الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الامثال والحكم يمثلان الطبقة الحاكمة

صبيحة شبر

2005 / 9 / 22
الصحافة والاعلام


تعود النظريات والآراء السياسية والاجتماعية والأخلاقية والجمالية والفلسفية إلى أشكال الوعي الاجتماعي حيث ترتبط بكل واحدة منها المنظمات والمؤسسات المناسبة
وعندما يكون النظام قائما على أساس استغلال الإنسان لأخيه الإنسان ، تمثل الطبقة المالكة للثروات مركز السيادة في الاقتصاد ولذلك تملك السلطة الحكومية ، بامتلاك الافكار السياسية والاجتماعية ، وتتحكم في المباديء والقيم المهيمنة على افكار الناس والموجهة لهم ، أما الأفكار السائدة ، فتقوم بدور الحامي الذي يذود عن مصالح الحكام وتستعمل كوسيلة قمع ضد الكادحين ومحاربة تطلعاتهم المشروعة وبالرغم من كون الطبقات الغنية هي المسيطرة على الأنظمة التي عرفها العرب ، خلال تاريخهم الطويل ، فان قاعدة المجتمع الطبقي تلك ذات تناقض داخلي ، فالآراء تتصارع فيما بينها مولدة نوعين مختلفين من الأفكار لا يتساويان في القيمة ، فالأول يبتغي الإبقاء على المجتمع في أوضاعه القديمة المتخلفة، والثاني يصبو إلى تجديد هذا المجتمع والمساهمة في تطويره وان كانت الأفكار لوحدها لا تؤدي إلى التطور فكم من شخص نراه يردد على مسامعنا أرقى النظريات واسماها ولكنه في تصرفاته يكون بالغ الرجعية والتطرف ، ونزاع الأفكار موجود منذ القدم وان بدا انه وليد الحاضر ، وعبثا يحاول بعضنا أن يعثر على عصر قد خلا من تصار ع الأفكار وتناحرها ، والطبقات المسيطرة قد استطاعت أن تخفي الآراء التي تتعارض مع مصالحها أو أن تحول دون إيصالها إلى الآخرين نظرا لامتلاك الأغنياء لوسائل الإعلام والطباعة والنشر ، في العصر الحدبث ، أما في العصور الماضية ، فقد امتلك الحكام الشعراء والكتاب والطبقة المتعلمة من الناس ، لأنها المتحكمة بالثروات ، وبامكانها ان تثيب من ينطق باسمها ، ويتغنى بمناقبها ، ناظما القصائد الطوال معددا مزاياها
وعندما تجري مناقشة بين اثنين احدهما يدعم آراءه بآخر ما توصل إليه عقل الإنسان من اكتشافات علمية يحاول الثاني أن يثبت أفكاره ، المناقضة للأول ، بان يذكر بعض الأمثال والحكم المعروفة منذ القدم وبالرغم من اختلاف هذه الأمثال والحكم في مدلولاتها باختلاف وجهة نظر قائليها ، فان بعضها يحاول أن يبرهن أن ثبات الحال هو الأفضل دائما وانه لاخير في الإصلاح وان الإنسان مخلوق سيء ، وقد توظف بعض الأمثال والحكم للقيام بالدفاع عن هذا الرأي او ذاك مع أن قائلها قد لايعني المعنى المفهوم ، وكثيرا ما نسمع إن ( القناعة كنز لا يفنى) ، واذا بحثنا عن دوافع قائليه وأسبابهم ، التي حدتهم ، الى قول هذا المثل بالذات ، لاستطعنا ان نعرف ، إن وراء هذه المقولة مصلحة في أن يقنع المعدمون المحرومون ، بحالهم ولا يحاولوا تغيير وضعهم ، والطبقة المسيطرة عندما تخاطب مضطهديها وتضع هذه الحكمة أمام أعينهم وفي طريقهم ، فإنها تضع في نفس الوقت بين يدي أبنائها حكمة أخرى مناقضة للأولى ألا وهي ( الدراهم مراهم تجبر العظم الكسير ) من اجل حث أولاد الأغنياء المترفين ، والمحظوظين ، والذين يعرفون كيف ينتهزون الفرص ، على أن يزيدوا في وسائل لهوهم ورفاهيتهم متناسين الحكمة القائلة ( ما أغنتى غني إلا بما جاع به فقير)
هناك حكم أخرى تصب في مصلحة الطبقة المسيطرة التي تحث أبناءها على عدم مد يد العون إلى إخوانهم في الإنسانية والنظر إلى حرمانهم بازدراء مثل( اتق شر من أحسنت إليه ) فهي تبتعد عن جميع صنوف الإحسان ولا تقتصر على المالي فقط وهذه الحكمة تقضي على شعور الإنسان الطيب تجاه الآخرين وتجرد المرء من حب الخير من اجل ان يقتصر الخير كل الخير على المترفين الأغنياء ، والمسيطرين على مقاليد الحكم ، المتحكمين باموال البلاد ، وهناك حكمة أخرى مشابهة للحكمة السابقة وهي ( الحزم سوء الظن بالناس )
وهذه الحكم تخدم مصالح قائليها اذ انه من الطبيعي أن لا ينصح الفقير البائس بان يسيء الظن بالأغنياء بل العكس هو الصحيح ، وهناك حكمة تبرر الجور والظلم الذي يتعرض إليه الإنسان ( من لا يظلم يظلم) ، وتصم الاذان عادة عن صراخ المظلومين وأصحاب المشاعر الإنسانية حين يستنكرون هذا الواقع الأليم ، ويأتي الجواب سريعا ، ليسكت كل اعتراض : إننا ظلمنا دفاعا عن أنفسنا ، فتصور كيف يعتدي المرء على الآخرين ويدعي إنهم يدبرون الاعتداء عليه
إن هذا النوع من الحكم والأمثال ، تحاول أن تحول ، دون نضالات الإنسان في سبيل حياة أفضل ( الإنسان ابن يومه ) و( الطبع يغلب التطبع ) و ( الناس أتباع لمن غلب )
ولا يعني ما تقدم إن الأمثال والحكم في لغتنا العربية كلها على هذه الشاكلة فهناك الكثير من الأمثال والحكم الجميلة ، ولا غرو في ذلك فان الحكم والأمثال لون من ألوان الأدب والفنون الجميلة برمتها تتعرض لأشياء كثيرة منها التقاليد الشعبية المتواجدة حينذاك عند الشعوب العربية ، كذلك الأفكار والآراء التي انتقلت من الشعوب الأخرى عن طريق التقارب الناتج عن انتشار الدين الإسلامي الذي كان له تأثير كبير ، شأن الأحداث الشعبية الكبرى ، في ازدهار القيم الإنسانية المؤكدة على إنسانية الإنسان بغض النظر عن اختلاف الطبقات أو القوميات أو الجنس واللون
من الأمثال والحكم الجميلة قولهم لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد ) و(على الباغي تدور الدوائر) ،( لا يبقى شيء على حاله )
حكمة أخرى جميلة تؤكد (إن الفقر يكاد أن يكون كفرا )
الدين الصحيح الذي أكد عليه الرسول الكريم نص على ( أن الناس سواء لافرق بين غنيهم وفقير هم وأسودهم وأبيضهم ) ولا شيء يبرر التكبر فكلنا ولدنا على الأرض كما إن الحال لا يدوم أبدا فلا بد من التغيير وهذه الأمثال الجميلة التي تؤكد على إنسانية الإنسان تراث الشعوب العربية والشعوب الأخرى التي قاسمتها الحياة في البلاد فيجب أن نناضل من اجل تغيير الحياة إلى الأجمل ، وان اعترضت طريقنا المحبطات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عاجل | طائرة مساعدات إماراتية ثالثة تصل إلى مطار رفيق الحرير


.. حزب الله يقصف قاعدة رامات ديفيد بصواريخ -فادي 1-




.. طواقم إسرائيلية تعمل على إخماد حريق بمنحدرات صفد


.. مظاهرة ألمانية في برلين مناهضة للحروب في الشرق الأوسط




.. بلا قيود يستضيف أسعد درغام النائب في مجلس النواب اللبناني عن