الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قدم في القومية واخرى في الاسلام

سمير عادل

2015 / 4 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


القومية العربية والاسلام لا يمكن الفصل بينهما حسب ما قاله ميشيل عفلق المنظر الفكري والمؤسس للحزب البعث، الذي حكم العراق وسورية لاكثر من ثلاثة عقود في الاول وما زال يحكم في الثانية لما يقارب من نصف قرن. اي بعبارة اخرى ان العروبة تكون هي اللون السائد عندما يكون الربيع القومي وتكون اي العروبة اسلامية عندما يكون الربيع طائفي. وهكذا خرج عزت الدوري من جلبابه مرة اخرى ليظهر عروبته ولكن هذه المرة بزي قومي عندما اعلن عن تأييده لـ"عاصفة الحزم" وهي عنوان الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن. وقال الدوري "«إيران الصفوية ستنهار ويبعث الفكر العربي التحرري وستتوزع ثورة الأمة العربية، حيث أننا نقاتل المحتل الجديد وندعو جميع الحلفاء لطرد الفرس الصفويين من العراق... وألد أعداء الأمة هم أصحاب الفكر التكفيري لأنهم لا يعترفون بالأمة العربية، وقد كتب لي كثير من الأصدقاء أن نميل لفكر وعقيدة هؤلاء الذين يريدون أن يشيع الفكر الديني الخطير على الشيعة والسنة وقلت لهم لن نميل عن الفكر القومي العربي التقدمي التحرري».
ان القومية كفكر وأيدلوجية وهوية سياسية يعود مصدرها الى الغرب مع بزوغ فجر النظام الرأسمالي، واستطاعت البرجوازية كطبقة سياسية حاكمة ان تصفي حساباتها مع النظام الاقطاعي بكل مخلفاته عن طريق فصل نفسها عن الدين وتكوين دولتها القومية بمؤسساتها الاقتصادية والسياسية والفلسفية والاخلاقية والايديلوجية. اما في الشرق وتحديدا في البلدان الناطقة الاغلبية فيها بالعربية، فشلت البرجوازية القومية العربية عن فصل نفسها عن الدين مثلما حدث في الغرب، بل والاكثر من ذلك لم تستطع ان تبلور هوية سياسية مستقلة، وراحت تشق طريقا خاصا لنفسها عن طريق ادغام الدين بالقومية. لانها كانت تحت نير الاستعمار القومي الغربي، ولا بد لها ان تميز نفسها بهوية جديدة تختلف عن هوية المنبع الاصلي للقومية كي تكون ايديولجية وهوية فكرية وسياسية بأمكانها ان تحرر رأسمالها المحلي من استثمار واستغلال الراسمالي الغربي. ومن جهة اخرى احتاجت القومية العربية الى محرك اجتماعي كي تستند عليه وتجر المجتمع ورائها، فاستعانت بالاسلام لان تاريخه هو تاريخ للغزوات وتأسيس امبراطوريات عظيمة ارضخت نصف العالم لها، في حين رضخت الى سيطرة الاستعمار القومي الغربي. فلذلك كان اختيار الاسلام من قبل المفكرين القوميين العرب الوجه الاخر للقومية العروبية. وبعكس افتراءات وتلفيقات الاسلاميين فلم تكن تلك القومية العربية علمانية على طول خطها ولم تحمل في اي يوم من اجندتها النضال ضد الدين او فصل الدين عن الدولة. وان جميع دساتير تلك البلدان التي حكمت فيها القومية العربية في العراق وسورية ومصر واليمن والجزائر.... ما عدا تونس، فأما "الاسلام" المصدر الوحيد للتشريع او احد مصادر التشريع او المصدر الرئيسي للتشريع.
ما اوردناه هو من اجل الكشف على ان عزت الدوري القومي العروبي اليوم هو وراء تشكيل جبهة الجهاد والتوحيد لقتال الاحتلال الامريكي وحلفائه، وكان احد اعمدة الحملة الايمانية التي اعلنها صدام حسين عندما برز شبح الفاقه والعوز في كل شوارع وازقة العراق في التسعينات، واطر جميع البيانات العسكرية مع تذليها بالايات القرآنية، واشرف على تشييد كبريات الجوامع في الوقت الذي كانت الجماهير تلف الاحزمة على بطونها لتقليل آلام الجوع بسبب الحصار الاقتصادي الوحشي على العراق. اما اليوم فعاد الدوري من حضن الاسلام الى الاحضان القومية ليعزف على اوتار تهرأت ولم يبق منها الا نتف قليل. وان نفس تحالف حملة "عاصفة الحزم" حمل الشعار الاسلامي بلون طائفي وضم اليه او ايد حملته من عرف بالاسلام السني مثل تركيا وباكستان بينما استبعدت اوتوماتيكا زعامات القومية والامة العربية واحدها هو بشار الاسد.
ان الحرب الدائرة في اليمن ليس لها اية علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالامة العربية ولا القومية العربية، بل انها حرب اقليمية تقودها السعودها لكسر شوكة جمهورية ملالي طهران في المنطقة وتقف ورائها الاقطاب الدولية مثل الولايات المتحدة الامريكية وروسيا والصين. ان الصراع في اليمن يرتدي اليوم زيا طائفيا الا ان الدوري وحزبه البعث يحاول تلبيس الصراع بأنه صراع بين الصفوية الفارسية وعروبة الامة. فأذا نجح البعث بالباس الحرب العراقية - الايرانية بأيدلوجية قومية من طرفه، وان يصور البوابة الشرقية هي مدخل للعروبة والقومية العربية، فأن الحرب الدائرة اليوم في اليمن هي حرب فات الاوان في الباسها الزي القومي، ولا اليمن نفسها تمتلك اي بوابة من الجهات الاربعة حتى ولو بعث صدام حسين مبتكر فكرة الحرب على ايران من جديد.
ان المنطقة جربت القومية خلال نصف قرن من الزمان وجربت الاسلام السياسي منذ اكثر من عقد من الزمان، فلا القومية العربية المطعمة بالاسلام نجحت في ان تكون بعيدة عن القمع الاستبداد وافقار المجتمع، ولا الاسلام السياسي الذي يحوي على 100% اسلام خالص ونقي بشقيه الشيعي والسني نجح ان تكون صورته افضل من القومية العربية اذا لم نقل نسخة اسوء بكثير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ