الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملاحظة اولية في الحملة العسكرية على اليمن .. 2 ..

فؤاد الصلاحي
استاذ علم الاجتماع السياسي

(Fuad Alsalahi)

2015 / 4 / 11
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


امريكا التي تعتمد اجندة الفوضى الخلاقة في الوطن العربي وتدمير الدولة الوطنية اعتمدت سياسة النفس الطويل مع ايران عبر حوارات متعددة ومتنوعة تجنبت الردع العسكري وهي تعلم مسبقا بالطموح القومي الفارسي لحضور اقليمي واسع المدى لأنها تريد ايران ضمن اصدقائها في المنطقة وللعلم العلاقات الاستخبارية الامنية مع ايران لم تنقطع وكانت ايران بوابة رئيسية للجيش الامريكي نحو افغانستان والعراق.
هنا يكون السؤااال لماذا لم تعتمد امريكا نفس النهج مع اليمن من خلال حلفائها في الخليج بحيث تحث السعودية على مزيد من الدبلوماسية مع اطراف الصراع لكنها بدلا من ذلك خططت وقدمت التسهيلات اللوجستية والاستخباراتية ولاتزال تفعل مما جعل من الحملة العسكرية خيارا سعوديا برغبة امريكية هذه الحملة بدا تنفيذها زمنيا وفق الاجندة الامريكية في الاسبوع الحاسم للحوار الامريكي الاوربي مع ايران من اجل التوصل الى صيغة اتفاق نهائي بشأن المشروع النووي وهو امر بالغ الحساسية هنا كانت الحملة ضد اليمن رسالة غربية وامريكية وسعودية والتحالف المشكل من عشر دول كان بدعم امريكي ووعود امريكية لهذه الدول .
واذا كانت امريكا لم تستطع تقليم اذرع ايران في شرق المتوسط (حزب الله) ولا في العراق حيث انفردت ايران بالمشهد العراقي كله فكانت امريكا حاسمة في دعمها التدخل السعودي في البحرين ومثله في اليمن ..ولان اليمن دولة فاشلة وفيها فراغ امني وسياسي فان اقرار الحملة العسكرية سيأتي مفاعيله لان ايران لم تكمل دعم حلفائها بكل متطلباتهم الامنية والعسكرية والاستراتيجية . واذا كانت ايران نجحت في حواراتها مع امريكا لتخرج منتصرة ، فان السعودية لن تنتصر على ايران في اليمن بل يتم تدمير اليمن وتهجير سكانه دونما مبرر ، فايران يهمها اولا واخرا مشروعها النووي ولابأس من التضحية ببعض حلفائها .
وللعلم لو كان الحوثيين ينفون صلتهم بايران ولا يرفعون شعارات متطابقة معها لكانت السعودية ايدت ممارساتهم وباركت حضورهم السياسي وقد حاولت ان تكون قريبة منهم عمليا حيث تحاورت معهم قبل وتفاهمت مع قيادي كبير شكل هذا الحوار نافذة مهمة في رفع معنويات الانصار لكنهم لم يفهموا ان السعودية مصابة بحساسية مفرطة من التوسع الايراني في المنطقة وهو توسع يقضم وجود ونفوذ وحضور السعودية اقليميا وعليه فان الاسباب الرئيسية للحملة على اليمن ترتبط مباشرة بالصراع السعودي الايراني اولا والصراع الامريكي الايراني ثانيا ولان السعودية لها اهداف خاصة تتبلور في اعادة رسم خارطة سياسية لحفائها في اليمن بعد ان مزقت الاحداث الاخيرة الحلفاء التقليديين وفشلهم في السنوات الاخيرة بحيث اصبحوا في مرتبة تالية لمشهد تصدره لاعبون جدد ،، هنا تتمكن السعودية من لملمة وكلائها محليا ورفدهم بوكلاء جدد مع اعادة رسم مسار سياسي متواكب والمسار السعودي وهو الامر الذي تم عام 70 حيث شكلت نخبة حاكمة وجماعات حليفة ومسار سياسي ظل لفترات هو المسار للدولة والحكومة مع خروج عنه لفترة قصيرة ثم العودة برؤية براجماتية استفادت من الدور السعودي لترتيبات نوعية لجماعة محلية لاتزال حتى اليوم هي الاقوى في الساحة وهي الاكثر امتلاكا لعناصر القوة في المشهد العسكري والامني ..
الحملة العسكرية زادت من العداء الشعبي للسعودية لأنها مستهم في حياتهم وفي حرياتهم وكرامتهم ناهيك عن اضرارها اقتصاديا لكن الامر الهام هنا ان هذه الحملة لن تقضي على الحوثيين بل ستدفهم للحوار واعتماد مساومات نحو مبادرة جديدة تعيد الاعتبار لنخب وجماعات ذات ارتباط سياسي بالسعودية تمكنهم من الولوج الى مراكز الدولة تحت غطاء اعلامي باعادة الاستقرار والعملية السياسية في اليمن.
وهنا تغيب نهائيا كل اهداف الشباب واهداف الشعب في التغيير والمدنية ، ومن ثم بناء دولة ذات شكل مؤسسي ضعيف تجاه الخارج خاصة مع تدمير المؤسسة العسكرية والبنى التحتية ، وقوي امنيا وعسكريا تجاه المواطنين في الداخل ، مع استمرار الازمات الاقتصادية والسياسية دون حل جذري لها لان وجود دولة ضعيفة تعاني من ازمات مستديمة يجعل من السعودية طرفا متدخلا بشكل دائم من خلال حلفائها الذين سترتقي بهم وفق المبادرة الجديدة الى مراكز صناعة القرار وهنا تستهدف المبادرة تدجين الانصار وربطهم بنفس المسار السعودي وفق اغراءات متعددة .
الاكيد ان السعودية لم تتجرا على حرب اليمن لولا دعم امريكا وموافقة نخب حزبية وعسكرية وقبلية ممن تعتمدهم وكلاء مستديمين لها .لكن الاكيد ايضا ان هذه الحملة خلقت ثأرا سياسيا وثقافيا ووطنيا سيكون حاضرا في الذاكرة اليمنية لسنوات طوال حتى يأتي زمن يكون في الدولة رجال كبار كما هي اليمن وجبالها فيعيدون للوطن والشعب كرامته داخليا وخارجيا ..
,واذا كانت الحرب قد استدعت تحالفات براجماتية بين الحوثيين والرئيس صالح فهما لايثقان ببعضهما ، وكل واحد يسابق الاخر في ضربة قاضية تخرجه من صدارة المشهد الميداني وتقلل فاعليته سياسيا ،فالتحالف بينهما زواج مؤقت ، مثله مثل التحالف بين هادي والجماعات المسلحة في الجنوب لا تجعله مطمئنا لمطالبهم اللاحقة هنا يعول كثيرا على الخارج الاقليمي والسعودي خصوصا لتمكينه من منصبه وسلطاته في مرحلة لاحقة على انهاء العمليات العسكرية ،وهنا لن يكون مطمئنا فاليمن لا تقبل رئيس محمول على دبابات تقتل الابرياء في الداخل .
وهنا مكمن البؤس والانحطاط في الثقافة السياسية اليمنية ..حيث يرى البعض اشخاص واحزاب انهم سيعودون الى السلطة عبر الدبابة السعودية او الدبابة الايرانية وكلاهما اصبحا محل فقدان ثقة المجتمع بهما . وهنا مرة اخرى يتم اهمال المجتمع والشعب والوطن والسيادة بل وتحقير هذه المفاهيم وتعطيل دلالاتها السياسية والوطنية وتعظيم منهج المحاصصة والغنيمة في اقتسام كعكة السلطة والثروة والتبعية للخارج وهو مشروع الحوار القادم برعاية السعودية التي تقود الحملة العسكرية على اليمن ..
ان مآساة اليمن تكمن في نخب ذات نزوات ومطامع دنيوية مجردة من القيم والانتماء للهوية السياسية وكل نشاطها في ان تستأثر بالسلطة والثروة او تتقاسمه مع اخرين بنفس ادوات المغالبة ،وهذه القوى زرعت في اتباعها عقلية الفيد والعنف والاقصاء وهنا لا يمكن مع هذه الثقافة ان ننجح في تأسيس دولة حديثة ، وعليه لابد من تغيير هذه الثقافة السياسية عبر نخب جديدة تتولى مهمة انقاذ اليمن وتحقيق الاستقرار ووحدها الدولة المدنية ومؤسساتها القادرة على اعادة الاعتبار للهوية السياسية الجامعة وفق وحدة الجغرافيا ووحدة الشعب .
ولعل اخطر من تتضمنه الحملة العسكرية العدوانية على اليمن ليس تدمير المنشآت والمؤسسات وقتل الابرياء فحسب بل تقسيم في هوية اليمنيين وزرع الشقاق وتثبيته ليكون مدخلا لصراعات قادمة ويتم تغذيته من خلال وكلاء الخارج وصراعاتهم من اجل الثروة هنا يتم تبرير هذه الصراعات بأقلية واكثرية ووفق الارتباطات المذهبية والجهوية ، واذا كنا حتى اليوم لم نعرف حروب وصراعات طائفية وجهوية مباشرة وعميقة فذلك بفضل ما ترسخ لدى العامة وبعض الخاصة من وعي سياسي هو نتاج مرحلة سابقة في التشكل السياسي والثقافي الوطني بمدارسه اليسارية والقومية والانسانية ، اما اليوم فان الاحداث المتتابعة تخلق شرخا في الشخصية الوطنية واهتزاز بمنظومة الثقافة والقيم المصاحبة لمفهوم الدولة والوطن والمواطنة وهنا تكون اليمن على موعد مع التاريخ ، اما ان تتجاوز ازماتها ومحنتها ، واما تخرج من التاريخ للعودة نحو مجتمع اللادولة بتنظيماته الجهوية وهنا ستكون الحروب والثارات هي الصفة الملازمة والتي تمكن الاخرين من اليمن ارضا وشعبا وتاريخا ..
صفوة القول ان النخب الحزبية والعسكرية والقبلية وغيرها من مكونات العمل السياسي اظهرت نفسها اصغر من حجم التحديات التي تهدد الوطن وان علاقاتها بالخارج اكثر قوة من علاقاتها بالداخل ارضا وشعبا وانها صغيرة في تفكيرها وعقلياتها ولا ترتقي الى مصاف القيادات السياسية المسؤولة عن وطنها وامتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - رأس الأفعى السعودي الوهابي
HAMID KIRKUKI/ SAYADI ( 2015 / 4 / 11 - 04:54 )
إن كل مشاكل المنطقة هي خلق الرجعية السعودية وإسلامهم القشعريري المخزي وصرفه بليونات الدولارات لنشر هذه الفكرة الجهنمية الوهابية في العالم وأمريكا تصّر على صيانة هذه الدولة الصعلوكية و القرن حجرية وشيوخ الخليج الپارسي الضحلاء في الفكر والروح الإنسانيةولايمكن مقايسة هؤلاء البدو للشعوب الإيرانية ونوعية التفكير لدى الإيرانين متقدم بشكل مذهل لايمكن أن تقاس بعمامات الملاي الحاكمين وإنما وجود طبقة عمالية منتجة وترسانة متقدمة وصناعة أسلحة متقدمة وطبقة متوسطة يوازي اليونان واسپانيا!
باالطبع ❊-;-عاصفة الحزم❊-;- في النهاية تتغير إلى❊-;-ضرطة الوهم❊-;- ودامينو الإندحار السعودي قد بدأت منذ خلقها وتمويل داعش و جماعات الوهابية في العالم المسمى{الإسلامي} وإن فترة الإسلام السياسي قصيرة لأنها ساذجة و مدمرة لكل شئ الإنسان أنجزت من علم وتقدم وحقوق المرأة وحقوق الإنسان والحيوان.
وآني كلّش ممنون.
حمير صيّآدي أمريكا

اخر الافلام

.. مسلسل إيريك : كيف تصبح حياتك لو تبخر طفلك فجأة؟ • فرانس 24 /


.. ثاني أكبر جامعة بلجيكية تخضع لقرار طلابها بقطع جميع علاقاتها




.. انتشار الأوبئة والأمراض في خان يونس نتيجة تدمير الاحتلال الب


.. ناشطون للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية: كم طفلا قتلت اليوم؟




.. مدير مكتب الجزيرة يرصد تطورات الموقف الإسرائيلي من مقترح باي