الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أوجه الشبه بين الشمال والجنوب

عوني الداوودي

2002 / 12 / 29
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 

أنطلق النظام الحالي في حكم العراق، وتعامله مع أبناء الشعب العراقي من منطلق عنصري شوفيني وطائفي، وجاءت ممارساته في كوردستان العراق وفي الجنوب ذات الكثافة الشيعية وخاصة في مناطق الأهوار، بتطبيق سياسة الأرض المحروقة، وكانت حصيلة الدمار الذي لحق بكوردستان، هو تدمير أربعة آلاف قرية، وتجفيف ينابيع المياه الغزيرة في تلك المناطق وردمها بالإسمنت، وحرق الغابات وقطع أشجار الجوز وغيرها، وزرع أكثر من عشرة ملايين لغم عشوائياً، ورفضه تسليم الخرائط للمناطق الملغومة، والتي تحوي على كميات هائلة من الألغام، وقصف مدينة حلبجة بالسلاح الكيمياوي التي راح ضحيتها أكثر من خمسة آلاف كوردي أكثرهم من النساء والأطفال والشيوخ العزل وإصابة ما لا يقل عن 15 ألف مواطن آخر بغازات الخردل والسيانيد، ولا يعرف إلى حد هذه اللحظة مصير 182000 ألف إنسان في مجازر الأنفال المريعة، حيث أعترف النظام على لسان علي كيمياوي قائد تلك العمليات القذرة لوفد الجبهة الكوردستانية في مفاوضات عام 1991 بين الحكومة العراقية والجبهة، ورّد على استفسار الطرف الكوردي بكل وقاحة " أن الرقم مبالغ فيه، أنهم مائة ألف فقط " .

ومنذ عام 1992 شرعت الأحزاب الكوردية والمنظمات الإنسانية العاملة في كوردستان وبمساعدة الأهالي إلى إعادة الحياة إلى الريف الكوردي وبناء القرى التي أزيلت عن الأرض وإزالة الألغام في ظروف بالغة الشدة والتعقيد، مستفيدين من الأموال التي تحصل عليها المنطقة الآمنة ضمن قرار النفط مقابل الغذاء، وعلى مدى العشر سنين المنصرمة والبناء مستمر، ولم ينجز منها إلا الشئ القليل من ما دمره النظام خلال أعوام قليلة . 

لكن الوضع في جنوب العراق وخاصة في مناطق الأهوار مختلف، فقد باشر النظام بعد القمع الوحشي للانتفاضة في آذار عام 1991  والتي راح ضحيتها ما يقارب 300000 إنسان بين قتيل وجريح ومشرد حسب المعلومات المتوفرة لدى المعارضة العراقية، وبتطبيق ذات السياسة التي مارسها في كوردستان من قبل، أي سياسة الأرض المحروقة، فقام بتجفيف الأهوار وشرد أهلها هائمين على وجوههم لا يدرون ما ينتظرهم بعد قتل عشرات الآلاف منهم، كما تشير التقارير الواردة من أن النظام استعمل السلاح الكيمياوي أيضاً ضد عرب الأهوار، كما سمم المياه في المنطقة للقضاء على الحياة فيها، والصور الملتقطة من الأقمار الصناعية لتلك المناطق بعد عمليات التدمير والخراب الذي مارسه يبين بوضوح عدم استحالة العيش ثانية في هذه المناطق التي أصبحت قاحلة، والتي كانت على مدى خمسة آلاف سنة من أجمل المناطق الطبيعية، والتي انطلقت منها أولى الحضارات في العالم حضارة سومر حيث كان "جلجامش وصديقه أنكيدو يطاردون الوحوش والخنازير البرية وينشدون أغنية الخلود في هذا الفردوس في، جنة عدن " لتأتي جحافل الموت والدمار بعد خمسين قرناً حاملة معها تخلف وهمجية الفترات المظلمة على مدى تاريخ البشرية لتفرغ حمولتها هناك على الناس والطيور والأسماك والماء والحيوانات، وعلى الزرع والقصب البردي وعلى كامل ما يمت للحياة بصلة .

لكن السؤال الذي يطرح نفسه عليّ بقوة، ونعرضه على المعنيين والمختصين والعارفين بشؤون المنطقة . هل من الممكن إعادة الحياة إلى هذه المنطقة بعد إزالة وكنس هذا النظام الهمجي إلى مزبلة التاريخ ؟ 

                            

                                                                         

                                                                               

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقوبات بالسجن في الجزائر لمن يتدخل في صلاحيات وعمل السلطتين


.. ماذا تناول الإعلام الإسرائيلي بخصوص الحرب على غزة؟




.. مراسل الجزيرة: أكثر من 50 شهيدا خلال الـ24 ساعة الماضية في ا


.. اشتباكات عنيفة تدور بين المقاومة وقوات الاحتلال الإسرائيلي ف




.. اشتباكات مسلحة بين مقاومين فلسطينيين وقوات الاحتلال في مخيم