الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقي وخياراته المتاحة

فالح الحمراني

2005 / 9 / 25
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


عند المنعطفات التاريخية الكبرى، وهذا ما يمر به العراق اليوم، لاتظهر خيارات كثيرة امام البشر، ويُطرح عليهم سؤال مهدد واحد:مع من انت؟ مع أي مسار ومع اي اتجاه؟.
فقد يختصر التاريخ في تلك اللحظات الحاسمة تعددية الخيارات. وهذا ما يحدث للعراق اليوم.
فعلى كل عراقي ان يقول، لنفسه على الاقل من دون غموض، مع أي عراق يقف؟ويكتسب السؤال جدة اكثر مع تصاعد موجة الارهاب.
ان تاريخ المنعطفات الكبرى والحروب والانهيارات تشكل دليلا على ذلك، وكان على الناس ان يقولوا مع من هم؟ حينما ثار العبد سبارتكوس على قياصرة الرومان، وبَشرَ السيد المسيح برسالته في فلسطين من اجل خلاص الانسان ونشر السلام والعدالة على الارض، وحين بشر النبي محمد برسالته على مدى 13 عاما في الجزيرة العربية، واندلعت ثورات الشعوب المضطهدة والحروب العادلة.
وفي كل حالة ينطرح السؤال على البشر المعنيين بالاحداث مع من انتم؟.
وحينما انهار اكثر الانظمة العربية دكتاتورية وقسوة وحماقة في العراق ولاحت افق بناء عراق ديمقراطي متحضر، طرح التاريخ ايضا على الانسان العراقي السؤال نفسه: مع من انت؟ المنعطف التاريخي الكبير في كل تلك الحالات الحافلة كان يطلب من الفرد ان يعرب عن خياره الحر.
وبمصطلح ما، هل انت مع الحق؟ هل انت مع الحقيقة التاريخية؟ وببساطة مباشرة قد تلوح ساذجة،انت مع العدل ام مع الظلم ؟ فلاخيار اخر.
واردد اليوم مع من انت مع من ايها المواطن العراقي ( العراقي من شعر بانتمائه للعراق كوطن ومنشا وتاريخ) مع السيارات المفخخة والانتحاريين المنحرفين نفسيا، والقتل اليومي الهمجي لابناء العراق البررة،ام مع المشروع السلطوي الماضوي، الذي بدأ مع اول احتلال للعراق في بداية العشرينات للعراق، وانتهى بسقوط اخر دكتاتوري ام مع العراق الجديد.مع القوى التي تتجمع لبناء دولة حديثة، المفروض ان يقوم حكمها على مبادئ القانون الاساسي (الدستور)، وتفصل فيها السلطات وتكفل فيها حرية الكلمة والعقيدة السياسية والدينية.
ويتحاور فيها الناس بالكلمات لا بالمسدس.
وان تلقي "نظرة غضب الى الوراء" الحافل بالدكتاتورية وتدعو لدولة لاتتعامل مع المواطن على اساس الانتماء العرقي والديني وحتى المذهبي في اطار الدين الواحد، وتتبنى شعار "من ليس معنا فهو ضدنا". ام انت مع الحركة السياسة المتجهة نحو المستقبل لبناء دولة تتعاطى مع الانسان على انه مواطن، بغض النظر عن انتمائه الديني والمذهبي والعرقي.ان تاخذ الاغلبية مصالح الاقلية.
ان تكفل الحقوق لمعارضة بناءة، يتاح لها بحرية توجيه الانتقاد لحكم الاغلبية، وتتنافس ببرامجها الانتخابية الوطنية حقا، لجر الاغلبية لصفها، من دون اللجوء للعنف والمؤامرة، ام انت مع عراق الطائفية والديكتاتورية وسيطرة الاقلية ( المافيا، المنظمة السرية، التعصب المذهبي، هاجس الخوف من الاخر) ام مع نظام يقوم على القانون.
هناك من يتحايل في التعبير عن موقفه الخاسر مع الماضي، ويزعم بطريق ثالث يرفض الحاضر والمستقبل،ولكن عقله الباطني مع الماضي، مع الاستبداد والعنف.
في دخيلته يبكى على اطلال الماضي الذي دمرته ارادة الشعب بمساعدة قوات اجنبية.
واخر يقف مترددا مع من هو، ويلتزم الصمت في الرد على تلك الاسئلة. وهناك من يتعكز وراء الاحتلال للوطن، وكانه كابوس ابدي لايمكن الخلاص منه بالطرق السياسية.
ناسيا ان الاحتلال حصيلة حاصل لاخيار سياسيا.
هناك من يخفي براسه في الرمل مثل النعامة.
بيد ان الحركة التاريخية لن تصفح لهولاء، انها لفظتهم تماما وادرجتهم في ملفات التاريخ.
انهم يتجمعون في خانة معارضة الحركة السياسية المتطورة نحو العراق الجديد، يعرقلون الحركة الصاعدة بانينهم.
ولابد من الاعتراف بان الحركة نحو بناء العراق الجديد مازالت تتعثر، مازالت تواجه مصاعب، ومصاعب خطرة، وان هناك اخطاء فادحة ترتكب يوميا في الاداء، في التكتيك وفي الاستراتيجية وفي ترتيب الاوليات والثانويات.لكن هناك قناعة ايضا بان هذه مرحلة مؤقتة، بداية تعلم ادارة دولة ديمقراطية وارساء الاسس.
والارهاب والاعمال التخريبية ليس اخر من يعرقل اليوم التقدم بوتائر اكبر نحو حصول العراق على استقلاله الناجز، وتقصير امد وجود القوات الاجنبية، ليبني مع دولها علاقات صداقة وتعاون مثمر ومتبادل المنفعة، فالعراق في ظل التطورات الاقليمية وسيظل العراق بحاجة ماسة لها، لضمان امنه وتطوره.
ولو تظافرت الطاقات البشرية التي يزخربها العراق من اجل بناء دولة متحضرة، فان العراقي سيحرق المراحل لبلوغها بسرعة.
فلابد ان يقول عراقي اليوم كلمته بوضوح، مع من هو؟ مع دولة الماضي التي ذهبت الى مزبلة التاريخ؟ ام عراق المستقبل الجديد؟ وكل ما بينهما سيكون موقفا من دون شك.

* موسكو








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحدي الشجاعة داخل الفلج.. مغامرة مثيرة لمصعب الكيومي - نقطة


.. رائحة غريبة تسبب مرضًا شديدًا على متن رحلة جوية




.. روسيا تتوقع «اتفاقية تعاون شامل» جديدة مع إيران «قريباً جداً


.. -الشباب والهجرة والبطالة- تهيمن على انتخابات موريتانيا | #مر




.. فرنسا.. إنها الحرب الأهلية!