الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العلمانيون أشد كفرًا

سامي الاخرس

2015 / 3 / 29
القضية الفلسطينية


العلمانيون أشد كفرًا
إن أهم ما لفت نظري في آراء العلمانيِّين العرب عامة، والفلسطينُّيون خاصة حول العدوان السعودي وجواريه على اليمن هو حديثهم المسترسل عن المذهبية (سني وشيعي) وتبنيهم الخطابين الوهابي والداعشي دون أن ينتبهوا إلى صفتهم العلمانية التي تستمد من الديمقراطية والتقدمية مبادئها، ومنطلقاتها وتستند لمفهوم الإنسان والمساواة والعدالة قبل التمييز الديني أو المذهبي أو الجنس أو اللون، وإسرافهم في تبرير مواقفهم بوسمها بالصفة المذهبية الطائفية، مما يؤكد لبرهة إنهم تحت ضغط البترودولار نسوا أو تناسوا واقعية مبادئهم، وشعاراتهم. وفجأة تحولوا لدعاة طائفية ومروجين لها، رغم أنهم يدعون العلمانية والمساواة في اطروحاتهم ومبادئهم بين الأديان والأجناس والمذاهب وأن الجميع كأسنانٍ المشط بالحقوق والحق في الحياة، وركلوا هذه المبادئ وانضموا لصفوف الطائفية الوهابية من جهة، والإرادة الأمريكية من جهة أخرى.
يبدو ونحن نتأمل المشهد نرى بأن هناك قوى سارت خلف الخيال، أو تحاول أن تقود الشعب خلف الخيال، وهو ما جعلني على قناعة بأن " الواقع" أصبح أمر لا يحتاج لبحث أو نقاش في اجندة لا تميز بين مبادئها وشعاراتها، وأطروحاتها لأنها أصبحت تخشى الوقوف في وجه السلطان البترودولاري من جهة، والهوان الذي لا تريد به سماع كلمة العدو الأساسي " إسرائيل" من جهة أخرى، محاولة مداراة الهزيمة والتراجع بعدما سقطت كل مشاريعها، ولم تعد تجد شيء تتعلق به سوى قشة ما يُطرح لها من مسميات ومقدمات، فتناست أنها قوى علمانية، وتبنت الطرح الطائفي - المذهبي.
يجب أن ننسى في خضم هذه الحالة كثيرًا من المسميات أو الواقعيات، ونستند إلى ما هو قائم، دون أن نستبعد منطق الشك، ونقول بدون تردد أنه ما من أمل في إصلاح علماني يمارس الخطاب المذهبي ليداري هزائمه الداخلية، وتراجعاته ويهوى بنفسه إلى هذا المربع معتقدًا إنه يتقدم خطوة للأمام، في حين أنه يتراجع عشر خطوات للخلف منهزمًا أكثر.
إن الخطاب الذي طرحته السعودية وتبناه جواريها العشر في القصر هو تحويل إيران لعدو مركزي ورئيسي في المنطقة، والإلتفاف على حقيقة العدو الحقيقي المتمثل بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية التي قادت هؤلاء للفتك بالعراق وتدميره رغم أنه كان يقوده زعيم سني، كما فعلت نفس الشيء بليبيا التي كان يقودها زعيم سني، وتونس التي كان يقودها زعيم سني، ولكنها فعلت نفس الشيء ونصبت الولايات المتحدة والفوضى، كما تفعل اليوم في اليمن تحت شعار " محاربة الشيعة" وهل محاربة الشيعة أولوية عن محاربة الصهيونية؟
لهذا السبب أصبح العلمانُّيون الفلسطينُّيون مسلحين بتبني شعار المذهبية، والطائفية في الوقت الذي يدعون التقدمية، وأي حركة تقدمية، تحررية تبدأ بالخروج عن واقعها، وواقعيتها إنما هي حركة هشه أساسها نخره السوس ولم يعد لها ما تملك سوى وأد نفسها، أو الإنسحاب من الحياة الواقعية، أو إعادة هيكلة ثقافتها.
حاولت السعودية وجواريها أن تجعل من حلف الممانعة العدو الأساسي لها، وأن تسحب هذه المحاولات لشعوبنا العربية مستخدمة سلاح العاطفة الدينية، واللغة المذهبية الفجة، مستغلة ضحالة الرؤى الفكرية العميقة لأصحاب المبادئ والقراءات، وتعميم لغة الرذيلة والأمركة، لتكسر معول الكرامة لهذه الشعوب، وتحولها لشعوب مستسلمة راضية بنصيبها، وخضوعها كقانون ثابت.
هذا الواقع يقودنا لسؤال يبدو في ظاهره منطقيًا، هل يوجد حقيقة حركة علمانية تقدمية تتبنى الشعار المذهبي الطائفي؟ وما هو الاختلاف الجوهري بين خطاب هذه الحركة والخطاب الديني للقوى الراديكالية المتطرفة؟
لقد قُدر لي أن اقرأ تاريخ الأقطار العربية، وحركة التاريخ العربي من مصادر متعددة، كما قُدر لي أن أعيش بعض الوقت في بعض هذه الأقطار، وخاصة القطر اليمني الذي فيما يبدو ان لا أحد يُدرك ماهية الفسيفساء المجتمعية لهذا القطر العربي الذي لا يوجد فيه أي مظاهر للدولة الحديثة، أو مؤسسات لدولة قائمة فعليًا، بل هو مجتمع يقوم على العشائرية والقبلية وتحكمه عقلية القبيلة، وهو النمط الذي رعته ودعمته ورسخته السعودية وجواريها في المنطقة، وها هي تحاول شيطنة هذا الواقع، كما حولت مسار الصراع من عربي - صهيوني إلى صراع سني - شيعي وهي نفس المناهج المستعملة منذ حرب المجاهدين في أفغانستان... فماذا تريد السعودية؟ وماذا دهى العلمانيين؟
لقد فشلت المخططات الأمريكية في فرص استراتيجيتها الجيوسياسية في المنطقة سواء عبر احتلالها للعراق أو ليبيا أو محاولاتها تفتيت سوريا، بل ظهرت قوى اقليمية قوية ومؤثرة ولديها من الامكانيات ما يعرقل هذه الاستراتيجية أو كشفها وفضحها، خاصة بعد ابتداع فكرة " داعش" وتحويل منحى الثقافة من حقيقة الصراع وصيرورته إلى تهميشه وتحويره صوب سني - شيعي، ومحاولات استقطاب الشباب العربي حول هذه الثقافة وتغذيتها. وعليه كان لا بد من تحريك قوى مضاهية أو قوى تناظر القوى الإقليمية فتحركت قطر في مرحلة ما بدور ما، ثم تحركت الإمارات في مرحلة أخرى، ومن ثم تم الزج بمصر والأردن بمرحلة تمهيدية، إلى أن جاء دور البئر النفطي الأكبر السعودية التي تمتلك من التأثير على جواري المنطقة بفعل الدولار، فكانت الساحة اليمنية المفتاح لإشعال حرب جيوسياسية متدحرجة تحت غطاء مذهبي - طائفي.
أما القوى العلمانية الفلسطينيَّة فقد اصبحت ترتعد من مسمى ممانعة أو مقاومة أو حتى مفهوم أن " إسرائيل" العدو المركزي فتحولت لدمى تردد شعارات المذهبية والطائفية دون أن تنتبه لحقيقة شعاراتها ومبادئها التقدمية - حسب ما تتبنى-
د. سامي الأخرس
الثامن والعشرون من مارس 2015
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من يؤجج الطائفيه
حسن ( 2015 / 3 / 29 - 00:40 )
لقد عرفنا الطائفيه منذ مجئ الخميني وسرقته لتضحيات الشعب الايراني وبدئ مشروعه لتصدير الثورة الايرانيه واعلانه بكل وقاحه وصلف بان طريق القدس يمر من كربلاء وكان نتيجة ذلك حرب مدمرة لمدة ثمانية اعوام ورفض كل محولات انهائها متوهما بتحقيقه نصرا يمكنه من احتلال العراق واتى بعده خامنئي ليكمل المسيرة ويتعاون مع امريكا باحتلالها للعراق وهنا لن اغفل دور مشايخ الخليج ايضا بفتح اراضيهم للقوات الامريكيه اما ماقام به قائد جبهة الممانعه من اعادة من هرب من قيادات صـدام الى العراق لتعتقلهم القوات الامريكيه وكذلك دورة وايران بادخال عناصر القاعده لضرب المقاومه العراقيه وانقاذ امريكا من ورطتها ولا ننسى دور ايران في تفجير المرقدين في سامراء وما ترتب عليه من مجازر وانقسام بين ابناء الشعب العراقي فعن اي ممانعة تتحدث والجولان لم تطلق فيها رصاصه واحده منذ احتلت . ان من اضاع فلسطين هي دول الممانعه التي رفضت نصيحة الحكيم الراحل بورقيبه بقبول قرار التقسيم ورفضوا بعدها حدود سبعه وستين وسيضلوا يرفضوا حتى يسلموا كل فلسطين وسؤالي هو متى تفيقون تحياتي.

اخر الافلام

.. -محاولة لاغتيال زيلينسكي-.. الأمن الأوكراني يتهم روسيا بتجني


.. تامر أبو موسى.. طالب بجامعة الأزهر بغزة يناقش رسالة ماجستير




.. مشهد تمثيلي في المغرب يحاكي معاناة أهالي غزة خلال العدوان


.. البرازيل قبل الفيضانات وبعدها.. لقطات تظهر حجم الكارثة




.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة ترمب