الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متى يستوعب الإسلاميون الشيعة الدرس

محمد محبوب

2005 / 9 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


لم تكن تصريحات وزير الخارجيه السعودي مفاجئة للمراقبين لتطورات الأوضاع في العراق , سبقتها تصريحات العاهل الأردني وسوف تليها الكثير من التصريحات التي تقرع جرس الإنذار من هيمنه إيرانيه على العراق , ولعل هؤلاء الذين يصرحون علانية هم الأقل خطرا , إذا ماعلمنا إن دول المنطقه برمتها تشعر بالقلق من تداعيات الحاله العراقيه على مصيرها ومستقبلها ولاتردد في العمل سرا للتأليب ضد العراق الجديد.

من الخطل أن يكتفي شيعة العراق رسميين وغير رسميين بإعتبارهم المستهدفين بمثل هذه التصريحات بالرد عليها ومحاولة تفنيدها أو فضح خلفياتها , بل يتحتم عليهم وأعني بالتحديد الأسلاميين الشيعه أن يستوعبوا الدرس ويجنبوا الشيعه منزلقات جديده هم في غنى عنها وأن لايتسببوا كما هو شأنهم دائما في مظالم تأريخية جديده للشيعه , أن لايتسببوا في فقدان هذه الفرصه التأريخيه التي دفع من أجلها الشيعه شلالات من الدم وماتزل تهدر !

بالرغم من إن الرئيس بوش يحاول جاهدا تجميل صورة العملية السياسية في العراق , لإن نجاح هذه العملية هونجاح له ولسياساته التي تتعرض لإنتقادات واسعه داخل الولايات المتحده وخارجها , غير إن الإداره الأمريكية وعموم النخب السياسية الأمريكية باتت تشعر بخيبة الأمل من إنتكاسة في هذه العملية وقد تبخرت آمالهم في دوله ديمقراطيه مدنية في العراق تكون أنموذج في الشرق الأوسط الذي تتحكم فيه دكتاتوريات وأنظمة أوتو قراطيه , وهو شعور طاغ اليوم في الولايات المتحده ويجعل من إنسحاب أمريكي سريع أمرا ممكنا.

رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عبر عن خيبته من المشروع الديمقراطي في العراق مؤكدا إن مثل هذه الآمال وضعت على الرف , هذا الشعور هو السائد اليوم في معظم العواصم الأوربية سواءا التي تشارك في القوة المتعددة الجنسيات أو التي لم تشارك , ومن هنا يأتي تململ هذه الدول وترددها في تقديم الدعم للعراق , وكأن لسان حالهم يقول , من الغباء أن ندعم مشروع حكومة إسلامية في العراق !

في مثل هذه الأجواء الضبابية الملبده بغيوم الأحباط الأمريكي والأوربي من هيمنة الأسلاميين الشيعة على المشهد السياسي في العراق , ليس من المستغرب أن تنطلق أصوات عربية ماكان لها أن تطلق ألسنتها لو إن المشروع الديمقراطي العراقي يسير في الإتجاه الصحيح , ومن الغباء أن نتوقف كثيرا عند تصريحات وزير الخارجية السعودي الأخيرة , ففي الخفاء تدور حاليا الكثير من الإتصالات في محاولة لإقناع الإدارة الأمريكية بعقم مشروعها الديمقراطي في العراق مستفيدين من الشعور الأمريكي بالإحباط.

القوى الأسلامية الشيعية وفي مقدمتها المجلس الأعلى للثورة الإسلامية وحزب الدعوة أعتقدت إنها مارست لعبة ذكية مع الولايات المتحدة , حيث رفضت الحرب ضد نظام الدكتاتور صدام وحشدت المظاهرات في أرجاء العالم للتنديد بالحشود الأمريكية الذاهبة نحو العراق , ثم هرولت بعد سقوط صدام الى بغداد بحثا عن دور سياسي في العراق الجديد زاعمة التكليف الشرعي الذي يحتم عليها ذلك !

إن هذه القوى مازالت تعتقد واهمة إنها قادرة على دفع العراق بإتجاه دولة إسلامية ـ وإن كانت تنفي ذلك ـ وهي تراهن في ذلك على الإرادة الشعبية من خلال الإنتخابات كجسر لتمرير مثل هذا المشروع , دعوا وحشدوا للأنتخابات ليس بهدف بناء دولة ديمقراطية حديثة ودستور متحضر يوفر قاعدة رصينة لبناء هذه الدولة , وإنما بهدف تحقيق مشروعهم للدولة الإسلامية ودستورهم الإسلامي عبر بوابة الديمقراطية , وربما يجدون إن ذلك من حقهم , ولا أظن إن ذلك من حقهم كما إنه ليس من مصلحة الشعب العراقي عامة وشيعة العراق بصفة خاصة أن يحركوا عواطف الشارع بهذا الإتجاه.

كما إنه من الغباء التفكير بإستغفال الأداره الأمريكية والعمل ضدها لتقويض مشروع ديمقراطي بذلت الكثير من أجله , نعم من الغباء الإعتقاد إن الولايات المتحدة وبريطانيا وحلفائهما قد حشدوا الجيوش وبذلوا ما بذلوه وأقاموا الدنيا وما أقعدوها حتى اليوم من أجل أن تكون في العراق دولة إسلامية أو من أجل أن يحكم في العراق حزب الدعوة الإسلامية أو المجلس الأعلى للثورة الإسلامية أو حتى هيئة علماء المسلمين أو الحزب الإسلامي.

ولعل السيدان الجعفري والحكيم لمسا التململ الأمريكي والبريطاني وكذلك الأوربي بصفة عامة من وجود حكومة يسيطر عليها الإسلاميون , أنعكس ذلك في التباطؤ بتقديم المنح والمساعدات التي وعدوا بها , وفي الإستقبال الفاتر والعلاقات البارده مع هذه الحكومة , وفي هذا الصدد رفض الرئيس بوش طلبا للمقابلة تقدم به السيد الجعفري كما رفض أيضا رئيس الوزراء توني بلير طلب مماثل أيضا , ناهيك عن البرود الذي تُقابل به حكومة الجعفري من قبل معظم الحكومات الأوربية , هذا فضلا عن شماتة العربان الذين ألتقطوا أنفاسهم أخيرا في مثل هذه الأجواء التي تبعث على الإحباط.

لاأحد يستطيع أن يشك في صدقية الأحزاب والتيارات الإسلامية الشيعية في رفع المظلومية عن الشعب العراقي وشيعته بصفة خاصة , ولكنهم للأسف يقرأون السطور بطريقة خاطئة , ويحاولون اللعب بالنار في منطقة قابلة للإحتراق , ولايتعظون للأسف من دروس الماضي , إنهم يعتقدون إن هذا الماضي بكل ظلاماته قد رحل الى غير رجعة , وما دروا إنه مازال يقف عند الباب متربصا وهو قادر بدعم أمريكي أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء.

وفي ظل الإستعدادت الجارية للإنتخابات المقبلة والتي ترشح عنها أمكانية بروز تحالف ليبرالي قوي يقوده أياد علاوي ومدعوم بقوة من قبل الولايات الولايات المتحدة وبريطانيا ومعظم الدول الأوربية وكذلك الدول العربية والجامعة العربية ومعظم دول العالم الإسلامي , فإنه يتحتم على قيادات الأتلاف الشيعي أن تعيد حساباتها وتتعامل برؤية موضوعية مع الواقع السياسي , لا أن تتعامل مع هذا الواقع من منظور تأريخي وديني كما درجت على ذلك حتى الآن.

إن المصلحة الشيعية والعراقية بصفة عامة تحتم عليهم الدفع بالقوى والشخصيات الليبرالية من الوسط الشيعي سواء من كتلة الإتلاف أو من خارجها وهو وسط يزخر بالكفاءات العظيمة الى الواجهة وأن يتراجع الخطاب الديني المذهبي لصالح خطاب عراقي وطني ليبرالي ينسجم مع التوجه الدولي في بناء عراق ديمقراطي يكون أنموذج في منطقة الشرق الأوسط , عراق يوفر المساواة التامة بين أبناءه وبناته , عراق لايتبنى قومية أو دين أو مذهب ويفضلها على غيرها.

ومن هنا فإن بروز تحالف ليبرالي قوي من داخل كتلة الإتلاف الشيعي ومن خارجها وحشد القوى الوطنية النظيفة التي تتمتع بماضي مشرف , تحالف بمباركة المرجعية الدينية وبدعم الإحزاب الإسلامية هي مهمة أكثر من مقدسة لمساعدة العراقيين والشيعة بصفة خاصة الذين يتعرضون لحرب إبادة جماعية يومية , لمساعدتهم للخروج من هذا النفق المظلم , ولعل الخطوات التي يقوما بها كل من الدكتور أحمد الجلبي والدكتور عادل عبد المهدي حاليا بهذا الإتجاه تبشر بخير قادم , وهي مهمة بالطبع ليست سهلة نظرا لتعنت البعض وتشوش الرؤية السياسية السليمة لديهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلينكن مصمم على التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين حماس وإسر


.. شبح الحرب يخيم على جبهة لبنان| #الظهيرة




.. ماهي وضعية النوم الخاصة بك؟| #الصباح


.. غارات إسرائيلية تستهدف كفركلا وميس الجبل جنوب لبنان| #الظهير




.. إسرائيل منعت أكثر من 225 ألف عامل فلسطيني من الوصول لأماكن ع