الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلقة مفرغة

منى شماخ

2015 / 3 / 29
الادب والفن


السادسة صباحا...عليّ أن أوقظ الأولاد
بدأت بميس التي تنام الى جواري ،اعتادت ذلك منذ سفر أبيها الى الخليج ،منذ......ياااه لم أعد أذكر ،أكثر من عشر سنوات ،لم تكن ميس أتمت عامها الأول ،عمر كان 3 سنوات ،أما شريف فكان يبدأ خطواته الأولى الى الحضانة.
الصيف الماضي قرر أن تكون هذه هي السنة الأخيرة التي يقضيها بعيدا عن أبنائه ،لاأذكر كم مرة اتخذ فيها هذا القرار ...حتما سيعود ،ولكن كيف؟
في كل مرة يقضي اجازته بحثا عن عمل يحفظ لنا حياة كريمة ثم يتبدد حلمه ويرحل .
أفقت من شرودي على نداء عمر وشريف :ماما ...حنتأخر
انطلقت مسرعة أعد السندويتشات للافطار والمدرسة...اليوم لدي موعد هام في جمعية حقوق المرأة ،سألقي كلمة عن الظلم الواقع على المرأة في المجتمعات الشرقية..
فتحت الراديو أستمع الى أخبار الصباح ،ربما أجد مايساعدني في كتابة الكلمة :
غرق 22 شاب مصري من المهاجرين غير الشرعيين في مياه البحر المتوسط قبالة سواحل إيطاليا"
وأفادت وكالة أنباء الشرق الأوسط أن عدد الغرقى قد يرتفع إلى أكثر من 60 شخصا...."
وقبل أن أستكمل تفاصيل الخبرسمعت ضجيجا آتيامن المنور:صوت رجالي أجش يكيل الشتائم والتهديدات ....بكاء أطفال يمتزج به صوت امرأة تدعو بهلاك الظالم ،وتنذره بانتقام الله :- حسبي الله ونعم الوكيل ،أشوف فيك يوم يا ظالم يامفتري.
لاشك انه البواب يتشاجر مع زوجته ،ساذكر ذلك في كلمتي وأؤكد على وحشية الرجال في التعامل مع زوجاتهم خاصة هؤلاء الذين يشكلون قاع المجتمع.
أتممت عمل السندويتشات بسرعة .....كل شئ جاهز الآن ......نزل الأولاد وانطلقت الى البلكونة أطمئن على ركوبهم أتوبيس المدرسة وأكمل أحداث المشاجرة التي انتقلت الى الشارع ......الصوت الأجش لم يكن صوت البواب لكنه صوت هاني جارنا الذي نصب نفسه مديرا لشئون العماره ،كان يوبخ حسين البواب لأنه أهمل غسيل سيارته واهتم بسيارة الساكن الجديد ،ثم أصدرحكمه بأن يترك البواب العمارة وهدده بأنه "حيلبسه قضيه" لو لم يستجب ،وكانت زوجة حسين هي صاحبة الدعوات الممتزجة ببكاء الأطفال.
باقي من الزمن 5 ساعات على اجتماع الجمعية ....لازال أمامي وقت ....فلن أفعل شئ سوى الكتابة.
دق جرس الباب...كانت أم سعيد :امرأة في العقد الخمسين ...تعاونني في أعمال المنزل ....
كانت في حالة ثورة –على غير عادتها- لاشك انها تعرضت لظلم ذكوري .
-مالك يا أم سعيد؟ مين زعلك؟
-البت مرات ابني...ولدت امبارح ..وقال ايه عايزة تسمي الواد على اسم أبوها،وابني كان حيوافقها،لولا وقفت له ،وقلت له لا حتبقى ابني ولا أعرفك.
عايزة تمشي كلامها عليه ،ياخسارة تربيتي ،ما أهو أنا ماخلفتش راجل ...،هو احنا ناقصينها مش كفاية الأسبوع اللي فات شالوا كشك أبو سعيد اللي كان بيصرف علينا وعليهم ؟ قال ايه مخالف ،يعني هي كل حاجة ماشية عدل لما ده اللي حيبقى مخالف ؟
تركتها لأرد على الهاتف :صديقتي أميرة تؤكد على موعدنا في العاشرة للذهاب الى مدرسة الأولاد وتذكرني بالشكوى التي وعدت بتقديمها معها بشأن مدرسة العربي التي صفعت ابنتها.
لم تكن الحادثة الأولى ،الأسبوع الماضي كادت تذهب بعين طالبة أخرى عندما ألقت بالكشكول في وجهها.
أخذت صديقتي تتحدث عن عنف المدرسين ،وتذكر الحالات المشابهه التي نتج عنها عاهات مستديمة لأطفال أبرياء ،وذكرتني بحادثة المدرسة التي قصت شعر طالبة ..
لم يكن لدي من الوقت ما يسمح بمشاركة صديقتي قراءة أخبار الحوادث تلك خصوصا اني لم أجد بينها ما يرتبط بموضوع محاضرتي.
دق جرس الباب ليقدم لي فرصة ذهبية لانهاء المكالمة.
-صباح النور ،أهلا وسهلا
كانت تلك عبارات الترحاب التي قابلت بها جارتي (زوجة أ.هاني صاحب الصوت الأجش) وفي الحقيقة لم تكن تحمل شعورا بالترحاب بقدر ماتحمل حب استطلاع ممتزج بغيظ من تلك الزيارة المفاجئة في وقت غير مناسب تماما ومن جاره لم تربطني بها مودة سابقة.
طلبت من أم سعيد فنجانين قهوة –على أمل ان تعتذر جارتي بأنها مستعجلة ،لكنها لم تعترض-
-آسفة اني جيت من غير ميعاد ،لكن عايزة أطلب منك حاجة وعارفة انك أكيد مش حترفضي.
أنا:تحت أمرك
-جوزي ،استغنوا عنه ،رفدوه يعني ،شركة السياحة اللي اشتغل فيها 20 سنة استغنت عنه علشان تخفض نفقاتها ،شفتي ظلم أكتر من كده ؟ مش يراعوا ان عنده أسرة ووراه التزامات ؟هو قطع العيش حاجة سهله كده ؟بقى له شهر قاعد في البيت يلف حوالين نفسه ،دور على شغل في كل مكان ،لكن انتي عارفه حال البلد،فياريت لو الباشمهندس يشوف له حاجة في الخليج.
شربنا القهوة ووعدتها بأن أكلم "الباشمهندس"
أميرة صديقتي على الهاتف مرة اخرى،هذه المرة كان صوتها حزينا ،أخبرتني بعدولها عن تقديم الشكوى ،تغيبت المدرسة عن عملها اليوم ...كان خطيبها ضمن غرقى حادث العبارة.
لم أجد ما أقوله ،ولم تنتظر أميره ردي.
سأنزل الآن ،ربما تكون الجمعية مكانا أفضل للكتابة
الزحام المعتاد ....السيارة لا تكاد تتحرك .... يمكنني التفكير فيما سأقوله عن حقوق المرأة ،سأبدأ بحقها في التعليم ،للفتاة الحق في ....قطع حبل أفكاري ذلك الطفل الذي يتجه نحو سيارتي وفي يده قطعة قماش قذرة يوهمني بأنه سينظف بها الزجاج ...لسوء حظه تحركت السيارات فانطلقت مسرعة لأتجنبه ....ولحسن حظي كانت سرعتي كافية لأتفادى نظراته النارية التي صوبها تجاهي.
سرت عدة أمتار لأتوقف مرة أخرى ،على جانب الطريق أكوام من القمامة يظهر في وسطها شبح انسان يقلب فيها ...بدت على وجهه السعادة وهو يفتح لفافة من الورق ويلتهم ما بداخلها من طعام ...اقتربت أكثر لكني لم أتبين هل هو رجل أم امرأة!!!!
لم أجد بعد ما أقوله عن حقوق المرأة ،لكني قررت البحث عن بداية الحلقة المفرغة للظلم








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبيه الفنان دريد لحام ضيف صباح العربية


.. اللوحة الأخيرة لأشهر فنانة برازيلية تظهر فجأة .. والتحقيق سي




.. إلغاء حفل -هولوغرام- للفنانة الراحلة ذكرى في تونس.. ما السبب


.. موجة من ردود الفعل على رسالة حكومية مُسربة تؤيد ترشيح وزير ا




.. محمد الأخرس: الرواية التي قدمتها المقاومة الفلسطينية حول عمل