الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن العربي في عين العاصفة

حزب الكادحين الوطني الديمقراطي

2015 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية



بحكم الصراع الدائر حاليا بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جهة وروسيا الاتحادية والصين من جهة أخرى الذي يتنزل موضوعيا في إطار التناقض بين الامبرياليات يعيش الوطن العربي اليوم حالة من الولادة المتعسرة والدامية لواقع جيوسياسي جديد يعيد رسم خارطة مناطق النفوذ العالمية. وحتى يتسنّى لنا فهم هذه المسألة وتحديد أطرافها لا بدّ من تفكيك بنية العلاقات المتشعّبة والمتداخلة فيها.
بسقوط نظام معمّر القذافي والاستيلاء على ليبيا من طرف الامبرياليين الأمريكيين والأوروبيين دقّ ناقوس الخطر عاليا في أروقة الكرملين وتحرّك القادة الرّوس بسرعة لإنقاذ آخر ما تبقّى لهم من موطئ قدم في الوطن العربي للحيلولة دون سقوط النظام في سوريا وذلك لاعتبارات عديدة لعل أهمّها أنّ سوريا تمثل نقطة ارتكاز استراتيجية في مخطط الهيمنة الروسية خاصّة أنّ روسيا نفسها ليست في منأى عن الاستهداف ومخطط ضربها وتدميرها من طرف الولايات المتحدة الأمريكية غير خفيّ.
وعليه أصبح الصراع في سوريا عنيفا ودمويا، اذ تجاوز حالة المواجهة بين الشعب من جهة والنظام من جهة أخرى كما عبّرت عنه الانتفاضة الشعبية في بدايتها وتحوّل إلى حرب رجعية فُتحت فيها ساحة المواجهة على مصراعيها أمام قوى عديدة في إطار شبكة من العلاقات الإقليمية والدولية على غاية من التعقيد والتشعب، لكن مع ذلك كانت حدود الخنادق واضحة حتى وإن تعدّدت روافدها ولعلّ أبرزها هنا القوّتان الإقليميتان في المنطقة هما تركيا وإيران، حيث يقود كلّ منهما حلم استعادة أمجادهما الاستعمارية القديمة: الخلافة العثمانية بالنسبة للأتراك والامبراطورية الفارسية بالنسبة للإيرانيين، لكن بالتزام تام بالخطوط الكبرى التي حدّدتها استراتيجية كل من قطبي الامبريالية المتصارعين، إذ تتحرك تركيا الواقعة تحت حكم اليمين الديني حاليا ضمن ما هو مرسوم لها من طرف الامبريالية الأمريكية والذي يتلخص في تفكيك بنية الأنظمة الحاكمة في الوطن العربي واستبدالها بأنظمة أخرى أشدّ عمالة ممثّلة أساسا في حركة الإخوان المسلمين وهو ما حصل في تونس ومصر خلال السنوات القليلة الماضية والتي سرعان ما انتهت إلى الفشل ولو بنسب متفاوتة زيادة على إخفاقها الذّريع في كل من سوريا وليبيا الأمر الذي استدعى البديل الثاني للإخوان المسلمين المعروف بـ"داعش" أو ما سُمّي "الدولة الإسلامية" الذي استدعى كذلك تحوّلا في أسلوب الإمساك بدفّة السلطة والانتقال من المسارات الانتخابية حتى وإن كانت صورية إلى أساليب الإرهاب الدموي كقطع الرؤوس وحرق الأجساد وتقطيع الأوصال وكل هذا يؤطّر ضمن منظومة ايديولوجية واحدة لكلا البديلين ونعني الإسلام السياسي.
وتلعب إمارات الخليج وخاصة السعودية وقطر دورا مؤثّرا في تنفيذ هذا المخطط الاستعماري حتى وان شابت العلاقة بينهما بعض التوترات نتيجة لتناقض حاد يحكم العلاقة بين هذين الطرفين إذ يحاول حكّام آل سعود تفادي السقوط والحفاظ على مكانتهم كطرف مهيمن عربيا وفي المقابل تسعى إمارة قطر إلى دعم نفوذ الإخوان وتواجه جزئيا الإمارات المتحدة. وفي إطار هذا الصراع المحموم تم استعمال أقذر الوسائل مثل تنظيمات الإرهاب الديني التي عاثت في المنطقة تخريبا خدمة للمشروع الاستعماري الأمريكي هذا أوّلا وثانيا لنيل منصب الوكيل الحصري والوحيد للاستعمار في المنطقة.
كما تنشط إيران وفق رؤية استراتيجية تنبني على أساس إعادة مجدها القديم المتمثل في امبراطورية فارس الغابرة، ويساعدها في ذلك امتدادها الطائفي في عدّة أقطار عربية تمتد من العراق ومرورا بسوريا ولبنان وصولا إلى دول الخليج واليمن. ويرتبط هذا الحضور الإقليمي لإيران بالحرص على البروز كطرف ممانع و مقاوم للمشروع الامبريالي الصهيو-أمريكي من خلال ما يقوم به ذراعها العسكري حزب الله في لبنان من مناورات محدودة تأتي كردّات فعل مسيّجة في حدّيها الزماني والمكاني ضد العدو الصهيوني ولا يرقى إلى مستوى الفعل الثوري المقاوم الشامل والدائم، زيادة على صبغتة الطائفية التي لا تؤهله لأن يكون طرفا ثوريا في معادلة الصراع العربي الصهيوني.
ولا يتوقف الأمر عند هذا فحسب، إذ بسقوط النظام البعثي في العراق وانحسار سلطة الدولة في سوريا انفتح المجال لإيران واسعا للتدخل وإعادة تشكيل المشهد حسب ما يخدم مصالحها ويحقق أهدافها زيادة على ما يمكن أن يوفره لها من إمكانيات تكون بمثابة أوراق ضغط في إطار ملفها النووي الذي تعتبره خيارا استراتيجيا فزيادة على حضورها الواضح عسكريا في سوريا والعراق الذي تدعّم في الآونة الأخيرة أكثر بحجة محاربة "داعش" ها أنّ حضورها يمتد إلى اليمن عن طريق حركة أنصار الله التي استولت على السلطة جزئيا عبر اجتياحها العسكري للعاصمة اليمنية صنعاء ووضع يدها على مؤسسات الدولة قاطعة الطريق بذلك على السعودية، وهذا ما جعل اليمن تعيش حالة من الاضطرابات ربما تتحول الى حرب رجعية طويلة حيث تساعد العوامل الداخلية والإقليمية وكذلك الدولية على ذلك دون نسيان أنّه في ارتباط موضـوعي بالصّــراع الجيــواستراتيجي الروسي الأمريكي والاقليمي الايرانى -السعودي- التركي أصبحت اليمن مثل سوريا والعراق مجالا لتصفية الحسابات بين تلك القوى. ولا تخلو الساحة من مقاومة شعبية و خاصة في جنوب اليمن التي تتخذ شكل الكفاح المسلح المعادي للرجعية.
إنّ ما تعيشه الأمّة العربية الآن هو عدوان استعماري جديد يستهدف إعادة تقاسم ثرواتها بعد أن أصبحت الخارطة القديمة لاتفاقية سيكس- بيكو غير قادرة على مواكبة استيعاب الأطماع المتنامية للقوى الاستعمارية القديمة والجديدة على حد سواء خاصة وأنّ قوى إقليمية جديدة قد ظهرت على الساحة شرّعت لنفسها هي الأخرى بسط نفوذها علي المنطقة بعد أن انخرطت في عملية تفكيك البُنى الاستعمارية القديمة ويأتي هذا تحت غلاف إيديولوجي واحد من حيث جوهره وإن اختلفت التسميات وهذا ما يفسر صعود نجم الإسلام السياسي سواءً في ثوبه السني الإخواني والوهابي أو في جلبابه الشيعي الإثنَيْ عشري الذي لا يمكن أن ينتج إلّا مزيدا من الخراب .
طريق الثورة : فيفري مارس 2015








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مجلة المراسل 01-06-2024 • فرانس 24 / FRANCE 24


.. حزب الله يعلن قصف بلدتين في شمال إسرائيل وسط تصعيد متواصل




.. تصعيد بجنوب لبنان.. مسيّرات وصواريخ حزب الله تشعل حرائق في ا


.. الانقسام الداخلي في إسرائيل يتفاقم.. ماذا تعني تهديدات بن غف




.. تصاعد المعركة المالية بين الحكومة اليمنية والحوثيين يهدد بان