الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [8]

محمد عبد المنعم عرفة

2015 / 4 / 12
الادب والفن


علوم الرسالة الخمسة:

وهو أساس شامل علوم كثيرة. ولما كان من وظيفة الرسالة أن يقوم المصطفى صلى الله عليه وسلم بتعليم خمسة أسس لأمته عناها ربنا تعالى بقوله (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) (البقرة:151) فهذا يعني أن هناك علوما خمسة هي :
1- علم الآيات.
2- علم تزكية النفوس.
3- علم الكتاب.
4- علم الحكمة.
5- العلم اللدني.

ولما كان العلماء ورثة الأنبياء كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء العلماء كثيرون في كل عصر، وكل يرث على قدر ما عونه من الأنبياء والرسل، فإن الوارث الفرد الكامل- شأنه شأن أئمة العصور التي سبقته- يجب أن تكون وراثته من المصطفى صلى الله عليه وسلم بالذات، لأنه الرسول الخاتم للأمة، وهي الوراثة الكاملة لهذه العلوم الخمسة. فإن تحققت فيه بالكامل، فهو الفرد الوارث الجامع لجميع أنواع الورثة، وهو إمام العصر، وهو قرة عين المؤمنين وكعبة أرواح السالكين وطريق رب العالمين، رؤيته عين المزيد وعين اليقين وحقه. إن النبوة مقام ، والرسالة وظيفة، وإن الوراثة هي حمل أمانة الوظيفة.

وقد طلب الإمام من مريديه والمنتسبين لطريق آل العزائم ضرورة تعلم هذه العلوم وهنا يتحتم علينا أن نقف قليلا لنوجز وبقدر الإمكان في شرح علوم الرسالة الخمسة التي يرثها الوارث الفرد الكامل من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنهج الإمام التربوي فيها:
1- علم الآيات:
وهذا هو العلم الأول الذي ربى الإمام عليه. وقد بين الإمام أن هذا العلم لا يعني آيات وسور القرآن الكريم، ولكنه يعني: آيات الكيان، وآيات الإنسان، ففي آيات الكيان يقول عز وجل (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (آل عمران:191)، (وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (يوسف:106) وفي آيات الإنسان يقول تعالى (فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ) يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ) (الطارق5 :7)، (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى) (النجم 45 :46) (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) (الروم:20).
ودفعا للتخبط الفكري أو الشطط الفلسفي أو الإنكار الترددي فقد ربط الخالق سبحانه مظاهر بعث الأكوان ببعث الإنسان فيقول (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مَنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ. ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (الحج5 :7).

والإمام أبو العزائم يلفتنا إلى ما في الآيات من ذكر ثم فكر ثم شهود ، ويتكلم بإسهاب عن : آيات السماع، آيات العقل، آيات الفكر، آيات الفقه، آيات التدبر، والآيات الخاصة بأولي الألباب، وبأولي الأبصار، وبأولي النهي، آيات وآيات يعجز العقل عن حصرها. كل هذا سواء في دروسه أو في كتبه، والضنائن التي بثها في مواجيده، وهذه المواجيد التي تبين الآيات تكون منهحا كاملا من مناهج علم الإمام، وفسر آيات الآفاق والأنفس عندما جاء ذكرها عند تفسيره للقرآن الكريم- وكم في الكتاب منها- تفسيرا عصريا كاملا، كل هذا ليدرب المسلم والمؤمن والمحسن والموقن وكل حسب مقامه، وليدرب المريد والسالك والواصل، وكل على قدر ماعونه، ورسم لـه الطريق ليسير على أرض الطاعة وعلى وعلى أرض العبادة متزودا بزاد المتقين ومراقبا عظمة الرب جل جلاله ليشهد الآثار المحيطة به بعيني القدرة والحكمة فينتقل من رؤية أثر إلى رؤية الآية التي بثها الله في هذا الأثر، فعين الرأس واقعة على الأثر وتراه أثرا وعين القلب تشهد بجوار ذلك الآية في الأثر. وبإشراق نور الآية في الأثر ينتقل العبد إلى أنوار التجليات ثم إلى الأسماء والصفات ثم إلى أنوار مجلى الذات.

ويطلب الإمام من السالك أن يطلب الخبير الذي يكشف لـه الغطاء عن الآيات التي أودعها الله في الآفاق وفي الأنفس (وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِين . وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذريات20 :21) ويبين الإمام أن قول الله سبحانه وتعالى (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ) (لأعراف:205) يقصد ربنا به أن يكون الذكر في مملكة النفس التي جعله الله بها إنسانا، لا في السر، فينكشف الغطاء عما بالإنسان من أسرار باريه، حتى يعرف نفسه فيعرف ربه. وإذا ما تراءت في الإنسان أسرار ربه التي أودعها فيه وأشرقت عليه أنوار باريه ذكر ربه في نفسه، هنا يتحقق الذكر الحقيقي في الآفاق وبعدها في النفس، وبهما يكون الذكر الأكبر.

إن علم الآيات علم عزيز، إذا تدرب عليه السالك تغير حاله من سيء إلى حسن ومن حسن إلى أحسن وهكذا. ومن سار في درب هذا العلم فإنه لا يغيب عن مولاه نفسا، وكيف يغيب؟ وهو إذا نظر إلى الماء ذكر الحي، وإذا نظر إلى السماء ذكر الرافع، لأن المرفوع قد اختفى رغم وقوع عين الرأس عليه لتظهر أنوار الرافع، وإذا نظر إلى الأرض ذكر الباسط، وإذا نظر إلى سريع يسرع كقطار أو طائرة أو أي لون من ألوان السرعة ذكر السريع، وإذا نظر إلى إنسان ذكر السميع والبصير والمتكلم، وإذا نظر إلى عالم ذكر العالم والعليم والحكيم، وإذا وقعت عينه على أي كائن تغيب المباني وتسطع المعاني، والإمام يقول:

وإن نظرت عيني إلى أي كائن * تغيب المباني والمعاني سواطع
لأن المعاني الشمس والكل أنجم * إذا أشرقت فالنجم بالشمس طالع

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي