الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا في قراءة مغايرة عن الارهاب؟

علي عبد السادة

2005 / 9 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


لن يكلفنا شيء حساب ما قيمتهُ 500 مليار دولار، غير انه سيأخذ منا جهداً كبيراً في تخيل، لمجرد التخيل، إنها ميزانية حربٍ ضد مجموعاتٍ مسلحة مجهولة. ألحقت بها ميزانيات أخرى بمسميات عديدة، كتمويل مهام الأجهزة الاستخباراتية.
والى جانب استهداف المجموعات المسلحة أضاف الكون?رس الأمريكي هدفاً جديداً سماه (الملا جيء المحصنة)، مما يعطي للتعريف الأمريكي للإرهاب طابعاً لوجستياً في إشارة لتطور تلك المجاميع. هذا ما فعلهُ الكون?رس عندما وافق على إنتاج قنابل نووية تختص بهذه الملا جيء، لها إمكانية تدمير مساحة كبيرة من الأرض بمن يقطنها من البشر.
الصورة الأخرى من اللعبة فيها من خيبة الأمل ما يكفي لإقناع (الواهمين) بان أمريكا تقود حرباً للتحرير هنا، وللإنقاذ هناك. تلك الصورة التي تعاني فيها شعوب العالم حينما يسرق حزام ناسف أو سيارة مفخخة مكاسب جماهيرية انتزعت بنضال مرير، وهو الهدف الحقيقي من وراء الإرهاب.
لقد أغفلت جميع مراكز البحوث الإستراتيجية في مواقع مختلفة من العالم، منها تلك التي يعتمد عليها البيت الأبيض في رسم سياسات مكافحة الإرهاب، طرقا واساليبا مختلفة غير تلك التي تتخذ من الخيار العسكري الحل الأوحد للقضاء على المجاميع المسلحة والتي يعترف الكونغرس بتطورها وزيادة فاعلية حركتها رغم كل الميزانيات التي رصدت لمكافحتها، هذا بحد ذاته أمر يثير الاستغراب. وعندما نتذكر تفجيرات مدريد ولندن وتركيا ومصر ولبنان وغيرها لابد من الاعتراف بأنهاإشارة جديدة إلى إن المساحة الافتراضية للقتل والدمار التي كانت قد وضعتها تلك المراكز بدأت بالاتساع بشكل واضح، لتنتهي بذلك صحة الرسوم البيانية للمناطق الأكثر استهدافاً من غيرها، ومن ثم تحول الحديث من مجموعات مسلحة لديها أهداف منظمة إلى تنظيمات كبيرة بأهداف عشوائية.
وان صح الحديث من عشوائية الاستهداف فأن الاعتقاد بعلاقات هذه التنظيمات بأطراف دولية تحاول إعاقة حركة الجماهير وارد جداً. لذا فبرامج المكافحة التي تعدها مراكز البحوث ذات الطابع الاستخباري والعسكري لن تجدي نفعاً إمام مجانين التفجير الذين لابد من الوقوف أمام وضعهم الاجتماعي وهو برأيي سيقودنا إلى إيجاد الحل الامثل لمشكلة الإرهاب. وإذا اقترضنا إن بناء الشكل العام لسياسة مكافحة الإرهاب بهذه الطريقة أمر مقصود عندئذ يمكننا تثبيت صحة النظرية القديمة في " مليء الفراغ"، ولأجل أن نفسر ذلك علينا الإجابة على أسئلة عديدة منها ؛ كيف تحول قتال بين قبيلتين في دارفور الى قضية دولية ولجان تحقيق عالية المستوى لتقف امريكا كطرف محايد بين المتنازعين في ازمة حرب اهلية..الى جانب اسئلة غامضة تتعلق بتوقيت مقتل الحريري ازمة دبلوماسية بين سوريا والولايات المتحدة كادت ان تصل الى تهديد بالخيار العسكري.
ما يهمنا الان .... هو الاعتراف بان "عنف الدولة" لوحده قد يزيد من مساحة حركة الارهابيين بسبب ازدياد عدد المؤيدين لهذا النهج في التعبير عن السخط والشعور بألأضطهاد _ الحديث عن الانتحاريين الشباب وليس عن دعاة الارهاب الذين نجهل هويتهم الحقيقة حتىآلان _.
يقول كارل ماركس "اكثر ما يدفع الانسان الى العنف ليس الشعور بالعوز بل الشعور بالغبن " فهناك العشرات من الذين تعرضوا للقمع العشوائي وحملات الاعتقال والقتل تحت ذريعة مكافحة الارهاب – لايفهم هذا على انه دفاع عن الارهابيين ولكنها محاولة لايجاد طرق مثلى لمكافحتهم- هؤلاء باتوا يشعرون بالسخط والغبن ما يدفع العديد ممن لاعلاقة لهم بالفكر التكفيري الى اللجوء الى العنف، ربما لانهم شعروا بنوع التعاطف الاعمى مع " الارهابيين " لذلك لاتجدهم يؤيدون التعريف الشائع عن الارهاب،اخص بالذكر ما تبنته مؤسسات البيت الابيض، رغم تتناقض بناهم الاجتماعية التقليدية مع البنى الفكرية للاصولية المتطرفة.


فغالبية التقارير تشيد الى الذين يقومون بالعمليات الانتحارية من الشباب الذين ينتمون الى فئات معدمة تعاني الفقر والعوز والاضطهاد، وهو الدافع الحقيقي وراء تبنيهم فكرة الانتحار وقتل الاخرين.بمعنى ان رد الفعل على العمليات الارهابية بالشكل الذي وجدناه في لندن وغيرها يساهم نسبياً في ازدياد الشعور بالغبن والاضطهاد لدى الكثيرين.
والى جانب تغيير منهجية مكافحة الارهاب لابد من الانتباه الى احصائيات تتعلق باوضاع شعوب الشرق الاوسط التي تعاني خنق الحريات وسيادة فكرة الحاكم الواحد واستشراء وباء المجاعة في عدد من هذه الشعوب.
وهنا نحتاج الى قراءة جديدة لاوضاع الشعوب الاقتصادية والاجتماعية. فحل مشكلة البطالة وتوفير فرص عمل كريمة والعمل على أزالة اثار الغبن والاستبداد كفيلة، من الناحية العملية، بأعادة الالاف من الشباب المنخرطين للتنظيمات الارهابية ودمجهم بالحياة الاجتماعية.
وما يمكن الاشارة اليه مجدداً ذلك الدور الذي تلعبه القوى الديمقراطية واليسارية في العالم في زيادة فاعليتها وخلق رؤية جديدة لانقاذ "فئات الهامش" من الانخراط في المجاميع الانتحارية.
ربما تتحمل هذه القراءات الخطأ والتشكيك ، ولكنها محاولة للاقتراب من رؤية علمية لمكافحة الارهاب تهدف الى عزل دعاة القتل والدمار عن المجتمع وخلق اجماع شعبي على افلاس خطابهم الدموي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو