الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم عربي يحتضر

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 4 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


العالم العربي عالم الفوضى. عربي اليوم يرفع راية الإسلام حتى غـدا وجهه أقبح من ضفـدع. و وجه القبح نفاقه الكبير و سيره في الخط المضاد لما أنـزله الله في قـلب رسوله في قـوله:" و تعاونوا على البر و التـقوى و لا تعاونوا على الإثم و العـدوان"..
عرب اليوم يتـشدقون بالإسلام لكـنهم يتعاونون على الإثم و العـدوان و لا يتعاونون على البر و التـقوى. و انه متى ما تم القبول بهذا الوضع و اعتباره من عاديات الأمور فان الأمر قـد استـفـحل فيهم و فسادهم قد استوطن في قـلب وجودهم و أنهم لا محالة أمام الانـدثـار و التـفـتـت الكامل.
و ان الوصف يتـلون درجات من القاتم المظلم إلى الألوان المنـفـتحة. فـمن خـطب الجمعة إلى الساكـنين في الجبال المتربصين بأمن مجتمعاتهم إلى قصور الحكم إلى دوائر الأنـشطة الاقـتـصادية و الإعلامية. فمن هنا و هناك و بتـناقضات الصراع و ان كان بالإيضاح أحيانا و التستر أحيانا أخرى. انها مهزلة المتـزلفين عند كل لون. من لايـزال يدعـو الى الدولة الإرهابـية لشعـوبها باعتماد منهج التخـويف في الحكم هو سواء لمن يعـتبر الشرطة و الجـيش طاغـوت. ذاك ان رهاب الأمن هو الذي أنـتج وصفية طاغـوتيته. ففي تونس الحرية اليوم هناك من يكـتب ان الدولة يجب عـليها ان تحكم بالتخويف و الترهيب، و هذا الكلام في اكبر جريدة و بقـلم كاتب قار فيها. و نـفس الكاتب يسخر من شعار "لا خوف بعد اليوم" الذي رفع في الثورة و في الاعتصامات التي كان لها الفضل في الوصول الى التغـيـيـر السياسي الحاصل الذي مكنه هو شخـصيا من الحفاظ على كـلمته الحرة و على المنبر الإعـلامي الذي يكتب فيه.
و الجماعات الاسلاموية المتـقاتـلة في سوريا و اليمن و ليبيا و العراق تخوض صراعات الفوضى و ليس الحـرية. فوضى إرادة النفوذ. لكن بوصف أعمق فوضى الانشطار و التـشضي و هي بعيدة كل البعد عن مبدأ الحرية. بل هي فوضى الارتعاب من الحرية و هو الرعب الكامن عند جميع العرب ذاك انهم لا يفـقهون معنى الحرية. فالحرية لازالت تـنحصر في حريتي تجاه الآخر و ليس حريتـنا جميعا. الفارق بين المفهومين شاسع. فالأول يفـضي إلى التعاون على الإثم و العدوان و الثاني يفتح على مفهوم التعاون على البر و التـقوى. انها المسافة بين التـقاتـل و التـناحر و تعبـيرات النفي و الإقصاء و احتـقار الآخر، و بين مفاهيم التحاور و الإصغاء و احترام الآخر في وجوده.
مسلكين متناقـضين. دولة الإرهاب و الإرهاب و دولة الحرية و الأحرار. أما ان تكون هذه أو تلك و لا يمكن أبدا خلط ما لا يختـلط. هنا يكون كاتب الجريدة الموقرة في تونس على نـفـس خط الإرهاب الذي يدعي انه أتى بحل له ناسيا انه ينـطـلق من نفس أرضيته و هي الإرهاب و لكن في صف الدولة. من هنا كذلك الهجوم على السيدة الحقـوقية المحترمة "راضية النصراوي" لانها دعت الى عـدم إقرار التعـذيب للإرهابـيـين. فالإرهابي قبل ان يكـون كذلك هو في نهاية الأمر نتاج الوضعية الاجتماعية و السياسية الفكرية التي أنتجته. هذا الوضعية ثبتها الجميع و اهمها الدكتاتورية السابقـة و المناخ الـفكري المتأزم القائم على إقصاء الآخر، و منها الى اليوم عـدم القـدرة على تمثل مفهوم الحرية بما هي تعـددية و اختلاف و قبول مبدئي بذلك و حصر الصراع في الحوار و ليس في الإقصاء. الحوار القائم على البحث عن التـفاهم.
هناك ضيق أفـق و شلل في التـفكير و ادعاء بالإيمان بـينما الحـقيقة ان العالم العربي هو أزمة عميقة في الإيمان و الاعتـقـاد لأنه لا يفكر. هذه الأزمة تـتـأسس على أزمة الوجود التـفـقيري و التهميشي للفرد و المجتمع الذي يعي بالاستغلال له و لكنه يحس بالعجز عن التغيـير. الألوان تـتابع هنا. الثورة، الاحتجاجات و الإضرابات و منظومة مهترئة على جميع المستويات التربوية و الثـقافية و لازال خطيب الجمعة مزهوا بابي صخر و بلال الحبشي و الأسياد و قال فلان عن فلان برداءة في المخيال و التـفكير بل تعطيل للتـفكير.
و الكيان الضائع هنا هو العمل و العمل بجدية و شرف و اقـتـدار. و الذين يتـزلفون باسلامهم لا يقـفون عند الرسول فيما أوصى بالإتـقـان في العمل و ان الله قـد دعا في قرآنه الى العمل.. و بدل التـفكير في تعـذيب الإرهابيـين كان من الأجدى التـفكير في سجـنهم للعمل بالسخرة، فالعمل المضني و الشاق من شانه ان يضيء المناطق الخيرة في النـفس، لان الراحة بعـد العمل الشاق تجعل الإنسان يحس بربه بصدق و يحمده بصدق، و لان رؤية الشيء المنجز على يديه يؤصل علاقة جديدة له مع العالم قائمة على الوثوق في الذات و امكاناتها التي كانت مجهولة و حينها يحب ذاته فيحب الحياة و ينكر ترانيم الموت الاسلاموية. و ان السجون العربية عوض ان تكون مدرسة للإجرام بوضعها الحالي لو تـتحول الى معتـقـلات عمل و تـثـقيف عصري فإنها تـتحول الى المهمة الإصلاحية. ساعتها لن تـفـرخ المجرمين و الإرهاب. و من جهة أخرى فان البلاد تحتاج إلى المشاريع الكبرى التي تـقوم بها الدولة. فالمعتـقلات التي تسخر عمل المساجـين من شانها تـشجـير الصحاري و مد خطوط سكة الحديد و إنشاء الطرقات و تأهيل المناطق المختـلفة للصناعة و الإنتاج.
و هنا تقوم عملية التحول نحو البناء و التنمية و بالتالي صناعة الثروة من هنا و هناك و بالتالي حرب ضد الهزال و الفقر الروحي و المادي و ما من هدف اخر هو الحل..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد متواصل على الحدود اللبنانية| #غرفة


.. تقارير: إسرائيل استهدفت قادة كبار في أعلى هرم الهيكل التنظيم




.. جهود التهدئة.. نتنياهو يبلغ بايدن بقرار إرسال وفد لمواصلة ال


.. سلطات الاحتلال تخلي منازل مستوطنين في القدس بعد اندلاع حريق




.. شهداء بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة