الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبقرية الجمع بين محمود درويش و......نانسي عجرم

مفيد عيسى أحمد

2005 / 9 / 23
الصحافة والاعلام


على هامش معرض الكتاب العربي في دورته عام / 1993 / إذا لم تخني ذاكرتي، عقد أسبوع ثقافي استضيف فيه مفكرين و أدباء عرب، في النقاش الذي كان يجري عقب كل أمسية كان هناك طالب دراسات عليا كما قدم نفسه، يصر ويلح أن يطرح تساؤلاته ، أو يقدم مداخلاته ... بعد المحاضرة التي ألقاها حينها المفكر ( محمود أمين العالم ) كالعادة انبرى طالب الدراسات، تناول الميكروفون وتكلم ..... وتكلم ....و العالم يهز رأسه ثم فغر فاه و تباين مستوى حاجبيه وقال بيأس موجهاً كلامه لطالب الدراسات: ( يا بني ...فين السؤال .... أنا عاوز أعرف انت عاوز إيه .....أنا ما فهمتش حاجة ).
ونحن لم نفهم شيئاً منه إلى الآن، لو بقي الأمر على حاله لاحتمالنا صابرين أما أن يفاجئنا طالب الدراسات و يصبح مذيعاً فهذه من قصاص الله في الدنيا الذي ستنال ثوابه في الآخرة .
هذا الكائن المماحك الذي أكثر ما يزعجه القول: ( خير الكلام ما قل و دل ) أتحفنا بعدة برامج ثقافية احتملناها صبراً خاصةً وأن الستالايت لم يكن في متناول الجميع. آخرها حديث الأربعاء، رحم الله ( طه حسين ).
هذا الكائن الثقافي تنطع مؤخراً لحوار الشاعر ( محمود درويش ) بدون تعظيم أو تكبير لأن درويش غني عن هذا، و أحسب أنه يكتفي بلقب الشاعر الجدير به كما اللقب جدير بمحمود.
طبعاً حين تدركون عقلية العمل في التلفزيون السوري لن تستغربوا سأورد لكم هذه الحادثة لكي تستشفوا بأنفسكم:
ففي أحد الأيام دخلت التلفزيون مستهيباً، زرت أحد أصدقائي المذيعين ومعدي البرامج و كان جديداً في عمله و يخطط لإعداد برنامج تلفزيوني، زرنا حينها أحد معدي البرامج العاملين في التلفزيون وهو معروف وذو باع طويل بالأمر.
تكلم صديقي وسأل وكان يبدو مرتبكاً و مهموماً كيف نكتب البرنامج ما خطوات إخراجه، فجأة نهض الرجل العتيد وقال: أخي عماد لا ترتبك .... ما هو البرنامج التلفزيوني...؟ اندفع إلى الأمام وخيم بقامته الطويلة على الطاولة لا بل على الغرفة كلها ورفه يديه إلى الأعلى و فقس بيديه بجهات عدة فوق رؤوسنا وصاح البرنامج التلفزيون ..بوب ..............بــــــــــــــــــــوب ..................بوب بـــــــــــــــــــــــــــــــــوب . انتهى البرنامج .. و جلس.
انقطع كلامنا لدقيقة أو أكثر ثم نهضنا و خرجنا وما إن ابتعدنا عن المكتب أمتاراً حتى بدأنا بالضحك .
كان الأمر كوميدياً لكننا اكتشفنا بعد سنوات أنه حقيقي في التلفزيون السوري خاصة ً.
و هذا ما نلمسه في برامجه التي لا تشبه سوى نفسها، لكنها تتفوق على برامج تلفزيون السودان واليمن.
هل رأيتم الحوار العميق و القيم الذي أجري مع محمود درويش؟
أنا أحفظ الكثير من شعر درويش دون تقصد و ذلك كما أحفظ مكونات الوجود التي تتنفسها و تزفرها وتتلقاها و تتلاقاك تحسها و تغفلها تلامسك جسداً و روحاً و تلامسها وجوداً.
أول قراءتنا لمحمود أحسست أن هذا الشعر يجب أن يكون لشخص ميت لأنه يتجاوز ما بعد المألوف فهو يليق بأسطورة و الأسطورة لا بد لها من زمن، زمن طويل يتجاوز عمر شاعر كبير كمحمود درويش بسنوات وسنوات لذلك تهيأ لي أنه ميت منذ وقت طويل، فقط و هذا ما خالفه درويش و أتمنى أن يصر على مخالفته و أن يمتد عمره... فقط عمره.... تواراتياً.
كيف للحوار أن يستقيم و كيف لزيتونة أن تسأل عن عدد ثمراتها .....؟ كيف للآرض أن تسأل عن وردة بلاستيك ..؟
هل شاهدتم الحوار تمعنوا بهذه الأسئلة الموجهة للشاعر:
كيف الصحة ؟....كيف حالك فيزيولوجياً ؟ يعني كيف صحتك ...........؟ ما رأيك بنناسي عجرم ؟ ..........ما هو رأيك بالغناء الحديث.........؟ هل تستمع للغناء الشبابي ...؟ كم طبعة طبعت من هذه المجموعة ...؟ من يختار عنوان كتبك ؟ هل تعجبك، و أخيراً السؤال الذكي الذي ختم به اللقاء فقد سأله: كم سنة استغرقت كتابة هذه المجموعة ؟ و( المجموعة صدرت حديثاً) . أجاب الشاعر الكبير ثلاث سنوات. فأردف المذيع معقباً بذكاء يعني 2003 2004 و 2005 انظروا يا قوم إلى هذا الايضاح فلولا تعقيبه لكنا إلى الآن نتحير ماذا تعني الثلاث سنوات . و هذا السؤال الذي أغنى اللقاء و جعل الشاعر يتحفنا أدبياً و يبسط لنا مكنونه الغني. عذراً من الشاعر الكبير فهذا لا يعني لوماً له، فلا يضير الشجرة السامقة أن ينظر إليها من الأسفل، هذا ما حدث في اللقاء الذي كنا نتمنى أن يقوم به من يستطيع فرد عبابها و تحريض روائح زهورها الذكية.
تفاءلنا خيراً عندما عينت السيدة ( ديانا جبور ) مديرة للتلفزيون و هي المثقفة والاعلامية البارعة وصاحبة الحوارات الغنية المميزة و هذا ما شهدناه في برنامجها طيب الكلام، لكن يبدو أن الأمر أكبر من الأشخاص و إلا كيف اختير صاحب التناذرات الثقافية و النتوءات الممضة ليحاور الجبل و حقل الأقحوان النجيع و شذا القمح انبساط الأمل و خثرات الألم .
رحم الله ( سعد الله ونوس ) الذي قال في كلمته للمسرح العالمي ( إننا محكومون بالأمل ) هذا الأمل لا يشمل الإعلام السوري الذي يعتمد لهجة تلقينية مملة، وأسلوباً ممجوجاً. بحيث تشعر و كأنك ما زلت تلميذا لدى أستاذ من أيام زمان يلقي هليك دروسه و سيختبر حفظك و استيعابك و سيفاجئك بعصاه بأي لحظة.
كان الحوار مأزقاً للمحاور طالب الدراسات السابق و المذيع الحالي المثقف صاحب أسلوب رش الكلام و أخذ الأمر بالعبطة و مأرقاً للشاعر الكبير، وقد كان من الأدب بحيث نبه المثقف الكبير لأسئلته بقوله: لماذا تصر على إقحامي في ساحة ليست ساحتي )
الجواب أيها الشاعر الكبير:لأن محاورك يعمل في ساحة ليست ساحته .
قيل في الأمثال أن الكحل أفضل من العمى. مع برامج التلفزيون السوري خاصة الحوار الأخير، العمى والصمم أفضل من كل شيء.
العزيز المذيع الكبير والمثقف العتيد طالب الدراسات سابقاً المذيع لاحقاً ورئيس الدائرة صاحب الأسئلة السقراطية التهكمية حباً لله حسبك أنك مراسل أحد القتوات التلفزيونية و لا بأسأن تحاور من يناسبه حوارك و هم كثر، التقط ما شئت من ملحق الثورة الثقافي أو الأسبوع الأدبي ........ودع درويش.
علي أن أذكرك برد محمود أمين العالم ( فين السؤال ....؟) أيها المثقف الكبير وهذا ابداع و أظنك تعمدت ذلك فهل من المعقول أن تكون أسئلتك تقليدية و أنت الشخص غير التقليدي، ربما نسيت أن تسأل الشاعر الكبير عن روبي وعن علي الديك و شعبولا و أن تسأله عن رأيه بالورق الصقيل و عن الخط الذي يفضل الكتابة به ..هي أسئلة مهمة ولا شك لكن جل من لا ينسى. و الحمد لله على النسيان.
................................
عفواً على أن أخبرك أن أدونيس قد يأتي إلى دمشق وأن أمل دنقل و بدر شاكر السياب و عبد الباسط الصوفي سييبغثون كما تنص الأسطورة مع قدوم الربيع ما عليك سوى استغلال الفرصة. نحن بانتظارك ...
شكراً لك بكل الألوان وخاصةً بالأزرق و فقد آنست و أخلصت لاسمك ....! ننتظر أن تلتقي ( نانسي عجرم ) و تسألها عن محمود درويش ...حتى تستقيم الأمور
لا تنس أن تسألها عن الشعر الحديث وتفكيك اللغة و القصيدة النثرية والحداثة وما بعدها و......................آه و نص..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأمطار الغزيرة تغرق شوارع لبنان


.. تشييع جثماني الصحفي سالم أبو طيور ونجله بعد استشهادهما في غا




.. مطالب متواصلة بـ -تقنين- الذكاء الاصطناعي


.. اتهامات لصادق خان بفقدان السيطرة على لندن بفعل انتشار جرائم




.. -المطبخ العالمي- يستأنف عمله في غزة بعد مقتل 7 من موظفيه