الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المثقف ودوره في المجتمع (1-3)

ديفيد ج. كوج

2015 / 4 / 10
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


المثقف ودوره في المجتمع
(1-3)
ديـفـيـد جـ. كـوج

من الشائع في المناقشات العامة ان يطلق لفظ المثقف علي المتعلمين, مع ان هذا يمثل تعريف للمثقف في فترة من الفترات الا انه خاطئ وقد عفي عليه الزمن. لذلك رأيت ان اكتب عن المثقف ودوره في المجتمع لعله وعسي ان يساهم في إثراء المناقشة حول المثقف والسلطة بشكل اوسع وبناءّ!
لقد ظهر مصطلح المثقف لاول مرة في فرنسا نهايات القرن التاسع عشر في قضية الضابط دريفوس المحكوم عليه بالاعدام زيفا.. كان من حسن حظ دريفوس ان الحكم لم ينفذ عليه مباشرة مما اعطي اهله الفرصة لاثبات براءته.. الشئ الذي حدث في النهاية.
لان اهل الضابط اثبتوا بالوثائق ان ابنهم لم يكن خائنا كما اتهم وانما برئ.. ولذا لجأوا الي الادباء والكّتاب طلبا لمساندتهم في هذه القضية.. فحرر هؤلاء خطاب نشروها في صحيفة الفجر ووقعوا تحتها بانه "مانفيستو المثقفين".. وهكذا ظهر مصطلح المثقف.
وللمثقف عدة تعريفات وان كان معظمها تعتبر كلاسيكية مثل تقسيم غرامشي للمثقف الي المثقف العضوي والمثقف التقليدي! مع انه يؤكد ان الكل مثقفين ولكن ليس الكل هم من يقومون بواجب المثقف في المجتمع..
الا ان ها التقسيم قد تناول مفهوم المثقف ودوره الاجتماعي فقط لا اكثر. بينما يري ثيودور ادورنو ان المثقف لابد ان يكون سلبي في تفكيره وبالتالي في تعامله مع القضايا .. وما يقصده ادورنو بالسلبي هو النفي!
اما ادوارد سعيد فيري ان المثقف لابد ان يكون هاوي.. اي ان يتبني قضايا الدفاع عن المظلومين والمقهورين في اي مكان من العالم دون ان يتوقع الحصول علي اي منافع من وراء تبنيه لهذه القضايا.. لان الهاوي يفعل ذلك من مبدأ اقرب الي مبدأ الواجب عند كانط. ولسارتر رأي قريب من ما ذهب اليه سعيد وان اتفقا في ضرورة ان يكون المثقف ضد السلطة.. حين يقول ان المثقف يجب ان يجابه ويقاوم الظلم اينما وجد! يرى سارتر أن المثقفين لا يمكن أن يتسموا بالمحافظة الثقافية كما لا يمكن أن يكونوا خدّاماً للنظام، وأنهم يعانون من ضعفٍ داخليٍ لأنهم يتواجدون خارج مجتمعهم القائم وضده وبدون توفر دعم من أية سلطة ـ وفي مرات كثيرة ـ بدون حتى تأييد شعبي، هذا الضعف السياسي والإجتماعي هو الذي يشكل مثالية المثقف النقدي وأخلاقيته التقليدية.. اما فوكو فيري ان المثقف هو ذاك الشخص السياسي الذي يستخدم معارفه في معارضة السلطة .. وان كانت السلطة هنا ليست محصورة في السياسة فقط (كما تقول ما بعد الحداثة) وانما في كل المجالات تقريبا. في حين يتفق هشام عمر مع يورجن هابرماس في تعريف المثقف علي انه " من يستخدم معارفه ومهاراته في الكلام والكتابة لشجب الظلم وانتهاكات السلطة، وللكفاح من أجل الحقيقة والتقدّم والعدالة, في المجال العام" هشام يشترط وجود المجال العام كما سبقه الي ذلك هابرماس.. لان التعريف الكلاسيكي للمثقف الذي يضعه امام السلطة تجاهل المجال العام.. وركز فقط علي دور المثقف كمناهض للسلطة والظلم..
وان عدنا لحادثة دريفوس وظهور المثقفين وتوقيعهم لـ "مانفيستو المثقفين" فان ظهورهم كان في المجال العام الشئ الذي يشدد علي ضرورة ممارسة المثقف لدوره في هذا المجال ..
ووفقاً لهذا المعنى القوى يتحدد وضع المثقف لا بنوع علاقته بالفكر والثقافة، ولا لكونه يكسب عيشه بالعمل بفكره وليس بيده، بل يتحدد وضعه بالدور الذي يقوم به في المجتمع كمشرع ومعترض ومبشر بمشروع؛ (التشديد في الأصل) المثقف إذن في جوهره ناقد اجتماعي يعمل من أجل مجتمع أكثر إنسانية وأكثر عقلانية فهو ضمير المجتمع والناطق باسم قوى التقدم؛ وهو بالنسبة للقوى المهيمنة لا مناص من أن يكون شخصاً خيالياً طوباوياً متمرداً مثيراً للعراقيل والفتن. المثقف ليس بضرورة أن يكون صاحب رسالة إنه مثقف فحسب يناهض الظلم بفكره ومعارفه وملكاته في المجال العام للنقاش الديمقراطي والحوار السياسي والكتابة ومناقشات الصحف والمجلات والكتيبات والكتب. إن أخلاقية المثقف ومثاليته النقدية ليست في ضعفه الإجتماعي والسياسي وإنما في وقوفه إلى جانب شعبه. وهذا يعني أن المثقف حقاً هو مثقف معارض ونقدي وسلبي (والسلب هنا بمعنى النفي).
من هذا المنطلق يمكن ان نقول ان المثقف ليس كل من تلقي التعليم المناسب.. ولا من لديه معرفة كافية دون ان يعارض السلطة باي شكل من الاشكال .. ويقف الي جانب المظلومين دون ان يدعي تمثيلهم!
يتبع..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان: أين الضغط من أجل وقف الحرب ؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مؤثرة موضة تعرض الجانب الغريب لأكبر حدث للأزياء في دبي




.. علي بن تميم يوضح لشبكتنا الدور الذي يمكن للذكاء الاصطناعي أن


.. بوتين يعزز أسطوله النووي.. أم الغواصات وطوربيد_القيامة في ال




.. حمّى الاحتجاجات الطلابية هل أنزلت أميركا عن عرش الحريات والد