الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الرؤية الإسرائيلية لإتفاقية الإطار بين إيران ومجموعة 5+1

خالد طارق عبد الرزاق

2015 / 4 / 8
القضية الفلسطينية


"إتفاق نووي تأريخي" بهذه الكلمات عبّر المؤيدون لإتفاقية الإطار الذي تم التوصل إليه- بعد مفاوضات ماراثونية دامت قُرابة الثمانية عشر شهراً- بين إيران ومجموعة 5+1, تلك المفاوضات التي كان هدفُها الرئيس هو التوصل لإتفاق توقف بموجبهِ إيران الأنشطة النووية الحساسة لِمُدة عشر سنوات على الأقل مقابل رفع العقوبات بصورة تدريجية على ضوء مدى إلتزام إيران بمبادئ وشروط الاتفاق, وهنا لا بد من توضيح مسألة في غاية الأهمية وهي: أن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي سيوقفان جميع العقوبات الاقتصادية والمالية المتعلقة بالبرنامج النووي, إلا أنّ الولايات المتحدة سوف تُبقي عقوباتها الأخرى المفروضة على طهران والمتعلقة برعاية الإرهاب وحقوق الإنسان والصواريخ الباليستية.

ولقد أثارت إتفاقية الإطار التي تم توقيعها في لوزان ردود فعل غاضبة في الأوساط الرسمية الإسرائيلية كان على رأسها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وصف الاتفاق بـ "السيء"، فليس من المُستغرب أن تأتي انتقادات نتنياهو بصورة قوية ودون تردد تجاه معايير إطار الاتفاق التي نشرتها الولايات المتحدة مؤخراً. وقد قال في الثاني من نيسان/ إبريل: "إن هذا الإتفاق سوف يُمهد الطريق أمام إيران لصنع قنبلة نووية بدلاً من أن يسده". وعشية عيد الفصح، عقد اجتماع استثنائي للحكومة المصغرة (المعنية بالشؤون الأمنية) التي قال أنها: "متحدة في معارضة الاتفاق المقترح" والذي يقول عنه أنه قد يُهدد بقاء إسرائيل. وهنا لابد لنا من إدراك أن صانع القرار الإسرائيلي لا يخشى فقط من إيران ويشكك ومن نواياها في إمتلاك سلاح نووي، وإنما يخشى أيضاً من أن تحذو دول المنطقة حذوها وبالتالي تُجّر المنطقة إلى سباق تسلح وتفقد إسرائيل تفوقها النوعي على باقي دول المنطقة. وفي هذا السياق يُعبّر المُحلل الإسرائيلي في صحيفة (يديعوت أحرونوت) (ناحوم برنياع) عن تلك المخاوف بالقول: "أن هذا الاتفاق يحتوي على عيوب إضافية تُقلِق إسرائيل: إنها دعوة إلى سباق تسلح نووي، مع المملكة العربية السعودية وتركيا وربما مصر التي تسعى أيضا لِتُصبح على أعتاب دولة مثل إيران. حتى لو أقنع الأميركيون هذه الدول على الانتظار، سيكون عليهم تعويضهم من خلال بيع وتوريد منظومات قتالية متقدمة. وقد وافق البيت الأبيض بالفعل القيام بذلك. هذا سيسبب مخاوف إسرائيلية مبررة حول فقدان تفوقها النوعي على جيرانها. وإسرائيل ستضطر للانضمام إلى هذا السباق".
إلى جانب ذلك، ترى إسرائيل إن الولايات المتحدة لم تستخدم نفوذها الكامل بالمفاوضات، وأن هدف واشنطن تحوّل خلال المفاوضات من القضاء على البرنامج النووي الإيراني إلى مجرد الحد منه. فالعقوبات التي فرضها الغرب على إيران أجبرت الأخيرة على القدوم إلى طاولة المفاوضات، لذلك يرى نتنياهو أنهُ كان من الممكن انتزاع المزيد من التنازلات من إيران لو كان المجتمع الدولي يتمتع بقيادة أكثر تصميماً. وهو الأمر الذي عبر عنهُ نتنياهو بالقول: " قد سمع الكثيرون في أرجاء العالم إلى ما لدى إسرائيل لتقوله إزاء الاتفاق السيء الذي يتبلور مع إيران، وفي خطابي أمام الكونغرس عرضت بديلاً عملياً بأن يتم إطالة الفترة الزمنية التي تحتاجها إيران للوصول الى سلاح نووي لسنوات إذا قررت خرق الاتفاق مع فرض قيود أكثر صرامة". ومن هذا المنظور, كان الوقت إلى جانب واشنطن, وهذا يعود أولاً إلى انخفاض أسعار النفط- الذي يعد مصدر الدخل الرئيسي لإيران- إلى النصف في الأشهر القليلة الماضية, وثانياً لأن العالم كان متحداً ضد أي تخصيب نووي إيراني بفضل ستة قرارات من قبل مجلس الأمن ذات صلة بالموضوع.

ولا تنصب الرؤية الإسرائيلية حول إنتقاد شروط الاتفاق فحسب, بل أيضاً حول التداعيات للدور الإيراني في الشرق الأوسط. وتبرز هناك ثلاث مخاوف:

أولاً: إن معايير الاتفاق تُشير إلى أن إيران ستكون قادرة على الإحتفاظ ببنية تحتية نووية بالحجم الصناعي عند إنتهاء مدة الاتفاق بعد خمسة عشر عاماً, الأمر الذي سيُتيح لإيران إمكانية الوصول وبسهولة أكبر إلى أجهزة الطرد المركزي المتقدمة بهدف إنتاج اليورانيوم المستخدم في تصنيع القنبلة النووية. وإنطلاقاً من هذه الرؤية يؤمن الإسرائيليون أنه تحسباً لهذه القدرات الإيرانية المستقبلية من المرجح أن يؤدي بناءها إلى قيام سباق تسلح في الشرق الأوسط, قد يدفع بالمستقبل إلى قيام تعاون نووي بين إيران وباكستان لمواجهة التهديد الإيراني, الأمر الذي قد يؤدي بالمحصلة إلى تغير موازين القوى في المنطقة وتفقد على أثره إسرائيل تفوقها النوعي على باقي دول المنطقة.

ثانياً: يخشى المسؤولون الإسرائيليون من أن هنالك القليل من الوضوح حول آلية تحديد الإنتهاكات الإيرانية وكيف سيتم تنشيط العقوبات إذا لزم الأمر. فمن وجهة نظرهم, إن إختلاف المصالح الاقتصادية والتجارية بين أعضاء مجلس الأمن سيجعل من الصعب تطبيق العقوبات على إيران في حال إنتهاكها لشروط الاتفاق.

ثالثاً: تخشى إسرائيل من أن يؤدي الاتفاق النووي إلى تشجيع إيران على لعب أدوار أكثر زعزعة للإستقرار في المنطقة. ففي أعقاب الاتفاق لن تعد إيران دولة منبوذة, كما أن رفع الحظر عن النفط الإيراني سوف يؤدي إلى زيادة إيراداتها, الأمر الذي سوف يُتيح للنظام زيادة مساعداته إلى حزب الله في لبنان وإلى باقي حلفاءه في المنطقة. كما أن الإسرائيليون يخشون من عدم رغبة واشنطن مواجهة طهران بشأن هذه الأنشطة الإقليمية خوفاً من الإخلال بالاتفاق النووي، نظراً لأمل الولايات المتحدة المتصوّر بأن الإتفاق سيحوّل إيران إلى دولة أكثر طبيعية. وهنا أيضاً، تؤمن اسرائيل أن الطريقة الأضمن لتفادي المشكلة هو قيام الولايات المتحدة بالتوضيح مسبقاً كيف ستقوم بمعاقبة إيران إذا ما اختارت هذه زيادة زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ومع استمرار النقاش حول إيران في الأسابيع المقبلة، سيكون لدى واشنطن فرص لدحض الإدعاءات الإسرائيلية، وليس هناك شك بأنه سوف تظهر صورة أكثر دقة نتيجة لنقاط التوضيح التي ستُعرض ونقاط التعارض التي ستظهر بين الطرفين. وفي هذا الصدد، دعا الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية عاموس يادلين، نتنياهو أن لا يعارض الاتفاق بشكل مطلق، بل عليه الحصول على المزيد من التوضيحات من إدارة أوباما حول مجموعة من الأسئلة التي لم يتم حلها مع دخول اتفاق مرحلة الصياغة، من بينها قضايا الإنفاذ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تدرس نقل السلطة في غزة إلى هيئة غير مرتبطة بحماس|#غر


.. القوات الإسرائيلية تدخل جباليا وتحضيرات لمعركة رفح|#غرفة_الأ




.. اتهامات جديدة لإسرائيل في جلسة محكمة العدل الدولية بلاهاي


.. شاهد| قصف إسرائيلي متواصل يستهدف مناطق عدة في مخيم جباليا




.. اعتراضات جوية في الجليل الأعلى وهضبة الجولان شمالي الأراضي ا