الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العرب في مواجهة مشروع الهيمنة الإيراني

بازغ عبد الصمد

2015 / 4 / 14
السياسة والعلاقات الدولية


العرب، في مواجهة مشروع الهيمنة الإيراني
كثر الحديث مؤخرا في العديد من المنابر الإعلامية و الثقافية...العربية عن الخطر القادم من إيران و عن مشروعها التوسعي الذي أصبح يشكل أكثر من أي وقت مضى خطرا على مستقبل الأمة العربية و على أمنها القومي. و قبل سنوات فقط و بالتحديد قبل الغزو الأمريكي للعراق سنة 2003، كان بعض المفكرين و المثقفين العرب رغم أن عددهم كان قليلا آنذاك من أصحاب الخبرة في الشأن الإيراني و الذين لهم بضاعة مهمة إن صح التعبير في الفكر القومي الفارسي و التراث الشيعي في إيران. يحذرون مما يضمره آيات قم و المحافظين الجدد من القوميون الفرس في طهران، من الحقد العجيب و الكره الدفين للعرب و حضارتهم و تاريخهم خصوصا العرب السنة و الذين و بالمناسبة لا يملكون مسجدا واحدا بالعاصمة طهران (و الذين تؤكد مصادر مستقلة أنهم يشكلون من 15% الى 20% من سكان ايران). و ضجت بعض المنابر بصراخ هؤلاء المفكرون من أن هذا الخطر أصبح محدقا برقاب الأمة العربية بل أصبح أقرب زمنيا و مكانيا من الخطر الصهيوني. و أردفوا قائلين إن الخطر الصهيوني على الأقل واضح المعالم لا نفاق و لا مواربة فيه أما الخطر الصفوي؛ فهو خفي و متربص يلبس لبوس الدين و الجورة، و قرابة الجغرافيا و التاريخ.
لكن هؤلاء لم يجدوا آنذاك آذانا صاغية و لم يلتفت إليهم أحد حتى، وواجهوا حصارا و تعتيما إعلاميا و تشكيكا و مقاطعة؛ بحجة أنهم طائفيون يريدون إيقاظ الفتنة و تأجيج نارها، و هنا أستحضر كلام الشيخ القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين في مقابلة مع قناة العربية بتاريخ 10 يونيو 2013 عندما صرح أنه كان على خطأ بشأن حزب الله و أثنى على علماء السعودية لأنهم كانوا أكثر تبصرا بهذا الحزب و متعصبي الشيعة ، و لسان حالهم يقول أليس كافيا أن إيران تحتل الجزر الإماراتية العربية الثلاث، و الأحواز العربية. لكن الحقيقة المرة هو أن المخطط الإيراني سواء كان ذو طابع عرقي فارسي أو صفوي طائفي مذهبي، كان يشق طريقه نحو التنفيذ و التنزيل على الأرض و بدأت ثماره تقطف عندما استحوذوا على القرار في أفغانستان بعد الغزو الأمريكي 2001 ثم الإطاحة بنظام طالبان الذي لم يكن بحال أفضل مع الهويات الأفغانية الأخرى؛ سواء بالابتزاز بالمال للنخبة الجديدة بهذا البلد و عبر ذراعها الشيعة الهزارة، و هنا أتذكر كلام أحد أصدقاء الدراسة الأفغان عندما قال لي، أن إيران تضع على كل مولود جديد للهزارة مكافأة 1000 دولار لوالده، و هذا ليس بالأمر الغريب بل إن أبطحي نائب الرئيس الأسبق خامنئي آنذاك، قالها علنا لولانا لما دخلت أمريكا أفغانستان و لا العراق .
ثم جاء الغزو الأمريكي للعراق في مارس 2003، دخلت معه إيران و أدواتها على ظهر الدبابة الأمريكية لحامي العرين العربي، وسريعا جدا أصبح عمائم و ملالي طهران أصحاب الحل و العقد في هذا البلد العربي، و عاتت المليشيات الطائفية المدعومة من ايران فسادا و تهجيرا و قتلا بهذا البلد ( فيلق بدر، جيش المهدي، عصائب أهل الحق، أبو الفضل العباس...)، فأصبحوا مع مرور الوقت أقوة من الدولة نفسها و ساعد في ذلك حل الجيش العراقي من طرف الحاكم المدني الأمريكي بول بريمر (المحافظين الجدد بواشنطن)، و يكفي أن تتفحص تقارير المنظمات الدولية الحقوقية حول جرائم هذه المليشيات بحق العراقيين منذ الغزو الأمريكي ليقشعر بدنك من هول الجرائم و الفضاعات، إذ تذكر بعض التقارير أن مشرحة بغداد كانت تتلقى يوميا عشرات الجثث من الفترة الممتدة من 2003 الى 2005 لعراقيين سنة خطفوا على الحواجز و النقاط الأمنية للجيش و الشرطة العراقيين و ذبحوا على الهوية و نكل بجثثهم، و كيف أن قرى بكاملها أحرقت و قتل سكانها و هجروا و كيف أرغم عشرات الآلاف من العرب السنة على الهجرة من جنوب العراق خصوصا من مدينة البصرة فلم يكن لديهم خيار غير الهجرة أو الموت على يد المليشيات. في تقريرها المعنون بـ (Iraq: Absolute impunity: Militia rule in Iraq)، قالت منظمة العفو الدولية إن الميليشيات الشيعية التي تسلحها الحكومة العراقية وتحظى بدعم منها، قد قامت باختطاف وقتل العشرات من المدنيين السنة، خلال الأشهر الأخيرة من سنة 2014، مع إفلاتها التام من العقاب على جرائم الحرب هذه. أما الأمريكيون فكانوا يغضوا الطرف عن هاته الجرائم لحاجة في نفس يعقوب، و مع ذلك حكومات المنطقة و النخبة بها لم تستيقظ بعد و لم تلتفت للخطر، لربما ظنت أنها سحابة صيف عابرة.
ثم جاء الدور على لبنان في ماي 2008 عندما غزا ما يسمى بحزب الله مليشيا إيران بلبنان العاصمة بيروت و بعض مناطق جبل لبنان، هذا الحزب الذي ينعته العديد من الفرقاء اللبنانيون بفصيل الحرس الثوري بلبنان، أقوى من الدولة نفسها و المدجج بمختلف أنواع السلاح و الصواريخ، راكمها عبر سنوات طويلة تحت أنظار الحكومة اللبنانية الضعيفة بحجة المقاومة و مواجهة إسرائيل و الذي لطالما احتكر مقاومتها و استفرد وحيدا بشعار ممانعتها( لنرى بعدها كيف استخدمها في مواجهة المعارضة السورية و دك المنازل في مدينة حمص و القصير و غيرها من المدن السورية...) حينها أحست باقي الطوائف اللبنانية خصوصا العرب السنة بهذا البلد و بعض الحكومات العربية أنه بالفعل إكتمل المشهد و اتضحت الصورة.
لتأتي الثورة السورية في جمعة الكرامة 18 مارس 2011، و ليرى الجميع كيف تم مواجهة المواطنين العزل في درعا و دوما و غيرهما...بالقتل و التنكيل، و تعززت القناعة بفداحة الأمر و همجية المخطط الإيراني و أدواته، الذي زاد استفحالا مع امتداد الأزمة السورية و مرور السنوات، خصوصا عندما اشتدت المجازر التي روعت العالم بأسره و التي لم يكن الحرس الثوري الإيراني بعيدا عنها، و هو ما أكدته تقارير غربية؛ من أن هناك أكثر من 10000 من الحرس الثوري الإيراني بهذا البلد العربي لتعترف إيران نقسها بهذا الواقع فيما بعد و عززته مشاهد تشييع ضباطها رفيعي الرتب الذي سقطوا على امتداد الرقعة السورية و الذين و صل عددهم سنة 2014 الى 186 عسكريا، و أصبح قاسم سليماني الجنرال الإيراني الناهي و الحاكم في ثلاث عواصم عربية.
لكن الأزمة اليمنية الأخيرة على الخصوص هي من أخرج العرب من حالة الصمت و اللافعل الى المبادرة و الفعل، و صاحت النخب السياسية و الثقافية والدينية و معها الشعوب خصوصا بدول الخليج العربي، من أن الصبر قد ضج من صبرهم، ولم يعد هناك متسع للتحمل. إذ لم يكن لنزول الحوثيون من جبال صعدة بادئ الأمر و تحولهم من المذهب الزيدي إلى الشيعي الإثنا عشري و إستلائهم على محافظة صعدة بعد حروب عصابات مع الجيش اليمني و تهجير من يخالفهم في الرأي و العقيدة، عبر إغراء المال و السلاح الآتي من طهران، لم يكن يرى فيه باقي فئات المجتمع اليمني المتنوع قبليا و مذهبيا خطرا داهما كما هو عليه الحال بعد سنة 2011. لكن مع اجتياحم باقي المحافظات اليمنية بعد الثورة اليمنية على نظام الرئيس على عبد الله صالح في يناير 2011، ليصل الأمر أن إجتاحو العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2015، و دخلوها فاتحين بزعمهم من أجل التغيير و الإصلاح، و العالم كله يرى كيف كانت تفتح في وجوههم معسكرات الجيش والحرس الجمهوري و مخازن السلاح و مؤسسات الدولة المختلفة و مبانيها الحكومية دون مقاومة تذكر و لا طلقة سلاح، بأمر من الرئيس المخلوع و أبنائه و إخوانه القابضين على زمام الأمور بالمؤسسة العسكرية اليمنية و الحرس الجمهوري و القوات الخاصة، بل أنهم تسلموا حتى ألوية الصواريخ و قواعد الطيران الحربي بما فيها الصواريخ البالستية من طراز سكود. هذا لم يكن ممكن لدول الخليج أن تلتزم معه الصمت و أن تبقى مكتوفة الأيدي و خصوصا المملكة العربية السعودية، و هي ترى أن أهم دولة في مجالها الحيوي و أمنها القومي و رابع عاصمة عربية تسقط في أيدي الإيرانيين عبر ذراعهم مليشيا الحوثي، التي تلغي ألغت الشرعية و أسقطت حكومة البلد المنتخبة، و فرضت قراها و رأيها على كل اليمنيين و الويل لمن يخالفها أو يعارضها.
ثم جاءت عملية عاصفة الحزم، فهل حزم العرب أمرهم؟ و قرروا بالفعل التصدي للمشروع الإيراني؟، و الذي لا يقل خطورة عن المشروع الصهيوني. بل إن المقارنة بين المشروعين بالنسبة للعديد من الباحثين و المفكرين العرب، كالمقارنة بين الموت حرقا و الموت غرقا، و لسان حالهم يقول أننا أصبحنا أمام خطر صفيوني فكلا المشروعين يروم دمار الأمة العربية و خرابها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاصيل بنود العرض الإسرائيلي المقدم لحماس من أجل وقف إطلاق ا


.. أمريكا وفرنسا تبحثان عن مدخل جديد لإفريقيا عبر ليبيا لطرد ال




.. طالب أمريكي: مستمرون في حراكنا الداعم لفلسطين حتى تحقيق جميع


.. شاهد | روسيا تنظم معرضا لا?ليات غربية استولى عليها الجيش في




.. متظاهرون بجامعة كاليفورنيا يغلقون الطريق أمام عناصر الشرطة