تطالب مجموعات الاقتصاد الكبرى دول العالم الثالث والعالم العربي بإطلاق حرية التجارة والانضمام إلى ركب العولمة الذي بدأ يظهر كمفهوم إبان الحرب العالمية الثانية ولكنه لم ينتشر ويستشري كحالة وباء عالمي إلا في العقدين الأخيرين وأخذت هذه المجموعات الاقتصادية الضخمة مثل أمريكا واليابان وسوق آسيا وغيرها تطالب الدول العربية ودول العالم الثالث بأن ترفق حرية التجارة بمطالب لاحترام الحريات العامة .وبذلك تسمح لنفسها بحجة العولمة التدخل في سياسات البلدان والتحكم بحجم التبادل التجاري فيها ومنها السيطرة على المقدرات الوطنية باعتبار ان السياسات التي ستسود هي سياسات المؤسسات الاقتصادية الضخمة وليس السياسات الفردية للدول المستقلة وتصبح هذه التجمعات الاقتصادية العالمية متنفذ وحارس على اقتصاديات البلدان العربية والنامية مثل الذئب في حراسة النعاج إذ يصبح من السهل أن ينفتح اقتصاد ريعي يعتمد على النفط خالقا أنماطا جديدة من الريع وهي استيراد منتجات العولمة عبر جزء بسيط ومتواضع من توزيع الثروة ومن الصعب على الاقتصاد الريعي أن ينتج شركات محلية منتجة تؤدي دورها في الاقتصاد العالمي لان ذلك سيمنحها الحق بالمطالبة بحقها بجزء من السلطة والمشاركة فيها إلا أن السلطات الريعية غير الديمقراطية هي أيضا في ظل العولمة ستفقد حريتها حتى بالتحكم بنتاج ريعها وبالتالي سيكون الانصياع لمطالب صندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية في إطلاق الحريات أمرا صوريا لا يلمس الواقع في شئ نتيجة للنمو غير المتكافئ في تركيز الثروة وازدياد التفاوت في توزيع الدخل. حيث ستتآكل الطبقة الوسطى لحساب الطبقات الفقيرة ليس فقط داخل الدولة الواحدة بل على صعيد العالم وبالتالي ستهمش بعض الدول مما يؤدي الضغط التنافسي المرتبط بالعولمة لأن تتحيز الدول لرأس المال على حساب العمال فتخفف هذه الحكومات من الضرائب على رجال الأعمال وتمنحهم الكثير من المزايا لتجذبهم للاستثمار المحلي في مقابل الحد من رفع أجور العمال بدعوى تخفيض كلفة الإنتاج ورفع درجة تنافسية المنتجات الوطنية فتتحول صيحة ماركس التي هزت العالم وقصدت الطبقة التي يعتمد عليها النهوض كناقل طبيعي للثقافة وحامل للمستقبل إلى «يا رأسماليي العالم اتحدوا ووسعوا استثماراتكم على مستوى العالم» في حين أبقى أيها العامل مقيدا بحدود الأجر المنافس أسير الحدود الوطنية التي ستضيق شيئا فشيئا وكلنا ننتظر متفرجين.

البديــــل
من أجل عالم أفضل

نشرة غير دورية تصدرعن مناهضي العولمة في سوريا – العدد (0) – 31/12/2002