التلفيقية السياسية لجمعية الوفاق الإسلامية ورجوع كل طرف لخطابه المؤسس ما يمثل خطورة وسهولة في التعاطي السياسي بإزدواجية ننتظر أن تنكشف أسرارها خلال المرحلة المقبلة.
هذه المراجعة للخطاب السياسي الوطني تقتضي تأسيس مرحلة جديدة من المراجعة والتدقيق لمجمل المفاهيم السياسية التي أصبح رواجها يمثل "منطقة خطرة" في الحياة السياسية في البحرين، مهما إختلفت أولويات العمل السياسي من فئة لأخرى، فإنه من الواجب أن يعاد تأثيث شتى الخطابات السياسية بشتى الأولويات بلغة سياسية جديدة تتصف بأنها أبعد ما تكون عن النهايات الدعائية التاريخية والتشنج السياسي على مستوى الديناميكية، ولابد أن تتمتع هذه الخطابات بالقدرة على زيادة الفاعلية لشتى الحوارات السياسية و"شرعنة" الموازنات السياسية بين الدولة والمعارضة بما يكفل تحقيق أكبر قدر من النضوج السياسي المتمدن.
مفصليات الخطاب السياسي:
أولاً/ لابد من ملاحظة خاصية هامة في الخطاب السياسي على مستوى الحكومة، هذه الخاصية خلقت واقعاً سياسياً جديداً ولو على صعيد الفهم لمجريات الفعل السياسي الحكومي سواء من قبل المتلقين "الجمهور الشعبي" او من قبل الجمعيات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، الحكومة إستطاعت تارة عبر نفس الوجوه القديمة المتجددة لها أن تصنع مرحلة جديدة من الإنتاج السياسي على مستوى الخطاب. وتارة أخرى قامت بتطعيم برامجها وهياكل ممثليها بوجوه سياسية جديدة –بعضها كان محسوبا على المعارضة- قادرة على ممارسة العملية الديمقراطية بنفس أدوات السلطة التقليدية، هذا ما أسميه بخطاب الحرية الحامل لما هو ضدها، وهذا يشترط أولاً أواخيراً أن نتفق على أن العملية الديمقراطية في حقيقتها لا تزيد عن أنها "عملية خداع سياسي".
في الجهة المقابلة، لم تستطع الجمعيات السياسية أن تنتج خطاباَ سياسياً جديداً يساوي متطلبات المرحلة، لازالت المرجعيات الخطابية في الكثير من الفعاليات السياسية متأثرة بنسق الخطاب التاريخي للمعارضة، هذا الخطاب "الخفيف" بمرجعياته التاريخية و"الثقيل" على المستجدات السياسية بعد المرحلة الإصلاحية له إشكالياته الخاصة، وهو بالدرجة الأولى يؤسس بمرجعية تشنجه وظلاميته وجود العديد من العوائق الثقيلة في التعامل مع ملفات اليوم مما يسبب صعوبة حلحلتها وتسويتها.
إن خطاب الجمعيات –خاصة رموزه الحديدية- لازال يراوح عقلية التشكيك وممارسة هواية الرفض لكل شيء، فكما أن الحكومة تؤجل متعمدة أي إستحقاقات دستورية أو تشريعية لما بعد المشاركة والإعتراف الفعلي بدستور 2002 من قبل الجمعيات المقاطعة، فإن المعارضة تتعامل بالمثل عبر تسويق خيار الرفض والمقاطعة لأي مشاركة او مساهمة في أي فعالية سياسية، حتى لو كانت هذه المشاركة تعود على جماهيرها بأي إيجابية إقتصادية أو إجتماعية أو حتى سياسية.
هذا ما يجعل "المواطن" ضحية الطرفين على الدوام، وهذا ما نسعى نحن في أجهزة الإعلام إلى الكشف عنه، والتحذير منه، والدعوة لتفاديه كل يوم، إلا أن المكنة السياسية تبدو عاجزة حتى اليوم عن تطويع أي من الأطراف نحو طرح مبادرات ومساهمات وإقتراحات واقعية تصب في المصلحة العامة للجميع، كل طرف من الأطراف يتمرس خلف نقاط قوته بجمود واضح، الدولة تتمترس بالخطاب الإعلامي الدولي وإشاداته بالتجربة الإصلاحية في البحرين، والمعارضة تتمترس خلف أرصدتها الشعبية الجيدة نسبياً.
ثانياً/ رغم أن الدولة تصر على زيادة وتيرة القوانين "المرفوضة من قبل الجمعيات السياسية" إلا أنها تعمد مع كل ردة فعل سلبية على خلق منطقة صغيرة للحوار والمناقشة، بمعنى أنها لا تريد أن تقفل التفاعل السياسي بالمطلق، الحكومة عبر تبنيها هذا الخيار هي تجر الجمعيات السياسية لتبني ردود فعل سلبية، لكنها سرعان ما تتراجع في سياق غير منظم، ولنا على هذا التراجع "الهش" العديد من المآخذ، وغالبا ما تبدأ الدولة اللعب في منطقة أكثر أماناً، المعارضة في هذا السياق سرعان ما تنتج خطاباً متشنجاً مشلولاً إذ أن خطاب الجمعيات السياسية المعارضة غالباً ما يكون قاطعاً لا يحمل مناطق سياسية فارغة أو مفتوحة للحوار أو المقايضة السياسية، هذا ما أثر ومازال يؤثر سلباً على المعارضة خاصة بعد المقاطعة للإنتخابات البرلمانية 2002، فالظاهر لنا عبر مجمل التغطيات الخبرية في الصحافة البحرينية أن المعارضة لا تنتج في المعتاد خطاباً سياسياً موحد المرجعية. خطابها عادة ما يتسم بصورة من الفوضوية السياسية الواضحة، وهذه الإشكالية الهامة تنعكس بشكل مباشر على الجمعيات السياسية بشتى مرجعياتها الدينية أو العلمانية.
وهذا بالتحديد ما نجده في النموذج الوفاقي، فلقد تم كسر المرجعية الدينية للوفاق بوضوح عبر سلسلة الإستقالات بعد توحد المرجعيات الدينية خلف "خيار التسجيل في قانون الجمعيات"، ولا نهمل الممانعة الوحيدة من قبل القيادات الدينية بصفتها "الشخصانية" أكثر منها كممانعة سياسية أو حتى دينية.
ثالثاً/ ما يعيب الحكومة هو أنها لا تنتج خطاباً داعماً لمن يساهم ويدعو من داخل الجمعيات لتسوية خلافاتها مع التيارات المتشددة، ويأتي هنا رئيس جمعية الوفاق الإسلامية الشيخ علي سلمان كنموذج هام، فالشيخ علي سلمان ذو الشخصية "التوفيقية" لما يصعب توفيقه إلا بتلفيقه، يقف قريباً من أن "يكفر" بالتجربة كما صرح مرة من المرات، وهذا يعود إلا الخذلان الذي يتعرض له من قبل الدولة.
سلمان كاد في كثير من المواقف أن يفقد ثقله السياسي، وهو متهم من قبل معارضيه بأنه يلقي بنفسه وبجمعيته في أحضان الدولة دون مبرر، والحكومة لم تذهب يوماً من الأيام إلى المراهنة على دوره السياسي، وهي لم تقم بأي مبادرات إيجابيه في خطابها لمساعيه الحثيثة. هذا جعل من الشخصيات المتشددة داخل الوفاق قادرة على توجيه الإتهامات له على الدوام بأنه شخصية إنهزامية لا تستطيع أن تنتج أكثر من الهزائم والخسائر المتلاحقة.
هي الفرصة الأخيرة لعلي سلمان –إن تبنت الوفاق خيار المشاركة في الإنتخابات القادمة- ليقنع الشارع ومعارضيه بنجاح تجربته ورؤيته السياسية، ولا أعتقد أن الكرة تتحرك اليوم في ملعبه، هي في ملعب الدولة، فإما أن تتعاطى معه بإيجابية تجعله قابلاً للبقاء سياسياً وشعبياً، أو أن يخرج لها "الخيار المر" عبر صعود سياسي جارف للأسماء المتشددة في مشهد سياسي مثير وغير محمود العواقب على الجميع.
الإعلام لا يسعه إلا الحياد، تلك خياراتهم، وألعابهم السياسية، لكننا نركز فقط على محور الإنسان، فلتلفق الأمور أو ترتب،المهم هو أن يكون الإنسان البحريني أحد الأرقام في حسابات الساسة، حكومة كانوا أو معارضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد