الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شعرة الوطن المقطوعة

محمد الذهبي

2015 / 4 / 10
الادب والفن


ساغادر الوطن
محمد الذهبي
تصفح الوجوه، سحب نفسا عميقا، ونزت عيناه بدمعتين، ساغادر الوطن، فانا المسيحي الذي لا املك عشيرة فيه، لكنني لا اريد ان ابيع بيتي، ساضعه وديعة لديك، لاتحسب ان مبلغ الايجار البسيط هو ايجار حقيقي، اريد ان احتفظ بشيء في العراق، لا اريد مغادرته تماما، ساضع لي خط رجعة، علها تستقيم الامور فاعود، علّ الطائفية تختفي، وربما تختفي العشائرية، لايهم كيف يكون نظام الحكم، فانا اكره السياسة ولا اتدخل فيها، لكن الممض في الامر انني لااستطيع ان اعيش في العراق، اخاف من الشارع ومن المدرسة على ابنائي، وكل ليلة تمر طويلة، اختفى اهلنا، ولم تعد الكنيسة كما كانت، الآحاد صارت لاتعني شيئا، والخد الايسر والايمن لايمثل شيئا للآخرين، لقد وصل الامر الى نهايته.
صدقني ان قلبي يقطر دما وانا اقف بجنب شجرة البرتقال التي اشم رائحتها كل يوم، انا مغرم بالعراق، منذ طفولتي وانا مغرم فيه، لكنني بت اخشاه، العراق لم يعد بلدا صالحا للسكن، في اي وقت يمكن ان تموت او تفقد عائلتك، بمشاجرة للجيران، او بحادث مروري مع متهور، او اطلاقة طائشة، ناهيك عن اعمال القتل المقصودة، حتى المستشفيات في العراق صارت مكانا للموت، الحياة هنا تلفظ انفاسها الاخيرة، وانا لا احرص على حياتي، وانما هناك حياة ابنائي هي الكفة المهمة.
من غير الممكن ان يكون الوطن ثقيلا لهذا الحد، كم مرة حملنا جراحنا وسرنا في دروبه المظلمة، فقدنا الكثير من الاحبة، وعملنا باعمال شتى، اردنا فقط الاحتفاظ بمكان صغير فيه، لكن الامر بدا مستحيلا، اننا خارج الحدود، يجب ان نكون خارج الحدود، تعلم ان بعض اقاربنا في بغداد انظموا الى عشائر عديدة فقط للحماية ، ومع هذا مع قلة مشاكلنا وانتظامنا بدفع مستحقات العشيرة صرنا اللبنة الضعيفة فيها، فصرنا نطالب باستحقاقات عشائر اخرى على العشائر التي ننضم اليها، صار الوضع لايطاق ويجب علينا الرحيل، ليفز من يفوز، نذهب هناك لنرتاح من هاجس الخوف المستمر، صرنا نغلق ابوابنا علينا ولانزور احدا.
كان يوصي الرجل الذي استأجر بيته، اخي العزيز( دير بالك على البيت)، وصاحبنا يحلم الاحلام الوردية، بيت في منطقة الغدير في منتصف بغداد، ابن اخيه في عقارات الدولة، معاملة بسيط ويكون في الطابو الشهر المقبل لتسجيل الدار، في البداية يسير وفق القانون، حجز لدى عقارات الدولة وبعدها سنجد دلالا شاطرا يستطيع لملمة كل شيء، الحياة فرص، وهذا الاخ لم يعد يطيق الحياة في العراق، فلماذا يشغل 400 متر مبنية فيه، انا ابن العراق الذي اطيقه واتحمل بلاويه، مستعد لكل شيء للانفجارات والاغتيالات والحروب، في الوقت الذي كان هذا الاخ يتمتع بالجاه والمال والحفلات كنت جنديا على الجبهة، احلم بزجاجة العرق الحارقة، وهذا ومن معه كان يشرب الزلال ، كرانت ووايت هورس وغيرها من المشروبات اللذيذة.
هذا الوقت لي ولابنائي، انه يومنا الذي انتظرناه، فليهرب هذا ومن يشابهه، سنبقى نحن، ندفع الدماء هنا، سنخسر الكثير، الم يهرب هو خوفا من ان يفقد احد ابنائه، او يفقد نفسه، انا لدي اثنان يقاتلان داعش، الايحق لنا ان نأخذ مانراه مناسبا لنا، سافر المسكين مطمئنا ولم يعلم ان الشعرة التي تربطه بالوطن قد قطعها من آمن به وترك شجرة البرتقال امانة عنده، صادر الحديقة والبيت باثاثه، وجلس ينتظر صيدا آخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لما تعزم الكراش على سينما الصبح ??


.. موسيقى وأجواء بهجة في أول أيام العام الدراسى بجامعة القاهرة




.. بتكلفة 22 مليون جنيه.. قصر ثقافة الزعيم جمال عبد الناصر يخلد


.. الكلب رامبو بقى نجم سينمائي بس عايز ينام ?? في استوديو #معكم




.. الحب بين أبطال فيلم السيد رامبو -الصحاب- ?