الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع المهزوم وعاصفة الحزم إلى الشعب اليمني البطل

بدر الدين شنن

2015 / 4 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الآراء والتحليلات العديدة ، التي صدرت عن سياسيين ، وإعلاميين ، وباحثين ، حول " حرب الملوك العرب " على اليمن ، لم تتمكن بحكم عنصر المفاجأة واللاعقلانية فيها ، من الإحاطة الكاملة لخلفياتها وأهدافها . ما أدى ببعضها ، إلى أن يربط الحرب بالأسباب والتفاعلات اليمنية الداخلية ، التي تتجه ، كما يبدو ، لإخراج اليمن من بيت الطاعة السعودي ، ولتقوية التقارب أو التحالف ، مع الجار الإيراني اللدود ، الذي ترى المملكة ، في نهوضه الاقتصادي ، والعلمي ، والنووي ، والعسكري ، تحجيماً لمكانتها الإقليمية والدولية ، وتخفيضاً كبيراً لصلاحية اعتمادها ، على مخزون الطاقة ، وعلى رصيد تريليوني ، لجذب وشراء الدول ، ورؤساء الدول ، وأحزاب وشخصيا سياسية ، ومثقفين ، وإعلاميين ، داخل الإقليم وخارجه .
وبعض آخر أعطى الاهتمام ، للخوف من احتمال سيطرة القوى اليمنية المناوئة لتسلط المملكة وحلفائها الغربيين ، على باب المندب ، الذي يملك مفتاح العبور البحري بين الشرق والغرب ، شأنه في ذلك شأن قناة السويس .
كما لم يستثن البعض من أسباب الحرب ، صراع أمراء آل سعود ، بعد وفاة الملك عبد الله ، وحصر الملك سلمان إعادة توزيع مراكز الحكم والمنافع في المملكة بالأقربين منه دون غيرهم .

بيد أن تلك الآراء والتحليلات ، رغم مقاربتها المفهومة للحدث اليمني ، إلاّ أن ما عرضته لا يبرر الحرب الملكية التحالفية الواسعة على اليمن ، وتحمل مسؤوليتها المادية والسياسية والأخلاقية . فالتفاعلات الداخلية اليمنية ، هي شأن داخلي ، وغير مبررة دولياً وإنسانياً ، ومسألة باب المندب هي مسؤولية دولية وليست سعودية ، وصراع الأمراء على الحكم ليس مخرجه وحله الحرب على اليمن ، وهناك أزمات مماثلة في تاريخ المملكة قد حلت بدون حروب خارجية . ولذلك لابد من البحث عن أسباب أخرى أعمق وأوسع . خاصة إذا ما أخذنا بالاعتبار ، أن حرب تحالف دول " عاصفة الحزم " ، قد تزامنت مع تصعيد الجيشين السوري والعراقي على مواقع داعش والنصرة وغيرها ، وظهور إمكانيات لدى الجيشين السوري والعراقي ، لتحقيق انتصارهما الحاسم على الإرهاب الدولي . كمل تزامنت مع تقدم المفاوضات الإيرانية ـ الدولية ، حول البرنامج النووي الإيراني . الأمر الذي يحمل مخاوف جدية للمملكة ، إذ سيؤدي نجاحها ، إلى إعادة تركيب ميزان القوى الإقليمي ، لصالح إيران وحلفائها ، وكذلك ميزان القوى الدولي ، وفق مصالح ورؤى وتقاطعات جديدة .

ما مفاده ، أن مشروع " الربيع العربي " المبرمج لإعادة بناء النظام العربي والإقليمي " الشرق الأوسط الجديد " ، وتمكين الهيمنة الاستعمارية الغربية وأدواتها العربية الرجعية ، والملكيات البترولية بالدرجة الأولى ، من الهيمنة الدائمة على المخزون النفطي والغازي ، والتحكم بممرات تسويقه ، وخاصة عبر الجغرافيا السورية ، بات مهدداً بالعجز .. أو أن أفقه قد أغلق .. ولابد من مسار جديد .. ومشروع جديد .. وآليات جديدة .. لتعويمه .. أو تعويضه ببديل أكثر قدرة وكفاءة .

وفي ذروة هذه التداعيات ، جاءت التطورات الداخلية اليمنية المتسارعة ، التي أدت إلى استقالة الرئيس اليمني .. وحكومته ، الموالية لآل سعود في اليمن ، لتنحدر بقدرات " الربيع العربي " بعامة ، والإرهاب الدولي بخاصة ، نحو هوة الفشل
وهذا ما استدعى القيام بعمل ما استباقي .. أو هجوم معاكس عاصف حازم ، لوقف الانحدار واستعادة المبادرة . وهذا ما استدعى أيضاً ، أن تشترك مباشرة كل الدول صاحبة مشروع " التغيير أو التدمير " المسمى " الربيع العربي " . فتقدمت إلى المشهد الحربي بقيادة أميركا كل الدول الملكية ، من المغرب إلى الأردن ، والملكيات الخليجية باستثناء عمان ، وبمشاركة مصر والسودان وباكستان .
ولهذا الهجوم الا ستباقي ، اختيرت اليمن ، لتحقيق نصر سريع ، لضعفها العسكري أمام حشد دولي يملك قدرات كبيرة جداً . كما اختيرت سوريا الموزعة قواها العسكرية على مساحات واسعة ، للقيام بهجوم إرهابي دولي واسع .. ومفاجئ .. في عدة جبهات بوقت واحد . فقد هاجم واحتل داعش بالتعاون مع النصرة مخيم اليرموك قرب دمشق . وهاجمت واحتلت تنظيمات إرهابية متحالفة ، بدعم تركي مباشر مدينة إدلب في الشمال . وهاجمت واحتلت تنظيمات إرهابية أخرى مدعومة من الأردن مدينة بصرى الشام في الجنوب . وهذا الهجوم الإرهابي للمدن الثلاث ، يفتح المجال لحرب أكثر ضراوة بين الجيش السوري وبين التنظيمات الإرهابية الدولية .

وليس من شك ، أن قياد الهجوم " الملكي ـ الأميركي ـ الإرهابي الدولي ، على اليمن .. وعلى المدن السورية المذكورة ، في وقت واحد ، هي قيادة واحدة .. وخرائطها .. وأهدافها .. هي واحدة .
وليس من شك إطلاقاً ، أن مهمة تحرير فلسطين .. ونصرة الشعب الفلسطيني ، ليس لها في موسم تحالف " عاصفة الحزم " الملكي ـ الأميركي خرائط .

ولهذا الهجوم ، كما تدل وتقتضي خلفياته وأهدافه ، مرحلتان منظورتان في عملياته وخواتمه . المرحلة الأولى ، ، هي ما ذكرناه آنفاً ، لوقف الانحدار وأخذ المبادرة .. والتقدم نحو الحسم الميداني . وفي حال إنجاز هذه المرحلة ، فإن المرحلة الثانية هي ، استخدام ، التحالف الملكي ـ الأميركي ـ الإرهابي ، في رد الاعتبار للدور الإقليمي للمملكة السعودية ، ومصر ، وباكستان ، وإسرائيل ، واحتواء انتصار إيران في معركة شرعية برنامجها النووي ، والحيلولة دون الاستفادة القصوى من استخداماته العلمية والاقتصادية ، وكذلك استمرار محاولة إفشال وإسقاط الدولة السورية ، واحتواء العراق بعد تقدمه الميداني ، وتأمين سيطرة أميركا المستدامة ، على الثروات البترولية والغازية ، وعلى الأنظمة السياسية ، والجغرافيا ، في المنطقة .

بمعنى ، أن " ربيع الملوك العربي " الأميركي ، قد حل عبر حرب تحالف " عاصفة الحزم " بديلاً " للربيع العربي ، ، المهزوم ، الذي تم تفصيله على مقاس الارتدادات الشعبية في الشارع العربي ، فجاء الإرهاب الدولي ، والسياسيون المرتزقة ، فدمروا الشارع ، وأغرقوا الشعوب بالدم .. والدمار .. ومشاعر الفقد .. والتهجير .. والتشتت . وأسسوا لفشله وهزيمته ، أمام مقاومة الشعوب

والسؤال الآن هو ، إذا كان " ربيع الملوك العربي " قد تم تفصيله على مقاس ارتدادات غضب الملوك وتابعيهم من الدول المرتزقة ، فما هو القادم الأعظم المخطط للشعوب العربية .. في مجالات .. القتل .. والتدمير .. والتهجير .

إن ما يجري الآن من فظائع إرهابية ، وجرائم بحق الإنسانية ، تنفيذاً لأجندات رجعية وأميركية وإسرائيلية ، هي حرب إقليمية رجعية ودولية استعمارية قذرة بكل المقاييس ، وهي تتدحرج من كارثية بشعة إلى كارثية أبشع ، من أجل الطاقة ، والجغرافيا ـ السياسية ، واحتكار النفوذ والثروة . وشعوب الشرق الأوسط ، والإنسانية جمعاء ، ستدفع من أمنها ، واستقرارها ، واقتصادها ، ومستويات معيشتها ، ثمناً لهذه الحرب .
ولذا فإن مسؤولية إيقاف المجازر الجماعية .. وحرب التدمير ، التي تقوم بها دول الرجعية العربية ، وشركاؤها من مستعمرين عريقين ومرتزقة ، وإرهاب دولي ، لاستعباد شعوب الشرق الأوسط ، هي مسؤولية إنسانية شاملة .. تتطلب من كل الناس الشرفاء في العالم المعنيين بالسلام بين الأمم ، وحق الشوب في تقرير مصيرها ، وبالحرية ، التدخل الحازم لوقف هذه الحرب ، انتصاراً للشعوب العربية ، التي تتعرض للموت والتدمير والتهجير ، في حرب تجاوزت قذارتها وخسائرها وبشاعتها ، حروب الفاشية والنازية في القرن العشرين الماضي .. وتتطلب من القوى السياسية العربية .. القومية التحررية .. والتقدمية .. والديمقراطية ، أن تؤدي دورها المقاوم لهذه الحرب .. وفتح آفاق عربية جديدة على الأمن والسلام والتآخي والحرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت