الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الجزء 8 مداخلة في أسئلة الليبرالية

خليل صارم

2005 / 9 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


مداخلة في أسئلة الليبرالية. الجزء (8) تاريخ العلمانية
للاستاذ كما اللبواني المنشورة بالعدد1303
بداية أقول : أن معالجتكم منطقية للموضوع ( أسئلة الليبرالية ) منذ أول حلقة ولاتعارض في مفاهيمها على الاطلاق ولكن التساؤلات التي أدرجتها في الصفحة الأخيرة مثيرة للجدل. ففي تساؤلكم : ماهو الشكل الذي يجعلنا أحرار دون أن تكون تلك الحرية تمرداً على الإيمان والدين وعصياناً لله ؟ هذا التساؤل . كان من المفترض أن يتبعه فوراً تساؤل آخر وهو : من هو الذي يحدد ماهية هذا التمرد على الدين والإيمان والعصيان لله ؟ وحتى لايتصدر المجالس أولئك الذين صادروا الدين والإيمان وفصلوه على مقاساتهم واستولوا على صلاحيات الله تعالى ثم جلسوا يحددون من هو العاصي ( الكافر ) ومن هو ( المؤمن) الخاضع لآرائهم وافتاءاتهم المنحرفة .
- من هنا كان يجب النظر الى الدين والإيمان نظرة علمية صحيحة حسب ماهو حقيقة , على أنه مجموعة من القواعد الأخلاقية الاجتماعية الدقيقة وعلى اعتبار أنها منسجمة مع الطبيعة والكون بحيث أن الإخلال بأية قاعدة ستنعكس سلباً سواء ماكان منها متعلقاً بالمجتمع أم بالطبيعة , فالالتزام الأخلاقي يؤدي الى رفع مستوى اللحمة الاجتماعية ويرفع من مستوى العلاقة الانسانية بين البشر على اختلاف مشاربهم , ولو عدنا للوصايا العشر في التوراة والإنجيل والحكمة في القرآن الكريم , لتأكد لنا ذلك فممارسات متدنية مثل ( الكذب والنفاق والقتل والظلم وأكل مال الأيتام والزنا ) ..الخ هي قيم ساقطة تؤدي الى خلخلة المجتمعات وتخلفها وسقوطها , من جانب آخر فإن هذه القواعد الأخلاقية قابلة للتطور في مفاهيمها من حيث اضافة معايير متفرعة عنها وذلك وفق تطور الفكر المعرفي والاقتصادي لهذه المجتمعات
- من هنا تقاس العلاقة بين انتشار هذه القيم وبين التخلف ويأتي الكذب والظلم على رأس هذه القيم الساقطة فالكذب يبيح كافة أشكال السقوط والابتعاد عن القيم الانسانية والظلم يؤسس لهذه القيم ويرسخ مفاهيمها المنحرفة داخل الجماعات .
نعود للتساؤل : من هو الذي يحدد ماهية التمرد هذه : وهذا مايجب أن يوضع له الحل النهائي بحيث لايبقى هناك صراع حوله ولا يبقى عامل تشجيع للاستغلال من قبل غالبية رجال الدين وأشباههم .
وأعتقد أن القوانين الوضعية تتضمن كل ذلك لأنها يجب أن تكون متحركة تصاعدياً( إذا اتفقنا على أن الدين هو مجموعة قواعد ..) الخ . الى جانب توافر الرادع الأخلاقي الذاتي (الضمير ) الناجم عن فهم الدين والتدين بالشكل السليم والمنطقي وأعتقد أن المنطق ليس بحاجة للدلالة كونه يصل منسجماً تماماً مع العقل والوعي . وبذلك تكون الحرية دافعاً كبيراً للالتزام الأخلاقي كون القسر والإلزام قد وفر مخالفات سرية لكل قواعد الأخلاق كما وفر احتيالاً وتحايلاً على التطبيقات من خلال هذا الكم الهائل من التبريرات والمبررات وهذه الأطنان من كتب الجهل والتخلف والخرافة . واعتقد أن الأمر لم يعد يحتمل العبارات والمجاملات الديبلوماسية والتخفي بين الفواصل والنقط .
اذ أنه بات من الواجب التوجه مباشرة للصدام مع عوامل وركائز التخلف انقاذاً للوجه السليم للدين وبالتالي وضع التطور الحضاري بوجهه الأخلاقي على سكته الصحيحة
( الصراط المستقيم ) .
- من هنا يمكننا القول أن تطور العقل واتساع آفاقه المعرفية سيؤثر بالتأكيد على تطور كافة مفاهيمنا للدين لأنه سيؤثر قبل كل شيء على ماادخل عليها من مفاهيم تعود في غالبيتها الى الخرافة التي أنتجت في عصور سابقة وماتزال تفرز صديدا ً بقصد التطابق مع الحلول التي فرضت لتبرير مخالفة المنظومة الأخلاقية للدين والفهم المنطقي له من قبل السلطات الشمولية المتعاقبة عبر التاريخ وصولاً الى العصر الحالي وعلى يد رجال الدين وفقهاء السلطة , لأننا ورغم تطور المفاهيم في العصر الحالي نصطدم بمن مازال يحشر الخرافة في مفاهيم الدين حفاظاً على الموروث الذي أصبح كله مقدساً خلافاً لطبيعة الأشياء ولسنة التطور الأمر الذي عطل تماماً تطور العقل لدى شرائح واسعة من هذه المجتمعات المعتدى على إنسانيتها
- إن ماكان ينظر اليه برهبة في حقبة سابقة أصبح أمراً أكثر من عادياً بسبب المكتشفات العلمية المتلاحقة بحيث بدأ المجهول يتبدد شيئاً فشيئاً وسوف يستمر هذا التبدد ( التلاشي ) لغاية الوقوف عند نقطة وحيدة وهي ماهية القدرة التي تنظم هذا الكون وحركته بهذه الدقة المتناهية وعلاقة الكائنات الحية وعلى رأسها الانسان
( المُكتَشِف) بكل ذلك وأعتقد أن الديانات وآخرها الإسلام قد أطلقت المحرك لهذا البحث والاكتشاف إذا قرأناها بالشكل الصحيح . من هنا أعتقد أن تطور العقل يميل الى الجانب الايجابي في فهمنا للدين وتطور هذا الفهم يعيد الدين الى قواعده العلمية المنطقية العقلانية مسقطاً إضافات الخرافة والتصور القاصر والذي أعتقد أنه زُرع بشكل مقصود فيه . اذاً لاضير في ذلك .من هنا كانت الشراسة في مهاجمة الوعي المجتمعي من قبل غالبية رجال الدين واستماتتهم في تعطيل العقل بدءا ً من ( من تمنطق تزندق )
مايتعلق بالنص وصلاحيته .. فأي نص نريد ( إذا كان نص الكتاب ) فالإجابة ممكنة وبسيطة و ( نعم ) . أما مازُعم أنه نص ( الأحاديث والمرويات ) المشكوك بها فهذه يجب أن تنحى جانبا ً إلا ماتطابق منها مع النص ( الكتاب ).
فالنص ( الكتاب ) قيل بصلاحيته لكل زمان ومكان ذلك أنه قد جاء سابقاً عصره بمسافات زمنية أو بالأصح (سابق لوعي المجتمع آنذاك ) ونحن ندخلها الآن من الوجهة العلمية والمعرفية التي أصبحنا فيها قادرين على التحليل والفرز وكان يجب أن ندخلها منذ حوالي أربعة عشر قرنا ً هي مرحلة ظهور الامبراطورية العربية التي عطلت الوعي وحرفته عن وجهته السليمة والمنطقية , إلا أن ذلك يتطلب استبعاد أي دور لنموذج رجال الدين الذين اعتدنا معرفتهم والمتسلحين بكتب موروث وثقافة السلطة وفقهائها المتخلف والمتعارض مع منطق الأمور وسنن التطور وليس هناك مايمنع من إنتاج رجال دين متسلحين بالمعرفة المتنوعة والعلم وفلسفته لكي يحسنوا التعامل مع النص وإعادة صياغة مفاهيم الشرائح الاجتماعية الأوسع بعيداً عن المفهوم السابق المتخلف بكافة المقاييس ان ذلك سوف يعني بالتأكيد أن تطور العقل لدينا جعلنا نفهم النص بالشكل الصحيح والمطلوب , من هنا جاءت صفة الصلاحية المستمرة له . وان ثبات الظروف والنص والعقل هو أمر مخالف للطبيعة ومخالف للمفهوم الديني السليم وللعلم وللعقل وللنص نفسه كما ان تثبيته كان من قبيل القصد العدائي للتطور ولم ينبع من قصور في المفاهيم في حينه وقد ظهر ذلك منذ لحظة اعتقال الحرية ومسخها والتي قدسها النص .
- وعليه فان تغيير عقلية فهم الدين تصبح ضرورة وواجب إنساني حتى لانتلاشى حضارياً ونلقى شعوباً ومجتمعات على مزابل التاريخ بعد أن نكون قضينا على آخر فرص العودة الانسانية لمفاهيم الحرية التي تحقق المصالحة بين الموروث الأخلاقي السليم وواقع الحضارة ومتطلباتها واستحقاقاتها التي تلزمنا بفهم كل شيء على حقيقته مستبعدين كافة آثار الخرافة والتحايل على الحقائق لمصلحة كل السلطات الظالمة عبر تاريخنا الذي أراه في جانبه الأكبر غير مشرف ويدعو للخجل في مواجهة إنسانيتنا واحترامنا لذاتنا والدليل على ذلك النتائج التي وصلت اليها هذه المجتمعات من اذلال وتخلف وبعد عن الحضارة وأخلاقياتها التي تتسم بالصدق مع الذات على الأقل والسبب الذي أوصل الى هذه النتائج هناك في عمق هذا التاريخ .











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصر: وزيران جديدان للدفاع والخارجية في تغييرات الحكومة


.. والدة ضابط إسرائيلي قُتل في غزة تستلم جثمان ابنها




.. الناخبون الإيرانيون يبدأون التصويت في الجولة الثانية من الان


.. مسؤول بالجيش الإسرائيلي: قيادة الجيش مستعدة لقبول أي صفقة مع




.. ما هو فيلق أفريقيا الذى يرث مجموعة فاغنر الروسية؟