الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد 2005 لحمي على الحيطان لحمك ..ياابن أمي

فخر الدين فياض
كاتب وصحفي سوري

(Fayad Fakheraldeen)

2005 / 9 / 23
حقوق الانسان


بيروت 1975
ميليشيا وشعارات ورصاص..
يتناول الأطفال (سندويشة) الزعتر مغمسة برعب اللحظات الآتية.. أصوات الـ(بي سفن) والدوشكا تدمي القلب.. فينكفىء داخل الصدر حزيناً..
طوائف خرجت من كهوفها تبحث عن فرائسها.. هراوات وسيوف صدئة.. تعبث بجسد (غريب).
حواجز تصطاد (هويات) الأشخاص.. تبحث في خانة (المذهب) أو (الدين).. ليمضي الخنجر عميقاً داخل لحم الرقبة.. وتمضي الروح سوداء صارخة نحو خالقها!!
ميليشيا وشعارات ورصاص..
ترفع لواء (الوطن) ضد الآخر، وتمضي (مجاهدة) نحو (تطهير) الجغرافيا والتاريخ.. والقذيفة لا تميز بين المقاتل والسنبلة، ولا تميز بين المتراس والمرأة التي تحضن رضيعها.. ولا تميز بين ناقلة جنود و(بوسطة) رياض الأطفال.
يجلس قناصان خلف ثقب في الجدار ويتراهنان على تلك (الحبلى): في رحمها ذكر أم أنثى؟!!..
وحدها حربة الكلاشنكوف كانت تعرف جنس المولود!! لا شيء يذكر، إنها نصرانية أو سنية أو شيعية.. أو ما شئت!!. ليست منا!!
(نيوجرسي) ترمي قذائفها على زهرة نرجس قدمها صبي عاشق إلى مراهقة.. والطائرات تخترق الجسد بحثاً عن رغبة حب مختبئة بين الضلوع.. المارينز يفتش النوافذ وأصص النباتات وعرائش العنب.. بحثاً عن صوت فيروز الآتي مع الغيوم الهابطة من الجبال نحو البحر.. أميركا تبحث عن آخر مخابىء الأنبياء.. لتزيل عنهم أردية البساطة والحب.. وتدرّعهم بقاذفات الصواريخ!!
طوائف خرجت من كهوفها.. اغتالت الأشجار والأحلام وعصافير النوافذ الخشبية.. ودقت الأسافين في جسد الوطن..
بغداد 2005
نصحو في الصباح لنبحث عن مياه الشرب وحليب الأطفال.. نبحث في أجسادنا: هل فقدنا شيئاً منها.. عيناً، يداً، قدماً... وهل ما زال القلب في مكانه؟!!
(كم كان عدد القتلى البارحة؟!).
ـ لم يتجاوز المئة!!
(حمداً لله.. مضى نهار آخر).
طوائف خرجت من كهوفها.. تبحث في عتمة الجاهلية عن (الآخر).. وأميركا تقدم (هداياها) للشوارع التي امتلأت بالأشلاء: مارينز وأباتشي وقذائف (ذكية) تعرف طريقها نحو القلب..
أغنية كربلائية تنبعث من منزل قريب.. ونخيل المساجد اتشح بعصابة سوداء..
وعلى إيقاعات (شيكاغو) تنفجر المدن والمدن المضادة!! قتيل هنا وقتيل هناك.. إرهاب ينبعث من عمق آبار التكفير..
وإرهاب دولة ينبعث من عمق آبار النفط.. التي تمتد من بغداد.. إلى تكساس!!.
(يبذل الرؤساء جهداً عند أميركا لتفرج عن مياه الشرب
ـ كيف سنغسل الموتى؟
ويسأل صاحبي.. وإذا استجابت للضغوط فهل سيسفر موتنا عن: دولة.. أم خيمة؟!)
وهل سيدعمنا الجوار.. أو الأمم المتحدة.. أو أميركا؟!!
سنظل وحدنا.. غنيمة لكل هؤلاء!!
لأن أميركا قررت أن بغداد ميؤوس من طاعونها.. فأغلقت الأبواب.. وبدأت المحرقة.
(وحدنا نصغي لما في الروح من عبث ومن جدوى
وأمريكا على الأسوار تهدي كل طفل لعبة للموت عنقودية
يا هيروشيما العاشق العربي.. أمريكا هي الطاعون، والطاعون أمريكا).
لا تصدق أن بغداد أو البصرة أو الموصل أرادت ذات يوم أن تشوه العراق ببدعة الطوائف أو التقسيم أو الفيدرالية!! لا تصدق.. وحدها أميركا لا تريدنا وطناً!!
وحدها أميركا فتحت نفقاً في عتمة التاريخ وأخرجت (الخلايا النائمة) من عمق سحيق لتتحدث بلغة طائفية!!
لا تصدق.. (لحمي على الحيطان لحمك.. يا ابن أمي!!)
لا تصدق.. ما زلنا ندفن موتانا سوية، ونبكي فراق الأحبة معاً!!
بيروت (2005) تبكي بيروت (1975)... تبكي ضحايا الطوائف وضحايا إسرائيل وضحايا أميركا..
وبغداد هل تحتاج إلى (عدّاد) للقتلى.. وسيل من دماء أبنائها .. لتبكي نفسها ثانية وثالثة ..وللمرة الألف، وتعلن توبتها عن (الطوائف) وتعود إلى الوطن كما هي عودة الابن الضال؟!!...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هيئة البث الإسرائيلية: الحكومة تدرس بقلق احتمال إصدار -العدل


.. الأمم المتحدة: هجوم -الدعم السريع- على الفاشر يهدد حياة 800




.. مصادر إسرائيلية: نتنياهو خائف جدا من احتمال صدور مذكرة اعتقا


.. لحظة اعتقال الشرطة الأمريكية طلابا مؤيدين للفلسطينيين في جام




.. مراسل الجزيرة يرصد معاناة النازحين مع ارتفاع درجات الحرارة ف