الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب على كرسي الإعاقة

فوزي بن يونس بن حديد

2015 / 4 / 7
كتابات ساخرة


خرجت الأمور عن السيطرة ولم يعد العرب قادرين على لملمة جراحهم، جراحهم تتسع يوما بعد يوم، جراحات بدأت تمسّ العظم مباشرة كما يقال، هل هي مؤامرة لتفتيت الدول العربية كما يقول بعضهم، أو هي نتيجة للظلم والطغيان والاستبداد التي كانت عليها بعض الأنظمة العربية، هل هي استعمار جديد في شكل هدم الدولة من الداخل أو هي حركات صحية يقوم بها العرب لتصحيح أوضاعهم، بات العربي لا يفهم ما يجري على الساحة، بات حيران يتألم حينما يشاهد الأخبار والأحاديث التي تروي بشائع في حق الإنسانية جمعاء، هل جُنّ الإنسان فعلا أما ماذ حصل؟، بالأمس كان يحكي عن الحضارة ويدافع عن العروبة واليوم صار محاربا لأهله يمزق بلده ويفتت كل حصى بناها بيده، إنها مؤلمة أن يقتل الإنسان فلذات أكباده بيده، إنها مؤلمة أن يقدم إنسان على إهدار دم إنسان فما بالك بأخيه في الإسلام، أبدعوى الجاهلية يفعلون أم بدعوى المذهبية يقتتلون أم بدعوى الكراهية والمؤامرة الصهيونية الأمريكية يتبادلون التهم وارتكاب الموبقات فعن أي جهاد يتحدثون؟
إنه وهم السلطة الكاذبة التي عمت النفوس وجعلت الأنفس تركض نحو الكرسي والتسلط على الناس بقوة السيف والمدفع والرشاش، فيا ويل من يهدر دما بغير حق، ويا ويل العروبة إن كانت على هذه الطريقة الفجّة من التعامل الغريب مع شياطين ظهروا فجأة وكأنهم حماة الإسلام والمسلمين، يذبحون البشر كأنهم خراف ويحرقونهم كأنهم صلبان ويمزقونهم كأنهم لحوم البقر والضان والإبل والأسماك والدجاج، ما الذي يحصل في بلاد العرب يا مسلمين، أما آن أن تتعقلوا؟ أما آن أن تتبعوا الحكمة والميزان؟ وتتركوا النعرات والطائفيات؟ انظروا إلى ما آل إليه الحال في سوريا وليبيا والصومال، وفلسطين واليمن والعراق، إنه الموت والخراب والجهل والفقر والامية وهي بوادر الاستعمار ونتائج الاحتلال فهل نعود إلى نقطة الصفر بعد أن كدنا نقارع الأعداء.
ماذا يجري في عالمنا هل هو التبدل الذي لا بد منه؟، هل هو التغير الذي لا ريب فيه؟، هل هو النهج الجديد نحو العنف والتمرد على كل جميل بنيناه، أو هو الحسد الذي أصابنا من عيون الغرب ونحن ننعم بالدفء والخيرات؟ بركٌ ومستنقعات في آبار من وحل الفكر التكفيري الذي يجوب البلاد طولا وعرضا، وجد البيئة المناسبة ليفرخ في كل البلدان، وفروخه جاءت حبلى بالعنف والمبالغة والتفنن في الإيذاء، آخرها القصف على صنعاء وما جاورها من مناطق آهلة بالسكان باسم عاصفة الحزم، التي لا تسمن ولا تغني من جوع سوى أنها تؤجج الصراع وتدخل المنطقة برمتها نحو مجهول لا نعرف مداه.
إنه العالم العربي المحتاج إلى من يدير أموره بحكمة وحنكة في تعامله مع الأعداء لا أن يكون لقمة سائغة لهم يوجهونه حيث ما شاء ويورطونه في مشاكل لا حصر لها بدعوى الحفاظ على أمن هذا البلد أو ذاك، ما ذلك إلا افتراء، هي مصالح هنا وهناك، هي التي تحكم البلدان دون اعتبار لأدنى مقومات الإنسان، نحتاج اليوم إلى إعادة صياغة وإلا ما معنى التحالف العربي على دولة عربية؟ ما معنى أن تقوم السعودية بعمل عسكري ضد دولة مجاورة لها حرمتها وحدودها حتى لو طلبت التدخل العسكري؟ إنها المصالح التي تتجاذبها المنطقة والخاسر في هذه الضربات الشعوب المقهورة التي بدأت تفقد حس الأمن بعد أن كانت تنعم به لوقت من الزمان، بدأت تفقد روابطها المفككة أصلا، ولم تعد جامعة الدول العربية إلا اسما على ورق، لا قيمة لها واقعا، ووجودها كعدمها، مادامت كل دولة تتصرف بمفردها حسب ما تقتضيها مصلحتها ولا تبالي، ولأن الجامعة لا تستطيع أن تحكم قبضتها ولا تستطيع أن تعاقب كل من يخالف أوامرها، فلم هي موجودة؟ من السخرية فعلا أن نرى تكتلا يجتمع على لا شيء، يجتمع من أجل الاجتماع فقط لا يقوى على إصدار قرارات مهمة وملزمة لأن لغة العقاب مفقودة ولأن فقرات الجامعة مهزوزة بل ومفتوحة من كل الجوانب، ومادامت القضية الكبرى بقيت ستين عاما دون حلّ فلن يجدوا حلا لمشكلات تتفاقم يوما بعد يوم وسيأتي اليوم الذي يطالب فيه العرب حل هذه الجامعة المعوقة التي لا فائدة من ورائها.
فسبحان مغير الأحوال من حال إلى حال، هكذا حال العرب، حال يرثى لها في زمن تغيرت فيه كل المعطيات، وكل القيم والمبادئ، ماذ الذي نفعله يا ترى حتى ترجع للعرب مكانتهم؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مخرجا فيلم -رفعت عينى للسما- المشارك في -كان- يكشفان كواليس


.. كلمة أخيرة - الزمالك كان في زنقة وربنا سترها مع جوميز.. النا




.. المراجعة النهائية لطلاب الثانوية العامة خلاصة منهج اللغة الإ


.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين




.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ