الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأشيرة زيارة من البصرة الى بغداد

محمد الرديني

2015 / 4 / 2
كتابات ساخرة


أستعد ابو الطيب للذهاب الى سفارة بغداد الوقعةعلى ضفاف شط العرب بالبصرة ليجرب حظه للمرة العاشرة في الحصول على (فيزا) لزيارة بغداد وتمنى وهو يتأكد من الاوراق المطلوبة الا يجد طابورا طويلا من المراجعين يقفون امام بوابة سفارة بغداد بانتظار الحصول على تأشيرة زيارة.
وجد طابورا طويلا هو نفس طابور امس وقبله ومع هذا وقف فيه بانتظار الفرج,كانت الشمس اللاهبة ترمي حرارتها على رؤوس المراجعين الا صاحب صاحب الحمار الذي يقوده وهو يدفع فوقه برميل ماء يدعي انه مثلج ليبيعه على طابور المراجعين.
وحين همّ ان يطلب كوبا من الماء طلع عليهم احد الموظفين من كوة صغيرة وصاح بهم تعالوا بكرى اليوم القنصل ماموجود،وماتنسون تلزمون سرة مثل الاوادم ترى والله العظيم اللي مايلزم سرة بالطابور ينحرم من التأشيرة سنة كاملة.
زفر ابو الطيب وعدّل من كوفيته ونظر الى القوم مليا وعاد ادراجه الى البيت.
في الطريق حاول ان يتذكر عدد السنوات التي لم ير فيها بغداد،اوه،كان ذلك منذ زمن بعيد يوم كانت بغداد عاصمة لبلد اسمه العراق كان يستقل القطار الصاعد ليصل اليها فجرا واول ماكان يفعله يهرول نحو بائع (الكيمر مع الكاهي)،مايزال يتذكر ذلك الطعم رغم مرور هذه السنوات الطويلة.
ويتلقفه بعد ذلك شارع الرشيد ليشتري من هناك قميصا جديدا ويغيّر قميصه ويطلب من صاحب المحل الاحتفاظ به الى حين عودته مرة اخرى.
ثم يعرج على سينما اطلس ودون ان يتفحص الافلام المعروضة يدخل الى قاعة السينما ويجلس على اقرب كرسي هناك.
وما أن يبدأ عرض الفيلم حتى يغط في نوم عميق.
يستيقظ فجأة على اصوات وهي تصيح (اعور،اعور) ويسأل احد الجالسين بقربه:منو هذا الاعور،فيجيبه الجار ساخرا:لازم اول مرة تجي على السينما ومع هذا سأقول لك،عارض الافلام ينسى ان يضع البكرة الثانية من الفيلم وربما يذهب لشرب الشاي ولهذا يطلقون عليه الاعور لأنه لم ينظر الى البكرة الثانية من الفيلم.
ويعود ابو الطيب الى اغفائته بعد ان هدأت الاصوات ولكنه يستيقظ بعد اقل من نصف ساعة ليرى نفسه وحيدا في القاعة ويحس بالضيق لأنه سيغادر هذا المكان المكيف الى حيث الهواء اللاذع ،يتمشى الى حيث الباب الشرقي،ومن سوق البالة هناك يعبر الى شارع ابو نؤاس،وكالعادة يقف دقائق امام تمثال ابو نؤاس ثم يقفز بخفة الى حضنه ويجلس مرتاحا وسط دهشة المارين.
وكانت اروع رغبة له في ذلك الوقت مراقبة دجلة وهو يحضن سفينة سياحية صغيرة تقل ركابا من مختلف الاعمار ثم يدير رأسه الى الجهة المقابلة ليعد عدد الكازينوهات التي حملت اسماء الالوان فقط،فاهي الكازينو الصفراء تقدم بيرة فريدة وتلك الكازينو الحمراء التي تقدم اللاكر ،اوه هاهو بار آسيا يعج بالقوم كالعادة ولكن ليس مثل ازدحام بار ماري في نهاية شارع الوطن في البصرة.
في كل مرة يحسب عدد البارات في شارع ابي نؤاس ليجد انه نفس العدد:360 بارا وبعدد ايام السنة تبدأ من اول الباب الشرقي حتى نهاية الجسر المعلق.
ينظر الى ساعته ليجد ان وقت العودة بالقطار النازل الى البصرة قد حان،وكالعادة ينسى ان يتناول عشائه عند الحاتي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ســـــــلام على تلك الايـــام العراقية
كنعان شـــماس ( 2015 / 4 / 2 - 13:07 )
تحية يا استاذ الرديني سلام على تلك الايام التي تلوثت بمخازي وممارسات الفئـــة الموءمنــة بربها ينهبـــون عباد الله في سبيل الله ويريدون ان نصدق انهم ليسوا شــــــــياطين لالوم على ابو الطيب لوقال اليوم ان فيزتهم لاتساوي شـــــعرة في مظرط ابو نواس


2 - اخي كنعان شماس
محمد الرديني ( 2015 / 4 / 2 - 19:26 )
على مر العصور التي حكمت رقاب هذا الشعب كان الله خير مفتاح للحصول على المكاسب
استعملوه في كسب الدولار ولم يعد يهم الان شيء اسمه الضمير فهو كما يقول اللغويون لامحل له من الاعراب واصبحت الوطنية نكتة سمجة لايضحك لها من يسمعها
تحياتي

اخر الافلام

.. فنان بولندي يتضامن مع فلسطين من أمام أحد معسكرات الاعتقال ال


.. عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ




.. إسرائـ.يل سجنتني سنتين??.. قصة صعبة للفنان الفلسطيني كامل ال


.. عمري ما هسيبها??.. تصريح جرئ من الفنان الفلسطيني كامل الباشا




.. مهرجان وهران للفيلم العربي يكرم المخرج الحاصل على الأوسكار ك