الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جراثيم الأسد

ماجد ع محمد

2015 / 4 / 9
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير


بعد أكثر من أربعة أعوامٍ من عمر الثورة السورية، ومع كل الخراب والقتل والدمار المنظم، لا يزال النظام الأمني في سوريا كعادته معتمداً على الجراثيم البشرية في معالجة القضايا الاجتماعية وكذلك في تنفيذ المهام والأوامر وتحقيق المآرب السلطوية، وفي ذلك المضمار فبقدر فظاعة ما صدر عن الطاقم المتحكم بكابينة الدولة السورية منذ سنوات، فمهما أورد المتابع من القرائن والأدلة من حقول الأمم الأخرى تلك التي تماثل سلوكيات الفرعون السوري وكهنته نزولاً الى مستوى عسسه، يبقى المراقب حائراً في أية خانة يضع القيل السوري ودهاقنته وناهشي الرعية بأمره، وسيبقى المرء عاجزاً عن فهم الغايات الخفية من خلال نذالة ممارساتهم، بل ويبقى المُبصرُ عاجزاً عن رؤية من يماثل نتانة تجربتهم في الحكم بوجهٍ عام، ومن باب المقارنة لا أكثر فمعلومٌ أن ألكسندر فليمنغ مكتشف البنسلين كان قد دفعته الحاجات الإنسانية لاكتشاف ترياقه السحري من العفونة والفطريات، فهل من المحتمل أن تكون تجربته تلك قد حضت دهاقنة المقرات الأمنية في سوريا لمحاكاة تجربته في مجال الأنتروبولوجيا، ولكن من المعروف في مجال الطب والصحة أن فليمنغ باختراعه المذهل كان قد أنقذ الملايين من الموت الزؤام، فما هي إذن العقاقير التي اكتشفتها وقدمتها الفئات المتفسخة في حكومة الأسد للدولة والمجتمع منذ تسنمهم مقاليد الحكم في سوريا، وإذا كانت السموم تُستخدم في بعض الأقاليم كمستحضرات وقائية لضمان السلامة للعوام، وإذا كانت النفايات تُكرر ويُعاد إنتاجها وحتى تم تصنيع الأطعمة من بعضها لعلية القوم، فما هي الفائدة التي تقدمها ميكروبات المجتمع وجهابذة الأفرع والمقرات للبشر أو الأنعام؟ وما الحكمة يا ترى من محاصرة ذوي العقول الراجحة وإذلالهم مقابل إطلاق يد الحثالات ومساندتها لتعمل في تلويث البيئة والمجتمع؟ وبماذا تراها قد تفيد السلطة تلك البراغيث المتعشعشة في أروقة المؤسسات الحكومية والمتغلغلة في أوردة الدولة وشوارع الحياة السياسية في عموم البلد؟ وما الفائدة من زج الرزانة في غياهب الأقبية والاحتفاء بثقافة المجون والرعونة؟ فتهان كرامة أصحاب الكرامات وتسد أفواههم بنعال العجرفة وتلاحقهم السياط على كلمة أو جملة أو مقال؟ بينما في الوقت عينه تعطى كامل الحرية للفاسدين والأنغال والساديين والقتلة، بل ويتم دعم الأرجاس ومؤازرتهم عند ارتكابهم لأزنخ الأفعال، فإذا كان فليمنغ باعتماده على البكتريا قد أنتج مبيدات قاتلة لفئات مماثلة، فما هي الفائدة التي تجنيها جلاوزة الأقبية لنفسها أو للوطن عبر اتكائها على تلك الرواسب التي توازي الفايكنغ بإجرامها وسفالتها؟ وإذا كان أدوارد جينر* قد نجح بزمانه في التخلص من إحدى العلل الخبيثة وذلك عبر استخدامه جرعاتٍ من داء الحيوان للوقاية من بعض الأمراض والمساهمة في شفاء الإنسان، فما هي الفائدة التي قدمتها أجهزتنا العاقرة من خلال مراعاتها لتجاوزات المشبوهين وأصحاب السوابق وتغاضيها عن أنشطة مراكز بيع الهوى في المدينة الغافية على أنغام المآذن، وإذا كانت فضلات أبدان المخلوقات تُستخدم كمواد فعالة لتعتيق التماثيل المزورة عند تجار الأنتيكا، فما هي الفائدة التي تجنيها حكومة الأسد المزنرة بوشاح المضللات القومية وقصص الممانعة، وجوفها غدا مستنقعاً للإثم وأوكار الخساسة؟ بل وبدلاً من أن تضيق الخناق على المنابع الآسنة ومواخير العهر السياسي إذ نرى ونسمع بعد كل ما جرى في البلد من خرابٍ ودمار، بأن تلك الجهات المعنية بالقيم والآداب العامة لا تزال كما كانت تعمل عليه بعقلية ما قبل عام 2011 في المناطق الخاضعة لسيطرته، تهمل وتمزق مئات الشكاوي المقدمة من المواطنين ضد فيالق العربدة وجحور كلابها، وتدوس الجهات الحكومية تلك على مشاعر آلاف المواطنين الذين رضوا بالبقاء تحت ظلال الحكم الآثم لا حباً بالنظام وفرعونه وجلاوزته، إنما لغياب السبل الأخرى أمامهم حتى الآن، وبالمقابل تراها لا تزال تطلق يد السفلة وجراثيم الأزقة ممن يدّعون بأنهم يحمون عرشه بالأنياب والحوافر، وتدوس على مطالب آلاف المدنيين بالنسبة لما يجري في شوارع المدن الخاضعة لنفوذه، كرمى عيون بعض رجالات مواخير الاقتصاد الفاسد أو القوادات الواصلات بسلطات عاناتهن إلى أعلى المقامات من شوارب قادة الحكم وزبانيتهم، فيبقى المُراقب في حالة استغرابٍ دائم بعد البركان العظيم، متسائلاً بماذا من الممكن أن تفيد السلطة هذه القمامة التي تكاد أن تؤدي بما تبقى من المجتمع إلى أدنى دركات الانحلال؟ والذي يبين عقب التحريات بأن أغلب المفسدين، هم إما متعاونين مع هذا الشط أو هم مندوبين عن تلك الضفة من فروع النظام، والاستفهام سيظل حائماً حول ماهية الفائدة التي تجنيها مقرات الأزلام من حشراتٍ لا تنشر غير الأوبئة على كامل جغرافية ما تبقى من الوطن تحت سيطرة القابع في قاسيون، ترى ألا يعلم أولئك المتحذلقين بأن الذي يعمل في تخريب ونحر القيم يهون عليه بيع السيادة والوطن لقاء سهرةٍ في مربع أو لحظةٍ في أحضان النِعَم؟ وما الذي بإمكانها أن تقدمه فئة من المعربدين ومرتكبي الموبقات بحق الخليقة والخالق ليتم التغاضي عن انتهاكاتهم بهذه الطريقة الوقحة؟ بل ودعمهم من قبل أحناش أروقة التنكيل بإعطائهم صلاحيات تخولهم للقيام بأشنع الأعمال، أفلا تفقه العقليات السلطوية بأن لا رجاء ولا أمل من المنحطين أبد لا في ساحات الوغى ولا حتى أيام الوئـــام؟ وإذا ما جئنا بذكر تجربةٍ مماثلة فيا ترى بماذا أفادوا حامي البوابة الشرقيـة آلاف المجرمـين الذين أفرج عنهم قبُيل غزو مدينة السلام بدعوى الدفاع عنها؟ فماذا فعلوا آنئذٍ أولئك المتهتكين أصدوا هجوماً أم حطموا أسطولاً؟ أم أنهم هم أنفسهم الذين نشروا على طول البلاد وعرضها الخراب والدمار، وهم أنفسهم الذين سرقوا ونهبوا واغتصبوا الماجدات العراقيات، كونهم بالأصل كانوا منتوجات لا قيمية، وماذا يُرجى منهم أصلاً غير ذلك؟ وألا يعلم أقيال السراديب بأن هؤلاء الذئاب الذين يتم تغذيتهم ورعايتهم سيكونون من طلائع الناهشين لجسد الوطن عند الملمات والنوائب، لئن التجارب العالمية أثبتت بأن لا خير قط في همجٍ لم يتربوا إلا على اللدغ والجرم والرذيلة، وأخيراً وليس آخراً أليس هذا الانحياز السافر لبقايا المجتمع هو الذي يولد الشعور بالمرارة والتطنيش حتى لدى من اختار البقاء في مناطق نفوذ الفرعون السوري لأسبابٍ قد لا يفيدنا بشيء إن قمنا بإيرادها، ولكن من المؤكد بأن هذه القذارة في التعاطي والتعامل مع المواطن سيُرسخ لا شك الإحساس باللاجدوى واللاأمل في التغيير حتى لدى عموم الموالين، وتموت بالتالي آمال الانتقال ولو الى بر أمانٍ مؤقت لدى كل واحدٍ من هؤلاء الذين بقوا لابدين رغماً أو طواعية في تلك الضفة من مضارب الصعيد المشبع بطعنات الفقر والجوع والجراح وجثث الأموات، ومع كل ذلك فلا يسعنا أخيراً إلا أن نشد على أيادٍ لا تزال نظيفة حتى وهي تقيم بجوار عفن السلطة ونتانتها السياسية والعسكرية وعلى مرمى نيران سفلة التشبيح في كل مكانٍ هم فيه قائمون، ولم يتورطوا في أي انتهاكٍ أو سطوٍ أو قتلٍ أو عمليات نهبٍ أو اعتداء، والسلام دائماً وأبداً على من يحافظ على نقاوته في هذا المناخ العائم بقاذورات البعث والأسد على امتداد خارطة ما كنا نسميه منذ المرحة الابتدائية بالوطن.
ــــــــــــــــــــــ
ملحوظة: نشرتُ مقالة متممة لها باسم: م. حج كبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نحن نأكل آلهتنا
.ماجدة منصور ( 2015 / 4 / 11 - 01:50 )
اذا فسد الرأس...فسد الجسد كله
ماذا نتوقع من وطن أوغل كباره في الفساد منذ عقود حتى أصبح الفساد هوية لهم!!0
ماذا جنينا من عبادة الطواغيت؟؟ ألم نجني هذا الدمار الذي نراه بأم أعيننا ؟؟
ان السلطة تفسد الرجال لذا يتم تداول السلطة في الأنظمة الديموقراطية0
السلطة المطلقة تفسد النبي .أيها المحترم0
نحن خاضعون لسلطتين مقيتتين..السلطة الدينية و السلطة السياسية0
وكما تكونوا..يولى عليكم0
نحن من خلق الطواغيت و الفراعين و آلهة التمر
.علمنا التاريخ بأننا أيضا نأكل .آلهتنا..حين نجوع و شعوبنا قد جاعت كثيرا
احترامي


2 - نحن جزء من المشكلة
ماجد عارف محمد ( 2015 / 4 / 11 - 08:53 )
معك حق اختي الكريمة فالسياسيين والمثقفين يتحملون الوزر الأكبر مما يحصل في المنطقة وحقيقة رغم الجرائم البشعة للنظام السوري إلا أني ارى بأن الذي سيأتي من بعده لن يكون ملاكاً باعتبار أن مشكلتنا هي في الثقافة التي يحملها المجتمع وليست العلة كامنة في شخص واحد ولمجرد أن نزولها سيزول المرض، والنخب هم الذين عظموه وألهوه وهم الذين عبّدوا الطريق للعامة حتى تعبده، وهذا ما حصل ليس في سوريا فقط إنما في الكثير من دول المنطقة باعتبارها علة عامة.

اخر الافلام

.. انتخابات تونس.. فوز محسوم لقيس سعيد؟ | المسائية


.. هل من رؤية أميركية لتفادي حرب شاملة ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. الهلال والأهلي.. صراع بين ترسيخ الاستقرار والبحث عنه


.. فائق الشيخ علي يوجه نصيحة إلى إيران وأخرى إلى العرب




.. مشاهد لاعتراضات صواريخ في سماء الجليل الأعلى