الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نداء...نداء...نداء: يا عقلاء العالم اتحدوا

ميشيل حنا الحاج

2015 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


"يا عمال العالم اتحدوا"، عبارة أطلقها كارل ماركس قبل ثلاثة قرون من الزمان. وربما كان محقا في اطلاقه تلك الدعوة في تلك المرحلة من الزمان لمواجهة خطر جشع الرأسماليين. لكن في القرن الحادي والعشرين ، ورغم بقاء خطر جشع الرأسماليين قائما ، فان خطرا أكبر يلوح في الأفق، وهو خطر الداعشيين.
من هي داعش .. ومن أين أتت. هل جاء بها الأميركيون كما بات يرجح البعض؟
ان كان الأمر كذلك فتلك مصيبة. وان لم يكن، فتلك مصيبة أعظم وما بعدها مصيبة أو كارثة تحل بالبشرية. وهي كارثة تقتضي اجتماع كل عقلاء العالم، ان بقي فيه عقلاء، من أجل السعي لاحتوائها قبل فوات الأوران.
فكما اتحد الكثير من ساسة العالم في نهاية أربعينات القرن الماضي ، من أجل محاربة الموجة النازية التي سعت لاعادة العالم الى الوراء عبر أفكارها المعتدة بالعرق وباللون وبنوع الديانة التي ينتمي اليها الانسان، دون احترام لحرية المعتقد ، أو لحكمة الطبيعة التي تحدد الانتماء العرقي دون حرية اختيار للمولود الجديد، والتي راقت في حينها رواجا بين صفوف البعض ، وانجرف وراءها الكثير من الشباب الذين غسلت عقولهم، بل وربما أعجب بها في حينه حتى بعض العقلاء ولو الى حين، كغاندي مثلا، والحاج أمين الحسيني كمثل آخر، والجنرال الفرنسي" بيتان" كمثل ثالث... بات من الضروري الآن اتحاد عقلاء العالم وساستهم لاستدراك الخطر الداعشي قبل استفحاله أكثر وأكثر.
ولعل أبرز ساسة العالم تنبها واستشعارا لذاك الخطر، كان الملك "عبد الله" الثاني عاهل الأردن ، الذي وصف ما يجري حاليا في مقابلة تلفيزيونية له مع شبكة "سي أن أن" في شهر آذار الماضي ، بأن ما يجري حاليا في مواجهة داعش، هو حرب عالمية ثالثة. لكن الملك الحكيم قد أصاب وأخطأ في ذات الوقت. فهو قد أخطأ اذ وصفها بحرب عالمية ثالثة (كما ينبغي أن تكون)، وهي ليست كذلك الى الآن، لكنه أصاب كثيرا اذا كان قد قصد أن يعبر عن تمنياته بأن تتحول الى حرب عالمية ثالثة نظرا لاستشعاره لمدى الخطر الذي بات يهدد العالم من انتشارها انتشار النار في الهشيم.
فها نحن نرى شباب العالم ورجاله، بل وبعض نسائه أيضا ، يهرولون ويهرولن للالتحاق بذاك التنظيم المريض بمعتقداته الخاطئة، تماما كما كانت النازية وأصحابها مرضى بأفكارهم الكارثية التي لا تراعي حقوق الانسان ، وبالتالي تسعى لاعادة العالم الى ما قبل الثورة الفرنسية التي أطلقت شرارة حقوق الانسان.
فالداعشيون يسعون الآن الى اعادة سكان العالم الى القرن السادس بأفكارهم المسماة بالسلفية، مقتدين ببعض مساوئها دون الاقتداء بمحاسنها وهي كثيرة ، وتتمثل في أفكار الرسول (ص) الحكيمة ، بل وببعض آيات القرآن الربانية التي ما بعدها حكمة.
وكما انجرف البعض وراء الأفكار النازية في القرن الماضي، وانجرف البعض أيضا وراء الدعوات الكاذبة التي أطلقها دعاة الحروب الصليبية قبل عشرة قرون من الزمان ، فها هم الكثيرون بدأوا ينجرفون وراء الدعوة الداعشية، فيلتحقون بصفوفها جملة وفرادى.
والأغرب في الأمر، أن الالتحاق بها لم يقتصر على أبناء جلدتنا من العرب ومسلمي بلاد العرب أوطاني من الشام لبغداني،، بل امتد ليشمل أفواجا من القادمين من أوروبا وكندا واستراليا والولايات المتحدة ، بل ومن الصين وروسيا الاتحادية أيضا.
واذا كانت مصادر الاتحاد الأوروبي قد كشفت عن التحاق ستة آلاف أوروبي في صفوف داعش، ومائتين من الصين كما قال مصدر آخر ، ومئات آخرين من روسيا القادمين من الشيشان وغيرها من الجمهوريات الاسلامية المتواجدة في مظلة الاتحاد الروسي، فلا يعلم أحد الا الله عدد المنتمين الى داعش من استراليا وكندا والولايات المتحدة التي يعترف بعض مدراء الأمن فيها عن مخاوفهم من وجود خلايا نائمة لداعش في كل ولاية من الولايات المتحدة.
اذن من جانبهم الداعشي، هي حرب عالمية بكل مظاهر علاميتها وبالمشاركة الدولية فيها القادمة من جهات غربية وشرقية متعددة. فما هو السبب الكامن اذن وراء تلكوء ساسة العالم في مواجهتها بحرب عالمية ثالثة حقيقية ، كما قصد العاهل الأردني بوصفها بحرب عالمية كما ينبغي أن تكون ، رغم أنها ليست قائمة حتى الآن.
وهنا يأتي دور عقلاء العالم في أن يتحدوا للضغط على حكوماتهم من أجل توعيتهم بالخطر الذي بات يهدد المدنية والحضارة والانسانية ذاتها بمفهومها الذي احتجنا لعشرات القرون من النضال من أجل ترسيخه في المفاهيم الدولية.
فيا عقلاء العالم اتحدوا وارفعوا صوتكم عاليا مطالبا باجتثاث هذا الورم السرطاني قبل استفحاله وانتشاره، لا في الجسم العربي فحسب ، بل في الجسم العالمي ككل. أما اذا وضعت بعض الدول العراقيل في هذا الطريق كا لولايات المتحدة مثلا، فاعلموا عندئذ أن لها مصلحة أنانية وخاصة بها في بقاء هذا الخطر السرطاني منتشرا .
نعم انها مصيبة كبرى اذا كانت أميركا وراءها. و مصيبة أعظم وأكثر بلاء لو لم تكن. ولكنها مصيبة أعظم وأقوى كارثية من انفجار بركان أو قنبلة نووية، لوكانت هي وراءها، مضيا منها في تقديراتها الخاطئة بأت التعامل مع تيار الاسلام السياسي يخدم مصالحها، دون أن تكون قد تعلمت درسا من تجاربها في الماضي من التحالف مع هذا التيار (الذي يرفضه العقلاء من المسلمين)،.. و أثبت خطأه لدى تعاملها معهم في ايران، ثم مع المجاهدين التكفيريين في أفغانستان ، وما أفرزه ذلك من كوارث على أميركا خاصة والعالم عامة.. اضافة الى تجرتها الأخيرة في التعامل معهم في سوريا ، حيث شكل امتداد الحرب فيها نتيجة تخطيطاتهم السيئة بمؤازرة خليجية أكثر سوءا ، الحاضنة والفرصة الملائمة للدولة الاسلامية التي كانت حركة صغيرة محدودة النشاط في العراق، لتنمو وتستكمل احتياجات تحولها الى داعش، ومن ثم لماكينة تفريخ للمجاهدين التكفيريين ، لا من أبناء العالم العربي والاسلامي فحسب، بل أيضا من أبناء الكيان الأوروبي خاصة، والغربي عامة ، متحولة الى كرة ثلج تكبر كلما تدحرجت على أرض مليئة بالحرب والاضطراب.
ميشيل حنا الحاج
[email protected]










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تدرس سحب قواتها من سوريا


.. أوضاع إنسانية صعبة في قطاع غزة وسط استمرار عمليات النزوح




.. انتقادات من الجمهوريين في الكونغرس لإدانة ترامب في قضية - أم


.. كتائب القسام تنشر صورة جندي إسرائيلي قتل في كمين جباليا




.. دريد محاسنة: قناة السويس تمثل الخط الرئيسي للامتداد والتزويد