الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رقية أمرلي (قصة حقيقية من معارك أمرلي)

مي ابراهيم

2015 / 4 / 8
الادب والفن


الحرب مع داعش في أوجها ولا مجال للتراجع أثناء المعارك.فمدينة ( أمرلي ) محاصرة منذ عدة أشهر. كل سكانها المتبقين الذين لم يهجروها يحملون السلاح رجالها ونسائها وأطفالها ايضا. الأمدادات بدأت تصل للمدينة عن طريق الجو. فالطائرات العراقية ترمي عليها الان بعضا من السلاح والمؤنة والمياه. الحصار في أشده عليهم من كل الجهات ويجب كسره بأي ثمن.
وصلت قوات العمليات الخاصة كتائب الامام علي ع للمشاركة في تحرير المدينة والقتال حولها لفك الحصار عنها.
وقبل بزوغ الفجر تمركزت هذه القوة في المناطق المحيطة بامرلي وبدأت بالأشتباك مع داعش التي تطوق المنطقة بالكامل في معركة حامية الوطيس.
أشرقت أولى شعاعات الشمس واشرق الأمل قي قلوب الأبطال المدافعين عن المدينة وهم يرددون : نحن لا نهزم ومنا عطاء الدم !
كان الوقت صيفا في شهر تموز الحار. وبعد شروق الشمس بقليل التهب الجو بتلك الحرارة الساطعة كنورها. لم يحمل المقاتلون الكثير معهم سوى أسلحتهم والذخيرة وبضع حاويات ( مطارات ) تحتوي على الماء. المعركة حامية ومستمرة بلا انقطاع . ومع كل دقيقة تمر ترتفع الشمس أكثر قليلا في السماء التموزية لتلهب الأرض والهواء واجساد المقاتلين. ومن شدة الحرارة لم يبق لهم شيئا من المياه القليلة التي كانت معهم. لقد نفذت. ولم يكن بأمكان أحد أو قوة أخرى أن تصل إلى مكان المعركة خارج أمرلي. لذا لم يكن ممكنا أيضا التزود بالمزيد من المياه. الساعات تمر وعطش المقاتلين يزداد. وفي ساعات ما بعد الظهر لم يعد العطش فقط لا يطاق بل أصبح وحشا خطرا يهدد المقاتلين فوصل حد الإحساس بالتعب والإرهاق التام لبعضهم إلى درجة قاربت على الإغماء وأصبحت خطرا على قدرتهم بالقتال.
كانت المعركة تجري في الحقول الزراعية بأطراف أمرلي. ووسط أصوات الرصاص الذي يمطر عليهم بكل مكان قال المقاتل جاسم : انظروا.. هناك في وسط الحقل رقية!! رقية كبيرة !! لو أذهب وأجلبها سنتخلص ولو قليلا من الإحساس بالعطش وسيكون بإمكاننا مقاومة الشمس أكثر. فنحن بحاجة ولو إلى قطرة ماء الآن.
رد عليه رفاقه بالسلاح بأن هذا شبه مستحيل لأن طريق جاسم للرقية سيكون مفتوحا أمام رصاص قناصي داعش. ورغم حاجتهم الضرورية لمثل هذه الرقية لتروي عطشهم وتساعدهم على الاستمرار بالمعركة فلا يمكنهم المغامرة برفيقهم وقبول فكرته الانتحارية هذه.
جاسم أصر على هذا... يجب أن أجلب الرقية فلم يعد بإمكاني وبإمكان الكثيرين الاستمرار بالعطش والجوع تحت لهيب الشمس الحارق.
وبعد جدال أقنعهم بأنه سيذهب ويجلب لهم الرقية ومهما كلف الثمن فهو سيضحي. وبأنهم سيقومون بتغطية خروجه إلى وسط الحقل بتكثيف إطلاق الرصاص على داعش.
وهكذا تم. فخرج جاسم راكضا بأتجاه الرقية وحملها ليعود بها إلا أن رصاصة من أحد القناصين أصابت ساقه فسقط هناك. وسمعوا صوته يصرخ بهم Smiley frown ولكم طكوني )!
بعد أن شاهد رفاقه إصابته اشتدت حدة قتالهم حتى استطاعوا التخلص من كل الدواعش وذهبوا لإنقاذ رفيقهم.
وبينما كان الطبيب يحاول إيقاف نزيف ساق جاسم قبل أرساله لأتمام العلاج في احدى المستشفيات الخاصة للجيش كان جاسم ينظر إلى الرقية وهو يقول للطبيب : لن تنقلوني إلى أي مكان قبل أن أكل من هذه الرقية.
ضحك الجميع فرحا بالأنتصار وفرحا بنجاة صديقهم من بين أيادي أشباح الموت..وكذلك ضحكوا على إصراره على الأكل من تلك الرقية التي تسببت بأصابته.
وكان له ما اراد.
قطعوا له (شيفا ) واكله بكل تذوق وهو يضحك رغم الآم ساقه وكان اطيب شيف رقي تذوقه بحياته.
فقد تذوق جاسم أخيرا من رقيته. . رقية أمرلي ..ثم نقل لأكمال العلاج. وما زال لليوم يضحك كلما تحسس أثار الجرح .
رقية أمرلي أصبحت ذكرى لا تنسى للجميع.
إنها رقية الأنتصار الممزوج بالألم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب