الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع القانون المنجمي يفتح المجال أمام خوصصة وتفويت المناجم

محمد بلغيت

2015 / 4 / 9
الحركة العمالية والنقابية


بعد مضي أقل من عام على انعقاد المؤتمر العربي الثالث عشر للثروة المعدنية بمراكش ، المؤتمر الذي تضمنت أهم توصياته دعوة صريحة لكل الدول العربية المستهدفة إلى إعادة النظر في كافة القوانين والتشريعات القائمة المنظمة لقطاع المعادن ، والتي تشكل في نظر القوى المتحكمة في سوق المعادن الدولية عائقا أمام تغلغل مؤسسات القطاع الخاص التابعة للشركات المتعددة الجنسيات ، كان من المنتظر أن تكون انعكاسات هذا الملتقى العربي خطيرة على مكاسب عمال المناجم وشعوب الدول المستهدفة ، لاسيما عمال الدولة المحتضنة لهذا المؤتمر، الأمر الذي تجسد بالفعل عقب إطلاق الحكومة المغربية لإستراتيجية رسمت الخطوط العريضة لما سمي بإعادة هيكلة قطاع المعادن ، كما تأكد أيضا في الرابع من فبراير المنصرم بعد مصادقة مجلس النواب في جلسة عمومية على مشروع قانون يتعلق بالمناجم أيده 110 نائبا وعارضه 56 اخرين ، لتكتمل بذلك فصول الاستجابة العمياء للدعوة الملحة بخصوص ضرورة التسريع بأجرأة كافة الخطط والاستراتيجيات التي تخدم أهداف خوصصة القطاع .
لقد جاء مشروع القانون المنجمي يحمل معه تأكيدا إضافيا على ذات التوجه نحو تفويت القطاع وخوصصته ، وهو ما أعلن عنه وزير الطاقة والمعادن خلال تقديمه لمشروع قانون رقم 33.31 يتعلق بالمناجم في إطار عرضه لأهم مبررات تعديل التشريع المنجمي جاء فيها ما يلي " إن الاستثمارات المخصصة للاستكشاف والبحث المنجميين من قبل الفاعلين المنجميين لا ترقى إلى المستوى المطلوب لتقييم خيرات باطن الأرض الذي يظل لحد الساعة غير مستكشف بما فيه الكفاية " في إشارة واضحة وصريحة إلى نية التوجه الحكومي التراجع التدريجي عن دعم الفاعلين المنجميين العموميين مما دفعهم بدورهم إلى التراجع عن تقديم مجموعة من الخدمات الصحية والاجتماعية للعمال المنجميين ، والتوجه بالمقابل نحو فتح سوق استغلال ثروات المناجم المغربية أمام الشركات المنجمية الكبرى بمبرر توفرها على إمكانات عالية تسمح لها بالإشتغال على مساحات كبيرة ، وإنجاز برامج أشغال على نطاق واسع حتى يتسنى لها التحكم في الحياة الاقتصادية الوطنية ، وهي المسألة التي بدت انعكاساتها جلية من خلال تراجع فتح المناجم أمام استمرار تزايد إغلاق الاستغلاليات المنجمية ، تجلى اخرها في الإقفال غير القانوني لأحد مناجم الحديد المهمة بإقليم خريبكة من طرف الشركة المغربية لمناجم الحديد ، ما نجم عنه تشريد أكثر من 75 عاملا .
وضمن ذات السياق ، وإلى جانب تصريحات المسؤول الحكومي ، أقرت مضامين القانون المنجمي صلاحيات واسعة للشركات الكبرى التي سيغطي مجال اشتغالها مساحات كبيرة ، من ضمنها إمكانية الاستمرار في استخراج المعادن بشكل غير محدود إلى غاية نفاذ الإحتياطي المنجمي ما ينذر مستقبلا بكارثة استنزاف كل ثروات الأجيال اللاحقة .
فضلا عن ذلك ، فإن هذا التكالب الواضح على نهب خيرات الوطن وثرواته لم يتوقف عند هذا الحد ، بل تجاوزه إلى إدماج أوساط جيولوجية وبيئية ضمن الأوساط القابلة للإستغلال بغرض تخزين الهيدروكربورات ومختلف أنواع المواد البترولية الخطرة ، ما يؤكد الخضوع بشكل مطلق للضغوط الامبريالية ومصالح مؤسساتها المالية ولوعلى حساب المصالح البيئية ، في ضرب صارخ لكل الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي تكرس مباشرة أو بشكل عرضي حق الإنسان في ظروف بيئية سليمة.
وفي إطار تبرير سياسة استهداف القوانين وتفكيكها ، فقد حملت مضامين القانون في فقراته الأولى مبررات عدة تتذرع بها لأجل تمرير القانون المنجمي الجديد ، تجلى أبرزها في الحاجة لتحديث أحكام القانون المنظم للمجال المنجمي بالمغرب تحت ذريعة أن القانون المنجمي الحالي يتسم بالقدم لكونه يعود إلى تاريخ 16 ابريل 1951، وأن عباراته متجاوزة تفتقر للتعريف القانوني الدقيق ، كما أن قائمة التصنيف القانوني للمواد المنجمية لا تتضمن مسميات مواد معدنية مشابهة للمواد المنجمية مما يعيق عملية تنظيم البحث فيها واستغلالها ، غير أنه ضمن هذا السرد ، ومع تركيز مضامين القانون على الجانب الشكلي ، يجوز لنا أن نتساءل ما إذا كانت هذه النصوص القديمة بالنظر للظرفية التي جاءت فيها ، ظرفية النضال العمالي ضد الاستغلال والنضال السياسي ضد الاستعمار قد لعبت دورا ما على الأقل في التخفيف من حدة استغلال الشركات المنجمية حيث يهيمن الرأسمال الفرنسي ، بعدما حصدت الإمبريالية الفرنسية حصيلة استغلال جد ثقيلة لمستخرجات المناجم المغربية شكلت عشر قيمة الإنتاج المنجمي الفرنسي ، والتي تفسرها بشكل ملموس نسب الأرباح الضخمة والفوائد البرصوية لأسهم الشركات المنجمية .
بناء على كل ما سبق ، يمكن القول إجمالا أن أي تعديل للنصوص المنظمة لقطاع المناجم لا يستحضر المكتسبات التاريخية لعمال المناجم ولا يقر بكافة حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئية ،لا يعدو مجرد تكريس لمزيد من الاستغلال والاضطهاد يستوجب الأمر من جميع عمال هذه العوالم المغلقة رفضه ومناهضته عن طريق تبني مواقف عمالية واضحة ، موحدة ومنسجمة تترجم على أرض الواقع عبر النضال المستمر لأجل إقرار قوانين اجتماعية شعبية عمالية تروم تحسين ظروف اشتغال عمال المناجم و تحسين أوضاعهم المعيشية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية


.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري




.. واشنطن بوست.. اتحاد طلبة جامعة كاليفورنيا يأذن بالإضراب في أ


.. تونس.. نقابة الصحفيين تتضامن مع الزغيدي وبسيس




.. رئيس الغابون السابق يضرب عن الطعام احتجاجا على -تعذيب أسرته-