الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع يقتل أبنائه (5)

حسين طعمة

2015 / 4 / 3
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كوارث الزمن قاطبة وتجاربها التي عفى عليها الزمن ,بكل سوءاتها ومرارتها وقسوتها المرة ,كلها !!!!,تجدها هنا ,حاضرة !!,مستديمة ,لها أرضها الخصبة ,يستمرأونها ويتنسموها ,ويفخروا بكل متناقضاتها وتداعياتها ,لتكون صورة معبرة عن واقع حالهم الكارثي ودلالة لوجودهم وواقعهم المرير .
صورة اخرى من صور مجتمع عششت فيه ارضة التخلف الاجتماعي والانقياد الى موروث يحكم حريته ,تابعا لمفاهيم بالية وزائفة ,نكوصي ,متوجس ,لا حياة ومروؤة في وعيه وفكره ,أُغلفت وعيه الدناءة وأغمي على أنسانيته , منذ زمن طويل :
كان الفتى (س) سليل أسرة ريفية قدمت الى المدينة بعد قيام الجمهورية وما تبعه من بروز انماط جديدة من العلاقات الاجتماعية والتحول الذي حصل من مجتمع زراعي الى مجتمع صناعي تعددت فيه الحرف والوسائل وفتحت افاقا اخرى للعمل .تعلم الصدق والوفاء والطيب في عائلة ضلت تلتزم بقوانين الريف رغم انتقالها الى المدينة .كانت (ص)تنظر اليه بمودة واحترام وود ,فهو برأيها يمثل اروع ما يمكن ان يتصف به الانسان السوي من خلق وخصال حسنة وهي ابنة مدينته التي جمعتهما البصرة في واحدة من جامعاتها ,فكانت تكن له الاحترام والاعجاب ,فقادتهما زمالتهما الى علاقة صادقةوألفة , بنيت على اسس نظيفة لا غبار عليها ,تطورت الى حاجة احدهما للأخر للبوح والمكاشفة ومن ثم الى حب متبادل بينهما .
وكأفراز حتمي تولد, نتيجة لهذه العلاقة ,افقا اخرا وجديدا ,فقام (ٍس)بخطبة فتاته وزميلته وحبيبته (ص).وبعدما تم له ذلك وبموافقة اهلها ,بعد ان توضح للجميع نقاء سريرة الفتى وسلوكه وطبعه .كان (س) يأمل ان تتحقق رغباته في التخرج سريعا ومن ثم اتمام زواجه بخطيبته وتحقيق رغائب اهله ورغائبه .
في يوم ممطر من أيام البصرة ,كان هو ينتظر خطيبته بعد أكمال المحاظرة الاخيرة ,عرض عليه صديقه (ج) ان يمضي الى شقته القريبة والتي ستكون فارغة هذه الليلة بسبب ذهابه الى الزبير لزيارة شقيقه .
كان (س) يأمل بموافقة خطيبته للذهاب معا الى الشقة ,وبعدما أقنعها بذلك وافقت على مضض .كانت الشقة مؤجرة من قبل صديقه مع أصدقاء اخرين ولكن الجميع قد مضوا الى مدنهم وأهليهم حيث صادف اليوم الاخير من الاسبوع استراحتهم .
لم يدر بخلد الفتاة ان يتحول خطيبها ,بعد انفرادهما ,الى غول ,نسي طبيعته وهدوئه فطالبها بأكثر مما يجب عليه من واقعهما كخطيبين !!.
بعدما تحقق له ما اراد ,ضل يقنع فتاته بأن الامر لا يستحق كل هذا الحزن والبكاء وماهي الا أيام معدودة ويأتي أمر زواجهما .
كانت الفتاة تطالب خطيبها بالأسراع في اعلان زواجهما والا فالأمر أصبح خطيرا لا ينفع معه التأجيل خوفا من الفضيحة !!.
اما هو فكان قلقا ,لا ثبات أو معنى لكلماته ,شارد الذهن يتوارى خلف هروبه الدائم منها وتقلبه وتبريراته التي كانت دون معنى .
أحست (ص) بأن الخطر يداهمها دون أعتبار أو أهتمام من خطيبها الذي بدأ بالتواري خلف حجج واهية لا معنى لها ,لذا عقدت العزم بمكاشفته بالأسراع بأعلان زواجهما والا فأن الخطر المدمر ات عن قريب ولن يشفع لهما الا اعلان زواجهما بأقرب وقت .
وبردة فعل قاتلة ,تنصل الفتى لخطيبته وصار غريبا ومبتعدا عنها يحاول بشتى الطرق ان يبرر ابتعاده عنها وعزوفه عن الالتقاء بها .
كانت الحيرة والقلق تنتابها ,وبدأ الشك يراودها في خطيبها وفعلته النكراء ,فأقدمت على مصارحة أمها كنتيجة حتمية لتتدارك الموقف والخروج من مأزقها .
كان (س) قد ركب رأسه ولم ينفع معه تدخل الام وبعض من الاقارب وبسرية تامة ,لكنه لبس ثوبا اخرا ,ثوب ليس كما كان في اول سيرته وبراءته ,فتحول الى وحش كاسر وغريب لا تنفع معه المصارحة في لملمة ومعالجة الاخطاء وتداركها .
الموقف محير لا وقت فيه للأنتظار !!,وكانت الساعات حرائقا تلفح وجه (ص) وتدميها وتقتص منها وتبعث فيها الرعب وتطالبها بقرار سريع لا رجعة فيه .
في صباح يوم قائض من أيام تموز ,صحى الجيران على رائحة شواء تنبعث من نافذة ظلت مفتوحة على عري الزمن .كانت (ص) قد أضرمت النار في جسدها البض ,أحتجاجا على عالم لا رحمة فيه ولا أمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عزيزي ابو غسان المحترم
عبد الرضا حمد جاسم ( 2015 / 4 / 3 - 05:04 )
تحية و سلام
رافقتكم السلامة
مجتمع لا يرحم و ذئاب بلبوس بشر
صورة اخرة من صور الحياة المرتبكة تنقلها لنا
صعب ان يقرأ الانسان مثل هذه الامور
لكن عليه ان يقرأ و يقرأ
و اعرف انك بألم كبير تكتبها و تنشرها ...لكنك احسنت ذلك الفعل
شكراً ايها الكريم
دمتم بتمام العافية


2 - شكرا لك ايها العزيز
حسين طعمة ( 2015 / 4 / 3 - 10:01 )
محبتي لك ابا علي الرائع وانت تتابع سلسلة فجائع وكوارث مجتمع لا زال مثلما هو ,تنهشه الكراهية والحقد والبغض لم يتعلم مثلما العالم وعلى طول الارض وعرضها معنى التسامح والمحبة شكرا لك ايها العزيز

اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة