الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المشاغب - حالات وتجليات استاذ المونتاج احمد متولى

سيد سعيد

2015 / 4 / 3
سيرة ذاتية


حسنا ، لدينا صبى سكندرى مات والده وخو فى السادسه ، ولكن حوائط البيته لم تنهار فقد كان هناك الخال الذى حل محل الاب
" ورأى نفسه صبيا فى العاشره يأخذه احد اقاربه ليعمل معه فى الميناء ، وكان الرجل يعمل مستخلصا فى الجمارك ، وفى نهايه وجد نفسه يحصل على اول اجر له من عرق جبينه "
وقام ودخل المطبخ وغسل الاكواب ، ووضع ابريق الشاى على النار ، ثم عاد وهو يحمل صينيه فوقها كميه من اليوسفى والموز ووضعها على المنضده ، وكانت تلك النظره الغامضه لاتزال عالقه بوجهه ، جلس واخرج منديلا من الورق ومسح نظارته الطبيه
" فى هذه المهنه اكتسبت خبرات ، ورأيت الاعيب وطرقا ملتويه ، ورايت رجال شرفاء ورجالا سفله ونصابين ، تعلمت ان اقرأ وجوه الناس ، واعرف فيم يفكرون ، واكتسبت ثقه بنفسى واقرر بنفسى مالذى ينبغى ان افعله ، وكيف اواجه المشكلات "
ودخلت المقهى لأول مره فى حياتى ، وصفقت بكفى كما يفعل الرجال ، صقفه اردت لها ان تكون مسموعه بما يكفى ليأتى الجرسون ، وطلبت بكل ثقه واحد
شاى تقيل ، فقد كنت مطمئنا ان فى جيبى شلنا كامل الاستداره
عرفت بعد ذلك رواد المقهى وعرفونى ، وبدأت اسمع احاديثهم وانصت الى همومهم واتعاطف مع حنينهم الى قراهم البعيده التى تركوا فيها الاهل والصحاب من اجل لقمه العيش ، وعرفت متعه الامساك بكوب الشاى الساخن فى يدى فى برد الشتاء
كانت هذه بدايه خروجى بعيدا عن البيت والمدرسه والحى ، هل تعرف ان الانسان عندما يخرج من البيت فهو يخرج من طفولته ويتخلى عن الامان والدفء والارتباط العضوى بيان يعرفه ويخرج للحياه وفيها المتاح والمرغوب ، والممنوع الممتع وتصبح انت والاخرين وجها لوجه وتفقد شرنقه خصوصيتك وتصبح منظورا اليه باعتبارك هو تنظر اليهم باعتبارهم هم، انهم موضوعات وافعال وحكايات ، وما أنت الا كلمه فى جمله محكوم بقوه خارجيه خارقه ، وما عليك الا ان ....ز
وقام منتفضا " يانهار اسود ، الشاى على النار بقى له ساعتين ، وجرى الى الى المطبخ ، وكانت رائحه احتراق ابريق الشاى تملأ المكان تصاحبها صوت طقطقات انصهار المعدن ، اطفأ البوتاجاز وفتح نافذه المطبخ ليتسرب كل ذلك الى الخارج
قال : دى المره المليون تحصل معايا
وكنت متأكدا من ذلك

وكان صباحا جديدا بالنسبه لى ، كان للضوء زهوه فى شتاء فبراير، ايقظنى صوته وهو يعنف حارس البيت لأنه لم يهتم باطعام الكلب ، قمت وفتحت النافذه والتى من خلالها يمكن رؤيه مشروع استوديو الاسكندريه الذى يقوم احمد متولى بتأسيسه شراكه مع المخرج كريم جمال الدين
هبطت الدرج الى حديقه البيت ، كان متولى يروى الزرع ، وكلبه يحوم حوالليه ، وتسربت الى انفى رائحه اشجار اليوسفى والبرتقال والموز والليمون ،مختلطه برائحه البحر ، وعندما رآنى قال الفطار جاهز ، خلال الافطار تذكرت ذلك الييوومها منذ اكثر من عشر سنوات ، ليشترى قطعه الارض هذه من البدو ، يومها قلت لنفسى هذا الشخص مجنون ، ارض جرداء قاحله وموحشه تنمو فيها حشائش العلكه والحلفا وتسعى فيها الافاعى ، الان ارى امامى احواض النباتات التى تحيط بالمبنى والتى تتجه باوراقها الخضراء صوب الشمس وتتلهف للاحتفال بالكمال ، انها تعطى نكهه للمكان وتجعله يضج بالحياه ، الان بدأت الخضره اليافعه تتماوج مع الرياح السكندريه وتغزو الفراغات الداكنه بالالوان
اشار بيده قال هنا ستكون البلاتوهات ، واحد على اليمين وآخر على اليسار ، وفى الدور الاول ، وهنا ، واشار الى موقع قريب ، ساقيم معهد للسينما ، قلت ولماذا معهد للسينما ولدينا فى القاهره واحد من اعرق معاهد السينما فى الشرق الاوسط، قال " بلد فى حجم مصر لايكقيها معهد واحد لتغطيه واحتواءالراغبين فى تعلم السينما ، كما ان له شروط مقيده مرتبطه بنظام التعليم الجامعى لذلك فهو يقبل اعداد محدوده جدا
كان يتحدث بنبره من الفوران العاطفى ، فاراه شخصا مختلفا ، شخص اكثر مرحا واكثر حيويه ، يصنع من الخضره لغه تتجدى البوار

سالته ونحن نتجول داخا مشروع استوديو اسكندريه ، هل تعتقد انك تخوض معركه يائسه ؟ ، قال تعال وشاهد بنفسك قبل ان تتحدث عن اليأس ، كان احد عمال البناء معلقا فوق سقاله ، وقوم بعمله وهو يرقص ، وبجواره جهاز كاسيت كبير مربوطه اجزاؤه بعضها البعض بشرائط سلوتيب ، ويبدو انه تم تجميعه من عده اجهزه ، والغريب ان صوته كان واضحا ومجلجلا بصوت احدى مطربات الفيديو كليب
وصاح متولى فى العامل مازحا ، ايه ياد اللى انت بتسمعه ده ؟ وتوقف العامل وقال بنبره اندهاش : ايه يابيه ؟ انت ماتعرفهاش ، دى نانسى الننوسه ، وقال احمد : لايسيدى ماأعرفهاش ، وصاح العامل محتجا .. لا يابيه شفها بقى وانت هاتغير رايك ، دى لهطه قشطه ، وقال متولى ، اصل دقه قديمه انا بتاع ام كلثوم ، وقال العامل : طيب خليك انت مع ام كلثوم ، وخلينا احنا مع لهطه القشطه
وذهبنا الى الجانب الاخر من البناء عبر ممرات طويله مسقفه بقباب على طريقه " الفولت " ، قال ان هذا المكان قد تحدث فيه اشياء لاتخطر لك على بال ، انا استطيع ان ارى الكاميرا تمرح بداخله كطائر افلت من قفصه ، ليكتب حرا صورا للسينما ويتصيد فراشات الجمال
"استطيع ان ارسمه فوق كفى مزدانا باضواء النجوم ، سوف انجح فى ان اجعله يملأ فراغ الروح ويلتقط الصدى من تاريخ استوديو مصر ، فى صباح قريب سارى الخضره حولى واستطيع ان امد يدى لألتقط ازهارا لاتنبت فى اى مكان
توقف فجأه وسألنى
هل تعتقد ان عبد الناصر كان يتحدث عن بحيره ، ويوهمنا انه يتحدث عن بحر ؟

صديقى الغالى احمد متولى
لقد عشنا حكايات كثيره ، وخضنا معارك صغيره وكبيره ، وعملنا معا ونحن على وفاق ، ونحن على خلاف ، ، ولكن ماتبقى لنا الآن هو قدرتنا على تجاوز كل شئ ، والتمسك بكل مابقى لنا من قوه الاصرار لمواصله معركه الحياه مابقيت فينا روح
... من اجلك ومن اجل الاصدقاء المعدودين الشغوفين بالانصات لحكايتك - حكايتنا ، سوف اواصل بعضا منها وهى نقاط من بحر ، لعل دعواتهم لك بالشفاء تكون مستجابه ولعل ذلك يخفف ماتعانيه من الم ........ سيد سعيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا


.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا




.. الاحتلال الإسرائيلي يقصف المدنيين شرقي وغربي مدينة رفح


.. كيف تناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية عرض بايدن لمقترح وقف حر




.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا