الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطان باشا الأطرش

علم الدين بدرية

2015 / 3 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


سلطان باشا الأطرش

القائد العام للثورة السورية الكبرى

1982 – 1888

علم الدين بدرية

من عبق التاريخ وعنفوانه
بزغ نضال خالد ورمز قائد في تاريخ الثورات الشريفة ضد الظلم والاستعمار.

تمر مناسبة ذكرى وفاة قائد الثورة السورية الكبرى والشرق الأوسط يمرّ في ظروف مصيريّة تلقي بظلالها القاتمة على شعوب المنطقة ورغم اشتعال ما يسمى الربيع العربي وقيام ثورات عديدة ، لم تتسم ولا واحدة منها بمآثر ثورة سلطان باشا على الاستعمار ، الثورة النظيفة والشريفة ، سلطان باشا الأطرش القائد والثائر والإنسان الرّوحي البسيط البعيد عن الحنكة السياسية ، الذي اتبع الإيثار وبعد عن الأثرة ، الذي ضحى بكل شيء في سبيل الكرامة والوطن ولم يقبل أي منصب سياسي إيمانًا منه بوحدة الشعب السوري .. ما أحوج الأمة العربيّة في هذا الموقف إعادة الحسابات وقراءة التاريخ المشرّف البعيد عن الظلم وسفك الدماء لعلهم يقتدون ..!!
إن عزوف سلطان عن تبُوء أي منصب قيادي وترك الحكم بعد الثورة لنظام ضعيف ودكتاتوري أدى إلى ظهور ما يسمى حزب البعث الاشتراكي واستيلائه على السلطة في سوريا، واختزال الدولة والمجتمع في الحزب وفي العائلة وشخص الرئيس مستندة في ذلك على سياسة القوة وعسكرة المجتمع ، مما أدى إلى احتكار السلطة والتحكم بكافة مفاصلها عن طريق الأجهزة الحزبيّة والأمنيّة والاستخبارتيّة المتعددة ، والمنتشرة بشكل سرطانيّ رهيب ، وجعلت الحكم في سورية مركزيًا محصورًا ضمن إطار فئة محدودة مقربة ومنتفعة.

قامت تلك الفئة بممارسة السلطة بأسوأ أشكالها، عن طريق استخدام القوة بأبشع الطرق وحشية بعيدة عن الإنسانية والعدالة، ضاربةً مبادئ حقوق الإنسان عرضَ الحائط ، غيرَ آبهةٍ بالأمم المتحدة و القوى الدولية العظمى ، وصبت جام غضبها على المكونات السوريّة الأخرى ، وعلى طيفٍ سياسيٍّ كبيرٍ وواسعٍ عبر وسائل الاضطهاد والقمع والإرهاب الفكري والجسدي فخَلقَت وضعًا مأساويًّا سياسيًا واجتماعيًّا ، واحتكرت السلطة والثروة والسلاح والإعلام ، وحرَّمت الآخرين من أبسط حقوقهم الإنسانية المشروعة وفق المواثيق والقوانين والمعاهدات الدولية.
أوصلت الأحاديّة الحزبيّة والفكر الشمولي المستبد والاضطهاد السياسي الدولة السوريّة إلى الدرك الأسفل ، وجعلتها دولة فاسدة بامتياز ، حيث عانى الشعب السوري الكثير من المعاناة القاسية ، التي تجلَّت في كثيرٍ من المحن والمجازر جراء القوانين الاستثنائيّة الجائرة وغير الدستورية ، التي أصدرها النظام لتعزيز سيطرته وإدامة بقائه على كرسي السلطة ، إلى أن تجرَّأ، وبكل صفاقة ، على تحويل النظام الجمهوري إلى نظام وراثي، وقد أدى هذا الشغف الفظيع والمنقطع النظير بالسلطة وبهذه الطريقة الجنونية الى صراع مرير كان ثمنه إراقة دماء المواطنين وتقديمهم قرابين على مذابح الدكتاتوريّة والطائفيّة الآثمة ، وانتهى هذا الصراع على السلطة إلى الصراع على سوريا نفسها، وأصبحت سوريا ساحة لتصفية الحسابات بين الدول الإقليميّة والدولية ، بسبب المصالح المتضاربة والتوجهات السياسيّة المتناقضة في المشهد السياسي السوري من جهة ، والأطراف الفاعلة الخارجيّة الإقليميّة والدوليّة من جهة أخرى. حيث نشهد اليوم تجزؤ وانقسام سوريا وتورّط النظام بتشريد الشعب السوري وتجويعه ودماره وارتكاب المذابح والمجازر والجرائم بحق إنسانيّته وظهور فئات عاجزة ومتطرّفة ومتخلّفة كداعش وجبهة النصرة الإرهابيّة وما تقوم به هذه الجهات بجرائم بحق الإنسانيّة ومجازر باسم الدين مدعيّة الثورة والإسلام والحرية وما هي إلاّ وجه آخر لنظام الإجرام والازدواجية والتطرف والانحطاط.
ونعود لنستدرك ونستلهم الذكرى لعلّها تعيد للزمن بقية وللضمير صحوة حتى ولو بعد فوات الأوان !!
ولد سلطان باشا الأطرش في عام 1888، في قرية القريّا قضاء صلخد في جبل العرب ، والده ذوقان بن مصطفى بن إسماعيل الثاني مؤسس المشيخة الطرشانيّة (1869)، ثار سلطان باشا الأطرش وهو في الثامنة عشر من عمره وخاض المعارك الحربية ضد الجيش التركي وكان حصاد الحملة التركية إعدام والده المجاهد ذوقان الأطرش مع بعض المجاهدين عام 1910م .قاد معركة ضارية في نواحي الكفر عام 1910، وهي إحدى معارك أبناء الجبل ضد سامي باشا الفاروقي ، والتي كانت تشنها السلطنة العثمانية على جبل الدروز لكسر شوكته وإخضاعه لسيطرتها، أعدمه الأتراك شنقًا بسبب تمرده عام 1911. أمّا والدة سلطان فهي شيخة بنت إسماعيل الثاني.
أدى سلطان الأطرش الخدمة العسكرية في بلاد الرومللي ، ومنذ عودته تابع الاتصال بالحركات العربية بفضل علاقته الدائمة بدمشق، فصارت (القريّا) ملجأ ومعقلاً للفارين من الأتراك وللمناضلين الملتحقين بالثورة العربية في العقبة... وكان سلطان الأطرش أول من رفع علم (الثورة العربية) على أرض سورية قبل دخول جيش فيصل ، حيث رفعه على داره في القريّا، وكان في طليعة الثوار الذين دخلوا دمشق سنة 1918، بعد أن رفع العلم العربي في ساحة المرجة فوق مبنى البلدية بدمشق ، منحه الملك (فيصل الأول) لشجاعته لقب (أمير) عام 1916، كما منحه أيضًا رتبة فريق في الجيش العربي ، وهو يوازي لقب باشا ، في تموز 1920، جهّز سلطان الأطرش قوات كبيرة لملاقاة الفرنسيين في ميسلون ، لكنه وصل متأخرًا بعد انكسار الجيش العربي واستشهاد القائد يوسف العظمة وزير الدفاع ،في 7 تموز 1922، كانت ثورته الأولى على الفرنسيين لاعتدائهم على التقاليد العربية في حماية الدخيل ، حين اعتقلوا (أدهم خنجر) الذي كان في حماية الأطرش بينما كان غائبًا عن داره ، وكان خنجر قد لجأ إليه وطلب حمايته بعد عملية اشترك بها واستهدفت اغتيال الجنرال غورو.
بالغ الفرنسيون في طغيانهم وظلمهم لأهالي سورية الذين لم يعد أمامهم سوى الثورة ، وهكذا انطلقت (الثورة السورية الكبرى) وامتدت إلى كل الديار السورية، ودامت حتى عام 1927، وقد تولى سلطان باشا الأطرش قيادتها بالإجماع ، وتعد من أهم الثورات ضد الاحتلال الفرنسي باعتبارها شملت عدة مناطق في سورية، ووصلت إلى قسم من لبنان ، وامتازت بمعارك حربية بين الثوار وقوات الاحتلال الفرنسية التي منيت بخسائر فادحة في الأرواح والمعدات . وكان من أبرز هذه المعارك: معركة (الكَفر) في تموز عام 1925، ومعركة (المزرعة) في أول آب 1925، ومعارك الإقليم الكبرى، ومعركة صلخد ، المسيفرة ،السويداء وغيرها وبتاريخ 23 آب 1925 أعلن سلطان باشا الأطرش الثورة رسميًا ضد الفرنسيين ، فانضمت دمشق وحمص وحماه ونواحيها إلى الثورة، وأبلى الثوار بلاءً حسنًا في إنزال الهزائم بجيوش المستعمرين الفرنسيين... حتى إن فرنسا اضطرت بفعل هذه الهزائم إلى عزل مفوضيها الساميين وضباطها العسكريين في سورية وتعيين البدائل عنهم ، كما حصل مثلاً مع المفـوض السامـي (سرايل) بعـد مهاجمة الثـوار لقصر العظـم بدمشق، فعينت المسيو (دي جوفنيل) وقصفت دمشق بالطيران لمدة 24ساعة متواصلة كما أرسلت فرنسا أحد أبرز قياديها الجنرال (غاملان) بعد تزايد قوة الثوار وانتصاراتهم. وعندما هزت هذه الانتصارات فرنسا الاستعمارية ، وجدت نفسها أمام مأزق كبير فلجأت إلى إرسال آلاف الجنود إلى سورية ولبنان مزودين بأحدث الأسلحة ، مقابل قلة مصادر تموين الثوار، مما أدى إلى قلب الميزان لصالح الفرنسيين ، فأعادوا سيطرتهم على كثير من المدن بعد أن استمرت المقاومة الباسلة حتى ربيع عام 1927، وكان الفرنسيون قد حكموا على سلطان الأطرش بالإعدام.
أجبرت الثورة الفرنسيين على إعادة توحيد سورية بعد أن قسمتها إلى أربع دويلات: دمشق، وحلب، وجبل العلويين، وجبل الدروز... كما اضطرت إلى الموافقة على إجراء انتخابات فازت فيها المعارضة الوطنية بقيادة إبراهيم هنانو وهاشم الأتاسي.
بعد توقف الثورة نزح سلطان الأطرش بجماعات من الثوار إلى الأزرق في الأردن ، وبعد توقيع معاهدة 1936 بين سورية وفرنسا عاد سلطان الأطرش إلى سوريا بعد إعلان العفو العام عن الثوار من قبل الانتداب الفرنسي.
لم يتوقف نضال سلطان الأطرش عند هذا الحد ، بل شارك أيضاً بفعالية في الانتفاضة السورية عام 1945، والتي أدت إلى استقلال البلاد، وأثناء حكم الشيشكلي، تعرض سلطان لمضايقات كثيرة نتيجة اعتراضه على سياسة الحكم، فغادر الجبل إلى الأردن في كانون ثاني 1954، عندما عمّ الهياج أنحاء سورية لاسيما بين الطلبة الذين كانوا في حالة إضراب مستمر، واعتقل العديدون بينهم منصور الأطرش أحد أبناء سلطان الأطرش، فجرت محاولة وطنية لإخراجه من السجن أدت إلى اشتباك مسلح، سرعان ما تحولت إلى معركة في جبل الدروز، وعاد الأطرش إلى بلده بعد سقوط الشيشكلي.
أيّد سلطان الأطرش الانتفاضة الوطنية التي قادها الزعيم اللبناني الاشتراكي المعلم الشهيد كمال جنبلاط في لبنان عام 1958، ضد سياسة كميل شمعون، كما بارك الوحدة العربية التي قامت بين مصر وسورية عام 1958، ووقف بحزم وثبات ضد عملية الانفصال عام 1961. وكان جمال عبد الناصر قد كرم سلطان باشا الأطرش في عهد الوحدة فقلده أعلى وسام في الجمهورية العربية المتحدة، أثناء زيارته لمحافظة السويداء.
عام 1966 بعث الأطرش خطاب احتجاج مفتوح إلى هيئة الأركان ، عندما كان المقبور المجرم السفاح حافظ الأسد وزيرًا للدفاع بسبب حملة التطهير الجماعيّة للضباط الوطنيين الدروز من الجيش عقب فشل انقلاب الرائد سليم حاطوم على نظام صلاح جديد، توفي سلطان باشا الأطرش في السادس والعشرين من شهر آذار عام 1982، وحضر جنازته حوالي مليون شخص . وحُمِل نعشه في طائرة مروحية حلّقت فوق مواقع المعارك الخالدة التي خاضها، ودُفِن في قريته القريّا محمولاً على عربة مدفع ، أقيم فيما بعد صرح تذكاري عظيم للثورة السورية الكبرى يضمّ جثمان القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، ترك وصيّة سياسيّة وطنيّة عبّر فيها عن أمانيه الوطنية وتوصياته القوميّة ، وتعتبر هذه الوصية الأولى من نوعها التي يتركها قائد قومي فذّ للأجيال القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لاعتدائهم على التقاليد العربية !!!
محمد بن عبدالله عبد المذل عبد المهين ( 2015 / 3 / 29 - 21:06 )
)))في 7 تموز 1922، كانت ثورته الأولى على الفرنسيين لاعتدائهم على التقاليد العربية في حماية الدخيل ، حين اعتقلوا (أدهم خنجر) الذي كان في حماية الأطرش بينما كان غائبًا عن داره ، وكان خنجر قد لجأ إليه وطلب حمايته بعد عملية اشترك بها واستهدفت اغتيال الجنرال غورو. (((


والله ظلمة هؤلاء الفرنسيون

كيف تجراؤا واعتقلوا الضيف المحترم وكل ما فعل هو محاولة اغتيال قائد الجيش الفرنسي

لا لا هذا لا يصح

كانوا يجب أن يكرموه ويقدموا له الشيكولاتة بالفستق الحلبي

اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف