الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا يَجِبُ أن نُعارض الإرهاب ؟ وكيف تتمُّ مُقاومته ؟

محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)

2015 / 4 / 9
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


يبدو للوهلة الأولى الشقُّ الأوّل من التّساؤُلِ ساذجا ، وإجابته بديهية !! والمتمثّلة في ....مجموعة من التبريرات والتُرّهات المبهمة ، التي لا تصمُدُ أمام أوّل مُحاججة نقديّةٍ جدّيةٍ (أكاد أجزم أنّ أغلب الناس تقف عند هذا الحدّ من الاجابة ) حيث لا نَعلمُ تحديدا (لم نتّفق حول الماهية ) لهذا الغول المدعوِّ "الارهاب". فهل تُصنّفُ حركات التحرُّرِ الوطني والقومي الكلاسيكية المُسلّحةِ من ضمن التنظيمات الارهابيّة ؟ من قبيل حماس والقسام وكتاب ابو علي مصطفى والجبهة الشعبية بفلسطين.... إلخ ، أم تُصنّفُ الجماعات المسلَحّة بدارفور (قبل الاستقلال) تنظيما إرهابيا ، أم ترانا نُدرج العنف المسلّح الاحمر لحزب العمال الكردستاني بتركيا ، في سلّة واحدة مع نقيضه ومماثله الأصفر لبوكو حرام وداعش والقاعدة ؟ أو يَجبُ علينا أن ننساق كالبهائم (عذرا لكلِّ بهيمة ولجماعات الرفق بالحيوان ) التُبَّعِ خلف الانساق الفكرية والايديولوجية للمنظومة الأخلاقية والسياسية السائدة ، القائلة بأنّ الحقَّ دوما مع القوي !! لتُشرِّعَ إرهاب أنظمة التوسُّعِ والاستعمار ، إرهاب أمريكا وفرنسا والناتو ومجلس الأمن وبني صهيون ، أو عمليّة القتل المُمنهج والرسمي بإسم وتحت غطاء
التوازن الدولي !! وهي التي تُجرّمُ في نفس الوقت" الارهاب" الرسمي والممنهج لحزب اللّه في لبنان !!.
هنا وهنا بالذات تَظهر عدم سذاجة الشقّ الاوّل من السؤال ، فالارهاب كما يِقال لا دين ولا جنس ولا قوم له ، وقد مارسته قديما وحديثا كلُّ الدول إستعمارية توسُّعيّة (إمبريالية ) بإسم نشر المدنية ، أو "وطنية" إحتكارية" ديكتاتورية بإسم حماية حدود الأُمّةِ والعزَّةٍ القوميّة الكاذبة . ألم تُمارس الدول قديما وحديثا "إرهابا" تُجاهَ الشُّعوب والطبقات المُفقّرة ؟ ألم تِجنّدْ الدول قديما وحديثا أبناء المفقّرين لقتلِ بعضهم بعضا ، سواءا بالرّصاص أو بتشويه الأفكار والايديولوجيات ؟ ألم يشهد العالم الحديث والمتمدّن مقابر جماعية تمّ السُّكوت عنها تحت قُبّة مجلس الأمن والأمم المتّحدة ؟!! ألا يُصنّفُ كلّ هذا إرهابا !! ألم يُقرِضْ بنك النقد دولا لِتَبتزَّ مُواطنيها وتَقبِرَهمْ وهم أحياء !! أليس هذا "إرهابا" . فهل لم يشتري أحدكم ، حذاءا ، نظّارة شمسية ، أداة منزلية هاتفا ذكيّا...الخ وهو يعلم أنّ صانعها فتى في الصين أو شيخ ، لا يحقُّ له المُطالبة بتحسين شروط إستعباده ، الّا ويُقْطعُ رأسه مع المطالبة ، ألا يُعتَبَرُ هذا إرهابا ، بِصمتً وموافقة من منظمة التجارة العالميّة !!!.
اذا ما هو الإرهاب ؟ ومن الارهابي ؟ هل هو فقط ذاك الذي قال : اللّه أكبر قبل عمليّة القتل المنهجيّة التي أتاها ؟ فإن كان كذلك ، كُفّو عنّا كلّ التزلُّف الديني "التاريخاني" القائل بأنّ مُحمّد ، علي ، أبا بكر ، إبن الوليد ،إبن زياد ، صلاح الدين ... إلخ قد ساقو التاريخ قُدماً ، فكلّهم عظّم التكبيرَ ، أم تُراهُ ذاك الذي (الإرهابي) الذي قال قومي ووطني ، لِنَجدَ ،ستالين ، عرفات ، ڨ-;-يفارا ، كاسترو ، و"الأباء المؤسسين لأمريكا" ، وعبد الناصر وحتى بورڨ-;-يبا ... إلخ قد مارسوا الارهاب يوماً .
على كلِّ حال الارهاب لا لون ، لا دين ولا إنتماء له ، سوى كونه عمليّة مُمَنهجة ، معزولة وفرديّة ، ولكنّها مُنظّمة في نفس الوقت ، لِمُعاكسة حركة التاريخ و تحويل وجهة نضال الاغلبية الكادحة ، سواءا كان ذلك بِحُسنٍِ نيّة أو مُخطّطٍ له بِهدف تدمير ومحاصرة القوى الثورية . فإن إغتلتم يوما صاحب مصنع ورّث وسائل الانتاج لغيره من اللاحقين ، وإن إغتلتم وزيرا عوّضه النّظام بإثنين وثلاث ومعهم تُرسانة من قوانين زجريّة جديدة . تِبيحُ الإرهاب السُّلطوي .
فهل تمسُّك الأغلبية المسحوقة ، أينما كانت وكيفما كانت بِحقّها في حياة كريمة إرهابا !!؟ وهل تجييش العسكر وصناعة الاسلحة من قبل القوى الرسمية " الدولاتية" ضبطا وربطا ؟ هل نصرالله وبن لادن وأوجلان ، إرهابيون ؟ بينما بوش وأوباما وساركوزي وحتى هولاند (الهايشة : وتعني البهيمة بالدارجة التونسية وفق ما ذكرتها أولا ) من أنصار التقَدُّم ؟ .
الإرهاب في نظري هو تلك العمليّة المُمَنهجة للإعتداء على حقّ الانسان في الحياة ، هو ذاك السّلوك المُنظَّمِ الذي يُرادُ مِنْهُ إعاقة حركة التاريخ وإقحام الطبقة العاملة العالمية وأبناء الشعب المُفقّرِ في معارك وإقتِتال يُفتِّتُ ويُشوِّهُ وِحْدَتَهُمْ ، خِدمة لِصُنّاِ وتُجّارِ السِّلاح على مستوى العالم وأسيادهم من حُماة منابع الطّاقة الناضبة (البترول والغاز ) . لذا فالارهاب وهمٌ فكري وعقديٌّ يُراد مِنه إعادة تركيز الدولة القمعيّة الإرهابية بطبيعتها و بإشاعتها للفقر والبطالة والقتل المنهجي للقوى المُنتجة لصالح موازنات الرأسمال العالمي وربحه (مثال : الإضراب عن الطعام الذي يخوضه خريجي الجامعة من قدماء الاتحاد العام لطلبة تونس منذ ما يُقارب الشهر ).
فما هو العنف الثوري ؟ إنّهُ ببساطة إرهاب محدود في الزمن والاهداف ، تُمارسهِ أغلبية ضدّ أقليّة مُتجبّرة (أي الدولة البرجوازية الطبقية ) لإسقاط ديمُقراطيّتها الكسيحة ، وترويع الماسكين بدواليبها ، إنّه فعلٌ مُمَنهجٌ ومُنظّمٍ (أي إرهابي ) لترويع الحاكمين زورًا وإنتزاع السُّلطة مِنهُم لصالح العموم ، وهو (الارهاب الشعبي العام : الثورة) حركة محدودة في زمنها وحدّتها ، تدفعُ التاريخ الى الأمام ، فلا تُعيق تَطوُّر قوى الانتاج من حيث الوعي بموقعها والوعي بحركة التاريخ ، بِقدر الوعي بضرورة حيازة السُّلطة السياسية لحماية الحركة الثوريّة . أمّا ما عدى هذا فهي تكتيكات فردية ، بُطوليّة ، هجينة ومشوّهة معادية لحركة التاريخ وقوانينه ، وهي كلّها عنفا رجعيا "إرهابا" غير معقول وغير مقبول .
فكيف نتصدى له ؟
العقل المثالي ، التعبوي ، التحريضي ، الايديولوجي الصرف ، يقول بتجفيف منابع الدين !! والسّلوك السُّلطوي الايديوليجي أيضا ، يقول بتقوية الجهاز القمعي للدولة !! وكلاهما مُخطإ ، حيثُ الأوّلُ يتغافل عن حقيقة كون الدين ليس سوى ترجمة لعلاقات الناس وتطلُّعات أصحاب السلطة لقيادتهم وهو في النهاية مثله مثل العرف والثقافة (السائد بشكل أعم ) الكابح الأقلّ كُلفة للتطوّر . بينما السُّلطة (الدولة البرجوازية والتنظيمات المُعادية لها بما فيها أنصار دولة الخلافة وحتى دعاة عودة المسيح "جيش الرب بروندا" ... إلخ ) هي جدار الصدِّ الأخير الذي تلتجأ له طبقة الرأسماليين العالمية لإنفاذ سياساتها التدميريّة المُعاديّة والمُضادّة (المُعاكسة) لحركة التاريخ ، والإرهابية بمعنى أصحّ .
سيَسُبني البعضُ من المُلتحقين والقوّادين ( هناك قوّادون في السياسة أيضا وربّما أصحاب المهنة الأصليين أشرمف منهم ، رُبّما ) على ما يلي : أرفض بشدّة وأعارض أن يدوس جندي الدولة قَتيلهُ ، أُعارضُ وأرفُضُ بِشدّةً أن يدوس بوليس الدولة كرامة الانسان ، أعارض وأرفُضَ بِشِدّةٍ الإعتقال على الشُّبهة ، وقانون الإرهاب وكلّ شكل من أشكال إطلاق يد الدولة وسلطتها ، لِتُراقب ، وتقمع ، وتحتجز كلّ ما ومن يُهدِّدُ مصلحة أسيادها ، فحقوق الإنسان كلٌّ لا يتجزّأ وهي مكسب للجميع دون إستثناء .
نُقاوم الارهاب بإشاعة الحقّ في التفكير، وحرية الضمير ، والحقّ في الشراكة السياسية ، وتحيين المنظومة التربوية والتعليمية ، والحق في المُحاكمة العادلة (المحامي ) ، وكبح جماح عنف وإرهاب الدولة الرسمي ، أو بلغة أخرى التمترس خلف الادنى المتمثل في الإعلان العالمي لحقوق الانسان ، الذي رفعت إنتفاضة تونس سقفه وأضعناه للأسف في بناءات زائفة ، قيل سيّرها اللّه في بعض الرويات ، وصاغتها السّفارات في أخرى . الخلاصة أنّهُمْ كانوا شركاء في توجيهنا ، وأصبحنا متضامنينا في ما قادونا إليه من "إرهاب" ويبقى سُؤال الماهية مطروح طالما بيننا "إرهابيون " لا سُلطويين و"أناركيين" .وهم على حقٍ رُبّما
------
محمد نجيب وهيبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Vietnamese Liberation - To Your Left: Palestine | تحرر الفيت


.. آلاف المحتجين يخرجون في مدينة مالمو السويدية ضد مشاركة إسرائ




.. اشتباكات بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين المطالبين بإسقاط


.. مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين يطالبون بإقالة الحكومة في تل أب




.. الشرطة الإسرائيلية تفرق احتجاجات في تل أبيب ضد الحكومة ونتني