الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هنا شارع السعدون

عماد حياوي المبارك
(Emad Hayawi)

2015 / 4 / 5
كتابات ساخرة


هنا شارع السعدون


كانت مجلة (الموعد) الفنية اللبنانية مطلع السبعينات تجذبنا بمواضيعها الجميلة خفيفة الظل، حيث تعرض لنا كل ما يتعلق بحياة وفن النجوم العرب، أخبارهم ونشاطاتهم وما يحيط بهم، هذه المجلة* أسسها (محمد سعيد سربيه) في العام 1953.

تحت عنوان (هنا شارع الحمرا) يتطرق محرر العمود لكل ماله علاقة بهذا الشارع المثير وسط بيروت من حيث الموضة والتسوق وحركة الناس بالنقد الساخر.

http://www.yabeyrouth.com/pages/index21.htm
شارع (كرم الحمرا) ببيروت

وكنا حين نقرأ عن شارع الحمرا، تتبادر بمخيلتنا أغنية كنا نرددها مع الصبوحة الحلوة أو (الشحرورة) كما كان يحلو للمجلة تسميتها، حيث كانت (الموعد) السبّاقة بإطلاق الألقاب على الفنانين الكبار، فنغني...

غلطان بالنمرة ، غلطان بالنمرة
انا مش بيضة ولا سمرة
انا حنطية وعندي أولاد
وعندي جوز بيسوة بلاد
و بيتي... بشارع الحمرا
http://www.youtube.com/watch?v=4oP8HL0FthE

وصادف في أحد أعداد الموعد أن أدهشنا تغيير أسم العمود إلى (هنا شارع... السعدون) وقد جاء ذلك لِما كان من صدى، لمقاهيه وسينماته ومطاعمه... وأتيكيته !

لكن لم يرق ذلك لحفنة الحكام (الثوريين) على رأس السلطة بالعراق، ففي مطلع السبعينات ابتكروا ما يسمى بشرطة الآداب، فقاموا بالتدخل في الحريات الشخصية بشكل سافر ومارسوا ترهيب الشابات والشبان، مثل صبغ أرجل البنات بالبوية إذا لبسنَ القصير أو حلاقة شعر الشباب نمرة صفر لو أطلقوه قليلاً، وكأن العمل على تَطويل القصير وتَقصير الطويل، سيُزيل العائق أمامهم (لتحرير) فلسطين !
وطبعاً لعدم وضوح واجباتهم، أجتهد رجال شرطة الآداب في ممارسة (صلاحياتهم) فكانت تصرفاتهم تضايق كلا الجنسين !
× × ×

كنتُ وصديق لي، مراهقان بريئان ينطلقان في فضاء، قد خرجنا لتونا من آخر دور في سينما (بابل)، نسير وسط زُحام العوائل، كان فلم عربي ناجح ـ يعالج عُقدة الرجل الشرقي فيما لو تفوقت عليه الزوجة في مجال العمل ـ بعنوان (صباح الخير يا زوجتي العزيزة) لثنائي الشاشة العربية نيللي وصلاح ذو الفقار.
http://www.youtube.com/watch?v=UpGuH4Qeigk

ارتأينا الابتعاد قليلا عن الزحام كي ننجح بالحصول على سيارة أجرة تعود بنا، فاتجهنا صوب شارع أبو نؤاس، هناك وفي مبنى تُراثي يقع على رُكن بمكان الميريديان الحالي تماماً، كانت مديرية شرطة الآداب.
أعجبني المبنى فقلت لصاحبي... كم جميل هذا البيت، ألم يكن أفضل بدلاً من أن يكون هكذا مبنى مركزاً للشرطة، أن يتحول لمتحفاً للتراث أو معرضاً الفنون التشكيلية أو حتى أستوديو للتصوير السينمائي...
دنَونا منه لمشاهدته عن قرب، لكن منعنا الحارس بحركة سخيفة من سلاحه وكأنه يتبارز مع عدو، بينما كانت عيناه تترقب وتحسب حركة المارّة بحرص شديد. كان يبدو عليه أنه يبحث عمّا يشغله في ليلته المملة، فهمس صاحبي كرد فعل مُشيراً إليه...
ـ يقولون شرطة الآداب هم اللي يتحارشون بالبنات.

من سوء حظنا أن سَمَعنا زميلاً له كان (يقضي حاجة) خلف شجرة في الجزرة الوسطية للشارع، فوجدها فرصته أن يستعرض (إمكانياته) بصاحبي المسكين الذي فشل في الفرار قبل أن ينقض عليه كمن يمسك طريدة، وسحبه أمام خلق الله من ياقته وسط تعليقات المارة الساخرة.
وطبعاً لم يشفع لنا ـ كما متوقع ـ شيء أبداً، كالاعتذار أو (الترغيب) سيّما حين شكانا لمسئوله مفوض الشرطة الذي بدا عليه أنه (قافل) أكثر.

أبقوني في الخارج وصاحبي (جوّة) بانتظارتقديمه للضابط الخفر بعد أن هاتف والده، فوجدتُ أريكة وجلستُ عليها بانتظار... الفرج بينما وجدتها فرصة أن أشبع فضولي وأمعّن النظر بهذا المبنى الجميل .
فصاح بي الحارس الذي لازال يحس بإهانة كبرياؤه من فعلة صديقي
ـ قوم أنت من هنا... يلّة روح بعيد.
ثم هجم علي (لافتراسي) لولا أن وقت منتصف الليل قد أنقذني، حيث جاء زميله لتبديل الواجب، فأستلم البندقية منه وسأله...
ـ كم طلقة عدك بالسلاح ؟
أجابهُ بغيظ: أستلم أبو الشباب بدون تعليق، هيّ بندقيتك تشتغل !
× × ×

قبل أن يهمُ والد صاحبي بالدخول، أنتفض ونزل رزالة وغلط ومسبّة عليّ من دون أن يعطي مجال أن يفهم الأمر، وفي غرفة شبه مظلمة دخلنا معاً على الضابط الخفر الذي كان قد صحا لتوه من النوم، وبينما كان يبحث عن ورقة وبيده قلم، صاح بصاحبي...
ـ شسويت أعترف، ليش أعراض الناس لعب ؟
ثم إلتفت على الأب: وأنت يا محترم مَ تعرف تربي وتأدب أبنك، لو بنتك متعرضة للتحرش كان تسكت ؟
الوالد: سيدي عاقبه أقصى ما تقدر، هذا لا أبني ولا أعرفه.
الضابط للمفوض وقد مسك بورقة: أين المشتكي ليدخل.
حضر الشرطي: آني سيدي.
الضابط: المشتكي شرطي... ليش؟
ـ تحارش بيّ سيدي !
ـ بك؟؟
أكملَ الشرطي: أي والله سيدي وآني بالواجب.
ألتفت الضابط على صاحبي من جديد: أنت سافل منحط شاذ، كيف تسمح لنفسك...؟
وأكمل الحديث الساخن مع رجاله: وأنتم أفندية متعرفون كيف تحمون نفسكم لمّا جاء إليكم؟
ـ هو لم يأتِنا سيدي، نحن رحنا عليه !

ثار الضابط عليهم ووبخهم وأتهمهم بالـ (تميّع)، فمن وجهة نظره ما كان هناك أي داعٍ لقضية بعدم وجود بنت معتدى عليها تقدم شكوى وتوقع على أوراق محضر، فقد كان ممكن توبيخ الصبي أو حتى ضربه وينتهي الأمر.
قطـّع الضابط الأوراق ونثرها بالأرض، وطرد الجميع ليعود لمنامه، خرجنا بسرعة وسط دهشة أبوه...
× × ×

وصلـّني الأب بسيارته لباب الدار بعد أن أعتذر لسوء أسلوبه معي بعد أن سمح الوقت بشرح الموقف السخيف الذي وُضعنا به.
... دخلتُ البيت كي أنام وأنا لا أطِق نفسي، فوجدت أمي بالانتظار وهي قلقة جداً...
أول سؤال: ها يُمّة... أتعشيتْ فدوة أروحلك؟
هززتُ راسي معلناً... نعم
ثاني سؤال: بشارع السعدون لو بأبو نؤاس ؟
ـ هناك
ـ شأكلتوا؟ شو أتأخرتوا؟ تونستوا بالفلم يمّة؟ شنو إسمه؟ كان خوش فلم؟

أجبتُ بغير مبالاة: فلم... يخبـّل.
ـ عربي لو أجنبي؟
قلت بإختصار: فلم عراقي.
قاطعتني بإرتياح: يقولون مستوردة الإذاعة ستوديو جديد، مو؟
ـ . . . !!
هي: ها يُمّة... ليش مَ تجاوبني؟
ـ أي ستوديو عراقي.
ـ يعني كلامي صحيح، وين ناصبيه؟
ـ كلامج صحيح وعلى الراس، وناصبيه... بأبو نؤاس !


عماد حياوي المبارك


× مجلة الموعد الفنية اللبنانية ـ منقول بتصرف...
في عام 1953 أصدر دار البديع ببيروت العدد الأول من مجلة "الموعد" واعتبرت رائدة في الصحافة الفنية، وقد كانت في بدايتها نصف شهرية ما لبثت أن تحوّلت إلى أسبوعية بناء على طلب من كوكب الشرق أم كلثوم.

ولقد استطاع مؤسسها (محمد بديع سربيه) على مدى أربعين عاماً وحتى رحيله في 1994 متابعة إصدار "الموعد" بشكل دائم ومنتظم رغم العديد من المصاعب التي اعترضت مسيرة "دار البديع" خلال سنوات الحرب اللبنانية إذ تعرّضت مطابعها ومكاتبها للدمار والحريق أكثر من مرة.

واستطاعت "الموعد" خلال مشوارها الصحفي الطويل أن تحقّق انتشاراً واسعاً ومكانة حب لدى قلوب الملايين من الجماهير في مختلف العواصم العربية وذلك بسبب العديد من الانتصارات الصحفية المتميّزة التي حقّقها محمد بديع سربيه والتزامه بنهج الخبر الصادق والكلمة التي تنقد دون أن تدمّر.

وكان مؤسسها يؤمن دائماً أنّ الصحافة الفنية وسيلة تحمل للجماهير الترفيه البريء الذي يشحن نفوسها بالتفاؤل. ولقد تبنّت "الموعد" منذ انطلاقتها المواهب العربية الشابة وأطلقت مجموعة من النجوم المعروفين الآن في العالم العربي، والتزمت بمبادئ محمد بديع سربيه بمواكبة الحركة الفنية الثقافية العربية بالصدق والموضوعية ونظافة الكلمة.

يعتبر السيد سربيه أول من أطلق ألقاباً على أهم الوجوه الفنية العربية، فهو من أطلق لقب (العندليب الأسمر) على عبد الحليم حافظ و(السندريلا) على سعاد حسني و(سيدة الشاشة العربية) على فاتن حمامة و(موسيقار الأجيال) على محمد عبد الوهاب، وهكذا حل اللقب مكان أسم الفنان وألتصق به، لأن الجمهور أحب هذا الألقاب وتمسك بها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية


.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي




.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب


.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?




.. قصة غريبة عن أغنية أنساك لأم كلثوم.. لحنها محمد فوزي ولا بلي