الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحول العربي و الموجة الرابعة للديمقراطية

محمد البكوري

2015 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


هل حقا يتجه العالم -بعد الهزات العربية -الى موجة رابعة من الديمقراطية؟ سؤال ما فتئ يطرح مند2011 بالحاح شديد من طرف الباحثين و الاكاديميين و المثقفين و صناع القرار على الصعيد الدولي ، وهو السؤال ذاته، الذي اعيد مؤخرا طرحه من طرفهم جميعا - و بحدة عميقة - خاصة بعد الانتكاسات المرصودة في اطار نوع من "الردة الديمقراطية" ، و التي اخذت تعرفها بعض التجارب السائرة في درب "التحول الديمقراطي" . هذا المفهوم الاخير الذي ينظر اليه استاذ العلاقات الدولية مايكل هودسون باعتباره"العملية التي تصبح عبرها ممارسة السلطة السياسية من طرف الدولة اقل تعسفا و اقل استثناء للاخرين" .كما ان استاذ العلوم السياسية الامريكي صامويل هنتغتون صاحب نظرية "صراع الحضاراتClash Of Civlizationsيؤكد في كتابه الشهير الصادر سنة 1991و المعنون ب" الموجة الثالثة: التحول الديمقراطي في اواخر القرن العشرينThe Third Wave: Democratization in the Late Twentieth Century" ،على ان من ركائز هذا التحول نجد مايلي :ازالة نظام شمولي ، اقامة نظام ديمقراطي، ترسيخ دعائم النظام الديمقراطي ". وعموما، يمكن و بنوع من المجازفة البحثية القيام بمحاولة تعريفية لمفهوم التحول الديمقراطي باعتباره "الصيرورة المتطورة ،التي تتوخى جعل الانظمة السياسية تتهافت على السير الحثيث نحو الاتجاه الديمقراطي و تحويل بنياتها من بنيات تسلطية الى بنيات ديمقراطية ". وهي التمظهرات المفصلية التي عاشت على ايقاعها المتواتر مختلف موجات التحول الديمقراطي التي عرفها العالم .هذه الموجات التي يمكن تحديد سياقاتها المختلفة كما يلي:* الموجة الاولى، و هي الممتدة لفترة طويلة من زمن -حوالي قرن-من سنة1828الى سنة1926 ، ، وهي ذات جذور عميقة مترسخة في مبادئ الثورتين الفرنسية و الامريكية ومنها مبدا حق الانتخاب كاحد ابرز المبادئ الديمقراطية الاان هذه الموجة ستعرف سنة1922 انتكاسة و اضحة بصعود العديد من الانظمة الفاشية و الدكتاتورية باوروبا ، و هي الانتكاسة التي ستستمر الى حدود سنة 1942 . * الموجة الثانية ، وهي التي جاءت عقب انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية ، وقد شملت اساسا المانيا الغربية، ايطاليا، النمسا ، اليابان ، كولومبيا ، فنيزيلا و بعض الدول الافريقية ...ولتعرف هذه الموجة بدورها انتكاسة على شكل موجة مضادة ابتداءا من سنة 1958الى سنة 1974 .*الموجة الثالثة ، وهي التي ابتدات مع الانقلاب العسكري الغير الدموي بالبرتغال لعام1974 و تغييرات اخرى جذرية باليونان و اسبانيا وبعض دول امريكا اللاتينية و بلدان اسيا وافريقيا . و لتمتد الى حدود اواخر الثمانينات . بعد هذه الوقفة المقتضبة امام الموجات الثلاث التي عرفتها مجمل تجارب التحول الديمقراطي في العالم ،هل يمكن القول مع استاذ علم السياسة و القانون الدستوري عبد العلي حامي الدين ان "الموجة الديقراطية الرابعة ستكون عربية بامتياز " ؟ خاصة في ظل ما عرفته الدول العربية من هزات و رجات منذ سنة2011 ،والتي كان لها الوقع البالغ على صيرورتها الديمقراطية ككل في اطار ترسيخ اسس نظرية "الثورة طريق للديمقراطية".ومع ذلك ،يمكن القول ان ما اخذت تعرفه بعض الدول العربية من منزلقات ومخاطر ،جعلتنا امام نظرية اخرى صاعدة و هي "حتمية الاندحارالديمقراطي "او على الاقل "التراجع الديمقراطي " و التي اسس لها احد ابرز الأكاديميين ، الباحثين في مفهوم "الديمقراطية" البروفيسور لاري دايموند، الاستاذ بجامعة " ستانفورد بكاليفورنيا " في مؤلفاته المتعددة ، ومنها كتاب "روح الديمقراطية : الكفاح من اجل بناء مجتمعات حرة "،و الذي وظف فيه مصطلح "التراجع الديمقراطي"، المعبر عن نوع من الانتكاسة الديمقراطية المرصودة في العالم فيما بعد سنة 2005،وهي الانتكاسة التي تم الوقوف عليها في تآكل الديمقراطية ، وبطريقة ملفتة للنظر، في العديد من دول امريكا اللاتينية و الدول الافريقية العربية .كما ان لاري ،وقف عند معطى من الاهمية بمكان والمتمثل في ان"نسبة الانهيار الديمقراطي منذ سنة 2000 بلغت مستويات قياسية، ما فتئت تبعث على القلق وتجسد ارهاصا حقيقيا للانهيار او الانفلات الديمقراطي " .وقد تاكدت ملامح "التراجع الديمقراطي " في تبلور جملة من المظاهر السلبية المرتبطة بالممارسة الديمقراطية السلمية ومنها اساسا : كبح جماح الحريات العامة ، الطعن في الشرعيات الديمقراطية و تضييق الخناق على منظمات المجتمع المدني في العديد من الدول ،ومنها الدول العربية .هنا تنبثق ارهاصات "الديمقراطية الزئبقية" التي تعرف فترات صعود ونزول و فترات تطور وانتكاسة... وعموما، قد تطول ،كما قد تقصرالردحات الزمنية للاندحار الديمقراطي ،وهو ما تمظهر في فترة ماعرف بالربيع العربي او ما سماه لاري دايموند ب"الصقيع المتجمد" ومن ابرز تجلياته: التشظي الميليشياتي في ليبيا، الحرب الضروس بسوريا... بهذه الموشرات و غيرها يمكن القول، ان زمن الموجة الرابعة الديمقراطية عربيا ،قد يستغرق في تحققه فترات طويلة وهي بدون ادنى شك ستظل فترات عصيبة في مسارات التحول العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل صغيرة منسية.. تكشف حل لغز اختفاء وقتل كاساندرا????


.. أمن الملاحة.. جولات التصعيد الحوثي ضد السفن المتجهة إلى إسر




.. الحوثيون يواصلون استهداف السفن المتجهة إلى إسرائيل ويوسعون ن


.. وكالة أنباء العالم العربي عن مصدر مطلع: الاتفاق بين حماس وإس




.. شاهد| كيف منع متظاهرون الشرطة من إنزال علم فلسطين في أمريكا