الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ممارسات مدمرة .. يدفع ثمنها الشعب والوطن

عبد الجبار السعودي

2005 / 9 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


الفضائح المالية وقبلها السياسية التي تعصف بالوطن منذ دخول القوات الإجنبية وحتى يومنا هذا ، والتي طالت كل الطبقات السياسية الحاكمة وبتشكيلاتها المختلفة المنصرمة .. لا يزال يدفع ثمنها يوماً بعد يوم المواطن العراقي الذي أهلكته سنوات الحروب والتهجير والقتل الجماعي التي مارسها النظام البائد . وما يكاد يمر يوم ، حتى نسمع عن فضيحة ما . . هنا وهناك .. تطال هذا الطرف أو ذاك من أطراف الذين توالوا على سدة الحكم من وزراء ومسؤولين ومعهم المتعاقدين والشركات الأجنبية و وسطائها وغيرهم من الفئات الإنتهازية والطفيلية ، صاحبة الخبرة الكبيرة في التعامل مع كل الظروف المستجدة وعلى إمتداد سنوات الحكم المنهار وحتى ساعة كتابة هذه السطور .
ولن نأتي بجديد إذا قلنا أن المصالح الفئوية الحزبية الضيقة بعيداً عن مصالح الوطن العليا ومصالح الشعب العراقي ، هي التي كانت سائدة ولا تزال على إمتداد جميع الحكومات التي تعاقبت على سدة الحكم منذ إنهيار الحكم الوطني في الثامن من شباط من عام 1963 . وقبل هذا التأريخ كانت قد تحققت لعموم الشعب العراقي ورغم الإخفاقات السياسية للسلطة الوطنية الحاكمة آنذاك ، الكثير من الإنجازات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والتي تركت آثارها على بنية المجتمع العراقي بكل شرائحه ومكوناته .. ولم يكن لذلك أن يتحقق لولا النزاهة الوطنية لقادة الحكم الوطني في التعامل مع مقدرات وثروات الوطن الفتية ، و تغليب مصلحة الوطن والشعب الأساسية فوق كل الإعتبارات الحزبية والفئوية والطائفية وحتى العائلية ، ولم يُسمع حينها وحتى يومنا هذا مايسيء الى سمعة وعفة وإستقامة كل أولئك الذين تولوا مقاليد السلطة بعد ثورة 14 تموز الوطنية ، بل أن التاريخ والأحداث التي صاحبت إنهيار تلك السلطة الوطنية وقادتها .. تحدثنا ولازالت وبشكل يثير كل الفخر والإعتزاز بالوطنية الصادقة والنزاهة الحقة التي كان عليها مرحلة الوطني الشهيد عبد الكريم قاسم خلال سنوات حكمه .
أين نحن من ( الدينار والربع ) التي هي كل ما إمتلكها إبن العراق الراحل الذي تولى زمام السلطة لأكثر من أربع سنوات عاش فيها في أروقة وزارته ؛ حيث لا مسكن يأوي له ولا حاشية تحيط به ولا حماية مدججة بالسلاح تحميه !
أين نحن من رفضه تمليك شقيقته لدارسكن ، كانت قد طلبتها منه ، مذكراً أياها بفقراء ضاحية الجوادر في مدينة الثورة حالياً ، مخاطباً أياها : كل هؤلاء الفقراء الذين يسكنون الصرائف هم أخوتي وأخواتي ، وحينما أبني لهم بيوتاً ، سيكون لك داراً !
أين نحن من عشقه لفقراء الوطن وكادحيه وإهتمامه بخبزهم اليومي ، حينما زار أحد المخابز في منطقة الكاظمية ببغداد ، ليجد وزن العجينة ( الشنكة ) المصنوع منها الخبز أقل من الوزن المحدد والمطلوب ، مخاطباً صاحب المخبز : صــّغر من حجم صورتي التي تعلقها في المخبز يا أخي وكبّــر من وزن الرغيف ! وقبل ذلك كله ، أين نحن من عدالة الإمام علي عليه السلام ، يوم وضع جمرة في يد أخيه عقيل الممدودة له لطلب المال ، قائلاً له ما معناه : هذه نار الدنيا التي صرختَ الآن منها ، فكيف بك من نار الآخرة ! أتريدني أن أتعدى على مال المسلمين ، فأبيع آخرتي بدنيــــاي !؟
أين نحن من كل هذا الأرث الإنساني والوطني وما يجري منذ سنوات طوال لثروات الوطن التي أبدع وتفنن في نهبها المنظـّم مجرمو النظام البائد عبر تسلطهم على مقدرات الوطن .. وما نسمعه ونقرأه الآن من أخبار عن فضائح لا تنتهي عند هذا الوزير أو ذاك أو عند هذا المدير أو ذاك ، بل تتعداها على عمليات إختلاس منظمة و مبرمج لها تديرها أوساط وجهات إدارية ومالية تربت وعاشت وترعرعت في ظل حكم الطبقة الحاكمة المندحرة ومصالحها الأخطبوطية الفاعلة ليومنا هذا ؟
لن تنتهي بطبيعة الحال كل هذه الفوضى الإقتصادية والمالية وقبلها السياسية ، مادامت الفئات التي تغتنم السلطات تعاقباً .. تضع مصالحها ووجودها الحزبي والطائفي الضيق فوق مصالح الشعب والوطن ، وما دامت أجهزة الدولة عبر مؤسساتها و دوائرها تعج بالفئات الإنتهازية والطفيلية التي أورثها النظام السابق ، دون أن يطالها العقاب والتطهير ، وما دامت الكفاءات الوطنية والعلمية والنزيهة مغيبة قسراً وسط لعبة المحاصصات الطائفية الخطرة التي يراد لها أن تبقى قدراً محتوماً يتحكم بمستقبل البلاد السياسي عبر سن العديد من القوانين ومنها القانون الجديد للإنتخابات المقبلة على سبيل المثال !!
ان انعكاسات نهب وتبذير المال العام كثيرة ومتنوعة ، فإنه عبر ذلك استطاعت الدولة أن تقوي نخباً يمكن تسميتها بنخب السلطة ، وهذا النوع من نخب السلطة أدى الى استقطاب المنتفعين المتلونين الذين تعج بهم الوزارات والمؤسسات .. وبالتالي أصبح لدينا ما يسمى بالارتزاق السياسي كظاهرة عادية وبالتالي أدى هذا إلى تكديس الثروات المشبوهة ، وهي ثروات نتيجة منح الامتيازات والصفقات الإقتصادية الى هذا الطرف أو ذاك والتي أدت الى انتشار مضاربات السوق ومفاهيمها ، وبالتالي فإن التنمية المطلوبة وإعادة الإعمار التي هي أمل هذا الشعب لن تتحقق لاحقاً بالشكل المطلوب ، فلا يمكن على مستوى المستقبل القريب أن يتم تطوير مشاريع الكهرباء والماء وباقي الخدمات الصحية والبطاقة التموينية وتوفير فرص العمل للعاطلين وسط هذه الفوضى المستفحلة ودون تشريع وإتخاذ إجراءات قانونية بحق جميع الجرائم الإقتصادية مهما كان حجمها . لذلك فإن استفحال هذه الظاهرة تهدد في الصميم حلم الشعب العراقي في تحقيق الديموقراطية ، لأن مرتكبي هذه الجرائم هم العدو الأول والمعرقل لبناء المؤسسات الديموقراطية في البلاد وبالتالي فإن النضال ضدهم في الظروف الحالية قد يبدو عسيراً بعض الشيء في ظل غياب سلطة القانون الحقيقية والمؤسسات ، لذلك فإن مهمة من لهم بعض الغيرة على هذه البلاد والقوى الديمقراطية وعامة المثقفين العراقيين هي وضع الأصبع على مكامن هذا الداء والتثقيف به من خلال برامجهم السياسية والمطالبة باسترجاع الأموال المنهوبة سواء تلك التي كشف النقاب عنها في فضيحة النفط مقابل الغذاء أو غيرها من الأموال المنهوبة في هذه الصفقة أو تلك ومعاقبة جميع مرتكبيها ودون محاباة على أساس الولاء الطائفي أو الحزبي أو العشائري و وفق القوانين العراقية والقانون الدولي باعتبار أن الجرائم الإقتصادية هذه هي جرائم ضد الإنسانية وضد مستقبل الوطن وتقدمه ، ويجب ربطها مع ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان العراقي خلال سنوات النظام السابق.
* * *
هوسة شعبية .. من وطني المستباح :

(( فكــــّــوله الجنطـــــة وهــز ذيلــــــه ))

* * *











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال