الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفاشوش في دستور قراقوش

كامل السعدون

2005 / 9 / 24
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



- 1-
من أكثر الشخصيات إمتاعا في التاريخ الإسلامي ، شخصية قراقوش ، الغلام الرومي الذي خدم صلاح الدين الأيوبي ، وصار نائبا للعزيز حاكم مصر إبان فترة غيابه .
لا نشك في أن الرجل قد ظلم كما ظلم غيره في تلك العصور الحافلة بالفتن والصراعات ، وكان المفتري عليه هو الأسعد مماتي ناظر الديوان في عهد صلاح الدين ، الذي كتب هذا الكتاب المسمى (الفاشوش في أحكام قراقوش ) .
ومهما يكن السبب وراء هذا الإفتراء ، فإن الكتاب طريف للغاية ومنه نستمد هذا الحكم التراجيدي المضحك : يقال أن رجلين تنازعا على ملكية دار ، أحدهما شيخ والآخر لما يزل فتيا ( مثل وزراء الصدر وقياداته العبقرية الفتية في المعارضة والبرلمان بذات الآن ) ، ولم يكن الفتى يملك أوراقا ثبوتية أو ربما أضاعها ولكنه قطعا يملك شهودا ، المهم جاء الرجلين لقراقوش وكل يقسم أن البيت بيته ، فحكم الرجل بسرعة :
- حيث أنك لا تملك كتابا يثبت ملكية الدار لك ، فإنها لا بد أن تكون للشيخ الكبير فهو أكبر منك ومتى صرت في عمره أعاد لك الدار ثانية .
-2-
تنص المادة 39 : من دستور الطوائف على أن ( العراقيون ( أحرار !! ) في الإلتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم أو إختياراتهم وينظم ذلك بقانون ) .
لا أعرف أي إختيارات أخرى ترك لنا الطيبون من عباد الماضي وعشاق السلطة الرجولية على نعاج الله البائسات ، نساء العراق . ماذا تركوا لنا من إختيار وقد حكموا علينا بحرية مفجعة في أن نتبع أهواء الشيوخ والكبار والمعممون ، وأظن نساءنا وبناتنا غدا سيُلزمن بأحكام الكبار حتى يغدون رجالا أو يبلغن من العمر عتيا .
سيهتف أكثر من هاتف قائلا بالمرأة : يا امرأة صحيح أنك حرة بأختيار احوالك الشخصية ، لكن هل أنتِ رجل لتنافسي الرجال ، أو كبيرة بسن أباك لتقولي له أريد هذا ولا اريد ذاك .
ثم ، أنتِ شيعية فهل تريدي أن تذلي عشيرتك وقومك وأشياخنا المقدسين ، وتتزوجين على مذهب الحكومة المسمى قانون الأحوال الشخصية ، لا هذا عارٌ ما بعده عار و... ( الموت أولى من ركوب العار ) .
وإن كانت سنية أو مسيحية فأظن أن الموقف ذاته يتكرر ، فالأب سلطة مطلقة في البيت ، وخلف الأب يقف الإمام أو الكاهن أو الأب الكنسي أو الفقيه الحنبلي .
وهم أحرار ، الوحيدون الأحرار بيننا هم الشيوخ والفقهاء الذين ينضح الفقه العادل من أردان جلابيبهم وأذيال عباءاتهم وأطراف عماماتهم الهاشمية السوداء .
الوحيدون الأحرار في دولة قراقوش التي حررها الأمريكان من صدام وأسلموها للزرقاوي ورجالات إيران المتسلطون على رقابنا والكاتبون لدستورنا ، اسلموها بالمجان أو ربما بثمن لاحق أكبر سندفعه نحن العراقيين للمحررين الأمريكان ) .
أي حرية تركتم لنا وقد أغلقتم الباب أمام الخيار العقلاني العلماني الوحيد الذي يمكن أن يرحم كل العراقيين ويحمي المرأة والطفل من قوانين العشائر والقبائل والطوائف ، إلا وهو قانون الأحوال الشخصية الذي يوحد كل العراقيين ويحمي كل العراقيين من الإنتهاك من قبل الأب والأسرة والقبيلة ورجل الدين . كأنكم بهذا تقولون أن كل العراقيين أحرار في أن يرفعوا على بيوتهم ومراكز شرطتهم ونقاطهم الحدودية أي علم لأي دولة يريدون ... !
لا أدري من هي هذه العراقية أو هذا العراقي القادر على أن يحمي نفسه في بيته أو في الشارع إذا رفعت الدولة مظلة حمايتها عنه ؟ من يحمي الضعيف من قانون قرقوش القائل ( كل واحد ويده له ) ؟
من يحمي المرأة والطفل يا ترى إذا سحبت الدولة يدها وقالت ، الناس أحرار في أن يحموا أنفسهم ؟
في دول العالم المتحضر ، يمثل القانون والبرلمان راي الأغلبية من أهل البلد ، وتقوم السلطة التنفيذية بحماية المظلوم من نفسه ومن أهله ومن الشارع عبر قوانين ملزمة تمنع ضرب المرأة أو الطفل أو المعتوه ، ومن يتعرض للظلم تقوم الدولة بحمايته وتوفير المعيشة له ومحاولة رأب الصدع بينه وبين أهله ومجتمعه ، أما أنتم فتريدون أن تتركوا الضعفاء نهبا لسوط العشيرة ورجل الدين والأب الفاسق السكير تحت ذريعة الحرية المزعومة .
أنتم تنحطون بالمجتمع وقيم المجتمع ووحدة المجتمع إلى مستوى الغابة وقوانين الغابة ، وإذا مرر هذا الدستور بمثل هذه المادة فإن على وحدة المجتمع العراقي وحريته الحقة وتقدمه الحقيقي السلام .
هذه المادة كارثة لا ينبغي أن تمر أبدا .
_______________________________________________________________________________
أوسلو في ال23 من أيلول 2005
[email protected]














التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ترقب في إسرائيل لقرار محكمة العدل الدولية في قضية -الإبادة ا


.. أمير الكويت يصدر مرسوما بتشكيل حكومة جديدة برئاسة الشيخ أحمد




.. قوات النيتو تتدرب على الانتشار بالمظلات فوق إستونيا


.. مظاهرات في العاصمة الإيطالية للمطالبة بإنهاء الإبادة الجماعي




.. جامعة جونز هوبكنز الأمريكية تتعهد بقطع شراكاتها مع إسرائيل م