الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


يوماً ما

نارين رياض

2015 / 3 / 30
الادب والفن


لم اصدق يوماً بقصص الاشباح ولكن القصة التالية كانت غريبة ولم اجد لها تفسيراً آخر. اليوم انا أتذكر تلك الحادثة التي مرت بي قبل عدة أعوام. كنت اعيش في مدينة بغداد تلك العاصمة المعروفة بأرثها التاريخي والثقافي والتي كانت يوماً ما مدينة اسطورية شهدت ما شهدت من نهضات ونكسات, أما اليوم فأنا اعيش في مدينة غريبة أنسى اسمها أحياناً رغم أن سني لم يتجاوز الخامسة والاربعون.
في تلك المدينة كان يسكن الكثير من البشر, فقد تجاوز عددهم عن الخمسة ملايين او الستة في عهد ما خلال فترة وجودي فيها. أما عندما حصلت تلك الحادثة او الحوادث المتزامنة مع بعض فقد كان اغلب سكانها في مكان آخر, منهم من تركها ومنهم من تم سجنه فيها ليتم سرقتهم الى السماء لاحقاً لأجراء تجارب من قبل كيانات غريبة, لا اقول أنهم مخلوقات فضائية فأنا لم أصدق هذه الترهات يوما, ولكنني رأيت تلك الكائنات او الكيانات, في اكثر من مناسبة وموقف وفي حوادث متشابهة كثيراً. في كل مرة يخرج فيها شخص من بيته مرتدياً لوناً ابيض او فاتح كان يظهر من السماء ضوء خافت أشبه بالشق في بنيتها ويهبط مخلوق او كائن يشبه عموداً من نباتات متسلقة بفتحات تشبه عيوناً واسعة فيقوم بخطف هذا الشخص.
تكررت تلك الحوادث كثيراً حتى بات سكان المدينة يرتدون اللون الأسود فقط خوفاً من ان يتم الاشتباه بلون ملابسهم, وهذا لم يكن خوفاً غير مبرر فقد شهدت بنفسي حالتين او ثلاثة حيث قامت تلك الكيانات بخطف أشخاص يرتدون لوناُ قهوائياً او اخضر داكن. عموماً لم يمض وقت طويل حتى أصبح سكان بغداد, أرض السواد, لا يرتدون سوى السواد. أتسآءل ما هو لونها اليوم.
ولكن الحادثة التي أتحدث عنها ليست أقل غرابة عن تلك الحوادث وفي الواقع كانت متعلقة بشكل مباشر بها. يوماً ما, وفي يوم نحس مر علي, كنت ارتدي اللون الاسود كأي ساكن في تلك المدينة في تلك الفترة ولكن ما حصل جعل من وجودي على تلك الارض مهدداً. بدأت خيوط القميص تتكحل بلون رمادي مائل للبياض وبدون أي سبب مفهوم. كنت اعرف أن المواد لا تغير لونها بشكل مفاجيء بدون سبب, ولكن في قلب الموقف لم يكن لدي خيار سوى الهروب والجري نحو بيتي في منطقة تقع بين الشوارع المهجورة لأحدى المناطق المجاورة للنهر, ذلك الذي أصبح لونه يميل للسواد أيضاً, فكما تعلمون الماء لا لون له ولونه الازرق هو أنعكاس للون السماء, تلك التي اسودت من لون ثياب سكان المدينة العريقة.
تكررت تلك الحادثة لي ولم أفهم حتى اليوم كيف بدأ قميصي يشيب, فكل ما كنت اهتم به هو الهرب من مصير شهدت مثله على مر السنوات يحدث أمام عيني. أليوم اجلس لأتذكر تلك الحوادث وأنا في مدينة جديدة, على أرض مسالمة أرتدي فيها اللون الابيض فقط. حدث شيء غريب نسيت أن أذكره, في إحدى تلك المرات التي كان قميصي فيها يشيب حرفياً, لم أجري بسرعة كافية, وتعرفون بقية القصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة