الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تركيا و المعضلة اليمنية

عبدالله جاسم ريكاني

2015 / 4 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


تركيا و المعضلة اليمنية: لماذا انضمت انقرة الى السعودية في حملتها ضد الحوثيين
ترجمة: *عبدالله جاسم ريكاني
عن مجلة الشؤون الخارجية الامريكية- بقلم آرون ستاين
في شهر اذار، قام الرئيس اردوغان بزيارة المملكة العربية السعودية للقاء الملك سلمان. و يبدو ان اللقاء الذي تم بينهما خلف ابواب مغلقة، كان يحمل بين طياته مفاجأةً: لانه و بعد ثلاثة اسابيع من هذا اللقاء، ابدت تركيا مساندتها و دعما الكامل للحملة العسكرية التي قادتها السعودية في اليمن ضد الحوثيين من اتباع الفرع الزيدي من الشيعة الذين كانو قد زحفوا و سيطروا على معظم اليمن بدعم من قبل بعض الاطراف اليمنية الاخرى.
ثم جاءت الانباء بعد ذلك لتفيد بان انقرة مستعدة للانخراط و التورط اكثر في النزاع الطائفي الذي يسود المنطقة. و لقد بالغ بعض المراقبين في تحليلاتهم و استنتجوا ان تركيا باتت الان جزءاً من المحور السني و مستعدة لتحدي ايران و بشكل علني بسبب دعمها للحوثيين.

قد يكون هناك بعض الاسباب لهذه الاستنتاجات، منها: تصريح اردوغان العلني بان الصعود الحوثي في اليمن هو بسبب الدعم الايراني المباشر و دعا ايران و "الميليشيات الارهابية" الى الانسحاب من اليمن على حد زعمه. لحد الان، الاستنتاجات من هذا النوع لا زالت بسيطة اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار، الاختلاف و الانقسام في الرأي الذي لا زال يسود العلاقات التركية السعودية.
انه لمن الواضح، ان القرار التركي بالانضمام الى التحالف التي تقوده المملكة السعودية ضد الحوثيين، ينبع من الرغبة التركية في تقوية علاقاتها مع القيادة الجديدة في المملكة. و لتحقيق هذا الهدف، على اردوغان مد بعض الجسور و اصلاح البعض الاخر. و على الرغم من ان انقرة انتهجت سياسة مراعاة الرياض في بعض القضايا مثل قضية ارسالها لقوات عسكرية الى البحرين، و لكنهما في الاونة الاخيرة وجدتا نفسيهما على اختلاف في الكثير من الامور الاخرى، مثل الخلاف حول مسألة صعود الاخوان المسلمين في بعض الدول العربية و خاصة في مصر بشكل خاص و مستقبل الاسلام السياسي في المنطقة العربية بشكل عام.

بعد نشوب ما يسمى بالثورات العربية، وضعت تركيا نفسها في موقع القائد او الرائد فيما بدا و كأنه التغيير الديموقراطي للمنطقة. في عام 2012، اوضح احمد داود اوغلو الذي كان وزيرا للخارجية حينئذٍ بان سياسة تركيا في مرحلة ما بعد الربيع العربي ستكون معتمدة على القيم و التركيز على ترسيخ الديموقراطية و الشرعية الجماهيرية. كما و انه انتقد الانظمة الرجعية او القديمة لبقائها على الجانب الخطأ من التاريخ و انتهاجها للسياسات القمعية مع شعوبها. و في ديسمبر من العام الماضي، انتقد اوغلو الرياض بشكل اكثر علانية و قال بان المملكة وقفت الى جانب الغرب في اعاقة التحول الديموقراطي في المنطقة و إبقائها تحت نير العبودية و الديكتاتوريين.
و لقد كان هذه الخلاف موجهاً بالذات الى مصر، على الرغم من ان الطرفين اختلفا كثيراً حول سوريا ايضاً. كلا الدولتين كانا يدعمان التمرد على نظام الاسد المدعوم من قبل طهران. ولكن فشل كل من انقرة و الرياض للالتقاء حول وجهة نظر موحدة، و تبني كل منهما لمجموعات مختلفة من هذه المعارضة، ادى الى تشظي المعارضة السورية و خروجها عن المسار العام للنضال ضد الاسد. في شمال سوريا، ساندت السعودية بعض المنظمات مثل جبهة ثوار سوريا، حركة الحزم، بينما، ساندت تركيا الحركات الاسلامية مثل جبهة النصرة المتفرعة من القاعدة و احرار الشام السلفية. و لكن بعد ذلك، تقاربت وجهات النظر بين الطرفين فيما يخص الجبهة السورية، وهو تغيير سبق التقارب في وجات النظر حول اليمن.

بشكل عام، كانت السعودية هي السباقة الى تبني وجهة النظر التركية في سوريا و بدأت بالتنسيق بشكل اوثق مع الجهود التركية لتوحيد المجاميع الاسلامية في شمال سوريا. حيث تم ملاحظة ثلاثة من التطورات في المواقف السعودية.
اولاً، حدوث ليونة في الموقف السعودي من جماعة الاخوان المسلمين بعد وفاة الملك عبدالله و تولي الملك سلمان للعرش السعودي الذي بقي هو الاخر مشكوكاً كثيرا في نوايا هذه الجماعة و لكنه اقتنع ايضاً بان خلاف المملكة مع دور الاخوان قد قوض السياسة الخارجية السعودية.
ثانياً، كل من الحركتين التابعتين للمملكة في شمال سوريا (جبهة ثوار سوريا و حركة حزم)، تلقت هزائم متكررة على يد جبهة النصرة و بالتالي، حرمت رياض من حلفاءها في الصراع ضد الاسد الذي تحاول السعودية و حلفائها الفوز في هذا الصراع بشكل يائس.
و ثالثاً، باتت السعودية قلقة جداً من ايران التي باتت تمسك بالمفاتيح الرئيسية للصراع الدائر على الارض في المنطقة. و هذا التطور اذا ما تم ربطه بما يحدث الان في اليمن و العراق، تزيد من مخاوف السعودية من انها باتت محاطة و محوطة من عدة اطراف من قبل الثوار الشيعة. و لهذا، يبدو من المنطقي الاستنتاج، بان اردوغان و سلمان في لقائهما المشترك بحثا اوجه التقارب في سوريا و اتفاقهما حول اليمن جاء هو الاخر ثمرةً لهذا التقارب في وجهات النظر.

العامل الايراني:

ان زواج المتعة الحالي بين كل من الرياض و طهران، يحمل بين طياته اختلافات جوهرية في مفاصل سياسية عديدة. انقرة على سبيل المثال، تنظر الى ايران بشكل مختلف تماماً عن نظرة الرياض اليها. ان موقف انقرة من طهران، يتجاوز الاختلافات الايديولوجية بين الطرفين و يستحيل على انقرة ان تضحي بعلاقاتها مع طهران لمصلحة السعودية في المنطقة.
اولاً، تركيا تعترف بالدور القوي الذي تلعبه طهران في الشرق الاوسط و لا تريد ان تتحدى هذا الدور. في كتابه ( العمق الاستراتيجي)، وصف احمد داود اوغلو كل من ايران و تركيا، كإثنين من ثلاثة اضلاع تشكل المثلث الرئيسي في المنطقة (الثالث هو مصر). و هذه الدول الثلاث، على حد وصفه، تحيط بالدول العربية الضعيفة "المصطنعة"، كما انها تقبض على مناطق نفوذ كثيرة في الشرق الاوسط: تركيا في حوض الاناضول، سوريا، كوردستان العراق؛ ايران في حوض ما بين النهرين و جنوب العراق؛ مصر في منطقة الخليج و شمال افريقيا.
هذه الرؤية الجيوبوليتيكية تعني ان تركيا تعي و تعترف ببعض الحدود و الموانع الطبيعية لتأثيرها في مناطق النزاع، حتى ان كانت رؤاها ووجهات نظرها في محل خلاف او منافسة مع ايران حول مناطق النفوذ في المنطقة. في الحقيقة، فان الدولتين تشتركان في هدف او مصلحة حساسة واحدة: منع تأسيس الدولة الكوردية.
على الرغم من ان الدولتين تدعمان اطراف كوردية مختلفة، و لكنهما يحتاجان بعضهما لضبط الجماعات الكردية الموالية للطرفين او مواجهة التهديد الكوردي لوحدهما. تاريخياً، و حتى خلال فترات توتر العلاقات بين الدولتين، لم تجرأ اي منهما على دعم المواقف الكوردية ضد البعض الاخر بشكل يتجاوز حداً معيناً.
اضافة الى ذلك، فان تركيا لا تشارك السعودية في موقفها من البرنامج النووي الايراني، بل و بالعكس، كانت تركيا على الدوام من الداعمين لحق ايران في الحصول على الطاقة النووية اذا ما التزمت طهران بشروط منع الانتشار النووي. بينما السعودية و على العكس من الموقف التركي، كانت تعتقد ان البرنامج النووي الايراني الاخير، سيمكن ايران من زيادة تغذيتها و دعمها للنزاع الطائفي في المنطقة.
كما ان انقرة و الرياض، تختلفان فيما يتعلق بسياساتهما حول الطاقة ايضاً لان كلاً من انقرة و طهران يعتمدان على بعضهما البعض كثيراً في هذا المجال. تركيا حالياً تستورد 90% من الغاز الطبيعي الايراني و الذي يشكل 20% من الاحتياج السنوي لتركيا من الغاز. و هذا يفسر سبب مقاومة تركيا للعقوبات الدولية على ايران و اقترحت ما سمي آنذاك بالنفط مقابل الذهب لدفع المستحقات الايرانية، وتخفيف العقوبات الدولية على ايران و بالتالي حفظ المصالح التركية مع ايران.
اخيراً، هنالك اختلافات جوهرية اخرى بين تركيا و السعودية. الاولى تعتمد على الصادرات في تنميتها الاقتصادية، بينما الثانية دولة استهلاكية. في الحقيقة، انقرة كانت تبحث على الدوام على تنمية علاقاتها الاقتصادية المتشعبة مع ايران و لكن محاولاتها كانت تصطدم بالاقتصاد الايراني المنغلق. السعودية و على العكس، لا تهتم بالاقتصاد الايراني و ترحب دوماً بعزل ايران اقتصادياً.
و لهذا فان المصالح التركية تتطلب منها ان تنتهج خطاً رفيعاً لعلاقاتها بين ايران و السعودية. على مدى السنوات الاربع الماضية، نجحت انقرة في حفظ علاقاتها مع طهران؛ اي ان الجانبين استمرا في التعاون المشترك بينما كان حلفاء الطرفين يتقاتلان في سوريا.
التكتيك التركي الجديد فيما يتعلق بالسعودية يشبه تكتيكها مع ايران: يستمر الطرفان على خلافهما بخصوص الاسلام السياسي، بينما تتلاقا سياساتهما اكثر فأكثر في سوريا و اليمن. و هذه التكتيكات التركية هي استمرار لسياساتها المتبعة منذ سنين عدة و خاصةً في المناطق التي توجد فيها حروب.

دهوك: 9/4/2015
*عضو برلمان كوردستان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البريك العنابي.. طبق شعبي من رموز مدينة عنَّابة الجزائرية |


.. بايدن يعلن عن خطة إسرائيلية في إطار المساعي الأميركية لوقف ا




.. ارتفاع حصيلة الضحايا الفلسطينيين إثر العمليات الإسرائيلية في


.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات بالمحافظة الوسطى بقطاع غزة




.. توسيع عمليات القصف الإسرائيلي على مناطق مختلفة برفح