الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مظلومية الشيعة في العراق افتراء ام حقيقة ؟ 4

علي طالب الملا

2015 / 4 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


في العشرينات القرن الماضي و بداية تأسيس الدولة العراقية الحديثة، صدرت فتوى من قبل بعض المراجع الشيعة بإسقاط الملك فيصل وخلعه، وتحدى الشيخ الخالصي وأبناؤه الملك فيصل شخصياً وخلعوا بيعته، وسبب بذلك هو ومن معه من المراجع الإيرانيين ازمة كبيرة في العراق، فطلبته حكومة فيصل لكنة استطاع السفر وبعض من أولاده الى ايران واعلنوا من هناك شن حملة شعواء على حكومة الملك فيصل، واتهموه بالخيانة وشجعتهم طهران على ذلك كالعادة [1] تاكدت حكومة الملك فيصل أن المراجع الإيرانيين يتحكمون بالشيعة العرب ويتلاعبون في عواطف وعقول البسطاء وكذلك التحاليل على القانون وبناء على دارسة مستفيظة من قبل الجهات الحكومية الرسمية . صدر قانون الهجرة والجنسية بتاريخ 9 حزيران سنة 1923م والذي يجيز إبعاد غير العراقيين الذين يمارسون نشاطا عدوانيا على العراق والحكومة [2] .جراء هذا القانون وتبعاته التي رفضها (مراجع الشيعة الإيرانيين والخالصي وأولاده) بل اقدموا بتوزيع منشورات ضد الحكومة والملك تدعوا الشارع العراقي عامة الى العصيان والانقلاب على الحكم الملكي ومن المعروف ان " الخالصي وأولاده عرب لكنهم تجنّسوا بالجنسية الإيرانية حتى لا يجنّدوا في الدولة العثمانية"عندها تمَّ إبعاد كلّ المراجع الكبار الإيرانيين وكانوا تسعة أفراد مع الخالصي وأولاده، وممن أبعد: الأصفهاني، والنائيني واستقروا في مدينة قم الإيرانية والتحق الخالصي بهما بعد أن أُبعد إلى عدن (اليمن) فاستغل موسم الحج وذهب لإيران وتماهيا من الشيخ الخالصي مع دولة إيران والذي خالف علماء الشيعة (حتى العجم) حيث دعى وأمر بإعطاء الخُمس للدولة الإيرانية وليس للمراجع الشيعة، مما سبب له خلافاً شديداً مع بقية المراجع، وتذرّع بأنّ إيران يجب أن تكون قوية، وأن الخُمس يجب أن يُعطى للقوات المسلحة الإيرانية، وأمر بجمع أموال الأضرحة في العراق ودفعها لإيران . أما مرجع الشيعة محسن الحكيم الطباطبائي (ت 1970م) والذي مكث 25 عاما في المرجعية، قال عن الشاه: "إن نظام الشاه هو المدافع الوحيد عن شيعة العالم وهو حصنهم الحصين والوحيد"، ولم يكن الحكيم وحده بل آل الحكيم كلهم يعتبرون ان ايران نظاما في حكم المرجع الاول والأخير وانسحب على ذلك مريديهم واتباعهم والتي شكلت قوتهم التي لا يستهان بها الان [3]، ولا يخفي على احد ان تأسيس حزب الدعوة في العراق عام 1959م كان بمباركة ودعم نظام الشاه.والدليل توتر العلاقة بعد سقوط الشاة بين قادتة والقادة الجدد رغم التقارب في الأيدلوجية . طوال حكم شاة إيران كان يفاخر برعايته للتشيع في العالم بأسره ، كما أن الشاه حاول استيعاب المرجعية في النجف واول من اطلق عليها لقب (المرجع الأعلى) بل إن الشاه الإيراني كان يستغل العلماء الشيعة العراقيين لمصالحه فقد بعث في السبعينيات وبالتحديد سنة 1973 السيد طالب الحسيني الرفاعي [4]إلى مصر، فأنشأ جمعية باسم "آل البيت" وبدأ ينشر التشيّع الإيراني بين فقراء المصريين عبر موظفي سفارة الشاه [5]، وصار هذا طريق الكثيرين من المصريين إلى العمل في الوظائف الحكومية في إيران، وفي المؤسسات الإيرانية في مصر، وتم التعامل والتعاطي مع الفكر القادم الجديد "لأسباب مصلحية مالية " من قبل عدد لا بأس به من المصريين خلال ست سنوات قضاها الرفاعي في مصر . حاولت إيران أن تسيطر على العراق من خلال "الشيعة العرب" ولم يكتب لها النجاح لاسباب معروفة ترجع بالأساس للتنافر الروحي والقومي والعادات والتقاليد والتعامل مع الفرد العربي بطرق واساليب مكشوفة وغير قابلة للتنفيذ خاصة للعراقيين العرب الذين يعتبرون ان قوميتهم مرتبطة بشكل اساس في وجودهم وكرامتهم وقد حاول الرئيس الراحل صدام حسين أن يجعل المرجعية الشيعية في العراق بقيادة السيد محمد صادق الصدر " والد مقتدى " كونه عربياً، ويملك مدرسة دينية عباره للطائفية والدليل حجم القبول والتقارب الذي بدر من العشائر العربية التي تريد ان تتجاوز عقدة المرجع الديني الغير عربي ، لكن إيران التي فرضت قبله الخوئي كمرجع أول، ثم عبد الأعلى السبزواري، ثم علي السيستاني، لا يمكن ان تقبل بعربي النزعة والحضور ، ومنهم من على قيد الحياة بعض من المسؤولين في فترة الرئيس صدام حسين ولديهم كافة اسرار وملفات هذا الموضوع ، ايران اقدمت على ترسيخ ثقافة الشعائر الغير حسينية وسيدنا الحسين (ع) سِبْط رسول الرسول (ص) بعيد كل البعد عن هكذا صقوس وان تم التغاضي عن العزاء وطقوسة المستوردة للاسباب تتعلق بفوضى العراق الحالية لكن المثير في موضوعة نغمة الأذان وليومنا هذا فهي معتمدة في الكثير من المدن العراقية الرئيسية على الطريقة والألحان الفارسية (الروزخون) [6]ولا تمت بصلة للهجة العشائر العراقية العربية في المدن والارياف والأهوار الذين لهم ثقافتهم وأشعارهم وقصائدهم بألحان أهل الجنوب والفرات المعروفة، وفي بعض الأماكن لا يرفع الأذان إلا بلحن إيراني وبقرار رسمي من بعض الجهات النافذة .هذه عادات مستوردة تلقفها بعض أهالي الفرات والجنوب من خلال التواصل مع الإيرانيين كنوع من التبعية والواجهات واستُخدمت من قبل الاجهزة والمخابرات الإيرانية كأداة لتمرير العادات والثقافة الصفوية الإيرانية في العراق ولترسيخ الشعور المطلق بالتلاحم الاجتماعي وبحكم اصولنا ومعيشتنا في الجنوب والوسط كنا نشاهد سابقا أن المواطنين ذوي الأصول الإيرانية يضعون صور شاه إيران في منازلهم، وصورة زوجته فرح ديبا ويتغزلون بجمالها، رغم أن هؤلاء أكثرهم ولد في العراق أو جاء للعراق وهو صغير السن. والجميع يتذكر في نهاية السبعينيات وقبيل سقوط الشاه كانت هناك إذاعة إيرانية تَبث بالعربية كنوع من الغزو الناعم الإيراني تُسمع في أنحاء العراق اغلب برامجها تناغم ثقافة الشعائر المغلوطة والتي هي بعيدة عن المجمتع العراقي والعربي حيث تجذرت قبل تأسيس الدولة العراقية وفي فترة العثمانيون تحديدا حيث يشجعون أحيانا على ذلك، فقد سمح والي بغداد العثماني علي رضا اللاز [7] بإقامة هذه الطقوس، وكان بعض الجنود العثمانيين يشاركون في تلك الشعائر في مدينة النجف بأمر منه [8]مايقام من بدع وفعاليات وطقوس من لطمٍ وضربٍ بالسلاسل المسوطة على الظهور (الجنازير أو الجنزيل أو الزنجيل باللهجة العراقية)[9] وضربِ الرؤوس بالقامات (الحربات) والسيوف وإسالة الدماء، تعمدت مؤسسات وجهات إيرانية بتروجيها ليس في العراق فقط بل حتى في دول قريبة منها، لم يعرف شيعة العراق لغاية سنة 1831م هذه الامور على الإطلاق وأول من قام بتصدير هذه الفعاليات إيراني يُدعى باقر بن الشيخ أسد الله الدزفولي (نسبة لمدينة دزفول أو دسبول الإيرانية) والذي سكن مدينة الكاظمية في بغداد، كان العرب الشيعة لا يفعلون شيئاً من هذه الطقوس، بل يفعله الفرس والتركمان وشيعة القفقاس والأذربيجانيون (الأذريون أو الأزريون) المقيمون في مدينتي كربلاء والنجف،وتشير الحقائق أن التسوّط بالسلاسل دخل النجف سنة 1919م، وأن الحاكم البريطاني في النجف ساعد على إدخال ذلك؛ ويعلم جيدا كيف تدار هكذا طقوس من تجربته الشخصية يوم كان حاكماً على مدينة كرمنشاه الإيرانية، أما في كربلاء فقد دخلتها هذه الطقوس سنة 1899م، وقبل ذلك لم يكن العرب العراقيون يمارسون ضرب الظهور بالزنجيل، بل كان العرب والقبائل والعشائر يقفون مشاهدين ومتفرجين فقط لما يفعله القادمون من خارج البلاد لإحياء شعائرهم وطقوسهم الخاصة ، ان العربي بطبيعته يأنف طرق تعذيب النفس، ويعبر عن حزنه ومشاعره ربما بالبكاء والعويل أما تعذيب الجسد وإسالة الدماء فهذه ثقافة دخيلة على العشائر العربية العراقية. ..يتبع



المصادر

[1] "مذكرات في صميم الأحداث " لمحمد مهدي كبة ص26.27

[2] "لمحات اجتماعية" لعلي الوردي (6/218)

[3] انظر مقال "عادل رؤوف ظاهرة ثقافية وفكرية مميزة وفريدة" رعد الجبوري، مجلة صدانا الإلكترونية، 2009م.

[4] من علماء شيعة العراق وهو الذي صلى على الشاه عند موته.
[5] تقرير مركز ابن خلدون للأقليات لسنة 1999, ص 183.
[ 6 ] لفظة فارسية معناها (قارئ الروضة). فالقراءة أصلها فارسي.
[ 7 ] طريقة صوفية تجمع بين التشيع والتصوف كانت منتشرة بين العثمانيين.
[ 8 ] يعلل بعض الكتاب سبب ذلك أن علي رضا أراد منع تعاطف الشيعة العراقيين مع نفوذ محمد علي باشا في مصر والذي شرع بالتحرك نحو الشام والعراق، انظر: "العراق بين احتلالين" للمؤرخ عباس العزاوي (7/293)، و"لمحات اجتماعية" لعلي الوردي (2/110-111).
[9] كلمة فارسية، انظر "معجم المصطلحات والألفاظ الأجنبية في اللغة العامية العراقية" د. مجيد محمد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الانتخابات الأوروبية: من هم نواب البرلمان الأوروبي... وما ال


.. الوزير بيني غانتس يستقيل من حكومة الحرب الإسرائيلية ويدعو إل




.. دراسة إسرائيلية: جبهة حزب الله لا تحتمل الانتظار. فهل تشتعل


.. ما المشهد بين عائلات المحتجزين وأقطاب السياسة الإسرائيلية؟




.. رئيس لجنة الطوارئ برفح: توقف مولدات الكهرباء في المستشفيات س