الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الفرس المجوس و السنة و الشيعة

عزالدين ريكاني

2015 / 4 / 11
الارهاب, الحرب والسلام


98% من ألايرانيين مسلمون و النسبة الصغيرة الباقية تشمل اليهود و المسيحيين و الزرادشتيين و أتباع الديانة ألاخيرة ، رغم كونها ديانة فارسية أصيلة ، يتعرضون للاضطهاد في ظل حكم ألجمهورية ألاسلامية بسبب عقيدتهم. رغم ذلك مازال بعض المتعصبين من العرب يصرون على وضع ألايرانيين بشكل عام و الفرس بشكل خاص في سلة واحدة وتكفيرهم ثم إرسالهم الى الجحيم على أنهم فرس مجوس.
و لم يقتصر ألامر على تكفير الفرس بإضافة وصف “المجوس” إليهم، بل صار المذهب الشيعي مقترناً بإيران و بالفرس تحديداً، أما الشيعة العرب فهم أذناب الفرس المجوس.
أثناء حرب الخليج ألاولى كان ألإعلام العراقي و من وراءه الخليجي يتحدث عن القادسية الثانية ضد الفرس المجوس ناسين أو بالاحرى متناسين أن الشيعة كانوا يشكلون غالبية الجنود على الجبهات، وأن غالبية القتلى والأسرى والمفقودين والمشوهين والمعوقين من الحرب من الشيعة. أي أن شيعة العراق هم الذين تحملوا معظم عبء الحرب التي دامت ثماني سنوات!
و اليوم عادت نغمة الفرس المجوس و القادسية (الثالثة) إلى واجهة ألاعلام العربي، بل أخذ بعض ألاكاديميين و بعض وعاظ السلاطين يرددونها كالببغاوات دون أدراك التناقض الكبير الذي يقعون فيه جراء إستخدامهم لهذه ألاوصاف.
المذهب الشيعي مذهب عربي تعود بداياته إلى صدر العهد الراشدي، وجميع أئمة المذهب عرب من بني هاشم من قريش لا يتجرأ أحد على الطعن لا بدينهم ولا بعروبتهم، ومعظم مزارات الشيعة موجودة بأراض عربية.
يقول المستشرق فلهوزن في كتاب الخوارج و الشيعة (1958) إن التشيع الواضح الصريح كان قائماً أولاً في الدوائر العربية ، ثم انتقل بعد ذلك منها إلى الموالي . و يردف : كان جميع سكان العراق في عهد معاوية خصوصاً أهل الكوفة شيعة .
و يقول المستشرق آدم متز في كتاب الحضارة الإسلامية (1957) ما ملخصه :
إن مذهب الشيعة ليس كما يعتقد البعض رد فعل من جانب الروح الإيرانية ، يخالف الإسلام . فقد كانت جزيرة العرب شيعة كلها عدا المدن الكبرى ، مثل مكة و تهامة و صنعاء ، و كان للشيعة غلبة في بعض المدن أيضاً ، مثل عمان و هجر و صعدة . أما إيران فكانت كلها سنة ما عدا قم و كان أهل أصفهان يغالون في معاوية ، حتى اعتقد بعض أهلها أنه نبي مرسل ، كما نقل المقدسي .
الشيعة العراقيون و السعوديون و اليمنيون عرب أصلاء إذن، و ليسوا أذناب الفرس المجوس.
الذين نشروا التشيع في قم و أطرافها عرب هاجروا إليها من الكوفة في عصر الحجاج ، ثم انتشر التشيع في خراسان و زاد الانتشار و اتسع في إيران في عصر الصفويين الذين نصروا التشيع ، والصفويون أصلهم أتراك وليسوا فرساً.
إذن الفرس لم يتشيعوا إلا منذ خمسة قرون فقط و كانوا قبل ذلك ( مسلمين سنة).
أولئك (الفرس المجوس) الذين صاروا مسلمين سنة أولاً ، هم الذين ألفوا للسنة صحاحهم و أسسوا لهم مذاهبهم وفقههم ، بل انهم وضعوا لهم قواعد لغتهم العربية .
ثلاثة من أئمة المذاهب السنية الأربعة هم من الفرس (المجوس) :
الإمام أبو حنيفة النعمان و الإمام الشافعي و الإمام مالك بن أنس . العربي الوحيد من أئمة المذاهب هو الإمام أحمد بن حنبل.
أما أصحاب الصحاح فهم أيضاً من الفرس (المجوس) : البخاري و الترمذي و بن ماجة و النسائي .
هنا أستذكر كلام الكاتب محمد جواد مغنية حول هذا الموضوع إذ يقول:
"فإن كان للفرس مقاصد و أهداف ضد الإسلام ، كما زعم خصوم الشيعة فأولى ثم أولى أن يحاولوا تحقيق غاياتهم عن طريق التسنن لا التشيع ."
و ماذا عن دور العلماء الفرس في بناء الحضارة ألاسلامية، و هنا أيضاً لا أجد أفضل من هذا الاقتباس من الكاتب مغنية :
" لسنا نعرف أمة خدمت الإسلام ، و لغة القرآن كالفرس ، و لو أحصيت المكتبة الإسلامية و العربية لكان سهم الفرس منها أوفى من أسهم بقية المسلمين مجتمعين ."
ألا يجدر بنا أن نميز بين ألانظمة و الحكومات و الشعوب التي تئن تحت وطأة الصراعات القومية و المذهبية و تبعاتها ألنفسية و ألاجتماعية و ألاقتصادية ؟
ثم ،ألم يحن الوقت لنقف وقفة تأمل ومراجعة للذات لغرض نبذ الخطابات الطائفية والقومية وترسيخ قيم السلام بين شعوب هذه المنطقة المحرومة من الطمأنينة والأمن والسلام بفعل سيادة لغة العنف والقتل والدمار؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي