الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في دار العجزة

محمد البورقادي

2015 / 3 / 30
حقوق الانسان



أشخاص مثلنا ، بل منهم قريب إلينا ، ونعرفه حق المعرفة لكن شاءت الأقدار أن يُأتى به إلى هناك برضى منه أو بدون ذلك ، لكنه أتى رغم ذلك ..
آباء وأمهات خانتهم صحتهم وضعفت حيلتهم وخارت قواهم، وليس في ذلك من عجب فالكل إلى ذلك الحال طال الدهر أم قصر ، فمنا من يرد إلى أرذل العمر كي لا يعلم من بعد علم شيئا ..
هؤلاء القادة كانوا بالأمس عظماء بخيرهم الجميل ، وكرمهم المنقطع النظير، وتضحيتهم بالغالي في سبيل إعداد رضّعٍ ليصيرو أطفالا وبعد ذلك شبابا ذا قوة ومال ..
كانوا قلبا كريما ، وحارسا أمينا ، و حضنا رحيما ، ومأوى وملجأً من كل شر ومنكر ، كانو راعيا ونعم الراع ، أعطونا من كل ما سألناهم ومما لم نسألهم لا لشيء إلا ليرونا سعداء آمنين من كل مكروه ، وينظرو فينا ما لم يستطيعو إليه حيلة ولا سبيلا ..
كانوا يفرحون أكثر من فرحنا عندما نفرح، ويحزنون أكثر كذلك عندما نحزن ، ويودون لو يفدوننا بكل ما يملكون من أجل أن يرونا سعداء بدون بأس ولا علة ..
كانوا يفعلون ذلك لأنهم يحبوننا فقط ، كانوا يفعلون كل ذلك لوجه الله عز وجل لا يريدون منا جزاء ولا شكورا ..
حتى إذا صرنا شبابا واشتد عودنا ،واستقلت ذواتنا وأصبحنا منتجين لا مستهلكين ، أخذتنا العزة بالنفس فأغنتنا عن من كان لا يغنيه شيء عنا وعن إسعادنا وإدخال السرور إلى قلوبنا ،.." إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى"
هل جزاء ذلك أن نرمي بمن صيَّرونا رجالا ونساء بعد أن كنا حفاة عراة، لا حول لنا ولا قوة إلى دار العجزة ، بدعوى أنهم هرموا وقل سمعهم وضعف بصرهم وصاروا لا يصلحون لشيء إلا للموت البطيء في دار لا أحباب فيها ولا أخلاء ..
هل جزاء ذلك أن نطردهم من بيتهم الذي استقبلونا فيه أمسا أيام استقبال ، بل خدمونا وأذلوا أنفسهم في سبيل عزتنا ..
هل جزاء إحسانهم إلينا أن نذلهم ونقهرهم ولا نأبه لحالهم ، وأن نشرعن ما نفعل كونه مآل كل عجوز نفذت قوته وساء حاله ..
إن رضيت بذلك لنفسك ووددت أن تكون محله حين تبلغ من العمر عتيا فلا ضير ، ولن ترضى لحالك هكذا حتى يلج الجمل في سم الخياط ، فلا أحد يقبل على نفسه الذل والهوان ولكن يقبله لوالديه بل يساعدهما ويبدل كل جهده في سبيل أن ترهق وجوههم قتر وذلة ...
لا إلاه إلا الله، سبحانك ربي يا من بيدك الأمر كله تعز من تشاء وتذل من تشاء ..
فقد سمعت قصة أحدهم تُروى على لسان مغسل للموتى ، ملخصها أنه كان يضرب أمه ضربا مبرّحا حتى تبكي وتنوح، فكانت عاقبته عند موته أن النمل يخرج من كل منافذ جسده ..وآخرُ كان بارا بوالديه برا كثيرا ، حتى إذا مات جيئ حينذاك بجنازته وكانت وسط السعودية وفي أيام الحج، تخطفَتها يد الحجاج مقدمةً إياها للكعبة المشرفة فصلى عليها بذلك أكثر من مليوني حاج ..
من قدّر ذلك ومن أوجد له الأسباب ، إنه الذي لا يخفى عليه من شيء في الأرض ولا في السماء ، قل هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
اعلم أن دوام الحال من المحال من المحال وأنه كما تدين تدان ، فلا تغرنك صحة ولا مال ولا سلطة ولا زوجة متسلطة تأثرها على من سوّوْك رجلا ، فلو كان فيها خير ما دعتك لذلك ولعاتبتك كثيرا إن فعلت..
ولكن اعمل حسنا عسى تجازا بعد الموت بالحسن ، وكن رحيما عسى أن يرحمك الله
ولا تقل والداي سبب شقائي وعنائي إن كانوا معي ، يأكلون مما آكل ويشربون مما أشرب ، وأُضحكهم مما أضحك ،لأُسعدهم كما أسعدوني..
و لا تزعم أن زوجتك وأولادك هم فقط أهل سعادتك ورضاك وأن بهم لن تكون قد ضعيت رعيّتك ، بل الوالدين أحق بالمعروف والطاعة وهم الأولى بالعناية والرعاية ،لأنك لن تدرك مبتغاك في الدنيا ومرتجاك في الأخرى إلا برضاهما ، ذلك أن رضاهما من رضى الله وسخطهما من سخطه ،
وكفاك عزة وشرفا أن ترعى والداك ، فمهما فعلت من خير لهما ، فلم ولن يوفهما ذلك أجورهما، وسل نفسك وانظرها في إبنك الصغير أمامك ، وأيقض قلبك وعقلك ليشهد ذلك ، فإن شهدو لك، فتأكد يقينا أن الدمع سيذرف من عينك وأن القلب سيصير ليًنا، وأن العقل سيعود لصوابه ، فتدرك حينها أنك كنت ظلوما جهولا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في الجمعية ا


.. موجز أخبار السابعة مساءً - الأونروا: غارات الاحتلال في لبنان




.. لبنانيون ولاجئون هجّرتهم الغارت الإسرائيلية يروون معاناتهم و


.. طلاب جامعة السوربون بفرنسا يتظاهرون من أجل غزة ولبنان




.. شاهد| دبلوماسيون يغادرون قاعة الأمم المتحدة بعد بدء خطاب نتن