الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من انت؟

هيثم بن محمد شطورو

2015 / 4 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


قـد تميل النـفس البشرية إلى الاعتـقـاد في شيء غير موجود، و لكنها تستطيب وجوده لغاية التوازن الداخلي. فمن نافـلة القـول ان الإنسان لا يحتاج أكثر من جرعة من الوهم ليؤسس قـدرته على التعايش مع الواقع. فمثلا أنت قادر على تمثل دور مسرحي في الحياة تعـودت عليه و عودت الآخـرين عليه، و بالتالي لا يمكنك ان تمشي في الأرض إلا بعنوانك ذاك. لكنه في الحقيقة هو دور مسرحي أي ليس أنت. فعنوانك كمدرس أو جزار أو موظف إداري بائس. هذه الصفة لها مكوناتها الموضوعية التي تحـددها طبيعة الوظيفة، و هي تلك المحـددات التي تـنصاع لها النـفـس و تطبع نـفـسها بها حتى تـنسى نفسك. لكن ما هي نـفـسك أيها الإعلامي مثلا؟ قد يمتد بك الوهم إلى اعتبار نـفـسك ذا سلطة على الاشرف منك و الأقـدر و الأعـلم، و لكن قـد ترعبك نـفـسك أنها مجرد خواء عند أول صفعة حقيقية تـقـزمك إلى حقيقة الجرذ داخلك.

و هكذا تـدب الحياة عبر تـناسي نفـسها بارتمائها في الواقع المموه. التمويه الساحر جدا و المخادع إلى درجة ان لا ينتابك أي شك في حقيقيته. فأنت سيدي الوزير تـنسى نـفـسك التي تـنـطبع بعنوانها شيئا فشيئا مثلك مثل ماسح الأحذية في الشوارع. عملية التماهي مع وهم العنوان الذي يغـدو واقعا دون ان تـشـك للحظة انه مجرد فـقـاعة مموهة. إنها وهم من لا يفكر في نفسه بما هي رغباته الذاتية و إرادته و تصوراته الخاصة به.

العـظماء فـقـط يصرون على الوقـوف خارج دائرة الوهم. العـظماء فـقـط يصرون على محاورة أنـفـسهم ليستـدلـوا على طاقاتها الكامنة و إرادتها و رغباتها و مجمل تغيرات تـفكراتها. من بين هؤلاء العـظماء الزعيم الفينزويلي الراحل " هوغو تـشافيز".

هذا العـظيم كان ماسحا للأحـذية في الشوارع. ذات مرة مسح حذاء عربي في إحدى مقاهي كاراكاس. قال له هذا العربي : أنت لـست هذا.

في الحقيقة وجد مرآة رأى من خلالها نـفـسه. من حينها اشتغل في شركة و أصبح زعيما نقابيا. ماسح الأحذية نظر إلى العالم من زاوية أخرى. ليس من زاوية العنوان الذي فرضه الواقع عـليه ليعيش خارج نفـسه بوهم الواقعية و الله غالب، و إنما بالتساؤل حـول نـفـسه و البحث فيها ليجد قارئا نهما و نفـسا رقيقة إلى درجة الإعصار فيما يخص قضايا استغلال الإنسان للإنسان. وجد نفـسا ترفض بقوة كل قدرية و أهمها قـدرية الفـقـر و البـؤس و جميع العناوين المموهة التي يتم تسويقها على أنها حقائق واقعية. لم يجد في نـفـسه رئيس جمهورية لـذلك حين غـدا رئيسا لم يكن إلا ثوريا عـظيما جديرا بحب الفـقراء الذين أحبهم و عمل على كسر أطواق استغلالهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أولينا زيلينسكا زوجة الرئيس الأوكراني. هل اشترت سيارة بوغاتي


.. بعد -المرحلة الأخيرة في غزة.. هل تجتاح إسرائيل لبنان؟ | #غرف




.. غارات إسرائيلية على خان يونس.. وموجة نزوح جديدة | #مراسلو_سك


.. معاناة مستمرة للنازحين في مخيم جباليا وشمالي قطاع غزة




.. احتجاج طلاب جامعة كاليفورنيا لفسخ التعاقد مع شركات داعمة للإ