الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تونس:اعادة التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية لن تكون باستنساخ التجربة الفرنسية

وليد البلطي

2015 / 4 / 12
دراسات وابحاث قانونية


اعادة التوازنات المالية للصناديق الاجتماعية لن يكون باستنساخ التجربة الفرنسية،

تشكل الازمة التي تمر بها الصناديق الاجتماعية من انخرام في توازناته المالية،تحديا جديا للحكومة الحبيب الصيد ،قد بدأ التلميح في إطار الخطة الإصلاحية لأنظمة التقاعد المزمع تبنيها من خلال الترويج اعلاميا الى الترفيع في سن التقاعد من 60 سنة الى 62 سنة،كحل جذري لمشكل التوازنات ،غير أنه يتجه التذكير أن التركيز على مشكلة عجز الصناديق الإجتماعية خاصة نظام التقاعد بالقطاع العام،لم يكن حكرا على الحكومات التي تعاقبت بعد الثورة،بل ان المشكل مطروح على اساس الدراسات الإكتوارية منذ التسعينات، قد بادر المشرع التونسي الى سن العديد من القوانين، نقحت بموجبها القانون عدد 12 لسنة 1985 مؤرخ في 5 مارس 1985 يتعلق بنظام الجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي وهي التالية:

- القانون عدد 43 لسنة 2007 مؤرخ في 25 جوان 2007 يتعلق بتنقيح وإتمام القوانين المنظمة للجرايات المسندة بعنوان أنظمة التقاعد والعجز والباقين على قيد الحياة في القطاعين العمومي والخاص والأنظمة الخصوصية،

- قانون عدد 20 لسنة 2009 مؤرخ في 13 أفريل 2009 يتعلق بأحكام استثنائية لتقاعد أساتذة التعليم العالي

- المرسوم عدد 48 لسنة 2011 مؤرخ في 4 جوان 2011 يتعلق بتنقيح القوانين المنظمة للجرايات المدنية والعسكرية للتقاعد وللباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي ولنظام تقاعد أعضاء الحكومة ولنظام تقاعد الولاة،

- قانون عدد 39 لسنة 2009 مؤرخ في 8 جويلية 2009 يتعلق بالإحالة على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية،

وحيث تم التسويق الإعلامي و السياسي لهاته القوانين على أنها كفيلة بإصلاح أنظمة الضمان الإجتماعي علما أن نسخ التجربة الفرنسية في مجال الترفيع في السن القانونية للتقاعد و إعادة طرح الخطة المعلن عليها من قبل حكومة بن علي سنة 2010 ،لا يمكن أن يكون حل عمليا في غياب تشخيص جدي للتأثير المالي للمنظومة التشرعية على توازن الصناديق بقدر ما يمكن إدراجها تحت خانة الدعاية السياسية و التسويق الإعلامي.

هذا و تتلخص الخطة المعلن عليها قبل سقوط نظام بن علي ،في مرحليتين وهي التالية:

مرحلة الأولى: الحكومة تقترح الترفيع في سنّ الإحالة على التقاعد من 60 عاما إلى 62 عاما، وفي التقاعد المبكّر من 55 عاما إلى 57 عاما بحلول عام 2012. كما تقترح الترفيع في نسبة المساهمات على امتداد 4 سنوات بـ5 بالمائة (3 بالمائة على المؤجر و2 بالمائة على الأجير) بالنسبة إلى الصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، وبـ3 بالمائة (1.8 بالمائة على المؤجر و12 بالمائة على الأجير) بالنسبة إلى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

المرحلة الثانية: الحكومة تقترح الترفيع في سن الإحالة على التقاعد من 62 سنة إلى 65 سنة، وفي التقاعد المبكر من 57 سنة الى 60 سنة بحلول عام 2020. كما تقترح الترفيع في نسبة المساهمات بـ3 بالمائة (1.8 بالمائة على المؤجر و1.2 بالمائة على الأجير) بالنسبة للصندوق الوطني للتقاعد والحيطة الاجتماعية، وبـ4 بالمائة (2.4 بالمائة على المؤجر و1.6 بالمائة على الأجير) بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

كما يتبين أن الخبراء الدوليين و الوطنيين في مجال الضمان الإجتماعي ،قد لفتا انتباه حكومة بن علي أن الحل المقترح في تلك الفترة بموجب الترفيع في السن القانونية للتقاعد لا يمكن أن يكون سوى حل ترقيعي سيؤجل المشكل ولكن لن يحل أزمة الصناديق.

و يعود التشخيص الخاطئ لأزمة الصناديق الى ما يلي:

-يتم التقييم المالي حاليا للصناديق الإجتماعية على ضوء موازنات مالية يتم اعدادها طبقا للمعيار المحاسبي العام المحدث بموجب القانون عدد 112 لسنة 1996 و الخاص بالشركات التجارية حيث من الطبيعي أن لا تعكس القوائم المالية للصناديق بالاعتماد على المعيار المذكور حقيقة الوضع المالي لاختلاف نشاطها على نشاط الشركات التجارية على عكس المؤسسات البنكية و مؤسسات التأمين التي تم افرادها بمعيار محاسبي خاص،حيث يجدر في هذا السياق تكليف المجلس الوطني للمحاسبة لدراسة إمكانية وضع معيار محاسبي خاص بمؤسسات الضمان الإجتماعي يتلاءم مع المعايير الدولية ويستجيب إلى التوجهات الاقتصادية للبلاد ويواكب وضعياتها على جميع المستويات القانونية والإجتماعية و كفيل بأن يعكس حقيقة وضعيتها المالية و مصداقية معاملاتها المالية عبر قوائمها المالية.

-خلال الفترة السابقة للثورة،تم سن عديد القوانين و اتخاذ العديد من الإجراءات ساهمت في تعميق أزمة الصناديق على غرار القانون عدد 59 لسنة 1997 الخاص بجراية الوقتية للأيتام (البنت العزباء) و افتتاح الحق في الانتفاع بجراية أرملة و منحة راس مال عند الوفاة على اساس منحة الشيخوخة خلافا لما نصت عليه أحكام القانون عدد 12 لسنة 1985،مما يستوجب تكليف مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية الخاضع لسلطة اشراف وزارة الشؤون الإجتماعية بدراسة التأثير المالي لجميع قوانين وأوامر الضمان الإجتماعي على توازنات الصناديق حتى يتم تحديد أولويات تنقيحها في إطار اصلاح المنظومة التشريعية للصناديق.

-عهدت الى الإدارة العامة للضمان الإجتماعي بوزارة الشؤون الإجتماعية و اللجنة الاستشارية للضمان الإجتماعي ،النظر في الاستثناءات، حيث كانت القرارات المتخذة مخالفة للقوانين و التراتيب الجاري بها العمل أو مسقطة لديون الصندوق الوطني لضمان الإجتماعي لفائدة بعض شركات أصهار الرئيس السابق او شركات على ملك التجمع المنحل (دار العمل،مطبعة السجاب ، السوتيتور ...) ،مما يستدعي النظر في تكليف فريق عن دائرة المحاسبات للتقييم التأثير المالي لهاته القرارات على ميزانية الدولة و القوائم المالية للصناديق في محاولة لتشخيص الخلل و العمل على تقويم الوضع.

-ضعف مردود عمليات استخلاص المساهمات من الوزارات و المؤسسات العمومية و الجماعات المحلية يعود اساسا الى تهميش مهمة الإستخلاص و عدم حصر ديون الصناديق لدى الغير وهو اقرار ضمني بفشل منظومة الحسابات الفردية المعلنة من قبل الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الإجتماعية سنة 2010.

الأكيد أن المنظومة التشريعية للضمان الإجتماعي تستوجب التنقيح لكننا من باب المسؤولية لا يمكن أن نقحم تونس في خيار منقول عن فرنسا بموجب تبني فكرة الترفيع في سن التقاعد من 60 الى 62 ،دون دراسة علمية مبنية على معطيات و بيانات ذات دلالة و مصداقية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل يمكن أن يتراجع نتنياهو عن أسلوب الضغط العسكري من أجل تحري


.. عائلات الأسرى تقول إن على إسرائيل أن تختار إما عملية رفح أو




.. بعد توقف القتال.. سلطات أم درمان تشرع بترتيبات عودة النازحين


.. عادل شديد: الهجوم على رفح قد يغلق ملف الأسرى والرهائن إلى ما




.. عشرات المحتجين على حرب غزة يتظاهرون أمام -ماكدونالدز- بجنوب