الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإمام المجدد السيد محمد ماضي أبو العزائم.. سيرة وسريرة [11]

محمد عبد المنعم عرفة

2015 / 4 / 13
الادب والفن


نظرية الإمام أبو العزائم الإسلام دين ووطن ونسب

بين الإمام أساسا آخر من أسس السلوك إلى الله ورسوله وهو أن:
1- الإسلام دين الله وفطرته التي فطر الناس عليها.
2- الإسلام وطن والمسلمون جميعا أهله.
3- الإسلام نسب يوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال رضوان الله عليه:
إني كتبت كتاب(الإسلام وطن) وكتاب (الإسلام نسب) وكتاب (الإسلام دين) وكأني استمد من الغيب المصون المنبئ بأن الله سبحانه وتعالى يعيد مجد الإسلام كما كان في السلف الصالح، ويظهر آياته الكبرى لتنجيز ما وعد به بقوله تعالى ( فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ )(المائدة: من الآية54). وكنت أكتب وكلي رجاء في الله تعالى أن يجمع قلوب جماعة المسلمين ويؤيدنا بروح منه سبحانه ويمدنا بنصره العزيز حتى تشرق الشمس من مشرقها.

وأكتب هذه الكتب في السنة السادسة والعشرين بعد الألف والثلاثمائة، محاطا بما يئس أهل الجهالة بالله ويسارع بالمغرورين إلى القنوط من رحمة الله بما يرونه من القوة والصناعات عند أعداء الله تعالى، وبذلك مالوا إليهم وتولوهم. فكنت أكتب طامعا وكأني تشرق على العناية من الله تعالى بأمة حبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وسلم. واشتد الأمر حتى صار المسلمون في أكثر البلاد يساعدون الأعداء على البقية الباقية لهم، فلم أزدد في الله إلا رجاء، وفي الله تعالى إلا ثقة، وبتصديق وعده العزيز إلا طمأنينة. ومكثت أكثر من عشر سنين وأنا بين فرح بوعد الله ، حزين مما أراه، فأحببت أن أطبع هذه الكتب كتابا كتابـا، ولكن سواطع أنوار تصديق وعد الله وعبير طيب عناية الله أظهرت عجائب خفي لطفه بأمة حبيبه ومصطفاه، فسرت روح معونة الله، فحركت القلوب والأبدان، وأحيت العقول والأفكار، وأيقظت من أنامتهم الغفلة وأرقدتهم الجهالة، وكم لله من لطف خفي.

وقال أيضا: حيث إن الإسلام دين، يجب أن نعمل به عمل المؤمن الكامل التصديق الذي تيقن أن العمل به: سعادة في الدنيا، وتخفيف عند الموت بالبشائر التي تتوالى على المسلم عند قبض روحه، وراحة في القبر بما تشهده النفس بعد مفارقة الجسم مما أعده لها ربها سبحانه وتعالى وللجسم في النشأة الآخرة. ولا يخفى أن للنفس بعد مفارقتها للجسم في هذا الكون اتصالا نسبيا بالجسم كاتصال الشمس وهي في السماء الرابعة بقاع البئر العميق وقت السمت (أي عندما تكون الشمس في وسط السماء). فكلما أن الشمس ترتسم في الماء الذي في قاع البئر العميق وتؤثر عليه وتنوره وتجعله منيرا ويزول منه العفونات والأبخرة الفاسدة، فكذلك النفس إذا كانت في عالم الملكوت اتصلت بالجسم فأكسبته إشراقا، وحفظه الله بهذا الإشراق في حصن منيع. كما نرى ذلك محسوسا في الأماكن التي يدفن فيها أهل التقوى والصلاح من العلماء العاملين الذين نفعوا العامة بعلومهم وعملهم، فإن الله يكرمهم فيجعل أماكن قبورهم محل تنزل رحمته وعناية لعباده بزيارتهم والاعتبار بهم في أعمالهم ونيل النعيم المقيم يوم القيامة، وذلك لأن العامل بأحكام الإسلام المحافظ على أركانه وعده الله بالنعيم الأبدي والفوز العظيم في دارة رضوانه وبساتين فردوسه، فيكون المؤمن العامل بوصايا الإسلام وشرائعه سعيدا في الدنيا لما شرح الله صدره لـه من العمل في الدنيا لله تعالى، فيكون غنيا بالله عن شرار الخلق، فرحا مستبشرا عند الموت،مستريحا آمنا في قبره، منعما مجملا بأكمل المشتهيات وأشهى الملاذ عند يوم القيامة. وتارك العمل بوصايا الإسلام ذليل في الدنيا، لأنه بتركه العمل بالقرآن والسنة صار عبدا لشهواته وحظه.

ولما كان الإسلام وطنا لكل مسلم ، فالواجب على كل مسلم بذل النفس والنفيس في حفظ هذا الوطن العزيز والذود عنه بكل ما في الوسع، حتى يكون وطننا العزيز أغلى عندنا من أنفسنا ومن آبائنا ومن الدنيا ومن أولادنا وأموالنا وتجارتنا وزراعتنا، وحتى تظهر بوطننا العزيز ونحفظه، والعمل لـه والسهر والتعب في اختراع ما به رفعة شأنه وإعلاء كلمته وقوة سلطانه وثروة أهله وخير بنيه بالعلم والعمل لا بالتمني والأمل. وبذلك يكون كل فرد من أهل وطننا العزيز عزيزا غنيا شريفا كريما إماما متبوعا إن لم يكن أميرا أو وزيرا أو قائدا، كل ذلك يكون ببذل ما في الوسع لإعزاز وطننا وجلب الخير لـه ودفع عدوه عنه والغيرة عليه والعصبية لـه، حتى يكون كل واحد من المسلمين على ثغر من ثغور هذا الوطن العزيز بحفظه من عدوه وبجلب الخير لإخوته أهل الوطن.

وكل واحد من المسلمين في أي أرض كان وعلى أي حال وفي أي شأن كان يجعل مهمته العظمى وغايته القصوى حفظ ثغره الذي هو عليه.. ولو أهمل الواقفون على الثغور، فإذا هذا الوطن العزيز الذي هو الإسلام محاط بعناية الله ومعونته، قال الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9) ، وقال تعالى( إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ)(محمد: من الآية7)، وقال تعالى ( وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ)(الروم: من الآية47)، وقال تعالى ( أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(المجادلة: من الآية22)، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128)وقال (احفظ الله يحفظك احفظ ا لله تجده تجاهك). وإن هذا الوطن العزيز الذي هو الإسلام كان الواقف على جميع ثغوره سيد خلق الله وإمام رسل الله سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم منفردا ليس معه إلا الله فأيده الله ونصره. وهكذا لو أن واحدا منفردا من المسلمين قام محافظا على ثغره- ولو أهمل جميع من علي الثغور- فإن الله تعالى ينصره ويحمي به بقية الثغور ويمده بالملائكة والمؤمنين، سر قوله صلى الله عليه وسلم (كل واحد من المسلمين على ثغر من ثغور الإسلام، فإذا تهاون إخوانك فاشدد لئلا يدخل العدو من قبلك)، بالمحافظة على وطننا العزيز وببذل أنفسنا وأموالنا في الذود عنه وبالمسارعة في العمل لـه، يصبح من في الأرض جميعا إما عبيدا لنا أو أتباعا أهل ذمة أو إخواننا لنا يعملون لوطننا كما نعمل نحن لهم، وبذلك يمنحنا الله العزة الحقيقة التي تلمس بالجوارح وتشعرها القلوب، فيشهد المسلم العالم كله يدينون لـه ذلا وصغارا إذلالا لأنفسهم وإعزازا لنا وإكبارا، أو يدينون بديننا الحق، فيكونون للمسلمين إخوانا.

فيا إخوتي المؤمنين: باقتدائكم بسلفنا الصالح، ورجوعكم إلى ما كانوا عليه، واتخاذ الإسلام هو الوطن العزيز الذي يفدي بالأنفس والأموال.. تفتح لنا يا إخوتي كنوز الأرض بالعلوم والمخترعات، وتفتح لنا مدائن الأرض بالجهاد في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وتنشرح صدورنا بما يجدده الله لنا ويفيضه علينا في كل نفس من الخير والفضل العظيم، وبما نناله من الخير على يد أبنائنا وجيراننا وأهل بلدنا المسلمين الذين يبذل كل واحد منهم ما في وسعه ليدخل السرور على قلب أخيه كما قال الله تعالى ) وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى )(المائدة: من الآية2)، وبذلك يكون كل مسلم وهو في كون الفساد ودار الفناء كأنه في الجنة لانشراح صدره وتيسير أمره وعمله بما يرضي ربه عنه.

وكفى بذلك يا أخوتي سعادة وعزا في الدنيا، مع أن هذه اللذة والنعمة في الدنيا بالنسبة لملاذ الآخرة ونعيمها كآلام المرض في جانب ملاذ العافية.. وهناك فوق ذلك ملاذ ونعم وخيرات لا يمكن أن نتصورها ، قال الله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17) وليس بإنسان بل ولا حيوان أعجمي من يجعل لـه وطنا آخر غير الإسلام يتعصب لـه ويدافع عنه ويقوم عاملا بالباطل بعد علمه حق العلم أنه بمحافظته على وطنه العزيز الذي هو الإسلام يكون ملكا "بكسر اللام" عزيزا في الدنيا، وملكا "بفتح اللام" مقربا متمتعا بمشاهد القدس الأعلى يوم القيامة.

هذا ومتى قام عامل بالباطل ونجح في عمله ، أو متى قام مجتمع من الناس يعملون عملهم ولم يكن الله معهم ونجحوا في عملهم، فإنهم ولو نالوا ما يقصدون من حظوظ عاجلة وملاذ فانية لا تدوم لهم، إلا ريثما يفارقونها إلى الهاوية بالموت أو تفارقهم قبل الموت، فيرجعون إلى الذل والهوان، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى، قال تعالى (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (الشعراء:89).

فيا إخوتي المسلمين: ليس بينكم وبين المجد الذي كان لأسلافنا رضي الله عنهم إلا كما بينكم وبينهم من أنهم اتخذوا الإسلام وطنا فعملوا لـه وحفظوه ودفعوا عنه أعداءه وجلبوا لـه كل الخيرات، وأنتم اتخذتم أرضا تسكنونها وطنا وتركتك الإسلام وعملتم للأرض، فالتفت الله عن الذين لم يتخذوا الإسلام وطنا، فجاء أعداؤهم وملكوا الأرض منهم وأذلوهم في عقر بيوتهم، وما أذل الله قوما بعد أن أعزهم إلا بترك ما به كان عزهم ، قال تعالى ) إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ )(الرعد: من الآية11.
فيا أخوتي المسلمين: الأمر سهل: والله قريب مجيب تواب غفور، فهلموا بنا نتوب إلى الله تعالى ونندم ، ونعاهد الله تعالى فيما بيننا وبينه سبحانه على أن نتشبه بسلفنا الصالح، ونجاهد أنفسنا على الاقتداء بهم، ونقوم بإخلاص لله رب العالمين في تجديد سنن نبينا صلى الله عليه وسلم والعمل بكتاب الله تعالى، ونجعل الحق سبحانه هو الحكم العدل ، أمره فوق شهوتنا وحظنا ولذتنا وأملنا، ونعرف الخلق بالحق لا نعرف الحق بالخلق، فإن بعضنا من جهالته بلغ به الجهل إلى أن بالغ في مدح أعداء الله وأعدائنا حتى رفعهم إلى أن جعلهم خلفاء ربنا وأن الله يحبهم ويبغض المؤمنين.

يا أخوتي المسلمين: وطنكم العزيز الإسلام، وقد أمرنا بالعمل في الدنيا للدفع عنه والمحافظة عليه وإعزاز جانبه، قال تعالى (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )(لأنفال: من الآية60)، وقال تعالى (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ )(التوبة: من الآية105)، وإني أبشر أخوتي المسلمين أننا في زمان لو أننا عملنا بجزء من عشرة أجزاء من وصايا الإسلام، فكنا ونحن في القرن الرابع عشر كأننا في القرن الأول لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128) في أي زمان كانوا وفي أي مكان، ولا نزال في معية رسول الله ما دمنا نعمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك لأن الله تعالى يقول (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) (النحل:128).

ولا تحصل التقوى والإحسان اللذان ينتجان الشرف العظيم الذي يكون الله تعالى به معنا إلا بعد أن نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتجمل بالصفات التي أثنى بها على أهل معيته صلى الله عليه وسلم في آخر الفتح، قال سبحانه (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ )(الفتح: من الآية29). وكل مسلم يحب أن يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما عليه إلا أنه يجاهد نفسه أن يتشبه بأصحابه الكرام، ثم يبشر نفسه بأنه ممن اشتاق إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يشتاق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إلى أحبابه في قوله ( واشوقاه إلى إخواني الذين لم يأتوا بعد).

حقا أقول أن المسلم في هذا الزمان يمكنه بتوفيق الله وعنايته أن يكون مع رسول الله ويكون الله معه ويكون محبوبا لرسول الله محبوبا لله بلفتة قلبه وحركة جسمه. وإن مسلما يوضع لـه المعراج ليسمو إلى جبروت القدس الأعلى، تهوى به شهوته إلى أسفل سافلين الحطمة، والذل لغير مسلم، والإسلام يرى منه، لأن يعمل بغير شرائع القرآن، قال تعالى ( وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً)(النساء: من الآية115) ومن يؤثر حظا فانيا يتوهم أن يناله قد لا يناله ولو ناله على سعادة أبدية ونعيم مقيم ورضوان من الله أكبر، هذا في نظر الحكماء أضل من الأنعام وأشقى من الشياطين وأدنى من الجماد وإن كانت صورته صورة إنسان.

ومن كان يترك الكمالات النفسانية والتجمل بالفضائل القرآنية والتحلي بحلل الرجال العاملين لله بترك كل ذلك للذة مطعم بأول أن يكون كالمرحاض للبول فقد أبدل النعيم الدائم بالشقاء الأبدي، والخير الحقيقي بالضرر الذي لا يزول. فالإسلام هو الوطن والعمل لـه به عز في الدنيا وسعادة في الآخرة. وعلى ذلك فالمسلم بجزائر المحيط الأطلنطي يدافع عن وطنه الإسلام وعن أهل وطنه المسلمين بنفسه وماله وهم في جبال القوقاز، يبذل ماله أن لم يتمكن من بذل نفسه لهم، ويقوم حاثا أهل وطنه في بلده أن يدافعوا عن مواطنيهم في الإسلام وعن وطنهم الإسلام بأنفسهم وأموالهم، فإذا انفصل المسلمون وهم في رأس الرجاء الصالح عن المسلمين وهم في جبال القوقاز كان كفصل الرجل عن الرأس، وبفصل الرجل عن الرأس لا يخفى ما يحصل من ضعف الجسد.
وعطلة آلائه وأدواته.

ولقائل أن يقول كيف أدافع عن وطني وأهل وطني وقد حال بيني وبينهم العدو الساعي في محو القرآن والسنة بالضلال والكفر؟ أقول لك يا أخي: إن عجزت عن العمل بيدك فاعمل بلسانك، فإن العمل باللسان مفتاح العمل باليد، وإن عجزت عن العمل بلسانك فاعمل بقلبك بأن توجه قلبك إلى ربك سبحانه وتسأله أن يحفظ وطنك وأهل وطنك، وأن يجدد المجد لك ولأهل وطنك بالعمل لوطنك العزيز الذي هو الإسلام، فإنك بذلك لا تحرم يا أخي من عناية الله بك ومعونته لك، وإكراما منه يجمع عليك إخوتك الصادقين الذين يمنك أن تعمل معهم بلسانك ثم يكون الله معكم فتعملون بأيديكم، قال الله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا )(الحج: من الآية38) ، وقال تعالى (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ )(البقرة: من الآية257).
فإذا عملت بقلبك ولسانك وجمع الله عليك إخوتك المخلصين وهم القليلون في كل زمان خصوصا عند قوة سلطان أعداء الله، فإنكم يا أخي بتوجهكم إلى الله سبحانه وتعالى بوجوهكم رغبة نيل رضاء الأكبر يلقي العداوة والبغضاء بين أعدائكم ويشغلهم بأنفسهم عنكم حتى يوقد نار الحرب بينهم فيمحقهم ببعضهم محقا، كل ذلك إكرام من الله لبقيته الباقية من حزبه.

كن على ثقة أيها الأخ أن أكبر الجهاد جهادك نفسك في ذات الله، فلا تشتغل بجهاد غيرك إلا بعد أن تجاهد نفسك جهادا يجعلها سهلة القيادة متلذذة بالآلام في طاعة الله فتفرح بإعلاء كلمة الله تعالى وتجديد سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أدى ذلك إلى تحمل مالا يطاق من المصاعب وارتكاب مالا يتحمل من الشدائد، فإن أنست من نفسك بتلك الصفات فتحققت أنها لا غرض لها في مال ولا جاه ولا في منصب ولا لذة في الدنيا ولا شهوة في الآخرة، فكن واثقا أن الله معك وناصرك.
واحذر أن تدعي أن نفسك تزكت من غير برهان يطمئن به قلبك، فإن للنفوس أمراضا خفية تخفي على أحذق حكماء العارفين. ومن ادعى هذا المقام بلا حجة لا يكون مع الله، ومن لم يكن مع الله كيف يكون الله معه ، قال الله تعالى (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)(آل عمران: من الآية126) . اجتهد يا أخي أن تجعل همتك أولا في دعوة نفسك حتى تستجيب لله رب العالمين بحال يرضيك رضاء حقيقيا. فإنك أعلم بنفسك من غيرك، وإن كنت تجهل أمراضها فإن حظوظها التي تبعثها على العمل لا تخفي على العامل، والله سبحانه وتعالى ينصر من ينصره قال سبحانه (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)(الحج: من الآية40)

يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي