الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقارنة بين حرب أميركية هزلية ضد داعش ، وحرب سعودية في غاية الجدية ضد الحوثيين

ميشيل حنا الحاج

2015 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


بدون تناسي للحرب العربية الاسرائيلية الخامدة الهامدة منذ زمن بعيد، رغم اشتعالها بين فترة وأخرى في قطاع غزة... تواجه هذه المنطقة الصغيرة من العالم الواسع ، أربعة حروب في آن واحد هي: 1) الحرب الأميركية في أفغانستان ضد تنظيم القاعدة، 2) الحرب الأهلية في سوريا التي لا ينبغي تسميتها بحرب أهلية لوجود عناصر خارجية تقاتل فيها - اضافة الى تمويل خارجي للعديد من فرق المعارضة المسلحة ، 3) حرب أميركية ضد داعش في العراق وأحيانا (وربما نادرا) في سوريا، 4) حرب المملكة السعودية ضد الحوثيين المسماة بعاصفة الحزم، مع العلم أنه ليس من الدقة تسميتها بحرب السعودية، نظرا لمشاركة دول عربية وخليجية فيها، أو من الدقة تسميتها بحرب ضد الحوثيين، لأن كافة أطياف الشعب اليمني يتأثر بنتائجها .

ولكننا معنيين هنا في هذا المقال، بالمقارنة بين حربين من تلك الحروب المشتعلة الأربعة، وهما حرب الولايات المتحدة ضد داعش، وحرب السعودية ودول الخليج ضد من سموهم برافضي الشرعية من الحوثيين وأنصار الرئيس السابق "علي عبد الله صالح".

وكانت دول المنطقة، بل دول العالم كله ، قد هللت فرحا لدى اعلان الرئيس أوباما في 28 أيار (مايو) 2014 الحرب على داعش ، في خطاب ألقاه في كلية "وست بوينت" العسكرية في نيويورك. وكان مبعث ذك الفرح والابتهاج، هو اقتراب العالم من التخلص من تلك الفئة المغولية الضالة المغالية في وحشيتها، وذلك لكونها تقطع الرؤوس وتسبي النساء وتضطهد الأقليات.

ولكن حماسه ذاك قد انكمش قليلا لدى ايضاح "أوباما" في خطابه الثاني في الحادي عشر من أيلول 2014 بمناسبة الذكرى الثاثة عشرة لتفجير البرجين في نيويورك عام 2001 ... أن الحرب ستكون لتحجيم داعش كمرحلة أولى، دون أن يحدد موعد المرحلة اللاحقة. ثم انكمش حماس العالم أكثر وأكثر في العاشر من شباط (فبراير) 2015 عندما وجه الرئيس أوباما خطابا الى الكونجرس يطلب فيه منحه تفويضا بالمضي في تلك الحرب التي كانت قد بدأت فعلا منذ الثامن من حزيران 2014 ، محددا مهلة زمنية لها هي ثلاث سنوات. وكان الأهم من ذلك تأكيده للكونجرس بأنه لن يستخدم القوات البرية مكتفيا باستخدام سلاح الجو الأميركي.

ولكن الحماسة الأولية الآخذة في التناقص التدريجي، بدأت تصل الى لحظات لفظ أنفاسها الأخيرة عندما أنهت الحرب شهرها العاشر بدون تحقيق نتائج جدية الا في حالات قليلة جدا، نظرا لضآلة موجة الاغارات الجوية الأميركية اليومية أو شبه اليومية والتي لا تبشر بالخير الوفير.

وعندما اشتعلت حرب "عاصفة الحزم" وأخذ المراقبون يلاحظون مدى جدية تلك الحرب قياسا بمستوى ما يجري في الحرب الأميركية ضد داعش، أخذ المراقبون يقدرون أن تلك الحرب ليست حربا جدية، وقد تبدو كحرب هزلية قياسا بما يجري على الساحة اليمنية من اغارات جوية متلاحقة لا تكاد تنقطع أو تتوقف ولو للحظات، أو حتى لأسباب تفتضيها المتطلبات الانسانية لغاية تسهيل مهمة مغادرة الأجانب المقيمين على الأراضي اليمنية ، أو لتمكين مجموعات الصليب والهلال الأحمر من نقل الجرحى وايصال المواد الغذائية لمن يحتاجها من السكان المدنيين. وقد بلغت تلك الغارات من العنفوان لدرجة اقتضت أن تتطوع الولايات المتحدة بتزويدها بالوقود أثناء تحليقها توفيرا لاضاعة الوقت في عودتها الى المطارات لغاية التزود بذاك الوقود.

فهذه الحرب الأخيرة بكامل جديتها وعنفوانها، قد كشفت بدون مجال للشك، عن مدى هزال الحرب الأميركية المستعينة بتحالف من ستين دولة تقودها أميركا ضد العدو المفترض داعش، الذي قد تثور الآن شكوك حول مدى عداوتها له.

صحيح أن السلاح الجوي الأميركي وحلفاءه، قد حققوا في حالات قليلة ولكن محدودة، بعض الانجازات ضد داعش، كما حدث في معركة "عين العرب – كوباني" ، عندما حالوا بين داعش وسيطرتها على تلك المدينة الصغيرة. وكذلك قدموا الغطاء الجوي اللازم لتمكين "البيشمركاه" الكردية من تحرير "جبل سنجاب" الذي لجأ اليه الأزيديون الأكراد طلبا للنجاة بعد أن حاصرتهم فيه قوات داعش. ولكنهم ترددوا طويلا متذرعين بأسباب عديدة وواهية، عن تقديم العون للعراقيين في معركتهم لتحرير محافظة "صلاح الدين" وعاصمتها "تكريت"، والتي استغرقت شهرا كاملا. فلم يتدخلوا فيها ببعض الاغارات الجوية الا في الأيام الأربعة الأخيرة، ربما لتقديرهم بأن العراقيين سوف يتمكنون في نهاية المطاف من تحريرها بدون عون منهم، أو لينفوا عن أنفسهم تهمة شاعت بأنهم يقدمون العون فحسب للأكراد دون العراقيين أو السوريين. وقد لاحظ المراقبون ضآلة تدخلهم في الجانب السوري، وتركوا مدينة سورية رئيسية هي "ادلب" تقع تحت سيطرة تنظيم ارهابي آخر دون القيام، ولو بمحاولات ضئيلة ومحدودة، للاغارة على القوات المهاجمة.

ونقطة أخرى أثارها ليلة أمس الدكتور "أحمد جبريل" رئيس وزراء ليبيا الأسبق في حوار له على قناة "بي بي سي"، اذ تساءل بأنه لا يفهم لماذا تقوم طائرات التحالف التي يخطط الأميركيون لجولاتها، بقصف مناطق تواجد داعش في العراق وأحيانا في سوريا، ولا يفعلون الشيء ذاته بالنسبة لقصف مواقع داعش في ليبيا. وهنا لا بد أن نتساءل مرة أحرى ان كانت الولايات المتحدة تصنف داعش وغيرها من التنظيمات الارهابية، الى تنظيمات شريرة تقصفها، وتنظيمات ملائكية لا يجوز المس بها، ربما لكونها تخدم مصالحها كما هو الحال في سوريا وربما في ليبيا أيضا.

فحتى عندما تدخلت بشكل جدي في معركة "كوباني" الواقعة قرب الحدود السورية التركية، فانها قد تركت قوات داعش التي حالت بينها وبين السيطرة على تلك المدينة السورية ذات الأكثرية الكردية من السكان، تزحف شمالا وتسيطر على عشرات القرى السورية التي يقطنها غالبية من المسيحيين، مما أدى الى أسر المئات منهم وأخذهم رهائن عندها تفاوض عليها وربما تعذب وتقتل بعضهم.

فهذه الحرب اذن في مجراها البطيء والسيء، لم تعد تبدو للمراقبين حربا جدية حقيقية، بل مجرد مشهد في سيناريو طويل لا يعلم أحد مضمونه الا الرئيس اوباما، وقبله الرئيس جورج بوش الابن، وكاتب السيناريو القاضي، كما يبدو وبات يرجح، بتحقيق هدف أميركي يسعى الى تفكيك القاعدة أو اضعافها في أدنى الحالات. وما يعزز هذا الاحتمال أن 24 تنظيما أو أكثر، قد أعلن انسلاخه عن تنظيم القاعدة الأم ، ومبايعته ل"أبو بكر البغدادي" - أمير داعش وخليفة الدولة الاسلامية. وكان آخرهم انفصال بعض المقاتلين في مجموعة "أكناف بيت المقدس" المنتمين للاخوان المسلمين، وانضمامهم لمقاتلي داعش المتواجدين في مخيم اليرموك الواقع قرب دمشق، (والذي يقطنه لاجئون فلسطينيون) واجتاحت قوات داعش مؤخرا بعض أجزائه دون تدخل من الطائرات الأميركية للحيلولة دون ذلك.

فمخيم اليرموك يقع على مشارف العاصمة السورية. ويقول تقرير اعلامي نشر على صفحات "المركز الأوروبي العربي" أنه بعد اقتحام تنظيم "داعش" مخيم اليرموك في دمشق، أضحى معقل النظام ومقر الأسد في مرمى نيران التنظيم. وهذا أمر ينسجم بطبيعة الحال مع المخططات الأميركية الساعية لاضعاف الرئيس السوري، والحصول منه على بعض التنازلات لمصلحة المعارضة المسلحة، كما ينسجم مع تصريحاتهم الأخيرة المعبرة عن احتمالات تفاوضهم مع الرئيس السوري، ولكنه تفاوض ، كما يريدونه، من مركز قوة، وذلك خلافا لادعاءتهم السابقة الرافضة لاستقواء المعارضة المتشددة ورغبتهم في تنمية المعارضة المعتدلة. فمن سيطر على أجزاء من مخيم اليرموك، كان تنظيم داعش المصنف بأكثر المعارضين تشددا، ومثلهم من سيطر على مدينة "ادلب"، اذ انهم ينتمون لجبهة النصرة المنتمية للقاعدة الأم المتشددة أيضا.

ويعزز تلكوء الأميركيين في محاربة داعش، اقتصارها على استخدام الطائرات دون الأسلحة الأخرى، بل واستخدامها بحذر شديد، رغم أن سوابقها في محاربة الارهاب وأبرزها محاربتهم في أفغانستان، قد استخدمت فيه وعلى مدى أربعة عشر عاما، كل أسلحتها البرية والجوية والبحرية. كما أن "أوباما" كان بوسعه عدم اللجوء الى الكونجرس للحصول على تفويض بالحرب مستخدما سلاح الجو فحسب، وذلك لوجود تفويض مسبق لديه، هو ذاك التفويض الصادر عن الكونجرس لسلفه الرئيس جورج بوش الابن في شهر أوكتوبر 2002 ، والذي فوضه بدخول الحرب ضد العراق لملاحقة مصادر الارهاب فيه، كما ادعى "بوش" آنئذ. فبموجب ذاك التفويض الذي ما زال قائما ولم يلغ، كما قال العديدون من أعضاء الكونجرس، والذي استخدمه "بوش" لغزو العراق في آذار (مارس) 2003. فكان بوسع الرئيس أوباما استنادا له، استخدام كل أسلحة القوات الأميركية الجوية والبرية والبحرية في محاربة داعش، خصوصا وأن دولة العراق الاسلامية – داعش، هو تنظيم عراقي في جذوره، وفي الكثير من قياداته وأبرزهم أميره "أبو بكر البغدادي"، بل وفي ظروف نشأته في العراق، وفي كونه من مفرزات الحرب الأميركية على العراق.

وهكذا يتعزز تدريجيا القول أن الحرب الأميركية ضد داعش، هي حرب رحيمة غير جدية تماما، وتسعى فعلا لمجرد تحجيمها بعض الشيء..لا أكثر من ذلك، لتبقي على دورها في تجريد تنظيم القاعدة الأم من أذرعه وأقدامه المتمثلة بالتنظيمات الموالية له، والتي يتوقع الأميركيون أن تكون مدة الثلاث سنوات، مدة كافية لتحقيق ما تبقى من أهدافها تلك وهو تفكيك وانسحاب تنظيمات أخرى من كنف القاعدة الأم. فبعد أن الغى أكثر من 24 تنظيما ولاءه للقاعدة، لم يبق يدور في أفقها الا ثلاثة تنظيمات رئيسية هي شباب الصومال و جبهة النصرة ، وتنظيم القاعدة اليمني. وتحاور حاليا دولة قطر جبهة النصرة ، كما ذكرت بعض التقارير الاخبارية، حاثة "الفاتح أبو محمد الجولاني" - مع اغراءات مالية كثيرة، على الانسحاب من القاعدة، في وقت قد تؤدي فيه عمليات "عاصفة الحزم" في اليمن لاجتثاث تنظيم القاعدة اليمني أو اضعافه، تاركين للتحالف الأفريقي فرصة التعامل مع تنظيم "شباب الصومال". فاذا تحقق للأميركيين ذلك كما يتخيلون، سيدفن في وقت قريب تنظيم القاعدة الأم، ويكتب عندئذ على شاهد قبره:"هنا ترقد القاعدة" التي أسسها "بن لادن"، وفقدها خليفته "أيمن الظواهري" نتيجة مكر ودهاء المخطط الأميركي الذي تخبط في الماضي كثيرا في مخططاته الاستراتيجية مما أدى لولادة القاعدة ابتداء نتيجة أخطائه في تسليح المجاهدين التكفيريين لمقاتلة السوفبات الشسيوعببن الكفار (كما صورهم لأولئك المجاهدين). ولكن قد تبقى داعش – نتيجة أخطائه وسوء تقديره وتقييمه شوكة في حلقه عندما تتمرد عليه كما تمرد من قبل "بن لادن"، لتقوم ربما عندئذ بالتهديد بتفجير "البيت الأبيض" ذاته، باعتبار أن تفجير برجين أميركيين آخرين، بات عادة قديمة مستهلكة ولا يجوز الاقتداء بها.

ميشيل حنا الحاج
عضو في جمعية الدراسات الاستراتيجية الفلسطينية (Think Tank).
عضو في مجموعة (لا للتدخل الأميركي والغربي) في البلاد العربية.
عضو في ديوان أصدقاء المغرب.
عضو في رابطة الصداقة والأخوة اللبنانية المغربية.
عضو في رابطة الأخوة المغربية التونسية.
عضو في رابطة الكتاب الأردنيين...(الصفحة الرسمية)
عضو في تجمع الأحرار والشرفاء العرب (الناصريون(
عضو في مجموعة مشاهير مصر - عضو في منتدى العروبة
عضو في "اتحاد العرب" (صفحة عراقية)
عضو في شام بوك.
عضو في نصرة المظلوم (ص. سورية (
عضو في منتدى فلسطين للفكر والرأي الحر.
عضو في مجموعات أخرى عديدة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي يحذر من خطورة عمليات إسرائيل في رفح| #مراسلو_سكاي


.. حزب الله يسقط أكبر وأغلى مسيرة إسرائيلية جنوبي لبنان




.. أمير الكويت يعيّن وليا للعهد


.. وزير الدفاع التركي: لن نسحب قواتنا من شمال سوريا إلا بعد ضما




.. كيف ستتعامل حماس مع المقترح الذي أعلن عنه بايدن في خطابه؟