الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فاجعة طانطان : الاسئلة -الحارقة

محمد البكوري

2015 / 4 / 15
العولمة وتطورات العالم المعاصر


فاجعة، كارثة ،مأساة . . . هذا غيض من فيض التوصيفات ،التي يمكن التعبير عنها بحرقة و ألم بخصوص المصاب الجلل الذي وقع يوم العاشر من ابريل 2015 ، وفاة 35 شخص على اثر حادثة جسيمة في الطريق الوطنية رقم1على مستوى اقليم طانطان . الحادثة التي تستلزم من الجميع الوقوف وقفة تأمل في حجم ومستوى و درجة المخاطر المحدقة بامكاننا البشري . وهي المخاطر التي اضحت تشكل بؤر توتر حقيقية على مستوى نموذجنا التنموي"الناشئ"او "الصاعد" ،وهو مافتئ يتبلور بشكل متزايد منذ بداية الالفية الثالثة ،باعتبارها ألفية للتحديات و كذا ألفية للمخاطر،والتي تستوجب في نهاية المطاف من صناع القرار، التفكير العميق في الطرق الفضلى لمجابهتها اوعلى اقل تقدير التخفيف من آثارها الوخيمة "المحتملة" . ان فاجعة طانطان ككارثة مباغتة، سريعة خلفت وراءها الكثير من المآسي و الاحزان، تحتم علينا طرح اكثر من سؤال و على اكثر من مستوى . ومن هذه الاسئلة :
* سؤال السلامة الطرقية :في جلسة البرلمان المتعلقة بافتتاح الدورة التشريعية الربيعية ليوم الثلاثاء 14ابريل2015 ،توحدت اسئلة جميع الفرق البرلمانية ،اغلبية ومعارضة، حول فاجعة طانطان مع التركيز على مسالة السلامة الطرقية وطرح الكثير من الاستفهامات بخصوص جدوى المراقبة الطرقية ومدى سلامة البنيات الطرقية ببلادنا . وهي الاستفهامات التي تلح في تضمينيتها على ضرورة استحضار البعد الوقائي للمخاطر، عبر الحرص الاكيد على الصيانة المستمرة و المتواصلة للطرق، بالنظر الى اهمية ذلك-ووفق منطق احترازي - في توفير الشروط الملائمة لسياقة "سليمة"غير محفوفة بالمخاطر. وبالتالي التموقع في منأى عن النتائج الغير المأمولة العواقب .
* سؤال التامين عن المخاطر: لقد تبلورمفهوم المخاطرة في بداياته الاولى كمفهوم علائقي ذو صلة وطيدة بقطاع التامينات ،خاصة منذ الربع الثاني من القرن الثامن عشر ، الذي جعل من التامين عاملا مهما من عوامل التخفيف من التكلفة النفسية و التكلفة المادية للمخاطر الواقعة مع التخفيض من معدلات تكرارها و التقليل من حجم خسائرها المحتملة. ان فاجعة طانطان ،تطرح اشكالية التامين من زوايا ثلاث :التامين عن حادثة سير، التامين عن الحريق والتامين الرياضي . وعموما التامين عن المخاطرالمحتملة، و الذي يستوجب النظر فيه مع مراعاة مجمل المخاطر الجديدة . وهو الشيء الذي ربما ستستوعبه التعديلات التي ستعرفها مدونة التامينات في اطار مشروع قانون اعدته وزارة الاقتصاد و المالية ،والذي من بين ماجاء فيه من مستجدات "ضرورة إحداث نظام تغطية عواقب الوقائع الكارثية، ولجنة لتتبعها، وكذا إنشاء صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية"و " سن إجبارية التأمين ضد الأخطار الكارثية".
* سؤال الاعلان عن الحداد : بمجرد وقوع فاجعة طانطان، ارتفعت الاصوات المنادية بضرورة الاعلان عن حداد وطني . وهو الشيء الذي حدث "افتراضيا" ،عبر الشبكة الموسعة للتواصل الاجتماعي، دون ان يحدث "واقعيا" . لقد احتدم النقاش حول هذا السؤال ، باعتباره عرفا من اعراف "الدولة" يتجسد في الاعلان عن تنكيس الاعلام الوطنية و اقامة صلاة الغائب. وقد كثرت الدعوات على اثر فاجعة طانطان، بضرورة تحويله من عرف ،الى مسالة تشريعية "مكتوبة" تصاغ في قوالب قانونية-عادية او تنظيمية- مؤطرة لهذا الشكل المخفف لهول وجسامة المخاطر.
*سؤال المساءلة والمحاسبة : يحيل مفهوم المساءلة، على كيفية تحمل المسؤولية الملقاة على عاتق صناع ومتخذي القرار، والنتائج المترتبة عليه ، كما يحيل أيضا على المنطلقات والآليات الاخلاقية و القانونية والسياسية الخاصة باستجواب المسؤولين عن تصرفاتهم ، وعدم ترك هذه الاخيرة للعبث و الارتجالية أو جعلها تتلون بألوان الأهواء الضيقة و النزعات الشخصية.وتتخذ المساءلة أشكالا متعددة ، مختلفة ، ومتباينة في الدرجة و المستوى .فقد تكون مجرد تقديم استفسار عادي حول حيثيات اتخاذ قرارما ،أو القيام بتصرف ما، أو حصول نتيجة معينة ناجمة عن سلوك ما او حدث معين .كما قد تكون عبارة عن ايفاد لجان التفتيش و المراقبة و التدقيق والافتحاص او المطالبة بفتح بحث و تحقيق في موضوع ما .هذا مع عدم اغفال الشكل الزجري الذي يمكن أن تتمظهر فيه المساءلة عبر تقديم الحساب من خلال المتابعة القانونية و الملاحظة القضائية ،وكذا الشكل السياسي الذي يجعل من المساءلة آلية عقابية . وكل هذه الاشكال ،تدخل في نطاق تبلور مفهوم المحاسبة.وتشير المحاسبة ،وهي كلمة تترجم أحيانا " بتقديم الحسابات " الى قدرة السلطات العمومية على تقديم حسابات للمواطنين ،وبشكل عام الى فعالية التدبير العمومي و الفعل المؤسساتي وتحمل المسؤولية في جميع الاحوال. في هذا السياق ،تأتي التعليمات الملكية ،بخصوص فتح تحقيق في حادثة طانطان المؤلمة.
*سؤال الدروس و العبر المستخلصة :مخاطر عديدة عرفتها بلادنا .ومنها مثلا، مخاطر حرائق الغابات-غابة كبدانة بالناظور يوليوز2009 ،غابة أمسكرود باكاديرغشت2013 - مخاطر الحرائق الصناعية -حريق مصنع روزامور بالدارالبيضاء ابريل2008،حريق مصنع الخزف بفاس يناير2009 -مخاطر الانهيارات-انهيار مئذنة مسجد باب بردعين بمكناس فبراير2010،انهيار ثلاث عمارات ببوركون بالدارالبيضاء يوليوز 2014-مخاطر حوادث الطيران-سقوط طائرة فوق اقليم كلميم يوليوز 2011 -مخاطر حوادث البحر-جنوح ناقلة "سيلفر العيون" على مستوى سواحل طانطان دجنبر2013،غرق قارب صيد بسواحل الداخلة مارس 2014-مخاطر حوادث السير-حادثة تيشكا شتنبر2012 واخيرا حادثة طانطان ابريل2015... - ان مختلف هذه المخاطر/ الحوادث وغيرها، تستلزم التأسيس لنمط تفكير معمق يتوخى تقديم القراءات المتعددة المستويات للمخاطر الواقعة :الاسباب، النتائج، التقييمات... وهي القراءات القمينة بجعل المسؤولين يقفون امام انفسهم وقفة اخذ العبر و استخلاص الدروس ، باعتبار ذلك خطوة استشرافية نحو المستقبل ووضع التشخيصات الضرورية للآثار الناجمة عن المخاطر وجعلها مع مرور الزمن مخاطر متحكم فيها مع امكانية ضبط التعامل معها . اجمالا، ان طرحنا لمثل هاته الاسئلة "الحارقة" ليس مرده احياء الحوادث/ المواجع ،وانما اساسا القدرة على التحكم المستقبلي في المخاطر/الفواجع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها