الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصومال وحرب عاصفة الحزم

خالد حسن يوسف

2015 / 3 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


كما كانت الأزمة الصومالية المستمرة شاغل المجتمع الدولي, أصبحت الأزمة اليمنية والتي تنامت منذ إنذلاع الثورة اليمنية على نظام الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح في عام 2011, الشغل للمجتمع الدولي منذ أن سيطرت ميليشيات حركة أنصار الاسلام(الحوثية) في اليمن على مقاليد الأمور في العاصمة اليمنية صنعاء في 21سبتمبر2014, وهو ما أدى إلى تمدد جماعة الحوثي في محافظات عديدة من اليمن وصولا إلى يوم 26مارس2015 وتشكل بذلك تحالف عاصفة الحزم والذي ضم مجموعة دول تقدمتها المملكة العربية السعودية, وببلوغ الأمر البعد الدولي والإقليمي دخلت الصومال على الخط نظرا لوقوعها في الضفة الأخرى من خليج عدن والبحر العربي وبما يعني أن الصومال تقع في نطاق دائرة الصراع لاسيما وأن مسرح هذا الصراع لا يبعد عن الحدود الشمالية لصومال سوى بمسافة 100 ميل.

والقيادة السياسية الصومالية تفاعلت بسرعة مع مستجد حرب عاصفة الحزم والتي لها تأثير مباشر على الأمن الصومالي, حيث أن تداعيات الصراع اليمني ستشمل بحكم الجوار الجغرافي الأراضي الصومالية والتي تتاثر بشكل مباشر بمجرى تعقد الأوضاع في اليمن, فجاء الموقف الصومالي الرسمي من خلال البيان التالي والذي أصدرته وزارة الخارجية الصومالية في 27مارس2015.

" أصدرت وزارة خارجية الجمهورية الصومالية الفيديرالية بياناً حول الأوضاع في اليمن أكدت فيه أن "جمهورية الصومال والتي تربطها علاقة أخوية عميقة وتواصل بشري ممتد واتصال جغرافي قريب بشقيقتها اليمن تأسف على ما ألم بهذا البلد العزيز والكريم".

وأوضح البيان أنه "انطلاقاً من هذه العلاقات التاريخية والمسؤوليات الملقاة على عاتقها وكدولة عربية وإدراكها العميق لما يمكن أن تؤول إليه الأمور إذا سارت على منوالها الحالي واستناداً لتراضي الشعب اليمني على قيادة الرئيس الشرعي عبدربه منصور مما يجعل إجباره واحتجازه وقصف مقره ومنعه من ممارسة مهامه الشرعية انقلاباً و خروجاً على مقتضيات الشرع والدين والأعراف الدولية، واستناداً إلى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي كانت وما زالت قادرة على حقن الدماء وإخراج ذلك البلد العزيز من أزمته سيما وأن دول الخليج العربية معنية أكثر من غيرها بالوضع في اليمن، ومخرجات الحوار الوطني الذي شاركت فيه جميع أطياف الشعب اليمني دون إقصاء، وقرارات مجلس التعاون الخليجي والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الدولي والجامعة العربية الذي دعا إلى احترام الشرعية وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، وطلب الرئيس اليمني عبدربه منصور الدعم العربي لإعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن، قررت جمهورية الصومال الفيديرالية ما يأتي: التأكيد على وحدة اليمن وسلامة أراضيه و التأكيد على وجوب مشاركة الجميع في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في الرياض، و مباركة دعوة المملكة العربية السعودية على عقد هذا الحوار في الرياض".

وأكد البيان تأييد الصومال ما اتخذته السعودية وحلفاؤها من خطوات تهدف إلى الحيلولة دون انزلاق اليمن نحو حرب أهلية وعدم استقرار، و تأييد اليمن في حربه العادلة ضد الحركات الإرهابية التي تسعى إلى العبث بأمنه وسلامته واستقراره ووضع خبرات الصومال في المواجهة المظفرة مع هذه الحركات الإرهابية تحت تصرفه، والتعاون مع اليمن في المواجهة العادلة ضد عمليات القرصنة التي تضر بالجميع من أجل ضمان ملاحة آمنة للممر الحيوي باب المندب".(1)

والمعروف أن رقعة جغرافية كبيرة من العالم الاسلامي يشهد حاليا حالة إشتعال مسلح منها أزمات سورية,ليبيا,اليمن,العراق,الصومال وغيرها, مما جعل الأمن الدولي معرضا لحالة التأزم المستمر نظرا للأهمية الجغرافية لهذه الدول ومدى تأثيرتها على المحيط المجوار لها وعلى الممرات المائية الرئيسية عالميا, وليس هذا فحسب, بل أن دول الشمال الإفريقي وعدد من دول الصحراء الإفريقية بدورهم يكتون بنيران الأزمات التي أشعلتها تنظيمات القاعدة وبوكو حرام, ناهيك عن انتشار المشاعر الطائفية بين المسلمين والذين تدفع بهم القائمة في منطقة المشرق العربي نحو هذا المأزق.

والصومال بحكم كونه عضو في الأسرة الدولية عرضة لتأثيرات الصراعات القائمة في العالم الاسلامي وهو يعاني بشكل مباشر خلال السنوات العشرة الأخيرة من ماساة قوى التطرف الديني والتي عقدت مجرى الأحداث في الصومال وانتهت إلى ممارسات الإرهاب من قبل حركة الشباب المتطرفة والتي تقف كعائقا أساسيا أمام ترسيخ الأمن في الصومال, وقد حصل أن هددت اليمن سابقا نظرا لارتباطها مع تنظيم القاعدة في اليمن, كما أن كل من أزمتي الصومال واليمن تجمعهما بعض الملامح المشتركة أكان على صعيد وجود حركات دينية متطرفة,ضعف الشرعية السياسية,غياب حياة سياسية تستوعب كل مكونات هذه المجتمعات,انتشار الفساد الإداري والاقتصادي,اتساع هوة الفقر,أزمات اجتماعية ذات ارتباط بالحياة السياسية وضعف الممارسة الديمقراطية, بفعل إرث الأنظمة الاستبدادية تاريخيا في كلاى البلدين.

والبعد الداخلي بلعب دورا بارز في موقف الحكومة الصومالية من الأزمة اليمنية الراهنة والموقف من حرب عاصفة الحزم, فالصومال نظريا يمثل دولة اتحادية ويشهد وجود إدارات إقليمية وانفصالية يضعف ارتباطها أو يغيب مع الحكومة الاتحادية, وتمثل كل من إدارة أرض البونت بملحق اتحادي في مقابل أرض الصومال والتي تمثل بحالة انفصالية عن الحكومة الاتحادية وكلاهما لا تسيطران بالطلق على الأراضي اللتان تدعيان تمثيلهما في الصومال, كما أنهما يقعان جغرافيا على السواحل الصومالية المطلة على البحر العربي وخليج عدن, ونظرا لطبيعة الخلافات المستمرة ما بينهم وبين الحكومة الاتحادية, خاصة وأن لكلاهما علاقات خارجية قائمة بمعزل الحكومة الصومالية, ومؤكد أنها ستؤدي لتواصل مع المجتمع الدولي ودول تحالف عاصفة الحزم بمعزل عن الحكومة الصومالية الاتحادية, لدى جاء الموقف الرسمي لصومال كمحاولة استباقية تؤكد من خلاله أنها الممثل الشرعي الوحيد والرسمي للأراضي الصومالية, لاسيما وأن السفير الإماراتي في الصومال كان قد رافق يوم 27مارس الحالي الدكتور عبدالولي محمد علي رئيس إدارة أرض البونت, إلى ميناء بوصاصو في شمال شرقي الصومال وذلك لتفقد وحدة عسكرية بحرية على الساحل الصومالي في خليج عدن, وهو ما له دلالة مشاركة الصومال في جهود حرب عاصفة الحزم الدائرة في اليمن والتي يمكنها أن تشمل المياه الإقليمية لصومال, ويأتي في هذا الصدد الدور الجيبوتي ممثلا بالقاعدتين الفرنسية والأمريكية في هذا البلد والباكستاني المتوقع, خاصة وأن إيران تمثل كحليف استراتيجي لجماعة أنصار الله(الحوثي) في اليمن وأعلنت عن رفضها الصريح للحد من وضع حد لسيطرة جماعة (الحوثي) في اليمن ودعم تمددها العسكري على الأرض.

وفي اتجاه آخر فإن الرئيس الصومالي حسن محمود عولسو, يشارك في القمة العربية المنعقدة في شرم الشيخ المصرية خلال الشهر الراهن, ومن المتوقع أن تناقش هذه القمة تفعيل ميثاق الدفاعي المشترك لدول الجامعة العربية, وهو ما يستدعي أن تشمل جهود هذه المنظمة الإقليمية والتي تمثل الصومال بعضو فيها منذ عام 1974 أن يشملها مضمون تفعيل هذا الميثاق الدفاعي, خاصة وأن الصومال في حاجة ماسة للحصول على الدعم العسكري والأمني من قبل الدول العربية, على أن أن تتسع دائرة مبادرة تتم على غرار عاصفة الحزم في اتجاه الأراضي الصومالية وأن تساهم دول اسلامية منها تركيا وباكستان والمجتمع الدولي في جهود دعم الحكومة الصومالية أمام تحديات الإرهاب والتطرف والذي تمارسه حركة الشباب في الصومال, لاسيما وأن وجود القوات الإفريقية لم تستطيع بعد تجربة سنوات في أن تضع حدا نهائي لتغول هجمات حركة الشباب, ونظرا لطبيعة أدوار بعض دول الجوار لصومال ومنها إثيوبيا وكينيا واللتان يمثل حضور دورهم كقوى جعلت من الصومال كخندق متقدم لمواجهة مخاطر حركة الشباب, وفي مقابل عدم ممارستهما دورا حقيقيا في دعم قدرات الدولة الصومالية وبناء قدراتها العسكرية والذي كان سيمثل بالضمانة الحقيقية لدعم مؤسسات الدولة الصومالية.وبحيث يشمل هذا الدور العربي,التركي والباكستاني, المساهمة في جملة الصراعات القائمة في سورية,العراق, ووضع حد لتهديدات مع كل من دول الخليج العربي,الأردن,لبنان ووضع نهاية للأزمة الليبية.

لدى على المجتمع الدولي والقوى الإقليمية الاسلامية أن يتجها نحو معالجة الملفات الساخنة وذات الارتباط بالحروب الجارية في سورية,العراق,اليمن,الصومال وليبيا وفق منظور سياسي مشترك بعيد عن الحسابات السياسية الخاصة ومن منظور استيعاب أن الأمن الدولي يمثل بحلقة انسانية لا تتجزى جغرافيا وسياسيا, على أن تقوم دول تحالف عاصفة الحزم بوضع مخرج سياسي وأمني مناسب للأزمة اليمنية وحتى تنتهي كتجربة جديرة بالإقتداء بها في القادم المنظور لمعالجة بعض الملفات السياسية المستعصية في منطقتي الشرق الأوسط وأفريقيا.

- المصدر:

1- الصومال يصدر بيانا في خصوص اليمن,صحيفة الحياة,27مارس2015.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مناظرة تلفزيونية -ساخنة- بين رئيس الوزراء البريطاني وزعيم ال


.. إسرائيل تعلن توقيع صفقة مع واشنطن لشراء 25 مقاتلة اف-35




.. فتيات يتدربن داخل الملعب البلدي في الرقة على رياضات عدة | #م


.. أبرز محطات التصعيد الأخيرة بين حزب الله وإسرائيل على طرفي ال




.. متطرفون يحييون الذكرى السنوية الـ57 لاحتلال القدس الشرقية