الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا فرق بين زيد وعبيد ... حول الحرب في اليمن - مقال

اليسار الثوري في مصر

2015 / 4 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية


شكري الجهيني

مخطئ من يتصور وجود عداء جذري بين إيران والسعودية، أو بين أمريكا وإيران، فإلى وقت قريب كانت إيران أهم حلفاء الأمريكان، والقريبة جداً من الملك السعودي رغم أن هؤلاء شيعة، وأولئك سنة، ورغم أن أمريكا مسيحية والسعودية وهابية متشددة، لقد جمعهم جميعاً في بوتقة حب أسمى من أي خلاف ديني، النفط، الذي تنتجه السعودية وإيران، وتستهلكه المصانع والشركات والطائرات الأمريكية، ومَثَّل النفط إله المحبة الذي لا يفرق، فتحولت إيران إلى حارس أمريكي في منطقة الخليج كلها، والسعودية مخزن نفطي أمريكي، والدولار قبلة الجميع. استمر هذا الوضع حتى اندلعت الثورة الإيرانية في مطلع الثمانينات وفرقت مصالح المحبين، فقد أطاحت الثورة بالشاه، وتشددت إيران في مواجهة أمريكا رافعة شعارات ثورية ليست سوى نوعاً من البروباجندا، استطاعت أمريكا الدفع بصدام لإنهاك وإضعاف نظام آيات الله في إيران، وبمعاونة أجهزة الدعاية الخاصة بنظم المنطقة، خاصة مصر والسعودية، انطلقت جوقة الدعاة والسلفيين، بعد أن اكتشفت مثلاً ذلك، تتحدث عن الشيعة أعداء الرسول والصحابة الخارجين على الإسلام، والصحافة القومية تتحدث عن مخاطر وأطماع إيران الفارسية، وأُحكم الحصار حول نظام الآيات، ودقت طبول الحرب عن بعد.

لم يكن نظام الآيات ثورياً إلا في الدعاية، ففي الداخل سحق خصومه بعنف، وفرض تشددا أخلاقياً لا يقل عن التشدد الوهابي، وصادر الحياة السياسية التي صارت وقفاً على الآيات وعلى الحرس الثوري، وتحولت إيران التي كانت تعج بالثورة، إلى مدينة أشباح تتبختر فوقها عباءات سوداء يرتديها رجال السلطة الجديدة، وتم تحميل الجماهير الإيرانية تكلفة الحروب والأزمات بينما ينعم الآيات بامتيازات ضخمة.

أصحاب نفط الخليج خشوا على أبارهم من أطماع الآيات، فزادوا من رجعيتهم وارتباطهم بالأمريكان والأنظمة الموالية لها، وفى الواقع لم تتجاوز أخطار إيران حدود دعم تنظيمات شيعية لمجرد وجود مساحة شيعية أكبر في المنطقة، إلا أن الشيعة اللبنانيين والبحرينيين مثلاً لم يستدرجوا لمعارك طائفية، وظل الخطر الإيراني / الشيعي/ الفارسي، مجرد بروباجندا في أيدي الأنظمة الموالية للأمريكان، وفى الواقع أيضاً جرت مياه كثيرة داخل إيران نفسها، ومن ثم بدأت بوادر تقارب إيراني أمريكي تلوح في الأفق.

ليست إيران 2015 هي إيران الخُميني، لم يكن الخُميني سوى ديكتاتوراً شديد القمع وممثل لدولة تخفى امتيازات رجالها وأجهزتها تحت ستار الدين، ولم يكن حافظ الأسد أو الخُميني في يوم ليخوضوا معركة، غير الديموجاجيا والدعاية الفارغة، في مواجهة الإمبريالية الأمريكية. وحدها الصدف والمؤامرات والصراعات في البيت الإمبريالي هي ما دفع بخُميني في صدارة مشهد كان يحدث وهو مقيم منعم في فرنسا بعيداً عنه، أضف إلى ذلك النظرية الكارثية عن الجبهة الوطنية والمرحلة الأولى للثورة ذات المراحل التي تبناها حزب توده الشيوعي الإيراني، والتي بموجبها شارك في تسليم السلطة للآيات، ثم ذبح على أيديهم.

أحدث الربيع العربي خلخلة شديدة في توازنات المنطقة ونظمها الرجعية، فحفز ذلك الوضع طموح أقليات ونخب وأجنحة بورجوازية كبيرة في الاستيلاء على كعكة السلطة التي ترنحت على يد الجماهير ولكن دون أن تسقط، سعت إيران لتوسيع قاعدتها البشرية وتجنيد أنصار، تمهيداً لتفاوض لاحق على الأدوار والنفوذ في المنطقة، والسعودية العربية أيضاً قررت التوسع في دورها الإقليمي استعداداً إلى ما بعد عاصفة الربيع الشعبي وثوراته، وخلف ذلك ينظر كليهما إلى منابع وطرق مرور النفط.

إنه صراع على النفط وعلى النفوذ الإقليمي، ولم يكن في أي لحظة صراع عقائد دينية، لكن إلباسه ثوب الصراع الديني كان محتماً لإخفاء حقيقته، ولحشد الشعوب في ساحته الدموية، وكان ذلك ملائماً تماماً لإضعاف الأطراف الإقليمية حتى لا يفاوض أحدهم الأمريكان المهيمنين فعلاً في المنطقة من مركز القوة الضاربة.

سقط اليمنيون بين شقي رحى أطماع الأطراف الإقليمية، دفعت الدولة الأفقر الثمن بخوض الحرب على أرضها، وضد شعبها، واستطاعت السعودية شراء حلفاء إقليمين لاستخدامهم في تلك الحرب القذرة.
إننا بالطبع ندين تلك الحرب العدوانية ونحاربها، ونقف مع حق كل اليمنيين في مقاومة العدوان، إلا أن ذلك لا يعني أننا نؤيد الحوثيين، أو البورجوازية الإيرانية، أو تلك الحروب القذرة برمتها التي أساسها النفط ومصالح الطبقات الحاكمة، وليس الوطن أو العقيدة كما يريدون أن يوهموننا، نحن مع حق الشعب اليمني ولسنا مع الحوثيين الطائفيين والعائلات المالكة الكبيرة التي تمولهم وتدعمهم، البدائل المطروحة داخل اليمن حتى الآن كلها سيئة، ومن ثم لا نناصر أو نؤيد أياً منها، ولا يعنى هذا قبول عدوان لا يقل قبحاً على اليمن تحت ستار محاربتها، ففي كل الأحوال اليمنيون فقط هما من يقرر من يحكمهم، ومن يثورا عليه، وراية الوهابيين أشد قبحاً ونفاقاً لا شك..

ضد الحرب، ضد العدوان، ضد تذيل أي طرف في الصراع الدائر، توجد أنظمة استغلال وقمع، لا ممانعة ولا أوهام وأكاذيب.

ولنعد نحن عدتنا الشعبية والتنظيمية تمهيداً لإسقاطهم وتنظيف أوطاننا وتاريخنا من هذا الروث الطفيلي بجميع أشكاله.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله