الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزل سورية سياسة أمريكية خاطئة

سهيل حداد

2005 / 9 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


عزل سورية سياسة أمريكية خاطئة
ترافقت زيارة ميليس الأخيرة إلى سورية في إطار التحقيقات الدولية بحادثة اغتيال الحريري بحملة جديدة من التصريحات الأمريكية عن زيادة الضغوط على سورية ومحاولة عزلها دولياً وتحويل ملفها إلى مجلس الأمن تحت ذريعة عدم التزامها بتطيق كل بنود القرار 1559، وعدم قدرتها على ضبط حدودها مع العراق إلى ما هنالك من ذرائع وحجج واهية، واستصدار قرار يقضي بتطبيق عقوبات دولية ضدها. وتزداد شراسة هذه الحملات كلما ازداد فشل الإدارة الأمريكية في العراق.

فهل عزل سورية دبلوماسياً واقتصاديا وإنهاء دورها الإقليمي هو أمر ممكن؟. وهل هو الوسيلة الناجعة لكي تستطيع الإدارة الأمريكية تطبيق سياساتها ومشروعها في المنطقة؟
إن الإجابة على مثل هذا السؤال يحتم علينا أن تكون هناك رؤية شاملة للوضع والحالة التي آلت إليها المنطقة بعد احتلال العراق، والتدخل الأمريكي الفاضح في الشأن اللبناني ومحاولتها لتمرير الصفقات " الإسرائيلية" في غزة والضفة الغربية والقضاء على كل نوع من أنواع المقاومة المشروعة في المنطقة للمشروع الصهيوني.

إن أية قراءة جيو - سياسية وديموغرافية بسيطة لوضع المنطقة يدل بشكل غير قابل للجدل على أن لسورية دور أساسي فيها وهذا الدور غير قابل للتجاهل من أية جهة لها مصالح وتهمها شؤون هذه المنطقة. فدور سورية الإقليمي لا تحدده ظروف آنية أو مرحلية مهما كان نوعها واتجاهها. وقد أثبتت كل المحاولات السابقة لعزل سورية ومعاقبتها اقتصادياً فشلها على كل الصعد. وإن مثل هذا النوع من الضغوطات يدخل ضمن سيناريو أمريكي يهدف إلى إضعاف الموقف السوري الرافض لسياسة الهيمنة والغطرسة التي تمارسها الإدارة الأمريكية وحليفها شارون ضد شعوب هذه المنطقة، وخاصة تمرير مشروعها الشرق أوسطي الذي يخدم مصالحها ومصالح حليفتها "إسرائيل" التي لها دور أساسي في التحريض على مثل هذا النوع من السياسات مما يساعد على كسر طوق عزلتها الإقليمية وفرضها للشروط التي تريدها فيما يخص مشروع السلام وقضية فلسطين واللاجئين في الدول العربية المحيطة، ويكسر شوكة أية مقاومة وطنية ضد مشروعها الصهيوني في المنطقة.

ولكن الجميع يعلم بأن طريقها في سورية شائك جداً مهما كانت الذرائع والوسائل التي تتبعها لتحريض الرأي العام العالمي ضد القيادة السورية ومواقفها. فسورية ملتزمة بكل القرارات الدولية والشرعية الدولية ومتعاونة ومتجاوبة معها إلى أقصى الحدود على عكس حليفتها " إسرائيل" التي تنتهج سياسة التجاهل للشرعية الدولية وكل قراراتها وتستمر بسياستها العنصرية والاستيطانية ومشروعا الصهيوني الرافض لكل أشكال السلام العادل والشامل. بالإضافة إلى أن الشعب السوري بكافة أطيافه يرفض رفضاً قاطعاً هذا النوع من الممارسات والضغوطات والتهديدات. ويزداد وحدة ولحمة وطنية وشعبية. فهل أمريكا تجهل ذلك؟. فإذا كان هذا صحيح فعلى الإدارة الأمريكية مراجعة حساباتها وإعادة النظر في المعلومات المضللة التي تردها من مصادر لا يهمها إلا توتير الوضع في المنطقة وجر أمريكيا إلى ما لا يحمد عقباه. أما إذا كانت تعلم ذلك وتستمر بتدخلها في شؤون شعوب المنطقة ومصيرهم، وتمارس سياستها الفاشلة والرامية لزعزعة استقرار المنطقة وأمنها لتبرير مواقفها الخاطئة عبر ذرائع واهية بات الصغير والكبير يعرفها مثل نشر الديمقراطية على الطريقة الأمريكية بغض النظر عن تقبل الشعوب لها، ومحاربة الإرهاب الدولي، والتي في الحقيقة هي ذرائع لنهب ثروات هذه المنطقة وخاصة النفط وإقامة أنظمة تابعة وتطبيعية مع "إسرائيل" وجعل شعوب هذه المنطقة مستهلكين لنواتج اقتصادها، فمشروعها فاشل لعدم قناعة شعوب المنطقة بمصداقيته.

في النهاية مهما حاولت الإدارة الأمريكية من استصدار قرارات لعزل سورية والضغط عليها سيبقى لها دور إقليمي وحضور قوي في المنطقة لأن وعي الشعب السوري لما يجري من حوله، يحتم على الإدارة الأمريكية وحلفائها أن يدرك أن عزل سورية هو أحد الأخطاء القاتلة التي ترتكبها الإدارة الأمريكية في حقه وحق شعوب هذه المنطقة وسيفضح مشروعها وذرائعها ويزيد من كراهيته وكراهية شعوب هذه المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية ورسالتها وحضارتها. فهذا الشعب الذي ضحى وناضل من أجل كل القضايا الوطنية والعربية العادلة وبذل الرخيص والغالي في سبيلها، هو صاحب حق ومشروع عادل في الحياة في أمان واستقرار في منطقة يسودها السلام والعدل لجميع شعوبها. ولن يتم هذا السلام والأمن والاستقرار إلا باستعادة شعوب المنطقة لحقوقها المغتصبة والأراضي التي تحتلها "إسرائيل"، وأن تستعيد شعوب المنطقة حريتها من كل أنواع الاحتلال العسكري. وأية سياسة أو مشروع أو طرح تخرج عن هذا الإطار مآلها الفشل، وعلى الإدارة الأمريكية أن تسعى بدلاً من شن الحروب واستعداء الشعوب والتحريض على العنف والإرهاب أن تقيم وترعى مبادرة سلام تعيد لهذه الشعوب حقوقها وتضمن استقرارها وازدهارها. وهذا ما يقود إلى الازدهار والانفتاح الاقتصاديين والتبادل الفكري الحضاري وزوال العنف والكراهية بين الشعوب والأمم.
دمشق، في 21/09/2005.
د. سهيل حداد
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران